الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمفونية الهزيمة...!؟

جهاد نصره

2008 / 9 / 6
الصحافة والاعلام


ما يحسبه بعض الإعلاميين الفطاحل انتصاراً على الخارج ( المعادي ) وتفكيكاً لحلقة العزلة المنسوجة من قبله هو في حقيقة الأمر انكساراً للداخل الوطني وتراجعاً بنيوياً يصل إلى ما دون المستوى المدني المفترض أنه أصبح سمة المجتمعات الحية السائرة إلى الأمام وفق تلبية الاستحقاقات المعاصرة..!
لقد كان من المتوقع أن تحصل بعض الانفراجات على المستوى السياسي بعد سيلٍ من الإغراءات والمحفِّزات على المستوى الاقتصادي وعلى هذا الصعيد لا يمكن التهرب من الاعتراف بالنجاح المطرد الذي حققته نخبة اقتصادية سياسية غير تقليدية مغطاة سلطوياً الأمر الذي أتاح بداية لإعادة تشكل طبقة وسطى سبق وأن قضي عليها من ذات السلطة عبر سياساتها الأيديولوجية الممنهجة خلال أربعة عقود عجاف مع العلم المسبق بخلاعة هذه الطبقة المستجدة والمركبة وفق تحالف مواقع النفوذ مع مواقع الرأس مال الأمر الذي يعني فقدانها للقيم المفترض أن الطبقات الوسطى حامل لها...!
إنه لمن المدهش أن لا يتوقف إعلاميونا السفسطائيون سوى في المحطة الاقتصادية التي تشهد متغيرات متسارعة تشريعاً وتنفيذاً هي في حقيقة الأمر استجابة بديهية محتمة بدافع الديمومة لاستحقاقات عولمية ملحة متجاهلين المستويات الأخرى التي وحدها تعكس نجاعة ما يتحقق على المستوى الاقتصادي إذ يبدو واضحاً جلياً الانحدار المتسارع في المستويات الأخرى من حقوقية واجتماعية وإنسانية وغيرها ومتجاهلين في الوقت نفسه أن هذه المتغيرات على المستوى الاقتصادي تسبح في بيئة فيها منسوب متضخم وغير مسبوق من الفساد في كل أشكاله..!؟
من الذي يمكنه أن ينكر التدني الحاصل على صعيد التعليم في كل مستوياته.. والتفسخ الذي تلا ترهل وفساد البنية القضائية والقانونية..! أو أن ينكر تقلص هامش الحرية على كل الصعد بدءاً من حرية الرأي والتعبير مروراً بأي شكلٍ من الحراك المجتمعي المدني وليس آخراً الحراك السياسي بأبسط أشكاله ..!؟ إنه في حين تحاول السلطة أن تستجيب لمعظم الاستحقاقات الاقتصادية فإن كل ما عدا ذلك من مثل تشريع وتقنين الحياة السياسية، والإعلامية، والحقوقية، يبقى مؤجلاً و خارج التداول وهي مسألة مفهومة من حيث أن هذه الاستحقاقات هي وحدها الكفيلة بأن تعيد صياغة الداخل المجتمعي كمقدمة لعودته إلى حيويته المفترضة مما يعني بداهة مشاركته في صناعة كل ما يتعلق بمسار صيرورة الوطن السوري بشراً وجغرافيا..! لكن، هذه المشاركة إذا قِّيض لها أن تحصل فإنها تعني في صريح العبارة كسراً لنظرية الحزب القائد التي أقرَّ بها جهابذة الأحزاب الساجدة في ( سقيفة ) جبهة المحاصصة الوطنية التقدمية التي تندر بها وعنها السوريون قبل أن ينسوا أمرها.! هذه الجبهة التي ساهمت طواعيةً في إعادة مكونات المجتمع السوري إلى ما دون السياسة والعمل السياسي وما ترتب على ذلك من انتعاش كل أشكال الولاءات الماقبل سياسية.! أما المفارقة الغريبة وغير المفهومة فإنها تدور حول ممانعة السلطة بكل حزم لكل المحاولات المتواضعة التي شهدها الداخل السوري لتعميم ثقافة الليبرالية والعلمنة بالرغم من أن هذه المحاولات تصب تكاملياً في دائرة تحول السلطة ليبرالياً على صعيد الاقتصاد وبالرغم من نخبوية معظم هذه المحاولات واقتصارها على الانشغال الثقافي والمعرفي.!
إننا نرى من دون نظارات مقرِّبة أن مؤشرات النصر أو الهزيمة لا تقتصر فقط على ما يتحقق من اختراقات سياسية متأتية من المستوى الاقتصادي أو حتى من التحالفات الإقليمية الظرفية المطعَّمة دولياً فهذا يبقى متوقعاً بشكل دائم لكنه يظلًّ رهن المصالح النفعية الفوقية المتبادلة بين النظم الحاكمة فالنصر بما يعني التقدم والتطور يتحدد على مستوى الداخل الوطني فحسب..! وإذا ما كان هذا الداخل يشهد كسوفاً على مختلف الصعد وفي كل الاتجاهات فإنه يمكننا توصيف الوضع على أنه هزيمة محققة وإن كان الذي سيشعر بمرارتها أكثر فأكثر هو الجيل الصاعد ( نزولاً ) بالرغم من صخب الإعلام الحكومي والخاص الرديف له إضافةً إلى معزوفات الأتباع من جوقة المرخَّصين أصولاً والفضائحيين عمولةً بما يعتبرونه انتصاراً على خالتنا الإمبريالية ...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه