الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية هوية يبلور ملامحها عمال وكادحو كركوك؟!

يوسف محمد

2004 / 2 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


الأحداث الأخيرة في كركوك عكست بعض جوانب السيناريو الأسود والكابوس المرعب الذي تتبلور ملامحه في خظم صراعات السلطة بين مختلف القوى الرجعية الدائرة في الفلك الأمريكي وعلى الأخص الحركات القومية والإسلامية. فقد بدأ المشهد مرعباً لكل إنسان تحرري ومتطلع للمساواة والعدالة. وكان نذير شؤم ينذر بحمامات دم قادمة وصراعات رجعية طاحنة تأكل اليابس والأخضر فيما لو انفلت عقالها. بدأ المشهد بحملات إعلامية روجت لها الأحزاب القومية الكردية، وأخص بالذكر الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني، حول كردية هوية مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها. وراحت القنوات الفضائية والصحافة والأقلام الفاسدة التابعة لتلك الأحزاب بشحذ هممها في إشعال فتيل صراع رجعي، فأثقلت أسماعنا بالكلمات السمينة المظللة حول الفدرالية وحق تقرير المصير والكثير من العبارات المظللة التي تخفي تحت ظلالها أكثر الأهداف تعفناً وأكثرها هزالاً. فشهدنا تنظيم تظاهرة بدفع من الأحزاب القومية الكردية رافعة شعارات حول كردية مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها والمطالبة بضمها الى الفدرالية الموعودة. وكما هو متوقع في ظل مثل هذه التحركات وقفت على الطرف المقابل الحركة القومية العربية والتركية والتيارات الإسلامية في خندق واحد لترد على الرجعية كما معروف عنها برجعية أخرى، ونظمت هي الأخرى مظاهرة كرد على المظاهرة الأولى رافعة فيها شعاراتها القومية. وفي ظرف أيام قليلة بدت هذه المدينة تقف على فوهة بركان يهدد بانفجار كبير يأتي على القليل المتبقي من الاستقرار والطمأنينة المستلبة لعقود من الزمن من سلطة القمع والاستبداد الفاشي البعثي.
وليس هناك من شك أن الشيء الغائب، ولنقل بوضوح أكثر، الشيء المغيب قسراً في ظل هذه التحركات وفي زحمة الأحداث المتراكضة، هو مصالح وتطلعات وأماني جماهير كركوك، عمال وكادحي كركوك،أطفال ونساء وشبيبة وشيوخ كركوك. فالأحزاب القومية الكردية تدعي أنها تدافع عن مصالح جماهير كردستان وجماهير كركوك في دفاعها عن الفدرالية والأحزاب والتيارات القومية العربية والتركمانية والجماعات الإسلامية تدعي أنها تدافع عن مصالح جماهير كركوك من الناطقين بالعربية والتركمانية. ولكن لنسأل كل هذه الأطراف ولنبدأ بالحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني: ترى أين كانت مصالح جماهير كردستان حين خضتم  غمار حروبكم الداخلية وتحولت كردستان على أيديكم الى جحيم لا يطاق فتوزع من توزع من أبنائها في المنافي ومات من مات؟! ألم تفتحوا الأبواب طوال أكثر من عقد من الزمان من إمساككم بزمام السلطة في مناطق كردستان أمام الحرس الجمهوري والباسدار (حرس الثورة) الايرانية والجندرمة التركية؟! لقد كنتم حتى قبل أيام من سقوط النظام الفاشي البعثي تلقبون المجرم صدام حسين بـ"السيد الرئيس!!". ومتى كانت الفدرالية هي مطلب جماهير كردستان؟! الفدرالية ليست سوى رايتكم في صراعكم السياسي للحصول على حصتكم من كعكة السلطة والحصول على جملة من الامتيازات للبرجوازية الكردية. فدراليتكم في رجعيتها وتناقضها مع مصالح وتطلعات الجماهير لن تقدم للعامل والكادح سوى الصراعات الدموية والرجعية والتخلف وحمامات الدم والعنصرية وغياب الأمن المطلق وليست تجربتكم في الحكم ولن تكون بأفضل من تجربة البعث الفاشي. ولنعد الى الأحزاب القومية العربية والتركمانية والتيارات الإسلامية فما الذي تسعى لتقديمه سوى تعميق الهوة بين المواطنين وفق هويات زائفة قومية ودينية وطائفية وماذا في جعبتها سوى العمالة لدول المنطقة الرجعية؟! ألم تكن الاطلاعات الإيرانية والميت التركي هي من يحركهم؟! ألم تستلم رواتبها من خزائن مخابرات الدول المجاورة؟!
كركوك لم تكن في أي يوم من الأيام لا كردية، لا عربية ولا تركمانية. فأية هوية يبلور ملامحها عمال وكادحو كركوك؟ كركوك كانت ومازالت كركوك عمال النفط في كاورباغي الذين سالت دمائهم كرداً وتركماناً وعرباً في مجرى واحد وأختلطت في مواجهتهم للبرجوازية والنظام الملكي البائد دفاعاً عن مطالبهم وحقوقهم العادلة والمشروعة، كركوك الرفض والاحتجاج على سلطة النظام الفاشي البعثي وممارساته الوحشية، كركوك الرفض لكل الهويات القومية والطائفية والدينية الرجعية. إن كركوك هي كركوك الهوية الإنسانية فلا يمكن الرد على الهوية القومية بهوية قومية أخرى ولا يمكن الرد على الرجعية برجعية أخرى. ذلك أن الخاسر الوحيد في ظل هذا الصراع الرجعي هو العامل والكادح والمواطن الذي ذاق الويلات وعانى الاضطهاد والتمييز والاستبداد الوحشي والحرمان من الحقوق والحرية.
وليس هناك أمام جماهير كركوك من خيار سوى خيار التخندق في الخندق المقابل لتلك القوى والأطرف القومية والدينية الرجعية ورفض مخططاتها الرجعية الهادفة لبث الفرقة والشقاق من خلال تعريف المواطنين وفق تعريفات قومية وطائفية ودينية عنصرية وتغييب هويتهم الإنسانية. ليس هناك من خيار أمام جماهير كركوك المتطلعة للحرية والمساواة والأمن والطمأنينة سوى الالتفاف حول طليعتها في نضالها العادل والمشروع من أجل حقوقها البديهية وحرياتها الأساسية الفردية والمدنية ألا وهو الحزب الشيوعي العمالي وذلك هو الضمانة الحقيقية من أجل غد أفضل ومستقبل إنساني مشرق وحياة حرة كريمة. فليس لنا أية مصالح معزولة ومنفصلة عن مصالح الجماهير العاملة والكادحة وليس لنا أهداف سوى ما تتطلع إليه وتصوب أنظارها نحوه من حرية ومساواة ورفاه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم