الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الجيورجى مع الدب الروسى

عبدالله مشختى

2008 / 9 / 9
السياسة والعلاقات الدولية


ان الصراع الدامى الذى شهدته منطقة القوقاز فى الاونة الاخيرة حول ابخازيا واوسيتيا الجنوبية لم يكن محض صدفة بل كانت خلفية لصراع سابق شهدته هذه المنطقة التى تحتوى على خطوط حمراء بالنسبة لاستراتيجية روسيا ، لم يكن من مصلحة جورجيا وهى احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابقة والتى استقلت بعد انهيار المعسكر الاشتراكى ، لم يكن من الحكمة ان تبادر الى ربط سياساتها مع السياسة الامريكية الى الحد الذى وصلت بها الامور لان تسمح لامريكا بان تتواجد فيها باى شكل من الاشكال اثناء وبعد غزو امريكا لافغانستان وساستها كانوا ادرى من الغير بحساسية الاتجاه الذى سلكته حكومة جورجيا ازاء جارتها روسيا ذلك الجبروت والعفريت الذى لايزال قائما كما كان من حيث قوتها العسكرية ومساحتها وكثافة سكانها والتى ما زالت قوة عالمية تتحدى الهيمنة الامريكية على العالم وخاصة بعد ان تعافت من واستيقظت من صدمتها التى اصابتها بعد انهيارها وتفكك الجمهوريات التى كانت منضوية تحت لوائها .
ان الاستراتيجية الروسية التى تؤكد على بقاء روسيا دولة قوية وتكون محمية من كل المؤثرات السياسية الامريكية فى المنطقة لم تكن تسمح ابدا لدولة صغيرة مثل جورجيا بان تلجأ الى احضان السياسة الامريكية التى كانت تحاول بكل الاشكال تحريم روسيا من اللعب على الطاولة السياسية العالمية كما كانت فى سابق عهودها اثناء الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية والتى وصفت بانها انتهت عهدها اى الحرب الباردة والتى فى حقيقتها لم تكن قد انتهت بل لفترة مؤقتة ان هذه الحرب الباردة لن تنتهى وخاصة عندما رأت روسيا ان امريكا تريد الاستحواذ على السياسة العالمية برمتها وتنهى ادوار الدول الاخرى خاصة الغير المتحالفة معها كروسيا والصين وغيرها من الدول التى تشعر امريكا بانها ستكون التحدى المستقبلى لاستراتيجياتها على المستوى العالمى .
ان روسيا كانت حذرة من التواجد والتوغل الامريكى فى الدول المجاورة لها وخاصة فى منطقة قوقاز واوربا الشرقية واستغلال امريكا لهذه الدول باقامة قواعد الدرع الصاروخى فى هذه الدول كبولونيا بموجب اتفاقيات ثنائية بحجة ازالة تهديد ايران لحلفائها فى اوروبا ولكن فى الحقيقة كانت لردع روسيا واخضاعها للامر الواقع بتمرير سياساتها وتقليص دور روسيا فى الساحة الدولية وكان الساسة الروس يدركون هذه الحقيقة بحذافيرها فكانت ان بادرت الى اتخاذ نقاط تعتبرها هى عمقا استراتيجيا لها لدعم جماعات واثنيات عرقية صغيرة حواليها للمحافظة على التوازن السياسى والاستراتيجى لمطقة القوقاز والتى تعتبرها روسيا عمقها الاستراتيجى . ان مبادرة جورجيا الى اجتياح مناطق ابخازيال واوستينيا الجنوبية لم تكن خطوة سياسية حكيمة ان لم تكن خطة امريكية لانها بتحركها العسكرى ذلك قد ايقظ المارد او الدب الابيض الروسى واذته من جنبه ولم يكن بامكان روسيا السكوت عنه وكان الرد الذى اوصلت الامور الى حافة خطيرة ولازالت ان اعتماد حكام جورجيا على الغرب وامريكا فى رسم سياساتها وترك الجارة القديمة روسيا لن تفيد شعب جورجيا ومن الحكمة ان تتوازن فى علاقاتها بين روسيا والغرب لانها ستكتوى بنيران هذه الصراعات التى لو تطورت لا سمح الله فان امريكا والغرب لم تتمكن من حماية جورجيا وشعبها وهى محصورة بين مجموعة من الدول التى تدور فى فلك سياسة روسيا الاتحادية وهى مجموعة دول التعاون الستة التى تؤيد سياسة روسيا فى جورجيا وان اى قرار غربى لدعم جورجيا لن تخرج عن اطار ادانة او وقف تعاون او فرض عقوبات على روسيا ، التى راينا عدم جدوى هذه العقوبات التى تفرض على الدول فى هذه المرحلة وايران خير مثال لهذه العقوبات التى لم تتأثر بها كثيرا .
ان اعلان استقلال هاتين المقاطعتين اوسيتيا الجنوبية وابخازيا كانت بدعم من روسيا بلا شك واعتراف روسيا باستقلالهما سريعا قد دفعت الامور الى التعقيد اكثر وهو حق مشروع فى العرف الدولى لاى شعب يريد الاستقلال ان يستقل وينال الشرعية الدولية وان تكون صاحبة السيادة على اراضيها وشعبها وهذا قرار اتخذ ولايمكن التراجع عنه باعتقادى وامسى امرا واقعا وعلى الحكومة الجيورجية ان تتعامل معه بعقلانية وحكمة دون الاصغاء لاملاءات الدول الاخرى التى لن تتمكن من اعادة الاوضاع الى ماقبل ذلك التاريخ وان تصون مصالح شعبها لان روسيا اقرب لها من امريكا وغيرها من الدول الاوربية . وان اية خطوة غير واقعية من قبلها قد تودى بالمنطقة كلها الى اتون من الصراعات التى لن تستفيد منها اى شعب من شعوب المنطقة بل سيكون الشعب الجيورجى الخاسر الاكبر فى هذا الصراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر