الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب/ القسم الثاني/ عن مجلة عشتروت

عبدالوهاب عزاوي

2008 / 9 / 7
الادب والفن


ملامح دمشق
في أرواح الشعراء الشباب (2)
عبدالوهاب عزاوي

دمشق مرة أخرى ..
على كتف الليل .. تتمايز الأشياء .. يصبح لدمشق رنينها الخاص .. وللجغرافيا فيها طعم التفاح .. وكلما كتبتُ أكثر اتسعت الرؤيا .. أو اتسعت الهوة فيزداد شهيق السقوط .. إنها دمشق مرةً أخرى .. أراها .. أتذوقها .. ضبابٌ غضٌ والقلب مصباحي الواهن .. يومض .. فأراها واسعةً كقبرٍ صاخبٍ .. فيه مهرجون .. دمىً .. ذكرياتٌ حامضة .. دمعٌ يثقب الجدار .. وجوهٌ لم تحدد ملامحها بعد .. وحدةٌ تلتصق بالعظم .. تحفره على مهلٍ .. إنها صندوق دنيا والرواة سقطوا أو أُسقطوا لترتجلَ المشاهد عناصرها بجنونٍ ووحشيةٍ .. ووحده الصندوق صلدٌ والكورس غربانٌ فوق المتحف الوطني.
كلما حاولت الكتابة عن هذي المدينة شدني غنج اللغة .. أحس أن قلبي بلطةٌ وأنا حطاب فخذيها .. دمشق .. هذا السر المعلن كالآلهة .. هذه الغانية البكر .. بقلب نمرٍ وساقي ظبيةٍ وعينين ذابلتين .. ونحن الشعراءَ .. فرسانها .. واهنين نمشي على طرف ثوبها .. نشحذ أسناننا بالأرصفة .. ونهذي لنرسم صورةً أخرى للأم الغائبة .. أو الأب القتيل .. دمشق .
نكتب مرةً أخرى في سلسةٍ بدأناها .. ونرجو أن تستمر .. لنرسم ملامح دمشق .. مرةً بعد مرة .. حتى يعلن النفير .


ما سقط من تاريخ ابن عساكر
حكمت شافي الأسعد
في الشام تأخذني التفاصيل المثيرةُ لانتباه القلبِ
يسقط من يدي حلُمي
ويكبرُ فجأةً في الليل ،
قد ينتابني قلقٌ ضروري من المعنى ،
ومن حلمٍ تجسّ يديه - سهواً - نبضةُ الأنثى فيصحو.
للمدى عبَثٌ..
لكلّ عبارةٍ وهْجٌ ،
وللأنثى قناديلٌ من الذكرى
أعلّقها – أنا الصوفيّ – في صوتي .
وأَخْطُو خارج السهر الطويل ْ.

في الشام لا ترمي حصاكِ على مياهي ،
عكّرَ القلقُ الحميمُ بياضها .
ومضى النحيبُ إلى لهاث القلبِ ..،
لا تبكي بعيداً عن يدي
أنا لست أكثر من كلامكِ في البكاءِ ،
فلم أجدْ باباً لأخرجَ من سمائكِ..
لم أجد فجراً لأصحو..
لم أجد حبراً لأسألَ :
كيف أكتب ما تداعى من دمي ؟!

في الشام يصرخُ أصدقائي : " انعِ نفسكَ "
هل عليَّ الموتُ يا قلبي كما شاؤوا ؟

عليّ الموتُ ..
ها إني أشمّ بخورَهُ .
حطّ الغرابُ على الجنازةِ
فاعبروا بي شارع الموتى على عجلٍ
لعلّ قصيدتي تنساكِ ،
كمْ قرّرتُ أن أنسى الكتابةَ فوق باب البيتِ ..
أمضي ..
لا أعودُ إلى عيونكِ مرّتين .
وخانني كلُّ اندهاش الشعر في دمكِ ..
ارتعاشكِ لاشتعال الموت في صوتي ./

يرتّبني الرحيل ..
فلا تخافي في سقوطي
سوف أنعي ما تبقّى من يديك على حرير بلاغتي .
_من ليس يعرفني سيصرخ " انعِ نفسكَ " ثمّ لا يبكي !! _
يرتـّبني الرحيلُ على التوابيتِ ..
البخورُ على الجنائزِ ..
والقصائدُ في يديكِ
أأنتِ آخر من تهزّ دمي ..، وتسكنه ..، وترهقهُ ..
فيسقطَ قبل أن ينهي التراتيل البسيطةََ ؟!
أكملي وجعي إذاً..
مازال ينقصني رثاءٌ عابقٌ بالروح..
مازال الحمامُ يشدّني..
والماء يغفو في فمي
قلقي يرتّبني ..
ومازال الجنون يهذّبُ الأشياء في لغتي ،
و مازالت جهات الشام تأخذني
و تمنحني احتمالَ الخوف ، والموت البطيءْ .

صباح السبت 8 – 5 – 2004
رسول الأرق
إلى مظفر النوّاب ، الذي التقيته ذاتَ قلقٍ دمشقي
محمد ديبو
والتقينا.......
وكانَ المطرْ.
ودمشقُ لنا..
تَتَعرّى لنا..
أَيُّنا
أَيُّنا
يا ترى العاشق المنتظرْ .

ما الذي يعنينا الليلة َيا صاحبي ؟
هل هو الشعرُ ؟
أم الموتُ ،
أم عشقنا للتلوّثِ
تحت رذاذِ الفرحْ،
شوقنا للتثاؤب ِفوق رصيفِ القلقْ ،
جوعنا للحوارِ مساء الشبقْ.
خوفنا ( كبسة ) الأمنِ ،
أمْ نومنا حتى آذان الحبقْ .

صبحنا ليلٌ
ليلنا منْ أرقْ

إلتقينا إذنْ يا صديقْ ؟
أمْ
غبنا وغيَّبنا شدونا للنزقْ !!

- ما بك يا صديقْ ؟
تتأفّفُ تحت المطرْ .
ما بك ؟
ما الذي يعتريكْ ؟
أهو الحزن
أم العشق
أم الموت
أمْ جوعنا للنساءِ اللواتي
يغبْنَ اشتهاء الغرقْ .

- دعْ الحزن بعيداً يسيرُ الهوينى
واملأْ صباحكَ : آهٍ ، فرحْ .
- آ ....... فرحْ
ربّما تعني العكسَ يا صاحبي
قالَ
ثمّ انزوى في ضبابِ الحبق ْ.
أصحيح ٌ أنّا التقينا دمشق
شمال الشبقْ ؟
أم هو الشوقُ فاضَ به الحلم ،
حبراً ، ورقْ .

بغداد لنا يا ترى؟
أم مثل دمشق
حريرٌ /أرقْ

آه ٍ يا صديقْ ...
منْ يجمعنا ؟
ومتى الوردُ يحملنا
صدفتي بحرٍ،
نشوةً من عبق ْ.

من يجمعنا ؟
ومتى الشعرُ يجمعنا
أحرفاً من شبقْ .

إلتقينا ؟؟؟
ولم نلتق ِ
والعمر يتيه بنا
في المنافي /الغرقْ .

والبحرُ يمدُّ إلينا
وراء الوطنْ
شاطئاً
من
محنْ .

الشام
سمر علوش
ماذا لو احترقَ النَّهارُ
على شموعِ الليلِ
واصطفَّت نجومٌ
في الطَّريق إلى المساءِ
وقامَ ما في الكونِ من قصبٍ يئنُّ
فقطَّرتْ دمعاتِها كأسُ الخزامْ؟
ماذا لو ارتاحَتْ خيولُ الشَّمسِ
من ركضٍ وراءَ غبارِها
وتوسَّلَتْ في همسنا جهةً
بلا طُرق ٍ تدورُ على مداها
أو توسَّلت الضِّياءَ الخافتَ الفضّيَّ
في سهراتنا
فتَوَسَّدَتْ زندَ الهيامْ؟
مِنْ هدأَةٍ في الليلِ
يسري الشِّعْرُ
يسكبُ في دفاتره الصَّغيرةِ نجمةً
وبقربِها قمراً فتيَّاً
ثُمَّ يولَدُ للضياءِ صغيرةٌ سمراءُ
سَمُّوهَا كما شِئتُمْ
فقد أَسْمَيتُها قلبي … وشـــامْ.

شامٌ على رصيف
علا صلاح الدين حسامو
لمّا أراكِ يضجُّ بي حزنٌ ثقيلْ..
ويفوحُ منّي سنديانٌ عابرٌ مغرورْ...
تتفتحُ الأوتارُ لحناً ماجناً
و يشنُّ تشرينٌ على كفّي حروباً
كي يهدّم كلَّ أصنام السّكونِ
وينشرَ الآياتِ
آياتِ القرنفلِ..مذهباً لأصابعي

* * *
وأراكِ يا أمَّ الخرافات الأنيقةِ
تسرحينَ على دمي
قطعانَ فجرٍ تختفي وتثورُ...
لا تقحميني في خلاياكِ المعدّةِ
للغناءِ..الرقصِ..للسَفَرِ الطويلْ
يا أنتِ فاكهةُ الرحيلْ..
* * *
كم تغسليني
كلّما يمّمتُ وجهي صوبَ رائحةِ البَخورِ
بنشوةٍ... وتهزّني
غربانكِ المنبوذةُ
القططُ المشرّدةُ السمينةُ.. والسّكينةُ
في زقاقاتٍ مضَتْ
ويعيدني بردى إلى صحوي وأكبرُ قدْرَ آهِ
فأستحي من رعشتي ليهزّني
عطشُ المياهِ..
أستعيدُ صلابتي
أمضي وتنسابُ الشوارعُ
بعضُها غافٍ وبعضٌ ساهرُ
ويشدّني لحنٌ جميلٌ،أمتطي كلَ الشوارعِ
كلَها...
أمضي
فألمحُ عند حانوتٍ أميراً
دونَ خيلٍ،دونَ سيفٍ،دون تاجٍ يعتليهْ
لكنني أرنو إليهْ..
يرنو إليّ بخفّةٍ ويحومُ حولي من بعيدٍ
ثمّ يرحلُ
تعتريني رعشةٌ،ويحطُّ تفاحٌ على خدّي
أُعدّلُ في المسيرِ
أراكِ تبتسمينَ في وجهي
نعمْ..أدخلتني دنياكِ دون ترددٍ
ودخلتُ مجبرةً ..بكلِّ إرادتي
في هذه الدنيا المعدةِ
للبكاءِ ..الرقصِ..للسَّفرِ الجريحْ..
* * *
وهناكَ بعد مسافةٍ،
ممتدةٌ رِجلٌ على أخرى وعكّازٌ كسيحْ..
"من أنتَ يا ذا الشاربِ البنّيِّ؟"
كهلٌ جاوزَ الستينَ،أسألهُ وأمضي
ثم أرجع خطوتينِ،
أعيدُ كفّي مرةً أخرى لجيبي..ثم أمضي
ثم أرجعُ خطوتينِ،ثلاثَ خطواتٍ وأمضي
بالسؤالِ الفظِّ،"من..قُلْ ما أمامك يا فلان"
يتّكي كفٌّ على كفٍّ
وعكّازٌ يدندنُ لحنَ حزنٍ متعَبٍ
وتغورُ عيني في تجاعيد العيون السّمرِ
تحرقني دموعٌ لم تفضْ..
"ريحانةٌ،أشلاءُ أخرى..اشتري منّي"
فتعلقُ حرقةٌ في خافقي
يشبهْكِ هذا الكهلُ في قسماتِ حزنه يا صغيرةُ
ها أنا أمضي ويغريني الرجوعُ إلى الوراءِ
أديرُ رأسي..لا أراهُ
ولا أرى إلا رصيفاً جاثماً مُضنىً
فأدركُ أنني أُقحِمتُ فيكِ
أراكِ تختلجينَ في صدري
فأرسلُ قهقهاتي للموانئ ، بيدَ أنكِ لا موانئ فيكِ
تغريني قناديلُ المساء بحبِّ كلّ الكائناتِ
وأنتشي...
دنياكِ خلطةُ ساحرٍ سرّيّةٌ
دنياكِ خُبزُ العابرينَ من الجنون إلى الجنونِ
إلى الحقيقةِ..فالخرافةِ..فالأبدْ...
وأخالُ أنّ الأقحوانَ على جناحيها سَجَدْ...
أمشي وتشغلني المقاهي،
والدكاكين الصغيرةُ.. والبيوتُ
تعيدني كفّاكِ حلماً كاد يغفو خلف ريحْ..
يا أمسياتُكِ..
من أنينِ الجرحِ تسطعُ كالمسيحْ...

صيف/2005 دمشق

القَمَر
فوق جـِسر الرَئيس
خالد الاختيار
.....
هنا...
بأحوال جوية ممطوطة
و رسغ مصافحة

لعانات خضراء
على السفح

أمسـّج
تحت الأذان
بطالتي

هنا...
قبل أن تخرج الشمس
من محرس الرحبة

عكس الريح
و الرفاق

فنجان شاي
يدلي على الأوراق
بحلمته

ماء....
يضمـّد الدم ...

ماء....
يضمر الدم.
ماء

عن مجلة عشتروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل