الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرائط مدبوغة بالذعر

علي رشيد

2004 / 2 / 10
الادب والفن


للذي مكنته الرياح أن يوشوش كربها
للخروج الملثم مثل الفراغ ,
يواري النهار الثقيل
وهو يردّد أسماءكم كالنواح
تتثاءب المدن عابرة فجور النعاس
إلى هاوية تفسد مودة الأسماء
تتعقب ظل نبي لم يعد واهما
فيما تنابزته النسوة في ضلالة أشدّ نبوءة .
أبي
 كان هناك... في ليلة الحلم
شارعاً بالخروج إلى يقظة البحث
ماسكاً شاهدة القبر
أنيقاً بأكفانه
وهذا الغبار المرمّم
طاعن في ملامحه .

أيّ ملاك سيرفع رأس الظلام عن قبره ؟
وهو يوشوش حنينا ,
لأوجاعنا أن تستريح
يتوسّل فاتورة الحرب
أن لا تستعير دم بنيه

هذا الزمان خرافة ,
بدء غارق في ملذاته
أتمسح بعض  أوجاعنا
في صلاتك ؟
أتشرب شاي الغروب على عادة ,
تصير كبوح  الياسمين ؟ .

هنا نستعيد تمائم الوقت
نناشد الحلم
أن يستزيد من ضجة البيت
حتى الصغار ,
رهان لألفتنا
والمساء الأخير ,
رهان تلمظه كأس الغواية
فجور سكرة
لم تميز بين درب وهاوية .

عتقني أيها النادل بنبيذك
عتقني
بما قد يتيح لي ولك
سكرة نخوض بمتاهتها
صواب نسياننا
سكرة تترنح بهذيان يخدش تجلدهم
إنهم هنا
وهناك ,
ساهمون كالحصى
يتساقطون كتلال تقتلع الريح وداعتها
لكنني وأنا المتلصّص على سماوات
عارية إلا من بكاء .
سماوات تفصح عن فكرة
يرطن بها النازحون
إلى متاهة عزلاء تجرها الخيول
 تترجم موت الكلام ,
وما أباح به المغرضون لآبائهم
الكسالى
يمضغون مخارج القصد
بأفواه تتسربل بخرس مهمل .

سماوات تتهجى فرائس المسافة
تجتاح عبورا يكشف عن خرائط مدبوغة بالذعر
غاص بها المحاربون بأجسادهم الممهورة بالخذلان
تاركين آثارهم ,
ندوب صدورهم العارية ,
ورايات معصوبة الأهداب
لا يحملون سوى
أجسادهم ,
وملابس موتى ,
وضمادات
 يختزل الليل متاهتهم
يصطدمون بأشلاء الفارّين
من لغط يتهجاه المتمترسون
في شوارع مدن مسكوبة في الخراب .
هل أمدّ لهم ترنيمة
تجترح ذعرهم
المتعثر ؟ .

وطن هنا
وطن هناك
و السماء أبدية في عتمتها
نقترب من الموت حالقين رؤوسنا
راجمين فحولة الوطن
المترنم بأهازيجه اللعنة
منشغلا عنّا بهتافات الله ,
ماسكاً رأس ملائكة
 تندلق أطيافها كنعاس أسود ,
ترتديه الشوارع العارية إلا من أنين
يمطرها الحرس الماكث في رهبته
رصاص ,
وبيانات ,
وشظايا .

تتئد الأرض ,
تتلمس فرارها المتصاعد كأراجيح منهكة
تتلمس سخونة الرصاص بأجسادنا المعصوبة اليقين
هاهو الصخب يجتز أحلامه
محلّقا بجناحين من صدف الحكاية
في أقاليم و ممالك فوضى
يرتهنها قادة مقدّسون بعقيدة النار ,
وشعراء أميون .

ممالك
 لا يمكث فيها غير المسرف في ضراعته ,
أو الندابون لذكرى
تؤوّل خرافة السائر إلى حتف تشيده الزخارف .
تحيط به عربات مراثي ,
وجوقة عزف ,
و أزهار عويل ,
تذوب ملامحه في هذيان آلهة من خطيئة
وتعاليم يتندر الماكثون
في صواب هفواتهم
من وشايتها
يصحّحون سلالات تساق إلى مجمرة الخطيئة
بتكلف فج .

رأيت
مشيئة تتلمس عجيزة الشهوة
_ بمحارم من وصايا وأضرحة ذبيحة _
تصطاد طرائدها

رأيت
نسوة يتسلقن رواجهن
أفضين
بكتمان شرس
عمن يفضي إلى خلاصة
لذّة تتأوه في دنس محرم  ,
 تمسك هذا الخفوت الصدىء
الذي تنحته ال (آه) في تكتم لزج  ,
تستمنيء عرائش الجسد المنضب
بمخاض يتربّص رائحة الخطيئة .

هاهي الريح تقتلع آختراقها
يستنفر الفراغ ثقله الجامح
كي يستعين بحكمة ممالك لا تبيح التأويل .
هكذا تستبطن الحكاية
مسترسلة فداحة الخروج بعكاز مرصع
بالمراثي ,
و الخيارات تلتهم كبد الأزقة
التي غادرها أبناؤها بسلاسة دامية
وبأجساد هضمت بدائيّة الموت
تستدرجها السماوات لعبور
يمسح لمعانها .

وطن ,
 كالليل يبطل خصوبة الغيوم
وهي تهوي متوسدة عربدة القذائف التي
أحتكمت مشيئة السماء
لتمطر الأرض بلاغة ,
تتلعثم في قراءتها
المدن الممهورة بالخذلان
وبيوت الجوع
و أحفاد لشهداء ,
هدمت مقابرهم بعصبية الطوائف
تناهشتهم صحف وريث مدنّس
تناسله الحاكم في صلافة ماكرة .
 

 وطن
 يبحث عمن يرث هزائمه
عمن يعبر في متاهته إلى حيث
تكبل أحلامه بالمواثيق وأحبار خيمة
تباكى لذلّها العراقيون ,
جنود منسيون , ونساء ثكلى , عمال , فلاحون ,بدو
قاطعو طرق , وسابلة , معتوهون , جامعيون ,آثاريون
أرامل , أطفال , وشيوخ , وكتبة , قوالون , مطربو حانات ,
وسفلة , راقصات غجريات , وشعراء , متصيدو متعة , ومتصوفة , عقائديون , ومرتزقة
شيوعيّون , شيعة , أكراد , آشوريّون , أرمن , كلدان إسلاميّون ...
كانوا يتساقطون في جحيم وطن يروّض
في أن يمتهن الخانعون قيامته .
بكل هذا الظلام نتوجس مما لم نره بعد ,
يرشق ذنوبنا وهي محصيّة بنزاهة المخبرين
وقارئي كفّ أحلامنا .

تتبعثر مواعظهم في سلال خيباتنا ,
وهي تبصر عين المسافة بين موت وصوت

وطن
أعزل إلا من بساتين مرايا , وحكايات ,
ورهان ممدّد في عريه .
كان يهرول في خرافة عزلاء , كي يستعير كنايته
ساعيا  لعبور مفترض
 يرجم فيه تبرج الرماد 

نازعته الوصايا
أيعبر في نسيانه أرض الوشاية ؟
كي لايعيد اصطفاف غربته .

ينازعه أنين متكتم بوشايته ,
هكذا دونته المساءات في صمتها
يترجل عن شبهة النائم في جرح ,
تتدلى وصاياه بحثا عمن ينجّم شكل قاتليه .
استبعدته المخافر  وهي تلتمس سياق احتضاره
وما يتكرّر من الشبهات في براءة الجوع
مدهش في الغياب ,
عار في السكون ,
نازف في الخروج , معنى لا يستبيح الدلالة .

ستنجز دلالتها الريح
تتلمس أثره المتبعثر في قسوة الظلال
تتلمسه , ربما عاد من ذهاب سيفضي إلى
خطيئة .
لا يرتب الموت فوضاه
كان أكثر تأويلاً في استدراجه , كي يفصح
عن معارك هتكت ظلاله ,
وهي تثرثر فجورها في وسامة الضحية ,
تجتث نهاراته ,
أحاديثه ,
استذكاراته ,
 وما تبقى من خرائط ترجم طرائدها
بالمتاهة ,
وما يتندر به الغزاة من محارق
ودواليب سبي .
وبشفاعة مقلّة الحياء
 تضرم  الحرب تضاريسها بحداد
ومكائد بتذكارات
ومراسم هتك وخرائب تتداول كالأناشيد .

وطن ,
الخارجون منه يمتدحون
خياله المتناغم في خواتم الفتية ,
وهم يلتمسون المنافي ,
يستبدلون عرق الظهيرة ببرودة الأختام
فوق آسمائهم .
يأذن المحقق لاستذكاراتهم أن تهمس بالمخفي
ولكن بنسيان متقد .
لا حاجة لأجوبة تفتعل الصارخ من الموت
هاهو عار من مراياه
تتلبسه المسافات بتقصّد يجترح جراحه
المسوّرة بالكتمان .
لا ينكشف العري إلا للعاصبين نوافذهم ,
متنزهين بلملمة أنينه .
 
عائد
من مكمنه
, منتظر أن يحين زمان
متناثر كمشيئة يحجبها الطغاة ,
وهم يرسمون شكل أضحية
 بملامح تنين
 واستعارات لأضرحة
ومنابر للبكاء
  ليعيدوا الحكاية إلى موتها .

2002









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي