الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ميزانية الحرب المقدسة-

برهوم جرايسي

2008 / 9 / 6
القضية الفلسطينية


أقرت الحكومة الإسرائيلية، قبل ايام الإطار العام لميزانية الدولة للعام القادم 2009، وسط خلافات شديدة وواضحة في داخل الحكومة وخارجها، إذ عارضها بالأساس حزبان كبيران من أصل أربعة أحزاب تشكل الحكومة، وهما "العمل" و"شاس"، مما يؤكد أن هيكلية الميزانية التي تم إقرارها بتفاصيلها الدقيقة لن تكون نفس الميزانية التي سيتم إقرارها في الهيئة العامة للكنيست، مع نهاية العام الجاري.
ويبلغ إجمالي حجم الموازنة العامة الجديدة قرابة 90 بليون دولار، وفق سعر الصرف الحالي للدولار أمام العملة المحلية "الشيكل"، ولكن من باب المقارنة مع ميزانية العام الجاري، فإن حجم الميزانية الجديدة يبلغ 80 بليون دولار، وفق سعر صرف الدولار الذي كان في مطلع العام الجاري، أي بزيادة 4 بلايين دولار عن ميزانية العام الجاري 2008.
ويدور الخلاف داخل الحكومة حول تقليصات في الميزانية، وإجراءات إدارية مرتبطة بها، تشكل ضربات للشرائح الفقيرة والضعيفة، ستحرج الأحزاب في الحكومة في حال جرت انتخابات مبكرة خلال العام القادم، وبما أن رئيس الحكومة الحالي، إيهود أولمرت، يقترب من تنفيذ تعهده بالاستقالة خلال الشهرين القادمين، واحتمال قيام حكومة بديلة برئاسة شخصية من الحزب الحاكم "كديما"، فمن شبه المؤكد أن الحكومة القادمة ستجري تغييرات كثيرة في الحكومة تنهي الخلافات القائمة.
ولكن الخلاف ليس على كل شيء، بل هناك اتفاق وإجماع على بند واحد من الميزانية، وهو كل ما يصرف على الحرب والاحتلال والاستيطان، فهذا بند "البقرة المقدسة" التي لا يلمسها أحد، وهي الميزانية التي تبلغ حصتها الإجمالية، المباشرة وغير المباشرة، من مجمل الميزانية العامة، ما بين 30% إلى 33%، وتشهد زيادة دائمة سنويا، على الرغم من التقليصات التي تشهدها الموازنة العامة من حين إلى آخر.
فالصرف على آلة الحرب وكل ما يتعلق بالاحتلال والاستيطان تجده في وزارة الحرب، أو "وزارة الأمن" حسب التسمية الرسمية، ولكن أيضا في ميزانيات جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية، إن كان من خلال الصرف على الأمن العيني لهذا القطاع أو ذاك، أو من خلال الصرف على المستوطنات من جوانب مختلفة.
وقبل الحديث عن خطورة هذا الصرف على المستوى السياسي العام والإقليمي، تجدر الإشارة إلى أن هذا الصرف الهائل هو أحد الأسباب الأساسية للأزمة الاقتصادية الاجتماعية المتفاقمة في داخل إسرائيل، لأنه يأتي على حساب الخدمات الأساسية، من صحة وتعليم ورفاه ومشاريع بنى تحتية، وهي قطاعات تشهد ميزانياتها تقليصات شبه سنوية، إلى جانب ضرب جهاز الضمان الاجتماعي باستمرار، مما ينعكس على دائرة الفقر واتساعها الدائم سنويا.
ولكن المؤسسة الرسمية عرفت كيف تخرس الرأي العام الإسرائيلي ومنعه من أن يفتح ملف الصرف الهائل على آلة الحرب، لأنها أقنعت الجمهور بأنه يعيش تحت تهديد دائم بالزوال، وأن هذا الصرف ضروري لاستمرار وجود اسرائيل ككيان.
كذلك من الضروري الإشارة إلى أن صناعة الحرب في اسرائيل لم تعد تخدم الأهداف السياسية الإسرائيلية فقط، بل باتت تتداخل فيها مصالح اقتصادية لكبرى شركات الصناعات الحربية الإسرائيلية، وهو أيضا جانب لا أقل خطورة على المستوى الاستراتيجي، فمثلا في حروب إسرائيل الأخيرة جرى الحديث دائما عن أن جيش الاحتلال استغل معاركه لإجراء تجارب على أسلحة ومعدات حربية متعددة.
أما على المستوى الاستراتيجي العام، فإن اسرائيل لا تكف عن تضخيم آلتها العسكرية، ونذكر أنه من استنتاجات الحرب على لبنان، تقرر قبل عامين صرف ميزانية تتراوح ما بين 7 بلايين إلى 10 بلايين دولار خلال أربع أو خمس سنوات، إضافة إلى الميزانية السنوية القائمة، على شراء أسلحة متطورة وتجديد مخزون الأسلحة، الضخم أصلا.
وفي هذا العام بالذات قبلت الإدارة الأميركية ببيع إسرائيل طائرات متطورة جدا، من بينها طائرات يقتصر استخدامها على الجيش الأميركي فقط، إضافة إلى شمل اسرائيل ضمن منظومة الشبكة الصاروخية "الدفاعية" المنتشرة في الشرق الأوسط.
وفي المقابل فإن اسرائيل تتدخل في كل صفقة أسلحة تحاول أي دولة شرق أوسطية إبرامها، حتى وإن كانت دفاعية، وباعتراف إسرائيلي بأنها دفاعية، بزعم أن هذه الأسلحة من شأنها أن "تهدد اسرائيل"، والمقلق أن التدخل الإسرائيلي المدعوم أميركيا ينجح في الغالبية الساحقة من الحالات.
إن واقع الأمر يؤكد أنه إذا كان هناك تهديد على أمن الشرق الأوسط على مستوى الدول، فإنه تهديد إسرائيلي دون منازع، مستفيدا من اختلال موازين القوى العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح