الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٱبنىۤ ءادم (تعقيب على مقال -حقّ ٱلحياة..-)

سمير إبراهيم خليل حسن

2008 / 9 / 6
حقوق الانسان


مآ تشابه لى فهمه من كتاب ٱللّه ٱلقرءان أنّ للبشر أطوار:
"وقد خلقكم أطوارًا" 14 نوح.
وأوّلها طور "بشر وحش" (وهو طور عيش مشاعىّ لجماعة وحشيّة barbaric commonalty):
"وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلملَٰۤئكَةِ إِنِّى خَٰلِق بَشَرًا مِّن صَلصَٰلٍ مِّن حَمَإٍ مَّسنُونٍ" 28 ٱلحجر.
وفى هذا ٱلطور يفسد فى ٱلأرض بفعل تكاثره ويسفك ٱلدمآء بقتل جماعة وحشيّة أخرى تنافسه على ٱلطعام وٱلمكان:
"يُفسِدُ فيها ويَسفِكُ ٱلدِّمآءَ" 30 ٰبيقرة.
ومن بعد خلقه وتسويته نفخ فيه ٱللّه من روحه:
"وَنَفَختُ فِيهِ مِن رُوحى" 72 ص.
فٱرتقى بٱلروح من طور "بشر وحش" إلى طور "بشر ءادمىّ human":
"إنَّ ٱللَّهَ ٱصطفىٰۤ ءَادمَ" 33 ءال عمران.
وبٱصطفآئه خرج من عيش ٱلجماعة ٱلمشاعيّة ٱلوحشيّة وسكن وزوجه بيتًا فى ٱلجنّة (ٱلأرض قبل أن يفسد فيها بركضه ورآء ٱلشهوات بٱلملك وٱلقصور وٱلقناطير ٱلمقنطرة من ٱلذهب وٱلفضّة). وبدأ "ءادم" بعد ٱنفصاله عن عيش ٱلجماعة ٱلمشاعيّة يتبع منهاج ٱلروح (وهو منهاج من روح واحدٍ أحدٍ فرد صمد) وبه تأسّس مفهوم ٱلشخصيّة ٱلفرديّة وحقوقها ومسئوليتها عن أعمالها فى ٱلحياة ٱلدنيا وٱلأخرة:
"كلُّ نفس بما كسبت رهينة" 38 ٱلمدّثر.
"كلُّ ٱمرئ بما كسب رهين" 21 ٱلطور.
"ولقد جِئتمُونا فُرٰدَىٰ كما خلقنٰكم أَوَّلَ مرَّةٍ" 94 ٱلأنعام.
"وكلّهم ءَاتيه يوم ٱلقيٰمة فردًا" 95 مريم.
وبٱلروح تأسست خلافة ٱلمصطفى بأسمآء ٱللّه ٱلواحد ٱلأحد:
"إنِّى جاعل فى ٱلأرض خليفة" 30 ٱلبقرة.
وكلّ مَن تمسّك بهذا ٱلمنهاج وٱتبعه صار ٱسمه "ٱبنُ ءادم human being" وصار له حقّ خلافة كفرد يتشخّص وليس كجماعة.
كذلك تشابه لىۤ أنّ ركض "بنىۤ ءادم" ورآء ٱلشهوات ينجم عنه فساد فى ٱلأرض يقتل ٱلحياة جميعها. وهذا ما بيّنه ٱللّه فيما نهى عنه:
"ولا تُفسِدوا فى ٱلأرض بعد إصلَٰحها" 56 ٱلأعراف.
وفهمت أنّ "بنىۤ ءادم" يفرقون عن بعضهم إلى فريقين:
ٱلفريق ٱلأول هم ٱلذين يسيرون فى ٱلأرض ينظرون فى كيف بدأ ٱلخلق فيعلمون ويعلون فيها. ويتوزّع هذا ٱلفريق إلى فريقين متنافسين فى ٱلسير وٱلنظر وٱلعلوِّ. وهما ٱلّذان يُتلى علينا نبأهما فى كتاب ٱللّه:
"وٱتلُ عليهم نَبَأَ ٱبنى ءَادَمَ بِٱلحقِّ إِذ قَرَّبَا قُربانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا ولَم يُتَقَبَّل مِنَ ٱلأَخَرِ قَالَ لأَقتُلَنَّكَ قال إِنَّما يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلمُتَّقِينَ(27) لَئِن بَسَطتَ إِلىَّ يَدَكَ لِتَقتُلَنِى مآ أنا بِبَاسطٍ يَدِىَ إِليكَ لأَقتُلَكَ إِنِّىۤ أَخافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلعَٰلَمِينَ(28)" ٱلمآئدة.
أما ٱلفريق ٱلثانى فهم جميع ٱلذين لا ينظرون فلا يعلمون ويهودون إلى ٱلطور ٱلأول فيُلعنون عن طور "ءادم" ويُمسخون قردة وخنازير يعيشون فى ٱلأرض كٱلأنعام عيشًا ضنكًا Donkeys.
وفهمت أنّ "ٱبنى ءادم" هم من ٱلفريق ٱلأول حصرًا. واحد ينظر ويعلم ويزيغ عن منهاج ٱلهداية وٱلتقوى للروح فيفجر ويملك من دون ميثاق فيطغى ويستبدّ بأهله ويكرههم على تعليمٍ وعيشٍ جماعىّ يعادى ٱلتشخّص ويقتل نفسًا بغير نفسٍ ويفسد فى ٱلأرض. وٱلأخر ينظر ويعلم ويقترب من ٱلهداية فيتّقى ويصنع لعيشه ميثاقًا للمُلك فلا يطغى ولا يستبدّ فى سلطته على ٱلأهل ويحترم ويحمى حقوق ٱلفرد وشخصيته ومسئوليته ولا يقتل نفسًا بغير نفس وإن أدرك فساده يتّقى ويصلح.
ٱلفريقان هم ٱلذين يسيرون فى ٱلأرض ينظرون فى كيف بدأ ٱلخلق فيعلمون ويعلون علمًا وقوّة. وكلاها يحمل ٱسم "بنىٰۤ إسرآءيل" بفعل نظرهم وعلمهم وإسرآئهم ونفوذهم فىۤ أقطار ٱلسّمٰوٰت وٱلأرض. وكلاهما ٱلمفضلون عند ٱللّه على ٱلعالمين:
"يٰبنىۤ إسرٰۤءيل ٱذكروا نعمتىَ ٱلَّتىۤ أنعمت عليكم وأنِّى فضَّلتكم على ٱلعٰلمين" 47 ٱلبقرة.
وهذا ٱلتفضيل لا ٱنقطاع له لِمَن يتابعون ٱلإسرآء. أما ٱلذين يتوقفون عن ٱلإسرآء فينكصون علىۤ أعقابهم ويسقطون من علوِّهم.
ومنهم ٱلأساس ٱلذى يقوم به طور "عيسى ٱلإنسان" ٱلذى يخلّص نفسه من مقت ٱللّه ويفعل ما يريد ويقول. وهذا ٱلطور يحتاج "ٱبنُ إسرٰۤءيل" لبلوغه إلى تطهير ما فيه من روح ٱللّه من جميع مناهج ٱلشّيط وٱللغو ليكون روحًا قدسًا يعلم به ٱلكتاب وٱلحكمة وٱلتّورىٰة وٱلإنجيل ولا يقول على ٱللّه ما ليس له بحقٍّ.
هذا ٱلفريق من "بنىۤ ءادم" هو ٱلذى كتب ٱللّه عليه:
"من أجل ذلك كَتبنا علىٰ بنىۤ إِسرٰۤءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أو فسادٍ فى ٱلأرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ ٱلنّاسَ جَميعًا ومَن أَحياها فَكَأَنَّمآ أحيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا..." 32 ٱلمآئدة.
كلّ من "ٱبنى ءَادم" يمثّل مجتمعًا يتنافس أهله ويتسابقون مع أهل ٱلأخر فى ٱلنظر وٱلإسرآء وٱلعلوِّ فى ٱلأرض. وبإسرآئهم صاروا "بنىٰ إسرٰۤءيل" ٱلذين يستطيعون إدراك ٱلتكليف بما كُتب عليهم. وهما فريقان واحد يزيغ عن ٱلهداية وٱلتّقوى فينسى تكليف ٱللّه ويطغى ويستبدّ ويعمل ٱلسّيِّئات مع حقوق ٱلشخص ٱلفرديّة ويقتل ٱلنفس بغير نفسٍ ويفسد فى ٱلأرض. وٱلمثل عليه فى جميع مجتمعات ٱلسلطات ٱلتى تمنع ٱلتشخّص وتقتل مَن يصبأ عليها. كسلطة ٱلشيوعية ٱلتى تُكره ٱلأهل على ٱلعيش ٱلمشاعىّ وسلطة ٱلقوميّة ٱلتى تكره ٱلأهل على مفاهيم ٱلعزلة وتفوّق لونهم على غيرهم من ٱلناس. وهذا ٱلفريق يعمل على ٱلضدّ من ٱلتكليف ويتحالف معه جميع ٱلقردة وٱلخنازير فى ٱلأرض وهم لا يعلمون بما ينتظرهم من طآمّة ٱلفساد.
وٱلأخر لا يترك علوّه يطغى على تكليفه فلا يغفل عن حُسن عمله على حماية حقّ ٱلناس فى ٱلحياة وٱلمسئولية ٱلشخصية ولا يغفل عن تقوىٰ ٱلفساد فى ٱلأرض فيكون بذلك هو ٱلأقرب إلىٰۤ إدراك ٱلهداية ٱلأقوم بما كلفه ٱللّه. وٱلمثل عليه فى جميع مجتمعات ٱلسلطات ٱلديمقراطية وٱلديمقراطية ٱلفيدرالية.
لقد قضى ٱللّه إلى ٱلفريقين من "بنىۤ إسرٰۤءيل" أنّهم سيفسدون فى ٱلأرض ويعلون:
"وقضينآ إلىٰ بَنِىۤ إسرٰۤءِيلَ فى ٱلكتَٰبِ لَتُفسِدُنَّ فى ٱلأرضِ مَرَّتَينِ ولَتَعلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" 4 ٱلإسرآء.
وبيّن أنّ أحدهما يعلو وهو يُفسد ويعتدى على حقِّ ٱلحياة جميعها ولا يتّقى عاقبة ٱلسوء وٱلفساد فيأتيه ٱلعقاب من ٱلفريق ٱلأخر:
"فإذا جآءَ وعد أُولَٰهُمَا بَعثنَا عليكُم عِبَادًا لَّنَآ أُولى بَأسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلٰلَ ٱلدِّيارِ وكان وعدًا مَّفعُولا" 5 ٱلإسرآء.
وٱلمثل ٱلقريب عليه فيما حدث فى ٱلحرب ٱلكونية ٱلثانية لكلٍّ من مجتمع ألمانيا ومجتمع ٱليابان وسلطتهما ٱلقوميتين.
ثمّ يعود هذا ٱلفريق من "بنىۤ إسرٰۤءيل" بعد عقابه إلى ٱلنهوض وٱلعلوّ كما حدث لهذين ٱلمجتمعين:
"ثمَّ رَدَنَا لَكُمُ ٱلكَرَّةَ عليهم وأمدَدنٰكُم بِأَموٰلٍ وبَنِينَ وجعلنَٰكُم أَكثرَ نَفِيرًا" 6 ٱلإسرآء.
فإن أحسنوا وعادوا عن ٱلفساد وٱلسوء فقد ٱهتدوا وعاشوا بسلمٍ وأمنٍ ونالوۤا أجرا كبيرًا من ربِّهم. وإن تابعوا فسادهم وسوءهم سآءت وجوههم ونُزعت سلطتهم فى ٱلحياة ٱلدنيا ولهم عذاب أليم عند ربِّهم:
"إن أَحسَنتُم أَحسَنتُم لأَنفسِكُم وإن أسَأتُم فَلَها فإذا جآء وعدُ ٱلأَخِرَةِ لِيَسُـءُوا وُجُوهَكُم ولِيَدخُلُوا ٱلمَسجِدَ كما دَخَلُوه أَوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوا تَتبِيرًا(7) عَسَىٰ رَبُّكُم أن يَرحَمَكُم وإن عُدتُم عُدنا وجعلنا جَهَنَّمَ للكَٰفِرينَ حَصِيرًا(8) إنَّ هٰذا ٱلقرءَانَ يَهدِى للَّتى هِىَ أَقوَمُ ويُبَشِّرُ ٱلمُؤمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبِيرًا(9) وأَنَّ ٱلَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بٱلأَخِرَةِ أَعتَدنَا لَهُم عَذَابًا أَلِيمًا(10)" ٱلإسرآء.
ٱلفساد فى ٱلأرض يهدّد ٱلحياة فيها ويقتل نفوسًا بغير نفوسٍ. وهذا ممّا قُضىٰۤ إلى بنىۤ إسرٰۤءيل ٱلذين تعمل أيديهم ٱلفساد فى ٱلأرض وهم يتنافسون على ٱلعلوّ فيها:
"ظَهَرَ ٱلفَسَادُ فِى ٱلبَرِّ وٱلبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ ٱلَّذى عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ" 41 ٱلرُّوم.
فمن لا يهتدى منهم بٱلتى هىۤ أقوم يجعله علوّه مغرورًا فيعمى عمّا قَضىۤ إليه ٱللّه وعمّا كتبه عليه فيطغى ويسىء إلى حقوق ٱلناس جميعها ومنها حقّهم ٱلأول "حقّ ٱلحياة". أما ٱلذى يهتدى منهم يرجع عن ٱلفساد وٱلسوء ويصلح.
ٱلذين يخاطبهم كتاب ٱللّه هم "ٱبنىۤ ءادم" (ٱلذين يذكرون وٱلذين ينسون على ٱلسّوآء) من دون تحديد لقوم أو طآئفة أو حزب. وقد نهى ٱللّه ٱلمؤمنين من "بنىۤ إسرٰۤءيل" عن ٱلأخذ بمفهوم "ٱلراعى" و"ٱلرعيّة" فى تكوين سلطة ٱلمُلك فى مجتمعاتهم حتى لا يكون لهم سوء ولا فساد. فلا تكون لهم سلطة مَلِكٍ "يرعى" وأهل "رعيّة:
"يَٰۤأيُّها ٱلَّذينَ ءَامَنُوا لا تَقُولوا رَٰعِنَا وقُولوا ٱنظرنا وٱسمَعُوا ولِلكَٰفرينَ عَذَاب أَلِيم" 104 ٱلبقرة.
فٱلسلطة فى مجتمع "بنىۤ إسرٰۤءيل" ٱلمؤمنين تقوم على ميثاق يحمى حقوق ٱلشخص ومسئوليته ليكون واحدا أحدًا لا جزءًا من جمعٍ مشاعىٍّ أو قومىٍّ وتفتح ٱلسبيل له للسير فى ٱلأرض وٱلنظر فى كيف بدأ ٱلخلق:
"قُل سِيرُوا فِى ٱلأَرضِ فَٱنظروا كَيفَ بَدَأَ ٱلخَلقَ" 20 ٱلعنكبوت.
وتقوم سلطتهم على ٱختيار مَن هم أكثر إدراكًا وعلما بحاجة مجتمعهم لحماية حقوق ٱلشخص فيه وحماية سبيل ٱلنظر وٱلعلم وٱلإسرآء بعلم ٱلناس وبحقوقهم ٱلشخصيّة. وٱلمثل على هذه ٱلسلطة جآء عنها توجيه فى كتاب ٱللّه فيما قاله "نبىّ" لقومه:
"وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ ٱللَّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوۤا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلكُ عَلَينَا وَنَحنُ أَحَقُّ بٱلمُلْكِ مِنهُ وَلَم يُؤتَ سَعَةً مِّن ٱلمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصطَفَـٰه عليكُم وَزَادَهُ بَسطَةً فِى ٱلعلم وٱلجسم" 247 ٱلبقرة.
فٱلمَلِكُ فى سلطة بنىۤ إسرٰۤءيل ٱلمؤمنين هو عالم سليم ٱلجسم ينظر ويدرك حال ٱلمنظور إليه ويعلم بحاجته لتأمين سبيل ٱللّه له ممّن يقعدون له فيه ويفسدون فى ٱلأرض. وعلمه مع سلامة جسمه يؤمّن قيامه على عمله فلا يقعده عنه مرض ولا ضعف فيه. وهو ٱلذى يعمل مع أمثاله من ٱلملوك فى ٱلأرض لتأسيس محكمة جزآء تعمل على تكليف ٱللّه بٱلجزآء من ٱلقاتل للنفس بغير نفس وللمفسد فى ٱلأرض:
"مَن قَتَلَ نفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أو فسادٍ فى ٱلأرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ ٱلنّاسَ جَميعًا ومَن أَحياها فَكَأَنَّمآ أحيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا" 32 ٱلمآئدة.
وقد بيّن ٱللّه لهم حدود ٱلجزآء ٱلذى تقضى بها هذه ٱلمحكمة:
"إنَّما جَزَٰۤؤُا ٱلَّذينَ يُحارِبُونَ ٱللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسعَونَ فِى ٱلأرضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوۤا أو يُصَلَّبُوۤا أو تُقَطَّعَ أيدِيهِم وأرجُلُهُم مِّن خِلافٍ أو يُنفَوا مِنَ ٱلأرضِ ذٰلكَ لَهُم خِزى فِى ٱلدُّنيا ولَهُم فِى ٱلأَخِرَةِ عَذَاب عظيم(33) إلا ٱلَّذينَ تابُوا مِن قَبلِ أن تَقدِرُوا عَلَيهِم فَٱعلَمُوۤا أنَّ ٱللَّهَ غفور رَّحيم(34)" ٱلمآئدة.
ٱلفساد فى ٱلأرض لا يتوقف عند حدود ٱلمفسد. وقميص ٱلأرض (غلافها ٱلجوىّ) لا حجاب فيه يفصل بين ٱلناس وهو يحمل فسادهم إلى ٱلمآء ٱلجامد (جمادى ٱلأَخرة وهو ٱلبيت ٱلحرام ٱلذى جعل ٱللَّه منه كلَّ شىءٍ حىٍّ) فيجعله يسيل لتكون منه أعاصير شديدة وطوفان عظيم يقتل نفوسًا بغير نفوس (ما يحدث ٱليوم من أعاصير مدمّرة مثل على ما هو أشدّ تدميرًا). وما زال "بنوۤ إسرٰۤءيل" جميعهم يتسابقون فى عمل ٱلفساد فى هذا ٱلمآء ٱلجامد (ٱلمآء ٱلمتجمّد فى ٱلقطبين) على ٱلرّغم ممّا يحدث من أعاصير ما زالت فىۤ أوّل شدّتها. فإن لم يعودوا عن ٱلفساد ويصلحون فلن ينفعهم علوّهم فى ٱلأرض وسيهلكهم فسادهم فى ٱلأرض كما هلك ٱلقرون ٱلأولى (عاد وثمود وفرعون ذو ٱلأوتاد وٱلمؤتفكات).
من دون هداية للتى هىۤ أقوم لن يعمل "بنوۤ إسرٰۤءيل" علىۤ إصلاح فسادهم. فأول أمر لإصلاح ٱلفساد هو فىۤ إدراك خطره وٱلعلم بأسبابه وٱلعلم أنّه ٱلكعبة ٱلبيت ٱلمحرّم. وبهذا ٱلعلم تكون لهم ٱلهداية فيعملون على وقف ٱلفساد فيه.
ومن أسباب ٱلفساد ٱلتى تأتى من خارج تسابق "بنىۤ إسرٰۤءيل" على ٱلعلوِّ فى ٱلأرض هو تزايد عدد ٱلأحيآء من ٱلقردة وٱلخنازير. فهؤلآء يتكاثرون كما تتكاثر ٱلفطور فيفسدون بما يأكلون وبما يطرحون. وإصلاح فساد هؤلآء يحدث بتوجيه لهم بٱلتى هىۤ أحسن لعلّهم يدركون ما يفعلون فيعملون على تحديد تكاثرهم ٱلمفسد. وأوّل أمر فى توجيههم هو لتغيير ما بأنفسهم من تعليم ودين:
"إنَّ ٱللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأنفُسِهِم" 11 ٱلرّعد.
فهم ٱلذين ٱمتنعوا بمنهاج تعليمهم ودينهم عن ٱلسير فى ٱلأرض وٱلنظر فى كيف بدأ ٱلخلق فٱمتنع عليهم أن يكونوا من "بنىۤ إسرٰۤءيل" ومُسخوا قردة وخنازير بفعل ما يتبعون من دين ءابآئهم:
"وإذا قِيلَ لهم ٱتَّبعوا مآ أنزل ٱللَّهُ قالوا بل نتَّبعُ مآ أَلفينا عليه ءَابآءَنا" 170 البقرة.
وهم ما زالوا يهتدون بذلك ٱلدين:
"بَل قَالُوۤا إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ" 22 الزخرف.
وهؤلآء يفسدون بتكاثرهم كما كان أمر ٱلفساد فى طور "بشر وحش". وهم قاعدون عن ٱلنظر وٱلإسرآء وٱلعلم بفسادهم. فإن أدركوا وٱهتدوا وأحسنوا يشاركون فى ٱلإصلاح ويعودون إلى طور "بنىۤ ءادم" ومنه إلى طور "بنىۤ إسرآءيل". وإن كفروا وتابعوا فسادهم فلهم فى قول نوحٍ لربِّه ما يوقف فسادهم:
"وقال نوح رَّبِّ لا تَذَر على ٱلأرضِ مِنَ ٱلكٰفرين دَيَّارًا(26) إنّك إِن تَذَرهم يُضلُّوا عِبادَكَ ولا يلدُوۤا إلا فاجرًا كفّارًا(27)" نوح.
لقد بيّن كتاب ٱللّه أنّ جميع رسله هم لبنىۤ ءادم ٱلذين يسرون فى ٱلأرض لعلّهم يؤمنون فيهتدون ويصلحون. ورسالاته لهم هى منهاج ذوۤ أطوار كما هى مناهج ٱلكومبيوتر. وفى كل طور من أطوار رسالاته يجرى تنزيل وتثبيت قسم من ٱلمنهاج إلىۤ أن يكمل بٱلمنهاج ٱلعربى ٱلمبين (ٱلقرءان) وهو منهاج ٱلبيان وٱلتبيان لكلِّ شىء ومنهاج هداية ولباس للقلب يوقيه من ٱلشَّيطِ وفعل ٱلسوء:
"يـٰبنِىۤ ءَادم قد أنزلنا عليكم لباسًا يوٰرِى سوءٰتكم" 26 ٱلأعراف.
وما زال بنوۤ إسرٰۤءيل إلى يومهم هذا لا يصدقون به. وهم يعملون على ٱلعلوِّ فى ٱلأرض وإصلاح فسادهم فيها وفق أجزآء مِّنَ ٱلمنهاج غير كامل.
لقد كمل منهاج ٱللّه ٱلمرسل بكتابه ٱلقرءان. وهو منهاج "ميكٰل" ٱلأعلى بيانًا للكيل فى ٱلحقِّ من طور منهاج إسرٰۤءيل وٱلأهدى للتى هىۤ أقوم. وهو منهاج ٱلذى يوجّه وجهه للذى فطر ٱلسّمٰوٰت وٱلأرض فيعلم ويوقن بٱلغيب ويسلم للَّه ربّ ٱلعالمين فلا يعتدى على حقِّ ٱلشخص ولا يقتل نفسًا بغير نفس ويعمل فىۤ إصلاح ٱلأرض من فسادها.
ٱلقرءان هو منهاج "محمّدٍ" وهو منهاج "ٱلمسلم" ٱلذى طوّر منهاج "إسرٰۤءيل" فى نفسه إلى منهاج "ميكٰل". فصار يستطيع ٱلنظر فى ٱلحقِّ ٱلمشاهد وٱلغآئب فيعلم بٱلشهادة ويعلم بٱلغيب ويوقن بهما وينفق على تطوير وسآئل نظره وبصره فى ٱلحقّ ويتابع إسرآءه وعلوّه فى ٱلأرض من دون فساد فيها ولا سوءة مع حقِّ ٱلحياة. وهو ٱلذى ينظر فى حقِّ ٱلحياة ويعلم بوسآئل إصلاح ما فسد فيها فيصنعها ويصلح أمرها. وهو ٱلذى يشرّع لمحكمة ٱلجزآء كما وجّه به ٱللّه لمنع ٱلطاغوت (فردا كان أم سلطة) من قتل ٱلنفس بغير نفسٍ ومن عمل ٱلفساد فى ٱلأرض. فيصنع على ٱلأرض سلمًا للناس ولجميع ألوان ٱلحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز


.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر




.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس


.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم




.. فوضي في يوروو 2024 ..اعتقال 50 مشجع إيطالي يحملون عبوات ناسف