الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عجائز منظمة التحرير وحكومة فياض (1)

ابراهيم علاء الدين

2008 / 9 / 5
القضية الفلسطينية



تشهد بعض الاوساط السياسية الفلسطينية جدلا في الكواليس والجلسات الخاصة حول مسالتين رئيسيتين كلاهما يدخلان في صلب اطار بناء الدولة الفلسطينية ووحدة الوطن (هناك فرق كبير بين وحدة الوطن والوحدة الوطنية) الذي يجري عل قدم وساق، الى جانب انجاز مشروع الاستقلال الوطني من خلال المفاوضات السياسية مع الكيان الصهيوني، والتي قطعت وفق مصادر عربية وفلسطينية رفيعة المستوى شوطا متقدما جدا، قد اتحدث عنه في مقال مستقل في الايام المقبلة.
والمسالتان الرئيسيتان المشار لهما اعلاه هما اولا : مركزية التمثيل القانوني والرسمي للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات (السلطة ام المنظمة)، وثانيا : دور فتح في هذا الكيان المركزي ، ودور الفصائل الوطنية الاخرى.
وجوهر المسالتان ان الرئيس ابو مازن وحكومة سلام فياض والبرجوازية الوطنية الفلسطينية الكبيرة يحاولون بناء دولة قانون عصرية حديثة عبر عنها ابو مازن بقولة "نريد دولة وطنية فلسطينية حديثة ديمقراطية ليبرالية"، يواجههم اخرون بعضهم لا يريد دولة من الاساس (حماس واصحاب تيار الدولة الديمقراطية العلمانية)، وبعضهم يريد دولة على مقاسه (تيار صغير داخل فتح ومنظمات وفصائل وطنية ومنها فصائل اليسار)، والبعض الاخر يريد دولة لا قانون فيها لتكون مرتعا لذوي النفوذ وضعاف النفوس ليمارسوا فسادهم وافسادهم (منتشرون في كل مكان).
ومن المعروف ان احد الشروط الرئيسية للمجتمع الدولي لانجاز الاستقلال الوطني هو اقامة الدولة بكل مقوماتها وهيئاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية.
لذا انهمكت حركة فتح برئاسة الرئيس ياسر عرفات منذ اتفاقية اوسلو بوضع مداميك الدولة وفق المفاهيم المعاصرة وتشكلت كافة الهيئات الرسمية وتوجت بانتخابات رئيس الدولة والمجلس التشريعي وتنظيم الشؤون الامنية والعسكرية والمالية والاجتماعية.
وجرى كل ذلك من خلال سلطة تحالف وطني قادته حركة فتح امتدادا لدورها التاريخي في قيادة النضال الوطني الفلسطيني وقام هذا التحالف على اساس المحاصصة أي توزيع الحقائب الوزارية والمناصب القيادية بين الفصائل مع احتفاظ فتح بالاغلبية وبالمراكز المؤثرة.
وقد ساد هذا النظام امراض كثيرة مما سمح لظهور مشاكل لا حصر لها من الفساد والمحسوبية والرشوة، وحاول الرئيس عرفات وعل خلفية انتقادات داخلية وخارجية اصلاح الامور من خلال وزارة السيد محمود عباس، لكن عباس اصطدم بالقيادات العليا بفتح ومن بينهم اعضاء في اللجنة المركزية وفي المجلس الثوري فقدم استقالته، وجاءت حكومة قريع منسجمة الى حد ما مع مصالح القيادات الفتحاوية العليا ، لكنه اصطدم بعقبة كاداء اسمها حماس التي بذلت اقصى ما تستطيع من جهد لعرقلة بناء الدولة واجهاض مشروع السلام الفلسطيني الاسرائيلي من خلال العمليات الانتحارية، وادى ذلك الى اندلاع الانتفاضة الثانية مما جمد عمليا كل الجهود التي كانت منصبة على بناء مؤسسات الدولة وظلت مجمدة رغم محاولات الرئيس عرفات .
وبعد وفاة الرئيس عرفات وانتخاب الرئيس ابو مازن اضطر ابو مازن في البداية الى مجاراة موازين القوى سواء في البيت الفتحاوي او في البيت الفلسطيني بشكل عام. ومضى قدما في ترسيخ قواعد الديمقراطية والاحتكام لها في افراز قيادة تتولى استكمال بناء الدولة.
لكن الديمقراطية غير الناضجة والصراعات داخل فتح والوجود القوي لحماس في الشارع الفلسطيني افشل برنامج الرئيس ابو مازن حين فازت حماس باغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وخسرت فتح مرتين مرة بعدم حصولها منفردة على الاغلبية ، ومرة بفشل كافة تنظيمات اليسار الحليف التاريخي لفتح، مما جعل حماس تسيطر باغلبية كبيرة على مقاعد التشريعي.
ووفق الدستور كلف الرئيس عباس اسماعيل هنية (حماس) بتشكيل الوزارة فرفضت فتح المشاركة فيها ، لانها ترفض ان تكون الاقلية في وزارة تقودها حماس، وكان ذلك اول مسمار في نعش حكومة حماس لكن الضربة القاتلة لحكومة حماس جائت من خلال رفض المجتمع الدولي والعربي بصفة عامة التعامل معها الا اذا التزمت بالعقود والعهود والاتفاقيات الموقعة من قبل السلطة الفلسطينية وقبلها منظمة التحرير وفي مقدمتها الاعتراف بالعدو الصهيوني، وبالبرنامج السياسي للسلطة والمتمثل باقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود الرابع من حزيران 67.
وانفرط عقد الحكومة الحماسية بانقلابها على الشرعية وسيطرتها على قطاع غزة، واقال الرئيس بموجب صلاحياته الدستورية حكومة هنية، وكلف السيد سلام فياض بتشكيل حكومة لتسيير الاعمال وكان ابرز تطور سياسي تشهده الساحة الفلسطينية منذ عام 92 ان حكومة فياض قامت على اساس الكفاءة والتكنوقراط وليس على اساس نظام المحاصصة القديم او على اساس نتائج انتخابات التشريعي.
وبدات حكومة فياض مدعومة بالشرعية الدولية والتاييد الاقليمي، ومؤازرة الرئيس عباس ودعم البرجوازية الكبيرة الفلسطينية في الوطن والشتات في العمل باقصى طاقة لاستكمال بناء الدولة، وبدا فياض في تقليص نفوذ بعض المتنفذين في فتح ، ومواجهة محاولات حماس للسطو على السلطة ، واستحدث الكثير من القوانين واصدر القرارات التي من شانها اقامة مؤسسات عصرية.
وعملت الحكومة على اعادة تنظيم قوات الامن بالتعاون مع عدد من الحكومات العربية وخصوصا الاردن، وبدعم امريكي واوروبي كبير، كما عملت على تنظيم الشؤون المالية وسد العديد من الثغرات التي كان يتسرب منها الفاسدين والمفسدين.
وحققت حكومة فياض العديد من الانجازات الهامة على الصعيد الامني والمالي والاداري والسياسي كذلك.
لكنها واجهت عدة عقبات في طريقها منها ما يتعلق بعدم تحقيق نجاحات كبرى على صعيد المفاوضات مع العدو، ومنها الانقسام في الساحة الفلسطينية ومنها معارضة بعض القوى في داخل فتح التي طالبت بتوسيع الحكومة او تعديلها او تشكيل جديدة يكون لها فيها حضور مميز.
لكن الرئيس عباس لم يخضع للضغوط وواصلت حكومة فياض اعمالها ، ونجحت بمواجهة كل ما اعترض سبيلها، الى ان وجدت نفسها امام القضية المركزية الحاسمة والرئيسية في عملية بناء الدولة وهي مسالة تمثيل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
فالقانون يقول ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي المرجعية العليا للسلطة الوطنية، وان المجلس الوطني هو برلمان الشعب الفلسطيني كله في الوطن والمنافي، وان رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هو الرئيس الاعلى للدولة الفلسطينية.
ومنذ وقت مبكر وفي حياة الرئيس عرفات جرت صدامات وخلافات قوية بين مؤسسات السلطة وبين مؤسسات منظمة التحرير ومن اشهرها الخلافات بين ابو عمار والسيد فاروق قدومي رئيس ادارة العلاقات الخارجية بمنظمة التحرير والتي كانت تعتبر بمثابة وزارة خارجية وابو اللطف رئيسها هو وزير خارجية فلسطين.
كما ظهرت صدامات في مجالات اخرى مثل المجال المالي والهيئات الدبلوماسية والهيئات والاتحادات والنقابات خارج الوطن.
وباختصار برزت منذ البدء ازمة ازدواج السلطة بين منظمة التحرير وبين السلطة الوطنية، وجوهر الازمة يقوم على من هي السلطة الاعلى التي تمثل جميع الشعب.
وكان لا بد لحكومة فياض ان تحسم الامر ولكن بالتدريج انطلاقا من قناعة مفادها انه لا يمكن اقامة دولة تقودها مؤسستين.
وللحديث بقية
ابراهيم علاء الدين
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس حماس في الضفة الغربية يدعو الأردنيين لـ-مواجهة مشروع ضم


.. الموريتانيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الر




.. إيران.. جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي


.. موفدنا يرصد الأوضاع في بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود مع إس




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات بعد عودة جيش الاحتلال لمنطقة الش