الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مالم يتناوله المحللون والخبراء.. العامل القوقازي في زيارة ساركوزي الى دمشق

محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد

2008 / 9 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


أجمع الخبراء ومراكز التحليل والمتابعة السياسية وأجهزة الإعلام على أن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى سوريا تستهدف البحث في أربعة محاور رئيسية أولها البحث في ملف السلام في الشرق الأوسط أي إستعداد فرنسا لرعاية مفاوضات سلام مباشرة بين سورية وإسرائيل ثم الأوضاع في لبنان وخاصة عقب القمة التي إنعقدت بين الرئيسين بشار الأسد وميشال سليمان وقرار إقامة علاقات دبلوماسية بين دمشق وبيروت ، وكذلك الموضوع الإيراني الشائك حيث يعتقد ساركوزي أنه بإمكان دمشق القيام بدور في إقناع طهران بالتعاون مع الغرب لإنهاء أزمة الملف النووي الإيراني ، وأخيرا التأكيد على إمكانيات الإرتقاء بالعلاقة الإقتصادية الى مستوى العلاقة السياسية .
ورغم أن هذه الأهداف المعلنة للزيارة كان قد أكدها الرئيسان الفرنسي والسوري عبر مختلف أجهزة الإعلام إلا أن على المحلل والمراقب لما يجري في المنطقة الوقوف مليا أمام توقيت زيارة الرئيس الفرنسي الى دمشق الآن والمدعومة بصمت أمريكي وإسرائيلي واضح ، بل وربما الرضا عنها ! هذا التوقيت الذي لا يمكن أن يكون إعتباطا ودون حساب لأدق النتائج المترتبة عليها .
وعلى أي حال فإن إستمرار تجاهل الدور السوري في قضايا المنطقة هو ضرب من الغباء السياسي خاصة بعد أن باءت بالفشل الجهود الأمريكية المضنية التي وظفت لتضييق الخناق على هذا الدور ، وتشديد العزلة الدولية على سوريا لإجبارها على تقديم التنازلات المهينة وفك التحالف مع إيران وإنهاء تأثيرها على الساحة اللبنانية وترك الميدان العراقي للاعب الأمريكي وحده دون منازع ، فهاهي سوريا تسهم بفاعلية يشهد لها الإتحاد الأوربي في حلحلة العقدة اللبنانية ، كما ومضت بإصرار في تأكيد علاقتها الإستراتيجية مع طهران رغم النوايا العربية المفعمة بالقلق من المشروع النووي الإيراني ، كما وتواصلت مع الهم اليومي العراقي بوضوح لا جدال فيه .
لكننا وبالعودة الى توقيت زيارة الرئيس الفرنسي الى دمشق فإننا يجب أن نولي إهتماما بارزا بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو والتي سبقت الزيارة الأولى ، وحساسية المباحثات التي أجراها مع القادة الروس ، في الوقت الذي كان صوت المدافع لا يزال يعلو على مبعدة من الحدود الدامية في القوقاز لحسم مشكلة إمتداد النفوذ الأمريكي في تلك المنطقة الحيوية لأمن روسيا وحلفائها ، وبالتالي فإنه يجب إدراك الصلة المتينة بين الحدثين النوعيين .
فعندما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية بدأب واضح على تحقيق أوسع إدانة دولية متاحة للعملية العسكرية الروسية في جورجيا والتي توجت بقرار البرلمان الروسي الإعتراف بإستقلال كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ، وإصرار الرئيس بوش على ضرورة معاقبة روسيا وعزلها عن المجتمع الدولي من خلال حث أوروبا على حرمان روسيا من الفعاليات السياسية والإقتصادية المشتركة ، فلإنها تعلم تماما بأن الأوراق المتاحة بيد اللاعب الروسي محدودة في مواجهة الضغط الأمريكي والغربي ، وهذا ما برهنته الأحداث بدءً من تحجيم الدور الروسي في قضايا الشرق الأوسط (العراق ، فلسطين) والإستخفاف به في مواصلة نشر عناصر الدرع الصاروخي في بولندا وتشيكيا وتوسيع الناتو على حساب الجمهوريات السوفياتية السابقة .. إلخ ، بل أن إثارة فتيل نزاع كبير في القوقاز الذي هندست له أمريكا ونفذها الرئيس الجورجي هو في رأي يوري زيتين كبير الباحثين العلميين في معهد العلاقات الدولية بموسكو ، خيار إستراتيجي جديد لواشنطن في البحث عن ساحة إحتياط بديلة للحالات المتوقعة بعد عجز أمريكا عن ضمان الأمن والإستقرار في العراق .
وهكذا تبرز الورقة السورية في الأجندة الدولية ( وفي حرب القوقاز خصيصا) عندما بادر الرئيس السوري بشار الأسد الى التلميح لإمكانات تطوير العلاقة السورية الروسية والى إمكانات بينة لإدراج التسليح الروسي الحديث في المحادثات المشتركة ، وتلك مسألة قد تؤثر في ميزان القوى في المنطقة فضلا عن بروز قوة إستراتيجية لا يستهان بها ممثلة بتحالف سوري وإيراني مؤثر كان موجودا أصلاً إلاّ أنه يطفح بقوة هذه المرّة بترتيب سوري ـ روسي في مواجهة المخططات الأمريكية والعناد الإسرائيلي في المنطقة ، وبقصد إشعار الولايات المتحدة بامكانات حصول متغير حقيقي في المنطقة قد تقلّب الكثير من المعادلات فيما لو تواصل ضغطها في القوقاز بإتجاه عزل موسكو .
إذن هل يمكن أن تكون زيارة ساركوزي الى دمشق قد تمت بدفع أمريكي لتقديم حزمة من المغريات الى الجانب السوري مقابل تعاونها في تطويق الجهد الروسي المستجد في المنطقة وإيقاف التداعيات الني من الممكن حصولها وإنعكاساتها الخطيرة على استراتيجية واشنطن وأمن اسرائيل ؟
لقد أكد الرئيس الأسد في حديث للتلفزيون الفرنسي على ( أن الرئيس الفرنسي عندما جاء الى سوريا وضع هدفا ً هو الإستقرار في قضايا السلام ، ولبنان ، وما يحصل الآن في القوقاز)! ولسبب ما فإن المحللين ووسائل الإعلام أطنبت في الحديث عن كافة المحاور المطروحة في اللقاءات المشتركة بين الرئيسين دون الإشارة من قريب او بعيد الى علاقة تلك الزيارة بما يجري في القوقاز رغم تأكيد الرئيس الأسد على هذا الهدف الحيوي لزيارة ساركوزي ؟
مما لا ريب فيه فإن مخططي الإستراتيجية الأمريكية قد وضعوا في حساباتهم العديد من العوامل التي قد تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في خطط ترتيب الأوضاع النهائية في القوقاز ، لكنهم هل كانوا يتوقعون أبعاد ونيات القفز الروسي من القوقاز الى الشرق الأوسط ، وقدرات هذا العامل الجديد في خلق بؤرة تهديد مؤثرة للمصالح والمخططات الأمريكية في المنطقة وأمن إسرائيل من خلال ترتيبات عسكرية وأمنية وإقتصادية جديدة من خلال تنسيق روسي ـ سوري ـ إيراني فعّال والذي لا يمكن لواشنطن التساهل فيه مهما كانت الأحوال والظروف ؟
إن العامل القوقازي إذاً يجب أن يؤخذ بنظر الإعتبارفي المعادلة الدولية في الشرق الأوسط ، وربما يكون هوالحافز الرئيسي والأساسي لزيارة ساركوزي الى دمشق ، إنه هدف واقعي وصريح يعمل على إعطاء سوريا ما ترغب فيه مقابل التراجع عما تم الإتفاق عليه في موسكو والعودة الى تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط ليتفرغ بوش وحلفائه الغربيين للقوقاز دون إقحام أطراف إضافية في هذا الصراع .
ألا يفسر كل ذلك الصمت الأمريكي والإسرائيلي تجاه هذه الزيارة لرئيس دولة أساسية في الإتحاد الأوربي ، في الوقت الذي لا يهدأ الإعلام الغربي لزيارة عضو في الكونغرس أو أي مسؤول غربي حتى في الدرجة الثالثة فيما لو تمت الى دمشق ؟
ولكن هل حققت الزيارة الفرنسية أهدافها رغم حشد الدعم العربي والدولي لها والمتمثل بالقمة الرباعية التي عقدت في دمشق بعيدا عن التدخل المصري السعودي المباشر ؟
ذلك هو ما تسفر عنه الأيام القادمة وأبعاد وإيماءات التحرك السوري الذي عاد الى الساحة الدولية في المنطقة عبر العامل القوقازي ولكن هذه المرة بقوة اكبر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟