الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الجوع

ضمد كاظم وسمي

2008 / 9 / 10
حقوق الانسان


تعودنا ان نسمع شعارات مثل( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ) .. واذا صح هذا الشعار فأن الاصح منه القول ( بغير الخبز لا يحيا الانسان ) .. ذلك ان الجوع كان دوماً قاسماً مشتركاً بين شعوب الارض قاطبة في فترة من الفترات كما يحدثنا التاريخ ، وان لغز الهيمنة يمكن ان ينسب الى الخبز حيث الذي يتحكم بخبزك هو بالضرورة من يتحكم بعقلك وحياتك واقتصادك ووطنك .. وان قوى الاستقطاب الدولي هي التي تملك وتعيش شعوبها على حساب الغير أما العالم الثالث فهو العالم الذي لايملك وإن (( ملك )) ويعيش ضحية إستغلال العالم المتفرعن .. والأمر يتجاوز التصنيف الدولي للعالم المتخم والعالم الجائع الى تصنيف الدول الوطنية ذاتها التي تنشطر على نفسها الى أقلية متخمة تمثل السلطة والطبقات المستغلة التي يصاب معظم أفرادها بالعلل المترتبة على الإفراط في الغذاء ، وأكثرية تمثل جماهير الشعب التي تتضور جوعاً ويتعرض أطفالها فضلاً عن كبارها لأبشع أمراض سوء التغذية المفضية أحياناً الى الموت . بل تستخدم السلطات الغذاء كسلاح سياسي وإخضاعي لتذويب مقاومة الشعوب الفقيرة وإذلالها . كما حصل في العراق أبان فترة الحصار الإقتصادي الظالم الذي أنهك العراقيين وجعلهم فريسة سهلة للإحتلال الأمريكي البغيض .والأنكى من كل ذلك أن الكثير من هذه الشعوب الجائعة والتي تتعرض أعداد كبيرة من مجتمعاتها الى الأمراض والذل والموت فقراً وبؤساً تترك مساحات شاسعة من أراضيها الخصبة بلا زراعة ناهيك ما تتعرض له مليارات الدولارات من مواردها من المواد الأولية لصالح فئة قليلة شديدة الجشع الى البذخ العسكري الفضفاض والى مشاريع السمعة الفارغة .. بينما البطون الخاوية لغالبية الشعب تبقى لاتقتات الا على بعض الفتات الذي لايغني ولا يسمن من جوع .
إن مأساة الجوع لاتكمن في الألام التي سرعان ما تزول مع اللقيمات الأولى ولا في عذاباته النفسية والجسدية .. بل تلك المأساة تكمن في آثاره الكارثية .. لأن صناعة الجوع تؤدي بالحتم الى صناعة الفقر والجهل والتخلف والتبعية والعبودية .
وهكذا نرى بأن أمريكا بصفتها أعظم دولة تتحكم في الغذاء العالمي فإنها تستخدمه كسلاح سياسي للهيمنة على العالم ولاسيما دول الشرق الأوسط ورغم أن هذه الدول تعد غنية بسبب حيضها النفطي إلا أن أحدا لاينكر ما يعانيه الملايين من شعوبها من أخطارالجوع والفقر ، وقد تقاسمت أمريكا لعب الأدوار مع أنظمة الحكم في هذه الدولة لإدامة إزدهار صناعة الجوع ، لأن للطرفين مصلحة حقيقية لبقاء الجوع كمعطى للإخضاع والإذلال والإستسلام .
وفي العراق .. عانى الشعب الأمرين من صناعة الجوع رغم أنه بلد الثروات والنفط .. فقد عانى من ذلك في ظل الدكتاتورية ولاسيما في فترة الحصار الإقتصادي .. ثم أعقبه جوع أكبر في ظل الإحتلال .. ومن غرائب الأمور وعجائبها أن أقل من ملياري دولار كانت تكفي لسد الحد الأدنى للحاجات الغذائية للعراقيين في ظل برنامج النفط مقابل الغذاء .. بينما الآن وفي ظل ميزانية تجاوزت الخمسين ملياراً منها سبعة مليارات للحد الأدنى للغذاء .. تنفق هذه المليارات السبعة ويطلب من البرلمان مبالغ أخرى تكميلية لكن لم يصل الى المواطن من موادها الغذائية إلا كل مبتسر وضئيل أما القطاع الزراعي العراقي .. فقد يفارق الحياة في أي لحظة بسبب الجفاف والسياسات الزراعية والمائية الرعناء . بل ان الأمر وصل الى حد عدم توفير مياه الشرب للمواطنين سواء أكانت صالحة أم غير صالحة .. إن المسؤول الأول عن كل هذه المآسي هي السياسة .. لأن السياسة لو صلحت لصلحت البلاد وإستقامت العباد .. ولكنها عندما تفسد فلاشك ستخرب معها البلاد وتنهار اخلاق الناس وسيستشري الفقر ويعم الشعب بنفس سرعة ظهور الأغنياء والمتطفلين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية