الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصدر الأخير للحقيقة - في معركة حامية الوطيس -

جمال الدين بوزيان

2008 / 9 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


قبل أيام، و بالضبط، في: 27 أوت (أغسطس) 2008 توفي عم والدي "أحمد بوزيان" أخ شهيد الثورة الجزائرية "حسن بوزيان" الذي تسمى به بلديتي و مسقط رأسي و مكان سكني و عملي و نشاطي.
بوفاته يكون كل إخوة الشهيد قد لحقوا به بما فيهم جدي أب والدي، و قد لحقت بهم أيضا جدتي أم والدي و الأم الروحية و المربية الحقيقية للشهيد "حسن بوزيان". بوفاة كل هؤلاء أكون قد ضيعت كل فرص الحصول على الحقيقة من مصادرها أو بالأحرى الكتابة عن الحقيقة في ظل حياة مصادرها، و آخر فرصة كانت عم والدي المتوفى مؤخرا.
عودتي للكتابة جاءت متأخرة جدا، مع تمكن المرض من عم والدي الذي لم يمهله طويلا. كنت أتمنى كتابة قصة حياة الشهيد "حسن بوزيان" اعتمادا على كل هؤلاء، و ما كان يهمني أكثر في الكتابة عنه ليس تمجيده، لأنه ممجد عند رب العالمين، و لا يستحق منا المهرجانات الفلكلورية التي تسترزق من أسماء الشهداء و باسم الثورة. ما يستحقه شهيد العائلة هذا و كل شهداء الجزائر هو قول الحقيقة ورواية التاريخ كما حدث.
كنت أنوي في تلك القصة عند كتابتها ذكر أمور كثيرة ليست حكرا على شهيد عائلتي فقط، و إنما هي وصف عام لموضوع هام جدا و بالغ الخطورة، موضوع الشهداء و كيفية استشهادهم، و المجاهدين الحقيقيين و المزيفين، و منح المجاهدين و عائلات الشهداء...
بدون فخر، عائلتي رفضت استلام منحة أو أجرة أو سكن باسم الشهيد، و فعل مثلنا الكثيرون، لكن الغالبية ممن يسمون بالمجاهدين المزيفين يتقاضون منحا دورية معتبرة و لهم امتيازات كثيرة تجعل منهم مواطنين درجة أولى.
إن المقارنة البسيطة بين عدد الجزائريين غداة الاستقلال سنة 1962 و بين عدد المجاهدين الحاليين و المتوفيين بعد 1962 يجعلنا نضع علامة استفهام كبيرة حول الموضوع.
لا أدري هل يكفي عرض هذه الأرقام لمعرفة فظاعة ما يحصل و ما يقترف باسم الثورة الجزائرية؟
النقطة التي كنت أنوي التوقف عندها طويلا عند كتابتي للقصة هي طريقة استشهاد عم والدي "حسن بوزيان". و المتعارف عليه في التاريخ الجزائري و في الغالب عند سرد قصة حياة أي شهيد، و عند الوصول للمرحلة الأخيرة من حياته و استشهاده و ظروف و ملابسات هذا الاستشهاد، يتم ذكر العبارة التالية: "سقط الشهيد (......) في معركة حامية الوطيس"، و تتوقف هنا الجملة، لا ذكر أبدا للمكان أو المرافقين للشهيد، أو تفاصيل أخرى، و في حالة ما إذا ذكرت أسماء الأماكن و الأشخاص فتكون حسب سيناريو مضبوط يخفي حقيقة ما حصل.
قبل سنوات، فتحت الصحافة الجزائرية ملفا خطيرا جدا كان بمثابة تابو حقيقي.
ملف الاغتيالات السياسية خلال الثورة الجزائرية و التصفيات الجسدية التي تمت بين زملاء و رفاق الجهاد في سبيل الوطن.
كان أجدادي (إخوة الشهيد) و جدتي أيضا يؤكدون لنا دائما أن "حسن بوزيان" استشهد خلال تأديته لواجبه المقدس اتجاه وطنه لكن برصاص الغدر و ليس برصاص العدو، الرصاصة التي قتلته أصابته في قفاه، في رأسه من الخلف، و كانوا يذكرون لنا و بكل صراحة أسماء المشكوك فيهم، فالبعض منهم كانت غيرته من الشهيد واضحة جدا، و أغلبية النزهاء ببلديتي أيضا يؤكدون ذلك. لكن الملف لم يفتح أبدا و لحد الآن، و القصة بقيت تتوارد بين سكان المنطقة فقط.
أغلبية المشكوك فيهم في تلك القضية ماتوا الآن، ربما كانوا ثلاثة، أحدهم كانت ظروف وفاته بعد الاستقلال غامضة، حيث صنفت على أنها حادث عمل، و الغريب أنها جاءت في الوقت الذي بدأ يراجع فيه نفسه و يميل للتوبة، و بدأ فعلا بالحديث عن قضية استشهاد رفيقهم.
مثل حوادث الاستشهاد هذه كثيرة، و الدخول إليها و فتح ملفاتها ليس سهلا أبدا و لو في حضور الأدلة و الإثباتات، فما بالك في غيابها، ثم أن النزهاء و المصادر الأخيرة للحقيقة تتناقص مع الأيام بعدما عزلت و كممت أفواهها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحطم طائرة الرئيس الإيراني.. أبرز ما حدث في الساعات الأخيرة


.. مصادر إيرانية: جميع ركاب الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل ال




.. الصور الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ووزير


.. العثور على حطام طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على قمة




.. جيش الكونغو الديمقراطية يحبط محاولة انقلابية