الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة لمستقبل العراق: من توازن الرعب الي توازن الحل العقلاني

باقر ابراهيم

2004 / 2 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 وقع شعب العراق، بين فكي رحي تطحنانه وتجهضان طموحه في العيش الآمن الرغيد وفي المستقبل الافضل.
هذان الفكان هما نظام الاستبداد من جهة، ومن الجهة الاخري، معارضوه من الاحزاب التي تواطأت مع العدو المشترك، الاكثر خطرا: امريكا.
قيل الكثير عن الاحتلال وعن نظام الاستبداد، وعن معارضيه الذين القوا راية الكفاح الوطني، واخيرا عن مآسي الاحتلال. والمهم النظر في حصيلة الشهور الاخيرة من عمر الاحتلال القصيرة في الزمن، والكبيرة في الاثر والعبر.
فالاحزاب الستة التي كانت في صف الحركة الوطنية العراقية بالامس، ثم تواطأت مع غزاة الوطن، قامت باكبر سرقة تاريخية، لاعظم مأساة عراقية.
ان تلك الاحزاب المرتدة عن الوطنية، وعن مهمات التحرير والتغيير، سرقت الام شعب العراق جراء اضطهاد الدكتاتورية له، وسرقت امال مناضليه الساعين نحو الافضل. فكان في غزو العراق، مهرجان لعرس اخفت افراحه، صفقة مأساوية يندر مثيلا لنتائجها عن الضحايا وعن اذلال العراقيين، وبيع بلادهم في سوق النخاسة العالمية.
وتمهيدا لهذه الصفقة المذلة، انتعشت التنظيرات الجديدة من جانب المرتدين، التي تلغي الجوهر الاستغلالي للامبريالية، وتسوغ اعتمادها الصديق الاول والاقرب، وتزعم ان مفهوم خيانة الوطن قد تغير.
اذا كان نظام الاستبداد، قد اضعف لدرجة كبيرة، قدرات العراق علي التصدي لهذا الوباء الجديد، فان الاحزاب الستة، التي تعاملت مع المحتل، وخانت قضيتها الوطنية، سعت للاجهاز علي كل ما تبقي من روح المقاومة فيه، ومن ذلك تدمير انتسابه العربي. ورغم الاثر التدميري الهائل، لمسعي المرتدين عن الوطنية ومهمات التغيير، فهم لم يفلحوا في قتل روح المقاومة في شعب العراق.
كان للحقد علي الاستبداد، والفرح بزواله، عن طريق الاحتلال الامريكي ـ البريطاني، تأثيرا مؤقتا بين الناس.
فالاحزاب التي تعاملت مع المحتل، استطاعت ان تضلل بعض الشعب، لبعض الوقت، بما اسمته تحرير العراق. وليس طويلا بعد الاحتلال، بدأ مسلسل الفشل والانهيارات تلاحق مشروعها التحريري التغييري .
اخر ادلة هذا الفشل ما اعلن عنه يوم 15 تشرين الثاني (نوفمبر) في القنوات الفضائية ان معهد غالبو للاحصاء ذكر ان العراقيين الذين يعتبرون ان الاحتلال جاء لصالح العراق قد انخفض الي 5% اما من يعتقدون انه جاء من اجل الديمقراطية فكانوا 1% فقط. ورغم ان جهة الاحصاء، امريكية، فلابد من ملاحظة الواقع الجديد في المزاج العراقي. ولابد من التساؤل: ما الذي بدل ذلك المزاج؟
شيئان بدلاه خلال سبعة شهور من الاحتلال هما، بشاعة جرائمه وسرقاته اولا، والمقاومة والرفض الشعبي له ثانيا.
ان تطور المقاومة، جغرافيا واجتماعيا، افلحت في تحقيق توازن في الرعب اولا، الي جانب التوازن في الاثر السياسي والنفسي، داخل العراق بالاساس، وكذلك في الرأي العام العربي والعالمي، واخيرا داخل بلدان العدوان.
تدلل علي هذا التوازن الجديد، الضربات الاخيرة الفعالة، التي وجهتها المقاومة، لمقرات قيادات الاحتلال واسقاط طائراته وازدياد ضحاياه.
في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 كتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك مقالة عن العراق، وضع لها العنوان المعبر التالي: رغم الكلمات الكبيرة في واشنطن، الامريكيون يواجهون ثورة شعبية في العراق، وليس مقاومة فقط .
تتستر عدوانية الامبريالية الامريكية المنفلتة في العراق خاصة، بالراية المهترئة التي كتبوا عليها، الاعمار والديمقراطية ومكافحة الارهاب.
لكن الديمقراطية والعلنية، والحلول السلمية للمشاكل الداخلية لكل شعب، او للعلاقات بين الدول، كانت وستظل هي المطلوبة اولا.
وازاء اصرار اليمين الامريكي المتصهين، استغلال هذه الشعارات، لتمرير بطشهم وسرقاتهم، حينذاك ينبغي فضح زيفها وزيف مردديها بيننا.
بعض مرددي تلك الشعارات، يرون ان الرد علي عنف الاحتلال بعنف المقاومة، يزيد من الام الشعب وضحاياه. لكن التسليم لما يريده المحتل الطامع، وهو غير محدود، انما يكلف الشعب تضحيات لا تقدر ولا تحدد. ان مأساة العلماء العراقيين المتمثلة بالملاحقات والاغتيالات والتشريد خارج الوطن، هو نموذج بسيط لمشروعهم الكبير.
بالطبع، ينبغي التمييز بين العدو وعملائه، حين يرفعون تلك الشعارات الخادعة، وبين بعض الوطنيين الذين ينساقون الي تصديقها وترديدها.
من هؤلاء، الوطنيون، الذين يرغبون بالنضال الشفاف او التحاوري مع غزاة الوطن، ويرفضون المقاومة، بل يبشعون فعالياتها. لكن وقائع الحياة الراهنة والمقبلة، هي التي ستقنع المخلصين من هؤلاء، بعدم جدوي حلولهم.
من حق طلائع النضال الوطني، ان تحذر من اكذوبة الديمقراطية والعلنية، بما في ذلك اكذوبة الحرية للمئات من الاحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني والصحف، او ما سمي بوزارة حقوق الانسان، في ظل الاحتلال.
ان مصداقية وعلنية اهداف النضال الوطني، تتطلب الان بالذات، قدرا عاليا من اتقان واحكام اساليبه واشكال تنظيمه.
وتؤكد تجربة نضال الشعب الطويلة، ضرورة تركيز الجهد علي تعبئة شبيبة المستقبل، وخاصة بين الطلبة وشغيلة الفكر والعمل. فهؤلاء كانوا دائما، شعلة الثورات الشعبية في الماضي، وسيكونون كذلك في المستقبل.
ان انضاج البرنامج الوطني، السياسي والاجتماعي والاقتصادي، للقوي المقاومة والمناهضة للاحتلال، ووحدة هذه القوي، ورسوخ قناعاتها باهداف التحرير والتغيير الديمقراطي، ورفض عودة الاستبداد السياسي، كل ذلك، يمكن ان ينتهي بهذه القوي نهاية موفقة، في حال توازن الرعب والضحايا، الي توازن العقل السياسي والحل السياسي.
وحينما يهيمن النضال الشعبي، علي كفه ميزان القوة والرعب، فهو كفيل بان يدفع الي الوراء بالتوازنات التي تلهث وراء الثراء او السلطة.
عند ذلك فقط، يمكن التفكير بخطة واضحة، تستهدف انقاذ العراق واخراجه من مستنقع الدم. وهذا يعني وضع خطة لحلول مستقبلية، تقبلها القوي المناهضة للاحتلال، وتشارك فيها، جهد الامكان، قوي اخري تعيد النظر جديا وباخلاص، بمواقف الماضي والحاضر.
كاتب عراقي يقيم في السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينية تشاهد قوات الاحتلال تهدم مساكن عائلتها بوادي الخليل


.. نازحة فلسطينية تتكفل بطفل فقد والديه في قصف إسرائيلي جنوب قط




.. من زورق لخفر السواحل الجيبوتي.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع ف


.. معاناة نساء غزة بسبب الحرب




.. منديل أول اتفاق لنادي برشلونة لضم ميسي في مزاد علني بأكثر من