الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحواروالخريف

فاطمه قاسم

2008 / 9 / 6
القضية الفلسطينية


التحضيرات للحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة بدأت قبيل شهر رمضان المبارك، وسوف تتواصل خلال شهر رمضان، على اعتبار أن الحوار الوطني سينطلق بعد عيد الفطر مباشرة، ولكن هذه المتوالية الهندسية ربما لا تسير بهذا التناسق الجميل والبسيط، ذلك أن المتواليات السياسية تختلف عن المتواليات الهندسية، بأن نقاط التشويش على القانون تكون دائماً كثيرة ومعقّدة، وبعضها خارج التوقعات أيضاً.

الحوار الوطني المنتظر والمرجو:

يفترض أن الإرادة الفلسطينية حاضرة، وجاهزة، ومؤهلة، بينما الغائب الوحيد هو فقط الصيغة التي ترضي جميع الأطراف، وهذه الفرضية عن حضور وجاهزية الإرادة الفلسطينية فيها من حسن الظن أو حسن النية، أكثر مما فيها من الحقيقة، وذلك بسبب أن الإرادة الفلسطينية مكبّلة، ومستوعبة، وضائعة في إرادات الآخرين، ومصالحهم، ورؤاهم التي تصل إلى حد التناقض، خاصة وأن الخسائر التي يتكبدها الفلسطينيون منذ حدوث الانقسام، لم يتم الاعتراف فيها أنها خسائر من وجهة نظر كل الفرقاء الفلسطينيين، فهناك من بينهم من يعتقد أنه حقق الإنجاز الأكبر، وأنه لا ينقصه سوى الاعتراف من قبل المجتمع الإقليمي والدولي بهذا الإنجاز، وتطبيع التعامل معه، هذا على لمستوى الفلسطيني، أما على المستوى العربي المحيط بفلسطين فهناك من يعتقد بقوة أن القضية الفلسطينية، والمعاناة الفلسطينية، والخسائر الفلسطينية مهما تكن فادحة، فإنها لا تعدو كونها ورقة اللعب والمساومة والمقايضة والمشاركة وليس ضرورة للحل، وفوق هذا وذاك، فإن الحلول المقترحة التي سيذهب إليها الحوار الوطني محكومة سلفاً بالسؤال التالي:
ما هي الصيغة التي يمكن أن يقوم عليها الحوار، وتبنى عليها المصالحة الفلسطينية والتي تؤدي فعلاً إلى إنهاء الحصار وإنهاء العزلة؟

والسؤال على هذا النحو:

يؤكد لنا مرّة أخرى أن الحوار ليس قيمة بحد ذاته لا عند الفلسطينيين ولا عند العرب حتى الآن، وأن المصالحة لا قيمة لها بحد ذاتها لا عند الفلسطينيين ولا عند أشقائهم العرب، وإذا لم تكن هناك ضمانة بإنهاء الحصار وإنهاء العزلة، فإن الفلسطينيين – مع الأسف الشديد – ليس عندهم حوافز قوية للحوار والمصالحة.

والشيء الغريب والمفاجيء فعلا:

أن الفرقاء الفلسطينيين ما أن يطرح موضوع الحوار بشكل جدّي، حتى يتهيأون للانقضاض على بعضهم بأن كل فريق منهم يريد مكاسب من الطرف الآخر، مع علم الجميع أن المكاسب ليست في يد أي فريق فلسطيني، إن المكاسب كلها هناك في يد الاحتلال الإسرائيلي، فهو الذي يعطي وهو الذي يمنع وهو الذي يوسع أو يضيق، يتحرش أو يغض النظر، وأن المكافأة هناك، في يد المجتمع الدولي، الذي يستطيع أن يمد القضية الفلسطينية بمزيد من الحيوية أو يغرقها في الجمود مثلما فعل في الفترة من عام 2000 إلى عام 2007، حين تجمدت المفاوضات، وانقطعت الصلات، وأصبحت القضية خارج الاهتمام، وأصبح الفلسطينيون غير ذي صلة
وحتى ترضى إسرائيل،
وحتى يرضى المجتمع الدولي،
فلا بد للفلسطينيين أن يكونوا قادرين على دفع ثمن هذا الرضى، ولو بنوع خارق من الذكاء السياسي، فهل هم جاهزون؟ والسؤال نفسه في حالة النقيض، إذا قرر الفلسطينيون أن يستعيدوا وحدتهم حتى لو لم ترضى إسرائيل والمجتمع الدولي، هل الفلسطينيون قادرون على تحمل التكاليف؟

الأسئلة صعبة كما ترون:

وخاصة أن الأمثلة الحاضرة هي أمثلة سلبية جداً، فقد حقق الفلسطينيون مطلباً قديماً وهو التهدئة في قطاع غزة، فلم تتقدم إسرائيل متراً واحداً إلى الأمام، ولم يتقدم المجتمع الدولي متراً واحداً إلى الأمام، وعرضت حماس المقايضة على جلعاد شاليط ليس بشروط تعجيزية بل بشروط مقبولة، ولم تتقدم إسرائيل متراً واحداً إلى الأمام، وكما تسرّب إلى نشرات الأخبار، فإن رسالة كتبها جلعاد شاليط، حملها الفرنسيون إلى دمشق التي ستحملها إلى الدوحة التي سبق لها أن توسطت بأشكال مختلفة دون جدوى، وهذا يدل على أن الطريق ما يزال طويلاً، ولكن في هذا الوقت الذي يحترق في الطريق الطويل، يجب أن لا تغيب أعيننا عما يحدث على خشبة المسرح نفسه، وللأبطال التراجيديين في الميدان، وأعني بهم جماهير الشعب الفلسطيني، فإن كل ما هو خسارة يتعمق أكثر، وإن كل ما هو أمل يتبخر أكثر، فهناك، هناك، من القاهرة إلى دمشق إلى الدوحة، بعض ومضات وإشارات، وهناك، هناك في باريس وواشنطن وتل أبيب ومضات وإشارات، ولكن هنا، في الأرض الصغيرة، المتاحة ، والمقسمة، المحفوفة بالمستحيل ، في قطاع غزة، والضفة الغربية، كلما اشتد حر الصيف الخانق، تأتي بعض الأخبار المتقطعة، مثل نسائم رطبة سرعان ما تحترق بفعل أنفاس الصيف الملتهب، بعض أخبار عن حوار، ومصالحة، وقوات عربية، وتوافق عربي يقود إلى توافق فلسطيني، وأمنيات جميلة ف مدى غير منظور، آه ما أحلى نسائم الصيف الرطبة، ولكن عيبها الخطير أنها قصيرة العمر وسرعان ما تحترق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا