الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا

عاصم بدرالدين

2008 / 9 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ الآن فصاعداً، نستطيع أن نعتبر "سوء تنسيق" عبارة ناجعة لتسويغ كل الجرائم، وربما تدخل في المناهج القانونية قريباً، وخاصة أن السيد نصرالله، يتمادى في استخدامها، وكأنها المفتاح السحري الذي، من خلاله، يقفل كل الأبواب أمام امتعاض البعض-الكثير من حادثة قتل الضابط في الجيش اللبناني سامر حنا في تلال سجد جنوبي لبنان، من قبل مسلحي حزب الله. كذلك الأمر، يمكن للقضاء أن يعدل في آليات عمله، بحيث يتعاطى مع أي جماعة مارست العنف فقتلت بطريقة جد أخلاقية بوصفها بطلة، وأن يترك لها أن تختار من بين أفرادها شخصاً واحداً- وإذا رغبت في ذلك- ينوب عنها في المحاكمات وينفذ العقوبة، إن لم ينل البراءة.. تظلماً!

يستطيع حزب الله أن يفرض من الأسس والأفعال والأعراف ما يشاء، فنحن الآن ما عدنا نتعاطى معه كحزب عادي مشارك في الحياة السياسية، بل كمحرك أول للسياسة اللبنانية بشقيها الداخلي والخارجي. فبعد أحداث السابع من أيار المجيدة، وتأديب الناس، صار حزب الله حاكماً مكرساً للدولة اللبنانية العاجزة والمكسرة، وبإعتراف من الجميع. لأنه وحده يملك القدرة على الاجتياح دون أدنى مساءلة أو مواجهة، ولأنه وحده يملك المبررات لأي فعل، ففي أيار كان يدافع عن نفسه وعن مقاومته، كما ادعى، فلقد وشيا إليه أن عناصر مسلحة "خطيرة جداً ومدمرة وفتاكة" سوف تغدر بالمقاومة لتنال من قدسيتها، وقدراتها في مواجهة العدو الصهيوني.

من يملك من اللبنانيين، أفراداً وجماعات، هكذا تبريرات صارمة صارخة، من منهم يقاتل العدو الأول؟ وبإسمه يستبيح مدننا وأجسادنا وأرواحنا؟

الأخ الشريف، الذي أطلق النار، ليس قاتلاً، لكنه قتل. وهنا تكمن المعجزة! مع أن قانون العقوبات يخلو من الإشارة إلى "سوء التنسيق" بإعتباره عذراً مخففاً أو لاغياً للتهمة أو الجريمة. إلا وحسبي هذا، إن اعتبرنا هذه الجريمة في نطاق جرائم الشرف، فالطائرة التابعة للعسكرية اللبنانية الرسمية، انتهكت شرف أجواء حزب الله الإلهية!

ومن غير السيد حسن نصرالله، يستطيع أن يفرض ألقاباً على القتلة؟ هو لا يقبل أن يوصف، رجله المقاوم، بالقاتل أو المجرم، هذا حقه، وما علينا إلا أن نخرس. فما هو ذنبه بربكم؟ هذا ذنب الجيش ورجاله لانعدام روح التنسيق المقاومة لديهم!

ثم يستغبينا حزب الله كالعادة، فيضحك علينا بتقديم رجل واحد كفدية، وكأن لا شيء في العسكر اسمه التراتبية العسكرية، والآمر والمنفذ! لنتذكر حادثة الشياح، ولنتأكد تماماً أن الذين عقبوا لم يكونوا سوى ضباطاً، مما يعني أنهم رأس الهرم في الحدث. أما هذا المسكين الشريف المفترى عليه، الذي طلب بنفسه تسليمه إلى القضاء اللبناني منعاً للاستغلال والالتباس وتعكير العلاقة بين الجيش الهزيل والحزب القوي (السمات الإلهية الموجودة في رجال المقاومة)، فليس إلا مقاوماً صغيراً. وهذا يدفعنا بديهياً لنسأل: أين، ومن هو، آمره؟

لا معنى للتحقيق ومن بعده العقاب، إن لم يغيير الحالة السائدة، وينهي مسألة التنسيق البلهاء هذه، بين الجيش وعناصر حزب الله المسلحة. فمن الغريب حقاً، أن يدعو البعض إلى التنسيق وكأنه أمر عادي وطبيعي. أيعقل أن تنسق الدولة اللبنانية ذات "السيادة" مع عناصر حزبية، أياً كانت صفتها أو مهمتها، لكي تمر أو تتدرب في منطقة ضمن مناطق نفوذها المعترف بها دولياً؟

لا نعني بكلامنا هذا، أن حزب الله قصد قتل الضابط، وهذا ليس بأمر هام-على أهميته في المحاكمة، مقارنة مع جسارة الإشكالية المطروحة حول سيادة الدولة وفعاليتها وحدود وأماكن نفوذها، وحتى حول حدود التنسيق ومداه ومجالاته.. لأن غياب الإجابة عن هذه الأطروحات، يعني مزيداً من القتل والقتلى والقتلة الشرفاء..

حزب الله عائق لقيام الدولة، مثله مثل الدويلات الأخرى المفرودة على مساحة هذا الوطن بنسب متفاوتة طبعاً. والمشكلة ليست فيه وحده، المشكلة الأصل، في أسس الدولة اللبنانية العاجزة.. فبدلاً من التهجم عليه وعلى رجاله وإن كنا تقريباً –برأينا- على حق، يجب علينا أولاً مساءلة الدولة اللبنانية برئيس جمهوريتها ووزرائها ونوابها وجيشها.. للإنصاف فقط!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا




.. الولايات المتحدة.. التحركات الطلابية | #الظهيرة


.. قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة جبل بلاط عند أطراف بلدة رامية ج




.. مصدر مصري: القاهرة تصل لصيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخل