الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنياب الأحلام قصة قصيرة

ناجي حسين

2008 / 9 / 9
الادب والفن


أحلام تقف فوق عتبة الذاكرة. تشحن روحي بأهزوجة كانت أمي ترددها كلما تصفحت عيناها جلدة وجهي تتأملني بعمق. تنهض الذكريات وسط ركامات الزمن.. كلما فتحت نافذة جديدة تطل على عالم أمي المجهول, كلما عانقت أبتسامتي التائهة, أبتسامتها التي انهكتها المتاعب والحروب , وقسوة أبنائها, كلما أعدت قراءة الأشياء التي كانت أمي تصرها في حقيبة حزنها, راودتني أفكار مشتتة, مبعثرة , وحاصرت قلبي سنوات الفراق الطويل.
أسئلة تفتح شهية الذكريات.. أجوبة لأمور أصبحت أحلاما ربما يتحقق بعضها وبعضها الآخر يختبىء بين طيات الشتات والمنافي. أتَجرّعُ كؤُوسَ العَذآبْ .. ونضال الأخلاقيَ .. لمْ يَعدْ له وُجُودْ .. كلّه يصب في أجندة الخيانةْ ..! وتدَمّرَ أحْلآمِ الشعوب.
بعد هذا الحصار الموجع من الآلام والذكريات , لاحت أمامي صورة أخر قطرة دمع خرجت من عيني أمي , يا أجْملُ زهْرةً , تجَمّلُ الكَونَ بِعطْرهآ, عند وفاة أبي , أمامك مآذن قلبي تسطع بالخشوع ، تفتح الفضاءات أجنحة الصلاة ، وتسبر الأرضين طهارة القصائد. وبعدها هجرت دموعها , وسافرت إلى أعماق الروح .
أخر سؤال راودتني : لماذا نضبت دموع أمي? ولم أعد أشاهدها تتقاطر فوق خديها ؟ تذكرت ابتهالاتها اليومية في الجوامع والأضرحة .. شممت رائحة أعواد البخور, وقطعة القماش المعقودة على شباك المقام.. كل هذة الصلوات والأدعية كانت من أجلي.. غير أن مفاجآت عدة ظلت تعشش في صدرها.. يحرسها قلب خائف وموجوع يترصد حواسها.. خوفها من المفاجآت كان يبعث الحزن في قلبي. أشياؤها المجهولة وأرقها اليومي.. آلامها.. الآمال التي تعشق أن تحلم بها.. الحناء التي أشترتها ووضعتها في صندوقها .عيناها تقيسان جسدي كل يوم شبرا, شبرا.. ويتهلل وجهها المجعد بسؤال: متى يكبر أبني? متى أوزع الحناء وأسمع الهلاهل تصدع وتملا فضاء البيت سرورا? متى, ومتى أصبح جدة ?
كانت أمي خبيرة في شؤوني, فاحصة لمعالم نفسي وشجوني , كما أنني نبشت حنايا روحها, وداعبت أهازيجها الداخلية ..كنت أفرح حين ألاقيها مبتسمة والعصافير على كتفيها .. كانت البهجة فوق طبق المداعبة تزغرد وتتواثت أحلاما مقدسة , تباركها بأناملها اللجوجة.
وأنا في هذا الوجع فوق سرير في أحدى مدن المنفى رددت عبارة دوستويفيسكي حين صرخ :"إن أعظم لحظة للتعارف هي اللحظة التي تسبق الفراق". ومنذ ذلك الحين وعندما طاردني سوط الجلاد, وتخطيت الحدود بعيدا, بعيدا , فقدت أشياءها الجميلة, باقي شعورها وأحاسيسها وتأملاتها ترافقني, بقيت الأحلام التي أبثها شوقا مصلوبة وبقي الأمل من عودة أبنها صورة ممزقة فوق الجدران والدروب ووراء النوافذ.. بقى بصرها مشدودا إلى نخلة شامخة في أرض الدار تسقيها من دموعها الهاطلة بسخاء, وصورتها تسكن في قلبي وقصائدي, وإذا ما تم اللقاء فسيكون في أمكنة أخرى ربما بجانب ضريح أو تحت نخلة, وربما سيطول اللقاء ويطول ويبقى حلما يتلاش مع الزمن !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي