الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا ولبنان بين حربين، باردة وساخنة

اديب طالب

2008 / 9 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


وفق احتمالية نهاية القطب الواحد في العالم ( أمريكا + إسرائيل + الاتحاد الأوروبي الصديق المتطاول أحيانا ) ، واحتمالية ولادة عالم الأقطاب في تراتبية من الأعلى إلى الأسفل ( أمريكا ، إسرائيل ، الاتحاد الأوروبي ، روسيا ، الصين ، الهند ، البرازيل .. الخ ) 0 ووفق هاتين الاحتماليتين واللتين أشار أليهما كلينتون أمام الكونغرس سابقا وساركوزي حاليا أمام سفرائه ووفق احتمالية حرب باردة جديدة أو حرب حارة جدا وسريعة جدا ، وفق هذا الكم من الاحتمالات ؛ يطرح المحللون السياسيون المعنيون بالشرق الأوسط سؤالين مهمين :
السؤال الأول:
ما هو موقع بلد صغير جدا ، إلا انه مؤثر جدا بحكم نوافذه الجيوستراتيجية ، شرق المتوسط أولا ، وعلى تركيا ثانيا ، وعلى العراق والموصل لإيران ثالثا وعلى الأردن وإسرائيل وفلسطين رابعا ، وبحكم نوافذه العربية والكردية والإسلامية وحتى الطائفية والمذهبية ، وبحكم أبوابه المشرعة على مصاريعها دائما ومن تسعين سنة على لبنان السؤال : ما هو موقع هذا المعروف باسمه الأول سوريا .. هذه السوريا .. ما هو موقعها في عالمٍ متعدد الأقطاب؟؟ ، راهنا انتقاليا، ومستقبلا واقعا وحاسما فيما بعد 0
السؤال الثاني:
الى أي مدى ستكون هذه السوريا قادرة على الدخول والخروج إلى ومن لبنان عبر أبوابه المشرعة تلك ؟؟؟ ، وكأن هذا اللبنان وكالة من غير بواب .. إلى متى ؟ 0

في الإجابة على السؤال الأول نقول :
يستطيع الأسد الابن أن يعلن انخراطه بالحرب الباردة المقبلة 0 ويستطيع أن يقول لروسيا انه سيزرع لها سوريا صواريخ ، وسيهبها الموانئ بحرية عسكرية 0 وحتى نفهم مدى الجد والهزل في إعلاني الأسد المدفوعي الأجر علينا أن نتذكر خمسة حقائق معلومة جيدا عند السوريين والمتتبعين بدقة لتاريخ الأسد الأب 0 الحقيقة الأولى أن الأسد الأب كان لا يضحك حتى تبدو نواجذه إلا إذا قابل مطلق سياسي أو صحفي أو دبلوماسي أمريكي 0 والأسد الابن سر أبيه بلا تردد 0 الحقيقة الثانية أن الأسد الأب العربي المسلم ، ما دعي إلى حلف مع أمريكا لإخراج صدام العربي المسلم من الكويت حتى لبى واستجاب بحرارة واندفاع ما كانا معهودان عنه في سلوكه السياسي 0 الحقيقة الثالثة أن الأسد الأب لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل ، مذ بدأ فصل القوات في كانون الثاني 1974 وحتى وفاته ، ولقد رفع هذه الراية المسالمة نجله الأسد الابن وكانا عند وعدهما الصادق الأمين باحترام وقدسية لذلك الفصل كهدنة أراحت طرفيها عبر أربع وثلاثين عاما 0 الحقيقة الرابعة في حرب تموز على لبنان 2006، تبادل الأسد الابن وإولمرت عشرات المدائح والتطمينات العلنية والسرية بأن أحدهما لن يرمي الأخر ولو بحجر من ورق.
الحقيقة الخامسة، في حرب تموز وعندما كان لبنان يحترق، كان المفاوض السوري إبراهيم سليمان يشرب الأنخاب مع المفاوض الإسرائيلي لون ليئيل فوق الطاولة وتحت الطاولة.
وانتهت حرب تموز وما تزال الأنخاب ترفع تباعاً على المائدة التركية، وغالب الأمر أنها ستستمر في الرفع حتى تأذن أمريكا لتحديد ليلة عرس السلام الإسرائيلي السوري.
على ضوء الحقائق الخمس الماضية فأن قول الأسد حول الصواريخ والقواعد، لا أكثر من صراخ في إذن واشنطن، والمجيبة دائماً: (تحدثوا جدياً مع أبن العم(جاركم العبري) وهذا هو مايجدي، وهو ما يسمعنا صوتكم بوضوح، وأي حديث أو صراخ في أية اتجاه خلاف وصفنا فتأكدوا أنكم ستجدون إرسالاً ضعيفاً أو شبكة ميتة.
نحن لسنا ضد مساعيكم في تعقيل إيران ونعرف أنكم لن تفلحوا. ونحن لسنا ضد هدايا وهبات إيران لكم ولكن حذار ثم حذار أن تردوا الهدايا والهبات بمثلها أو أحسن منها، فالأدب والكرم السوريين الغبيين-واعذرونا على اللفظ- يجرانكم إلى غباء أكثر قد تغرقون في كوارثه، وقوانيننا لا تحمي المغفلين)

وفي الإجابة على السؤال الثاني نقول:

لن يبقى لبنان وكالة من غير بواب، إذا قدر له أن ينخرط في مفاوضات مع إسرائيل.وشرط هذا الانخراط آن يطرأ تحول نوعي على الذراع السياسية والعسكرية الإيرانية الممتدة فيه بإحكام. تحول نوعي كيفي يعيد تلك الذراع يعيد تكوينها سياسياً محضاً ولبنانياً خالصاً، كما كانت قبل استلام حزب الله راية المقاومة استلاما حصرياً.
ولعل هذا أفضل من أن لاتكون هذه الذراع أبداً، وقد لايكون لبنان أيضاً!!!
إن الانخراط وفق الشرط السابق سيوفر للبنان ثمار البقاء والاستقرار كوجود وشعب ودولة ديمقراطية متحضرة، وعلى الأقل وفي أكثر الرؤى تشاؤماً فإن هذا الإنحراط سيوفر للبنان مزايا قريبةِ جداً مما حصل للجارة الشقيقة((السوريا))وعندها( مافي حدا أحسن من حدا وكلنا بالهوا سوا) وما يحكى عن عقدة عمرها تسعون عاماً ملونة بالأحمر السوري الوهمي الممانع والأزرق اللبناني المتساهل، عقدة بالغة التشابك في العلاقات السورية اللبنانية سيصبح طي النسيان وستكون السفارات أولوية ولكنها في أسفل السلم.
وختاماً لكل هذه التنبؤات نقول: إن هذه (السوريا)) البلد الصغير المؤثر وهذا (اللبنان) البلد الصغير المؤثر أيضاً لن يكونا في الحرب الباردة إن قامت-وأظنها لن تقوم- أكثر من عروتين في القميص الأمريكي الإسرائيلي أو في القميص الروسي الإيراني.
ولقد ظننا إنها لن تقوم لان الحرب الباردة السالفة والمأسوف على شبابها من قبل أصحاب الدماء الحارة من القومجيين واليساريين تلك الحرب الباردة ما قامت إلا بين قوتين يحكمها توازن العنف وعلى الأصح توازن الرعب، والأكثر صحة توازن الرعب النووي وذلك زمن المعادلة المتساوية رغم تعقيدها البالغ بين أمريكان وسوفييت ومن بقي عداهما هوامش وأطراف. ماقد يحصل حرب باردة تحت الجذر، محدودة جداً وزمنها قصير جداً بالقياس لتلك الحرب الباردة المقبورة.
أما في حال حرب حارة جداً جداً وسريعة جداً جداً، فالشرط حتى يكون هذان البلدان (السوريا) و(اللبنان) باقيان فاعلان مؤثران في دولة الحضارة البشرية رغم صغرهما هو شرط أمريكي إسرائيلي أما ألا يكونا فشرطه أن يردا الكرم الروسي الإيراني بكرم مثله أو أكثر منه، وهذا هو الغباء المهلك.
قد تبدو هذه الرؤية السياسية سطحية ومباشرة ومتسرعة ومكشوفة أكثر مما ينبغي أو يحتمله محلل سياسي واثق من مصادره، ومع هذا فهي اجتهاد لا أكثر، ومن أجتهد وأصاب فله أجران، ومن أجتهد وأخطأ فله أجر واحد، ومن صمت فالصمت عار في أغلب الأحيان وفي بعضها موقف مشبوه أو موقف مؤقت لا قيمة له إلا بالكلام الذي يليه.وفي أخر الختام الله أعلم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس