الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر

ناجي عقراوي

2002 / 5 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

نعم لأخوتنا التركمان وألف لا لعملاء الميت ولعصابات الذئاب الرمادية :

          السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر

                                                                                                          

 تثمن شعوب منطقتنا الإقليمية صحوة شعوب الدولة التركية ، وخاصة مواقفها الأخيرة من القضية الفلسطينية  ، فمهما حاولت الحكومات التركية المتعاقبة تغريب هذه الشعوب من محيطها ، لا بد أن تجد هذه الشعوب طريقها باتجاه تمتين علاقاتها مع شعوب المنطقة ، وحينما نكتب عن السياسة التركية فأننا نميز بين أخوتنا من الشعوب التركية عن بعض ساستها وأحزابها .

يذكر التأريخ بأن الأخوة الأتراك هم من أحدث الشعوب التي جاءت إلى المنطقة ، حيث جاؤا إلى هضبة الأناضول منذ بضعة قرون على شكل موجات غازية همجية ، وما أقترفه  هولاكو وجنكيزخان وتيمورلنك من مجازر بحق شعوب  منطقتنا الإقليمية وحضارتها تندى لها جبين الإنسانية ، ومع الأسف أصبح هذا الماضي الدموي عقدة لدى بعض الساسة الأتراك ، مما انعكست على شخصية هؤلاء الساسة التي تعيش في حالة قلق وارتياب ، ولأنهم يعيشون في هذا الماضي الدموي فأنهم لا يستطيعون الخروج من هذه الدائرة المغلقة ، ومن هذا التفكير العقيم  يتصور هؤلاء البعض بأنهم أوصياء على شعوب المنطقة ، ويجب أن تنقاد هذه الشعوب لأرادتهم ، والذي يسمع ما يقوله بعض الساسة الأتراك من سخافات بحق الآخرين وبطريقة عنصرية واستعلائية ، يجد المرء درجة  التخبط السياسي الذي وصل إليه البعض منهم ،  كأنهم لا يعيشون  العصر ومستجدا ته وتطوراته  ، وتدفعهم تصوراتهم إلى اعتبار أينما وجدوا شخصا يتكلم لهجة من لهجات التركية العديدة والمتنوعة ( الغوز – الغول – القز لباش – الترك ...الخ ) فيجب أن يكون ذلك المكان  أرضا تركية  ، انهم بهذه السياسة يوهمون انفسهم قبل الآخرين .

قبل أشهر انعقد في السويد ندوة حول اللغة التركية ولهجاتها ، شارك فيها أكاديميون ومستشرقون ، وتوصلت الدراسة إلى أن اللغة التركية لم تستكمل اندماج لهجاتها ، وهذه الدراسة أدت إلى أزمة دبلوماسية بين تركيا والسويد ، ومن المعلوم بأن اللغة هي ركيزة أساسية لأية أمة من الأمم .

الساسة الأتراك حاولوا كثيرا زرع فكرة الأمة التركية العظيمة في الأذهان ، ورفعوا شعار التركي هو السعيد ، لذلك مارسوا صنوف التمييز والتطهير العرقي مع الآخرين في الحقبتين العثمانية والكمالية ، وبسياسة القبضة الحديدية تركوا مشاكل كبيرة وبطون خاوية أينما حلوا ، لا زالت تعاني شعوب كثيرة من تداعياتها في البوسنة والهرسك وفي كوسوفو وقبرص وبلغاريا وأرمينيا وفي جزيرة كريت وفي كردستان وفي البلاد العربية والإسلامية .

يقول مصطفى كمال أتاتورك في إحدى خطبه  ( هناك أمة تركية واحدة وعلى الثقافات الأخرى أن تختفي ) ، وبعنجهية فارغة لا زالوا يرددون ( لا سكر شام ولا وجه العربي ) ، متناسين من أن العرب هم مادة الإسلام  ، هذا الدين الذي أنقذهم من التخلف والترحال  ، ولما جاءت الكمالية بمباركة من يهود الدوما قامت بتبسيط الأمور وجعلت كل ما لهم ابيض وكل ما عليهم اسود ، لذا نجدهم يستعرضون القوة حتى في ابسط الحالات ، وخرجت جماعات الذئاب الرمادية من تحت عباءة هذه السياسة التي تنادي بالطورانية العنصرية ، لذا يجد قارئ التاريخ في السياسة التركية خصائل مثل الميل إلى البطش والأهواء العنصرية والنزعة التخريبية وإنكار الآخرين ، والعنف  لدى بعض ساستهم يوصف ضمنا كأنه من طبيعة الأشياء ، لأنهم يعيشون في ماضيهم اكثر من حاضرهم ، والذي أدى إلى قصور في الرؤية لديهم بحيث  لا يستوعبون تطورات ومستجدات العصر ، لذا نجد شعوب منطقتنا الإقليمية وحتى الشعوب الأوربية تنظر إلى بعض السياسات التركية بعين الريبة ، لأن القراءة غير الصحيحة للتأريخ تجعلهم إلى أن يطالبوا الآخرين بأن يدفعوا ثمن تجاوزاتهم ليحصدوا هم ، ونفس القراءة أوصلت أوضاعهم إلى درجة من التردي وخاصة الاقتصادية  منها ، وهي بداية الطريق إلى كوارث أعم وأشمل.

أن ما يقوله بعض الساسة الأتراك لا يمكن تجاهله ، حيث خرج علينا قبل أسابيع  رئيس غرفة تجارة أنقرة

مطالبا بضم ( ولاية ) الموصل إلى تركيا لان نفط هذه ( الولاية ) هي من حصة تركيا حسب تصوره المريض ، وقبله صرح آخرين بنفس الاتجاه ، ولا زالت الحكومة التركية تعتبر هذه المنطقة ضمن ممتلكاتها ، وتخصص لها في الميزانية السنوية للدولة التركية ليرة واحدة  كتأكيد على توجهاتها ، هذه الليرة التي أصبحت أرخص من ورقة واحدة من المحارم . أن تصريحات بعض  المسؤولين الأتراك حول ما يسمونه ( ولاية الموصل ) ، وما  يردده من تفاهات  بعض عملائها من الطابور الخامس ، دليل على أطماعهم غير المشروعة في العراق ، متصورين بأننا نعيش عصر السلاجقة ، أو عصر دولة ( الخروف ) الأبيض أو ( الخروف ) الأسود ، انهم حقا ينظرون إلى الأمور بعين واحدة ، متناسين ثانية بان هذا العين قد أصابه غشاوة وفي الطريق إلى العمى ، ولأنهم لم يأخذوا الدروس من فعل العراقيين  ، نقول ليسيل لعابهم للنفط العراقي فلا راءوا ولا حصدوا ، ولا مكان  لمخططاتهم وأطماعهم الا في  مزبلة التاريخ ، لان العراق ليس شمال قبرص أو جزيرة كريت أو جادة التقسيم ، وعصرنا ليس عصر الولاة أو المماليك .  

بعض الساسة الأتراك يبدلون مواقفهم كتبديلهم لملابسهم الداخلية ، فتجد شخصية قلقة هنا ومتذبذبة  هناك ، ينادي بالديمقراطية وفي نفس الوقت يخضع لسطوة العسكرتاريا  ، يساري وتقدمي ولكنه قومي عنصري ، اشتراكي  ولكنه يتسول أمام باب صندوق النقد الدولي ، شاعر لكن بدون مشاعر ، تدعي الدفاع عن التراث الإسلامي ( الضجة التي افتعلتها مع السعودية  بشأن ثكنة عسكرية عثمانية ) ، وتدخل في مشاريع مشبوهة مع إسرائيل ضد المنطقة ، وبحجة الدفاع عن العلمانية تفرض على موضفيها ارتداء أربطة العنق وعدم إطلاق اللحية وعدم التردد على أماكن العبادة الإسلامية ومنع قريبات الموظفين ارتداء الحجاب ، ولا زالت تطبق قوانين  القيافة والملبس وتنظيم الشوارب ، وهناك قانون مشين لا يوجد مثيله في العالم وهو قانون ( الحرملك والسلاملك)   الذي يعني عدم جواز الفصل بين الرجال والنساء عند استقبال الضيوف في المنازل ، وفي كردستان المركزية قامت السلطات التركية بتبديل ألوان إشارات الضوئية المرورية  المعمول بها دوليا ، لأنها تشير إلى ألوان العلم الكردي  ، بهذه العقلية يريدون الحصول على عضوية الاتحاد الأوربي .

مؤخرا أرادت الحكومة التركية  لعب دور في الصراع  الفلسطيني – الإسرائيلي ، فقدمت مشروعا خطيرا تقترح فيه بان تكون ملكية  الأراضي المشيد عليها المسجد الأقصى وقبة الصخرة لإسرائيل  ، مقابل تصرف المسلمين بهذه الأماكن المقدسة ، لا ندري أهي سذاجة سياسية ؟ !!! ، أم خبث سياسي يراد منه ذر الرماد في العيون .

الحكومات التركية المتعاقبة حاولت جاهدة للدخول إلى النادي الأوربي ، وطال انتظارها و أصابت بالعنوسة جراء انتظارها الدور ، ويعتقد المراقبون بأنها سوف تصاب بالشيخوخة ولا يتم قبولها في الاتحاد الأوربي ، مهما حاولت ترقيع قوانينها لتجميل صورتها في الغرب ، لأن الغرب يعلم بان التركيبة السياسية التركية لا تستوعب المستجدات العالمية ، ويقولون الأهم هو ما في النفوس لا في النصوص .

إن تجاهل الساسة الأتراك حكومة وأحزابا للحقوق المشروعة لشعوب الدولة التركية ، أدت وتؤدي إلى تأزم  الأوضاع في المنطقة ، والى انفجارات في هذا البلد ، ومهما قتلت من هذه الشعوب فسوف تستمر المقاومة المشروعة ، وتبقى هذه الشعوب أنبل من قاتليها ، الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه الشعوب ، تستوجب تدخل المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية ، لوضع حد لسياسة التتريك وللقمع البوليسي ولحالة الطوارئ وللقوانين الاستثنائية في هذا البلد ، والمطلوب أجراء استفتاء دولي لمعرفة رغبات هذه الشعوب ، ولاسيما بان هذه الشعوب أرضا وبشرا ألحقت بالدولة التركية بالرغم من إرادتها ، ونحن على قناعة بان العرب في هذا البلد سوف يفضلون سوريا على الحكم البوليسي التركي ، والأكراد يفضلون إلحاق منطقتهم بالدولة العراقية ، نتيجة التواصل البشري والتاريخي والجغرافي بين هذه المناطق ، و لكسر السور الحجري المحيط بهذه القوميات وللخلاص من هذا السجن الكبير ، ويقول التاريخ بان الحضارة البشرية انطلقت ما بين ميزوبوتاميا ووادي الرافدين ، أي من حوض دجلة والفرات وضفاف هذين النهرين وروافدهما ومصبها في شط العرب ، فالتواصل التاريخي والجغرافي ليست بنت يومها ، بل ترجع إلى حقب تاريخية ساحقة في القدم ، بذلك سوف تحل أيضا مشكلة المياه العالقة ، بالوصول إلى قسمة عادلة للمياه ، ليس بالنسبة لهذين النهرين فقط ، بل وكذلك بالنسبة لمياه  أنهار قويق وجفجخ وبليخ والساحور والخابور، التي هي بحكم المياه الدولية المشتركة ، والأمن الإقليمي يحتاج إلى مثل هذا الاستفتاء ، ولا سيما بعد أقدام الشركات التركية والإسرائيلية باستثمارات مشتركة على حدود سوريا والعراق وإيران ، مما قد تؤدي مستقبلا إلى زعزعة الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة ، وهناك سبب جوهري آخر وهو أن هذه  الحدود مصطنعة  وهي من مخلفات فترة الاستعمار العثماني ومن ثم الاستعمار  البريطاني - الفرنسي ، فيكون من الضروري أخذ رأي هذه الشعوب لتقرر مصيرها وفق رغباتها .

 

نقول نعم لاخوتنا التركمان والف لا للعملاء ، لأننا نميز بين اخوتنا التركمان الذين نحترم حقوقهم ومشاركتهم  لنا في الوطن والمصير، عن الذين تناولوا فياغرا النظام التركي ، وخرجوا كخفافيش الليل بإيعاز من الأجهزة الأمنية التركية ، وبتشجيع من عناصر الذئاب الرمادية الطورانية .

أن الضجة المفتعلة عن مدينة كركوك وحول الوجود التركي في العراق ، هي نتيجة رد فعل الحكومة التركية لإفلاسها الاقتصادي والسياسي والمفلس يرجع دائما إلى دفاتره القديمة ، وكذلك هي رد فعل عن تطور المسالة العراقية ومنها تطورات القضية الكردية ، فالذي يسمع طروحات المستوطنين الأتراك في العراق والمقيمين في تركيا ، لا بد أن يضحك من هذه الطروحات الواهية كأنه يسمع إحدى نوادر فيلسوفهم ملا نصر الدين ( جحا ) لسذاجتها ، ولانهم لا يفرقون بين الغزاة وأصحاب الأرض الحقيقيين وبين العمالة والوطنية ، متصورين بان القفز على الحقائق وعلى الواقع المعيشي وتزوير التاريخ ، سوف يوصل أسيادهم  للحصول على موارد العراق ومنها نفط كركوك ، لهذا وقع هؤلاء في مغالطات تاريخية مميتة ، حينما فسروا التاريخ وفق مقاساتهم ومفاهيمهم الخاطئة   ووفق رغبات أسيادهم، فأحدهم وبجرة قلم يجعل من السومريين أتراكا  ، ويشطب تاريخ الشعوب التي سكنت وادي الرافدين ، هذه الشعوب التي وضعت اللبنة الأولى للحضارة البشرية في التاريخ .

الضلال يأتي دائما من التعصب والعنصرية ، لأنها تعمي البصر والبصيرة ، وإلا كيف يقوم بعض الطورانيين باختصار شعب بملايينه وبتضحياته الجسام بهذه البساطة ، ويسيئون إلى رموز الشعوب والى موتاهم ، ومن ثم يوزعون الاتهامات على شخصيات علمية وأكاديمية مشهود لها بالعلم والنزاهة والحياد .

يتباكى أحدهم على مدينة كركوك ويستند إلى أغنية شعبية انشدها أحدهم بالتركية عن قلعة كركوك في إحدى الخوريات ، لكي يثبت لنا تركية كركوك ، حتى انه نسى التركمان فيها ، وبعدها يتذكر أبيات من الشعر بالتركية عن شجرة تين في أعطاف  قلعة كركوك  ، وببساطة يقول بان هذه الشجرة تركية ، لان قائل هذا الشعر كانت القيود في معصمه والأغلال في رقبته ، ولم يقل لنا متى يتذوق تين تلك الشجرة وهل للأشجار قومية ؟ ، والى متى تبقى القيود في معصميه والأغلال في رقبته :

                        

                            رب يوم بكيت منه فلما                  صرت في غيره بكيت عليه

 

يتفاخر أحدهم بان الأحزاب التركية في كردستان العراق مفروضة على حكومة الإقليم من قبل الدولة التركية ، بذلك يثبت ارتباطهم بتركيا ، لذا نطالب المشرعين في المجلس الوطني الكردستاني المنتخب  ، بان يجسدوا إرادة ناخبيهم ، وذلك بوضع شروط واقعية لإجازة  الأحزاب ، من أهمها أن يذكر الحزب الذي يطلب أجازته في منهاجه ونظامه الداخلي الولاء المطلق للعراق كوطن قولا وفعلا ، وسحب أجازته وتقديم مؤسسيه للقضاء في حالة ثبوت تلقي المساعدات من جهة أجنبية  ، سواء كانت هذه المساعدات مادية أم معنوية ، وان يفقد الحزب حرية النشاط في حالة رفعه أعلام وشعارات دولة أجنبية أو يجعل النشيد الوطني لهذه الدولة أو تلك نشيد حزبه أو رفع صور قادة الأجانب ، على أن يتضمن التعديل أيضا من أن الحزب الذي لا يعترف بالتجربة الكردستانية وبالفدرالية ضمن عراق واحد موحد يفقد شرعيته . هنا المطلوب من حكومة الإقليم أن تعيد النظر في إجازة المدارس الأجنبية ، التي ترفع الأعلام غير العراقية وشعارات دولة أجنبية ، وان يتم استلام مخصصات مدرسي هذه المدارس بعلم وموافقة الحكومة و مصدرها ، وان لا تزيد مخصصا تهم عن رواتب أقرانهم في المدارس العراقية في الإقليم ، وإيفاد مفتشين إلى هذه المدارس لمعرفة مدى تقيدهم  بالمناهج العراقية ومناهج الإقليم ، أسوة بكل دول العالم .

مطلوب من الأحزاب الكردستانية أن تعيد النظر في تحالفاتها مع الأحزاب التي لا تعترف بالواقع الكردي ، وإلا سوف تكون شريكة في زج الأكراد والمنطقة في حلقة جديدة من الصراعات ،  الجماهير لا تثمن الحزب الذي يدخل في تحالفات مع جهة لا تعترف بتطلعات حزبه ولا بوجوده القومي  ، ومن باب الحرص نقول بان مثل هذه التحالفات لا يمكن استيعابها جماهيريا وكرديا وعراقيا وإقليميا ، وخاصة إذا كانت لهذه الجهات أو الأحزاب مواقف سلبية تصب باتجاه خدمة أطماع دول أخرى ، والمعروف عن الأفعى انه لا يعطي العسل بل يعطي السم. 

         








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم