الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين باع ملا صباح بقرته !

سهر العامري

2008 / 9 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



من مهازل تردي الأوضاع في العراق الديمقراطي ! وعلى جميع الصعد أن الرشوة صارت هي القاعدة ، بينما صار نقاء الضمير والإخلاص هما الاستثناء ، ولم يعد المواطن المحاصر بالفاقة والحرمان والموت والدمار في العراق ذاك هو وحده من يقوم بدفع تلك الرشوة لهذا الشرطي أو لذلك الموظف من أجل إنجاز معاملة استخراج جواز سفر من فئة الحرف ( G ) مثلا ، والذي انخفضت قيمة رشوته الآن من سبعمئة دولار الى ثلاثمئة وخمسين دولارا ، شرط أن تكون مدة الإنجاز ذاك لا تزيد عن أربعة أيام فقط ، بينما يظل المواطن، الذي لا يدفع تلك الرشوة ، ينتظر شهورا حتى يحصل على جواز من الفئة المذكورة .
ولكن الغريب في الأمر هو أن هذه الرشوة صارت تدفع من قبل بعض المنظمات والأحزاب السياسية ، التي ظهرت في العراق بعد الاحتلال الأمريكي له ، الى المواطنين على شرط أن ينفذوا ما يطلبه منهم ذاك الحزب ، أو هذه المنظمة ، ويتم ذلك بأساليب بيع وشراء رخيصة تشمئز منها النفوس الأبية ، ولا يرتضيها إنسان شريف مخلص تهمه مصلحة العراق وشعبه .
في زيارة المنتصف من شهر شعبان اعتاد بعض من العراقيين العرب الشيعة القاطنين في مدن الجنوب من العراق على الذهاب فيها الى مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، وبشكل متواضع لا غلو فيه، وغير مسخر لمصلحة هذا الحزب أو لغايات تلك المنظمة، وهي عادة جُبل هؤلاء عليها منذ سنوات طويلة خلت ، ولكن الأمر تبدل بعد الاحتلال الأمريكي ذاك ، وخاصة حين أطلق هذا الاحتلال يد بعض الأحزاب والمنظمات في ممارسة العمل العلني ، وكانت منظمة بدر واحدة من بين تلك المنظمات حيث عمدت هذه المنظمة وبإشراف من عبد العزيز الحكيم ومجلسه على استغلال المناسبات الدينية استغلالا سياسيا تجسد في تحشيد أكبر عدد من الناس ، ودفعهم للقيام بتلك الزيارة ، أو الزيارات الأخرى المماثلة لها ، كي تظهر تلك الحشود للرأي العام المحلي والعالمي الشعبية الكاذبة التي يتمتع بها الحكيم ومجلسه .
يقوم تحشيد أولئك الناس على إغرائهم بما يدفع لهم من مبالغ مالية معينة ، وما يقدم لهم من طعام وشراب ، وذلك من خلال نصب سرادق على طوال الطرق المؤدية الى مدينة كربلاء ، والتي يجتازونها سيرا على الأقدام . هذا على أن تكون عودتهم الى مدنهم في الجنوب بواسطة سيارات مستأجرة من قبل منظمة بدر مثلما وعدتهم هي بذلك .
وعلى هذا الأساس برّت تلك المنظمة بوعدها بعد أن انقضت مراسيم تلك الزيارة ، فقامت بتوفير ثلاثة عشر ألف سيارة نقلت بها الكثير من الذين دفعت بهم نحو قبر الإمام الحسين في كربلاء ، ولكن ممثلي منظمة بدر في المدينة تلك حرّموا على بعض المجاميع من هؤلاء المحتشدين الركوب بالسيارات تلك ، وكان من بين تلك المجاميع مجموعة من أهالي مدينة الناصرية .
لقد حرمت مجموعة الملا صباح من ركوب تلك السيارات المستأجرة من قبل منظمة بدر ، رغم أن الملا صباح كان من أنشط الرجال الذين حثوا الناس في مدينته على انتخاب القائمة (555 ) التي تمثل عبد العزيز الحكيم وأتباعه ، كما أنه كان أكثر الناس حماسا ورغبة في تأدية مراسم الزيارة الشعبانية تلك ، ولهذا حشد هو مجموعة من بين أبناء مدينته لا يستهان بعددها ، وقد وعدهم بأن عودتهم من كربلاء الى مساكنهم في مدينة الناصرية ستكون بالسيارات ، وليس سيرا على الأقدام ، وذلك وفقا للوعد الذي قطعه له ممثلو منظمة بدر في مدينته ، ولكن أفراد تلك المجموعة ، وبما فيهم ملا صباح نفسه ، قد ذهلوا أشد ذهول حين أصر ممثلو تلك المنظمة ، وهم في مدينة كربلاء ، على عدم السماح لهم بركوب تلك السيارات ، وهذا ما أثار حنقه وغضبه ، وراح هو ومجموعته يسبون هادي العامري وأهله ، مثلما يكيلون الشتائم للحكيم وآله .
كيف لا !؟ وها هو ملا صباح قد فقد مصدر رزقه بعد أن أضطر على بيع بقرته لأحد التجار من أهالي مدينته شرط أن يسلمها له حال عودتهما من كربلاء إليها .
لقد باع ملا صباح بقرته وهو يعوم في بحر من الألم واللوعة ، وذلك من أجل أن يستأجر بثمنها سيارة إجرة تقله هو ومجموعته الى بيوتهم ، وذلك بعد أن تخلت منظمة بدر عن نقلهم إليها بحجة أنهم لهم يهتفوا لعمار بن عبد العزيز الحكيم حين كان يلقي خطابه في جموع الناس المحتشدة عند ضريح الإمام الحسين في مدينة كربلاء ، وهو الهتاف الذي من أجله دفع العراقيون من خزينة دولتهم الملايين من الدنانير ، تلك الملايين التي عن طريقها حشدت منظمة بدر آلافا من الناس من مدن وسط وجنوب العراق كي يهتفوا لعمار وهو يلقي خطابه ذاك : ( علي وياك علي ) ! لكن ملا صباح ومجموعته رفضوا أن يبيعوا ضمائرهم ، رفضوا أن يجعلوا الإمام عليا عليه السلام حارسا لعمار بن عبد العزيز الحكيم ، ومثلما أراد عبد العزيز الحكيم ومنظمة بدر ذلك .
لم يهتف ملا صباح الهتاف ذلك ، ولكنه مع ذلك خسر بقرته منبع رزقه ، ومصدر عيشه وعيش أطفاله في زمن صار شعاره : انحطاط الخلق ، وتفشي الرشى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة