الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفضائيات العراقية ...الى متى تحت الطَرق السياسي ؟

كامل القيّم

2008 / 9 / 9
الصحافة والاعلام


((يكون المكتشفون سيئين إذا ظنوا انه لا توجد يابسة... لمجرد أنهم لايرون أمامهم سوى البحر )) فرانسيس بيكون
((سوف أسوق مقالي ليس من باب الانتقاص أو اللهو أو المشاكسة بقدر ما أُعبر فيه عن رؤيتي كباحث نحو فضائياتنا العراقية ...مستثنياً منها البعض ..من تُبدع وتُنتج نتاجاً اعلامياً رائعاً ..وليس من حقي ان أضع التسمية لها فذلك لك أيها القارىء..وكتبتُ المقال بكل سلاسة ووضوح بعيد عن اصطلاحات الإعلام والاتصال ونظرياته التي تتراكم يوماً بعد آخر ..في ظل قنوات نائمة ولا تريد ان تنهض لان نومها مقبول وسري ومُنتج الى حد كبير )).
لا احد يختلف عن جوهر تطور عملية التلقي الإعلامي للمجتمع العراقي ، باعتباره جزء من حالة الانقلاب الدولي نحو الاستهلاك المعرفي عبر الفضاء ، وإذا كانت الفضائيات قد أطاحت بجبابرة الكذب السياسي وصنّاع الدعاية وخفايا الألم الإنساني ، الذي تلوكه هندسة القوى السياسية والاقتصادية والحضارية على مستوى العالم ، فان التغيير السياسي في العراق قد فتح له مشهداً جديدا من الأمل ....بحرية التعبير والإطلاع والاستمتاع بثورة المعرفة التي تجتاح العالم ومؤسساته.
وقد سار العراقيون ضمن محطات التغيير الكبرى ، وكلهم أمل في صناعة وهوية إعلامية وطنية تعيد ما تعيد من العطش والخنق المعرفي والاتصالي الذي غلّف العراق عبر ثلاثة عقود ، لكن الخريطة التأثيرية والمشهد الذي يراوح ..تحت عباءة التجربة الجديدة ...خلّف وراءه تخمة من المشكلات الثقافية والإعلامية ، والتي بدورها ستخلف غيرها من المشكلات ...في ظل عشوائية عجيبة لاتعرف من يقود ذلك المشهد اليومي للإعلام العراقي ، فقد برز لنا أبطال مرحلة ، من إعلاميين ، وأبطال مرحلة من مؤسسات ومنظمات وشركات كلها أصبحت ممتهنة للإعلام ومصدرة لنظرياته ومتغيراته الجديدة ، في الوقت الذي يصيب الأكاديميين وأساتذة الإعلام ذهولاً من الذي يجري من جرعات التوكل على الخبرة ...والصدفة ...وأشباه النجاحات المفترضة ، وكأن علم الإعلام أصبح لدى البعض بديلاً ثقافياً وانسانياً تجريبياً لا يتطلب إلا كلمات منمقة ومصطلحات تمت قراءتها في كراريس الديمقراطية والمجتمع المدني..وهذه قضية أخرى خارج هدف المقال .
وبرغم العافية المالية وتنامي عافية الأهداف والمصالح المختلفة كانت الفضائيات العراقية تتوالد بسرعة كبيرة وتتشابه بعد الولادة بقليل، لتجتاز بعد سنوات اعتى دول المنطقة من حيث العدد والتسميات العاطفية .
هذا العدد الضخم والمتراكم ...في المنطق يجب ان يكون قوة معرفية وإنمائية تصنع بصمة أو وجهة من السلوك والنمذجة باتجاه الترشيد والبناء والوحدة الوطنية واحترام الزمن ..وغيرها من ضرورات المجتمعات قيد المراحل الانتقالية ، وهذا ما عملت به وسائل الاتصال الجماهيرية والمواجهية ، في دول كاليابان وبولونيا وفيتنام وجنوب أفريقيا.
فإذا كان سلم تحريك الجمهور نحو بناء الدولة للإعلام الإنتاجي( التنموي )، وليس لتصريحات وبطولات السياسيين والقادة العسكريين ، فكان حري بنا ان ان نجعل من تلك الفضائيات مسند التحريك الجماهيري نحو تسريع وتعجيل التنمية وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ، كان علينا الآن أن نغدو بلد التصدير للأنموذج السياسي الناجح ، وبلد الزراعة والصناعة وميناء تصدير المعرفة باعتبار ان لدينا من جامعات مالم تملكه من حيث العدد والتمويل دول متقدمة ...فأين تضع الفضائيات أهدافها ان لم تكن تلك ، لا نحتاج في زمن الوفرة لمضمون الإمتاع في الوقت الذي يتزاحم الأثير بمليارات الصور والكلمات المعولمة ، نحن نحتاج من فضائياتنا الى تصنيف المشكلات ، والى مواجهتها وحلها بيافطة سلمية تربوية جميلة تعيد لنا جرعة إنعاش وأمل لبناء عراق أنموذجي خال من الكسل وأمراض المراحل وعُقد التاريخ ..لا نريد الإطاحة بدكتاتور ونصنع بدائل إعلامية لأشكاله وطروحاته ، فنحن شعب تواق للتحرر من المتاعب وللمعرفة التي تزيد هويتنا تميزاً باعتبارنا أبناء حضارة ودين وتاريخ ظل يشع طوال قرون ، وعلى الإعلام ، والفضائيات ( اذا كانت جماهيرية) ان تقوم بذلك المقام ، والا لتضع ضمن الشعار ( للتخدير والترفيه ).
ولو تعمقنا أكثر في إخضاع أداء الفضائيات في ظل المرحلة بكل متغيراتها المختلفة الى التأمل والتحليل العلمي فسنرى المؤشرات الآتية :
1- إنها تمثل من يقوم بتمويلها ، وتعبر عن وجهة نظره نحو دقائق التغيير.فأصبحت لدينا قنوات مشاكسة للوضع الاجتماعي والوحدة الوطنية ، وتعمل بانتقائية سياسية أكثر من انتقائية إعلامية .
2-تتكأ بعض الفضائيات بشكل متواصل على الوجع العراقي ، دون مد العون للتبصير بمصدر المشكلات ، فهي تكتفي بالعرض الممكن والمسموح ، وبذلك انتفت إحدى أهم شروطها في بناء وتشكيل الرأي العام نحو القضايا والأزمات التي تحيط بالبلد.( الرقابة من اجل المجتمع ).
3-لم تبحث عن آلية مواجهة حقيقية مع المسؤلين ، بل ان بعضها ( يقوم مقام العلاقات العامة لتصريحاتهم دون المس بالتقصيرات وهذا يتأتى من ضعف الإعداد والكادر وجهة التمويل .
4-لم تستطع الفضائيات العراقية ان تكوّن لها جمهورا نشطاً ( منتظم ) ولم تدخل تجربة المنافسة التأثيرية الشريفة مع بعضها ، وبأي برامج ، وهذا ناتج من ضياع الأهداف والاستراتيجية وضعف دراسات الجمهور .
5- سلّم البرامج السياسية والحوارية يتربع خارطة الاهتمام ( على حساب برامج التنمية ) كالصحة ، والتعليم ، والبيئة ، والإرشاد، وخلق الدوافع...الخ.
6- لا نستطيع كمتلقين او باحثين ان نحدد أهداف بعض القنوات في ظل تخبط البرامج ومراوحة مستوياتها تجاه نقد الحكومة والقضايا الأساسية ، لأنها متعلقة بأجندة الممول وأهدافه المرحلية .
7- لا ادري ما الذي يجعل بعض الفضائيات تتصور إنها تعبر عن الجمهور ...ببعض اللقاءات مع المسئولين الذين في الغالب الأعم يستعرضون بطولاتهم ...كافتتاح معرض ، او الإشراف المباشر على كذا ،او تشكيل هيئة ( لاسيما ونحن نتربع المركز الأول عالميا بعدد الهيئات واللجان ) ولااعرف ماذا تعمل تلك أمام تلكؤ تخطيط وعمل معظم الوزارات ، حتى المجازة منها والنائمة .
8- بعضها لم يعد دراسات وأبحاث حول مشكلاتها مع فئات الجمهور ، وتتصور إنها متصالحة ومنتظرة من الجميع بضيوفها _ ذات الأشخاص ، وذات الكلام والقضايا _ حتى إنها برأي قد عززت أهداف عولمة الإعلام ، من خلال تبني الوافد منها من قبل الجمهور ، فنرى برشلونة وريال مدريد وممثلي هوليود ( واخيراً نور )على قائمة اهتمامات الشباب العراقي ، بفضل إهمال وفقر وعسر معظم فضائياتنا وتجردها من منطق الموضوعية والعلم والفهم الحقيقي للإعلام الرقمي ومتطلباته.
9- ....10...11 ....12.......................50
ربما البعض يتوقع الحل او التوصيات _ وأقول _ في ظل المحاصصة ، وخنق حرية الإعلام من قبل أعلى مؤسسة ديمقراطية في البلد ( مجلس النواب ) من خلال دائرتها الإعلامية وتمريرها وحجبها بالشكل الذي تريده وتوظفه فان إعلامنا وحريته ليس بخير ، وفي ظل قبول الحكومة لان تكون بعض الفضائيات ( العراقية مثلاً ) أداة للإخبار العسكري وأنشطة الوزراء الوهمية والباهتة في أحيان كثيرة ، على حساب مهمتها التي ( يمولها المال العام ) وليس رواتب الوزراء ، باعتبارها هيئة مستقلة لمراقبة الحكومة ومؤسساتها وان تنشط الثقافة وكشف الحقائق ..الخ ( الحظ النظام الداخلي للهيئة ) في ظل تلك الأجواء لا اعتقد ان الإعلام العراقي سيبحر بنا بمناخ يتناسب مع حاجات المرحلة ومتطلباتها المعقدة ....وارى انه يعّكر من حيث لا يدري عمل الحكومة ونياتها السليمة في أجندات كثيرة ، لان الابتعاد عن العلم والتخصص ربما يصنع أشخاص ...لكنه لا يصنع مناخات التغيير الحقيقي واخيراً ..أقول تعلمنا من علم الاتصال والإعلام ، ومن تجارب الشعوب ومن الفكر الإسلامي والإنساني ..ان الهيمنة والشخصنة والإعلام الجماهيري ..لا يلتقيان ، فالفضاء غدا ساحة صراع جبارة وعاتية، ليس لنمر الورق فيها من مكان..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة: متى يتم التحقيق الدولي في المقابر الجماعية في قطاع


.. القوات الإسرائيلية تقتحم فندق -الكابيتال- بمدينة القدس بعد ا




.. جدل في تونس حول إدراج التربية الجنسية في مناهج المدارس


.. تضارب داخل حماس بعد تصريحات أبو مرزوق انتقال الحركة للأردن:




.. حديث السوشال | مشهد غريب.. عناصر الشرطة الليبية تتدافع للحصو