الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترانيم على قبر كامل شياع.. النجمة التي سقطت في حضن قبر

نادية فارس

2008 / 9 / 5
الادب والفن


فجائيٌ .. وعاصف ٌ .. ومجلل ٌ بالغضب كان سقوطك ..كما الشهاب
رحلت .. ورحلت معك آمال ٌ .. لنفوس ٍ أضناها التعب .. وأرهقتها المسافات ُ الممتدة ُ مابين القضية ِ والطموح .. ومابين العمل المضني والحلم الأنساني بمجتمع يعي ذاته ويحترمها
رحلت جسدا .. وبقيت قضية

إرحل .. يا كــــــــــــــــــامل شياع
فالهواء ثقيلٌ .. والنوارس ُ المختنقة تبحث ُ تحت أجنحتها عن ثمة هواء نقي لتتتفسه .. أو لترقص عليه
والمساءات العراقية افتقدت نداها .. تعفرت بالدم المتخثر من الأجساد البريئة .. او القاتلة .. أو المقتولة
كنت تعلم جيدا .. أن ليس هناك من قافلة تسير دونما بوصلة .. سوى قافلة العراق
فقدنا البوصلة .. وتهنا في أنفاق العقل الديني المتطرف .. والنزعة العشائرية اللا حضارية . . والحقد الشوفيني .. والأطماع الشخصية ..وبقايا البعث المستأسدة على الفقراء .. والفساد .. وانهيار الثقافة

وأنت
رجل معني بالثقافة
أنت معني بأن تستيقظ صباحا فتجد بغداد تنساب بهدوء على أنسام دجلة
أنت مهتم بأن ترتشف قهوتك بينما تتسمر عيناك على لوحة .. أو قصيدة . . أو عصفور يحط على شجرة التين التي تضلل شباك دارك
أنت لست أكثرمن عراقي لاتحيطه هالات القدسية .. ولا يتراكض رجال الحمايات المسلحين أمامه ووراءه .. قد نلتقيه عند ناصية شارع المتنبي ..أو في مقهى البرلمان .. أو في حسينية تضوع بعطر البخور .. أو كنيسة تزدان بالشموع .. أو في جامع يؤمه الباعة المتجولون في بغداد الجديدة
أنت لست نبيا
ولست إلها مقدسا
ولكنك شخص... استثنائي
عقل فذّ ..حالم ..طموح ..راسخ ... عراقي الهوى ..
أنت معني بأن تحضر عرس الديموقراطية الوهمية .. وأن تكون شاهدا ً على التاريخ الأنتقالي من غابات الديكتاتورية الى فضاءات الحرية
أنت متطلع الى أن تحتوي ابتسامات الأطفال ..وتحميها.. في الشوارع المزدحمة بالبنادق .. والميليشيات المسلحة .. ودخان العبوات المتفجرة الناسفة .. وأزيز همرات الجيش المحتل
مهتم بأن تستبدل كل بندقية يحملها رجل عراقي .. بكتاب
لاهث خلف بناء مجتمع مدني متحضر .. لا ترسانة عسكرية تجمع المسلحين البليدين والمنخورة عقولهم نخرا بأوهام وطن مؤقت لشعب مؤقت .. قد يهاجرون اليوم أو غدا ..ليتسكعوا على أرصفة بلدان المهجر بحثا عن الخبز والأمان
معني بأن تحضر مهرجانات شعرية .. لايلقي شعراؤها قصائد في مدح الخليفة أو السلطان أو الوزير أو الرئيس أو شيخ العشيرة أو رجل المرجعية أو رئيس الحزب
معني بأن تتحول المدارس الى مصانع لطموحات الشباب
كنت تسعى الى خلق بدايات جديدة .. تحت ظروف معتمة وفي غاية الأستثنائية
تسعى لأن تجد هواءا نقيا تحلق عليه .. أو تتنفسه
لكنك فوجئت ..كما نحن .. أن العرس العراقي كان ترسانة سلاح تسير في الشوارع لتقتل المثقفين وأساتذه الجامعات والمتطلعين الى الفرح

إرحل ..
لأنك لابد ّ أن ترحل
الموت الذي يصطاد المثقفين العراقيين ببندقية أغبياء الميليشيات المسلحة .. لايمكن أن يتغاضى عن وجودك في عوالم لا تعنيك ..
كان لابد لهم من قتلك
موتك .. أو استشهادك .. جاء طبيعيا.. لكنه فاجعا
فمنطقتك .. ليست منطقتهم .. بل أنت في قلب منطقة المثقف العراقي
ومنطقة المثقف العراقي .. هي الموت قتلا

أنزّيف الحقائق فنقول أن أحد الرعاع قام بقتل كامل شياع... صدفة؟
أنضحك على أنفسنا وعلى العراق المسجي أمامنا لنرثي مثقفا واحدا ؟
فقوافل جنائز المثقفين تسير نحو المقابر وكأن موتهم أصبح قرارا ً سياسيا ً .. أو فقرة في الدستور.. أو الوصية العاشرة لنبي َ احتل العراق كي يحوله الى زريبة للحيوانات

يا كامل شياع
حين سار نعشك في شوارع بغداد .. كانت الفراشات تحلق حوله
وكانت دموع المحبين والمحبات تسّاقط حبّات ندى على أجنحة فراشاتك
كنت حاضرا .. مبتسما .. وكأن ابتسامتك الأخيرة هي وصيتك الأخيرة .. أن قفوا بوجه التيار الجارف للجهل والتخلف والدمار
رحلت .. ولم يرحل حلمك
كان الحلم يرفرف هو الآخر على رؤوس السائرين بك الى قبرك ..وطنك الأخير الذي تنتهي عند مشارفه كل الصراعات السياسية .. وتتوقف عنده عبوات الأسلحة الفتاكة

إرحل .. لأن مديات سنواتك الأخيرة لم تضعك ضمن مصاف السرّاق والقتلة و المأجورين ورجال المافيات.. وبائعي المخدرات والضمير والوطن والشرف .. وكل ما يمكن أن يباع في زحمة الصراع

أنت لست مؤهلا لأن تتنفس الهواء الأصطناعي الدخيل علينا.. و الموبوء بالنفاق والمنافسة غير الشريفة
ولست جديرا بأن تتاجر بالكلمات الطنانة الجوفاء
ولست خبيرا بالتقية .. ولا بالمباحثات المخادعة .. ولا بمفاوضات اقتسام الوطن .. ولا بحيثيات الضحك على ذقون العراقيين
إرحل
فالموت أعلن صداقته الأبدية لروحك المرهفة
والقبر يحتفل بوصول الجثة الأخيرة ..لمثقف عراقي اخر ...يستشهد بسبب عقله وعراقيته
وآه يا كامل شياع
وآه يا عراق
كلاكما تنزفان حتى الموت
ونحن المتفرجون الداعون الى حلول سلمية لأزمات مفتعلة أراد لها اللاعبون الكبار فيها أن تكون حلولا حربية
ليس لنا سوى أن نرقص.. بألم المذبوح الذي يتفرج على آماله الهاوية الى قاع الزمن
يــــــــــــــــا أيها الأمل الذي هوى كنجمة .. سقطت في حضن قبر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??