الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراسيا قلب العالم

محمود حافظ

2008 / 9 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


إنها أوراسيا هذه البقعة من العالم التىتتواصل فيها قارتى أسيا وأوربا فهى تجمع ما بين شرق أوربا وغرب أسيا هى قلب العالم ومحور صراعاته منذ فجر التاريخ فى تشمل من قارة أسيا تركيا والجمهوريات السوفيتية السابقة القوقازيةكجورجيا محور الصراع العالمى الآن وكذا أوكرانيا وأذربيجان وأرمينيا وتركمانستان فهل نستطيع القول أنها تحدد جغرافيا بدول آسيا ما حول بحر قزوين والبحر الأسود وتشمل من أوربا الدول التى تطل على البحر الأسود كبلغاريا ورومانيا وكذا دول شرق أوربا المتوسطية كاليونان ومقدونيا ففى الجانب الأوربى أنتجت الأوراسيا الحضارة اليونانية والرومانية وخرج منها الأسكندر الأكبر بتاريخه وسيطرته على العالم وخاصة الجانب الآخر من البحر الأسود متوغلا فى بلاد فارس والقوقاز وفى الناحية الأخرى ونقصد فى الجانب الأسيوى كانت هناك حضارة فارس وهذه الهجمات الإستعمارية القادمة من غرب آسيا من المنطقة القوقازية أو ما يعرف بخط الإستبس والتى تحوى طريق التجارة القديم المعروف بطريق الحرير هذه القبائل الهمجية البربرية والتى إمتدت من منغوليا حتى وصلت بلاد الأناضول قبائل التتار والمغول وتاتى هاجمت كافة الحضارات القديمة بدءا من الحضارة الصينية القديمة والتى جعلت الصين تبنى هذا الصور العظيم المعروف بصور الصين العظيم لتتقى شر هذه القبائل والتى فى هجماتها البربرية كانت تحرق الأخضر واليابس حتى وصلت هذه القبائل فى هجماتها البربرية الهكسوسية إلى الحضارة المصرية القديمة فى وادى النيل ، هذه القبائلوالتى نمت وترعرعت فى منطقة الإستبس الزاحفة نحو الغرب الأسيوىفى هجرات متدفقة مكونة فى منطقة الشرق الأوسط وخاصة فى منطقة الشام وخصيصا فى العراق حضارات متعددة كأمثال الحيثيين أصحاب أول معاهدة سلام مع المصريين القدماء فى عهد رمسيس الثانى هى أيضا من غزت أوربا وتدفقت هجراتها من القوقاز إلى أوكرانيا وتغلغلت من حول البحر الأسود إلى البلاد الباردة متخذة خط ما يعرف بوسط أوربا مرورا برومانيا والمجر .
هذه هى أهمية هذه البقعة من العالم والتى جرى العرف على تسميتها أوراسيا أى منطقة التماس ما بين أوربا وآسيا وهذه البقعة نستطيع أن نقول أنها تقع ف هذه البقعة من العالم المعروفة بمنطقة الشرق الأوسط هذه المنطقة هى أيضا كانت المعبر لقبائل المغول التتارية والتى هاجمت الدولة العباسية بطريقتها الوحشية حتى أوقفها وهزمها القائد المصرى سيف الدين قطز وأنهى توغلها وأيضا تم كسر شوكتها وربما نستطيع القول أيضا من هذه المنطقةزحفت القبائل التركمانية إلى هضبة الأناضول واتنقت الإسلام وكونت فيما بعد الدولة العثمانية والتى إستمرت سيطرتها بالخلافة العثمانية على الدول العربية حوالى أربعة قرون من الزمان .
- لقد عرف أهمية هذه المنطقة بعض المنظرين الأمريكيين منذ فجر القرن العشرين وتحديدا مع بداية الإنهيار للخلافة العثمانية فى عشرينيات القرن الماضى وهذه الأهمية لم تكن فقط لهذا الموقع الجغرافى المتميز فقط بل زاد من ذلك كون هذه المنطقة هى مخزن الطاقة العالمى بدءا من نفط الشرق الأوسط ف إيران والعراق ودول الخليج إلى هذا المخزن البكر فى منطقة بحر قزوين.
- وفى قراءة سريعة بدءا من تفكك الدولة العثمانية وتغلغل الإستعمار الأوربى والذى إنتهى بالحرب العالمية الثانية وظهور القطبين المنتصرين القطب السوفيتى والقطب الأمريكى ودخول هذين القطبين فى صراع بين أيديولوجتين ونظامينهما النظام الرأسمالى بأيديولوجيته الليبرالية المتوجهة بالإقتصاد الحر الرأسمالى والتى تزعمته أمريكا بعد الإنكسار الأوربى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية ، والنظام الإشتراكى بأيديولوجيته الإشتراكية الجماعية بإقتصاد إشتراكى تقوده ديكتاتورية الطبقة العاملة ، وقد تولد لكل معسكر حلفه العسكرى فتكون حلف الأطلنطى القوة العسكرية الضاربة للرأسمالية العالمية وحلف وارسو القوة الضاربة العسكرية للمعسكر الإشتراكى .
- بين هذين المعسكرين تم تقسيم تقسيم منطقة الأوراسيا فأصبحت تركيا واليونان فى كنف المعسكر الرأسمالى وأعضاء فى حلف الأطلنطى وأصبحت رومانيا وبلغاريا فى كنف حلف وارسو إضافة إلى الجمهوريات السوفيتية الأسيوية ، نتيجة لهذه القراءة فى صراع المعسكرين لم تخضع منطقة الأوراس إلى أى معسكر من المعسكرين المتصارعين واللذين دخلا فى حرب باردة فرضتها عليهما توازن قوى الرعب النووية بين المعسكرين .
- نتيجة ما آل إليه هذا الصراع من تفكك إتحاد الجمهوريات السوفيتية وما لحقه من تفكك حلف وارسو وإعلان أمريكا كقطب وحيد وصاحبة السطوة والسيطرة على العالم بصفتها الشرطى الوحيد فى العالم منذ بداية تسعينيات القرن الماضى وفرضها لنظام عالمى جديد هو نظام العولمة نتيجة التقدم الرهيب الذى حققته الثورة التكنولوجيا وثورة عصر المعلومات والذى أصبح العالم بمقتضاها قرية صغيرة ، قررت أمريكا تحقيق حلمها فى السيطرة على منطقة أوراسيا حتى تكرس سيطرتها العالمية بإمتلاكها قلب العالم .
- فبإمتلاكها لفلب العالم سيتحقق لها الآتى :-
1- أن تحيط روسيا الإتحادية بحلف الأطلنطى للحد من قدراتها النووية ومحاولة ضرب هذه القدرات بمنظومة دفاعية من الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية الروسية عابرة القارات والتىتحمل رؤوس نووية م شأنها تهدد دول النظام الرأسمالى العالمى وعلى رأسهم أمريكا نفسها هذا مع محاولة إخضاع الدب الروسى والسيطرة عليه فى الحقبة اليلستينية الأمر الذى رفضته روسيا البوتينية والتى أزاحت بمقتضى هذا الرفض يلتسين من السلطة لتبدأ روسيا مرحلة جديدة لتثبيت قوتها الرادعة فى حقبة بوتين .
2- محاولة وقف والحد من قدرات التنين الصينى الصاعدة وأيضا المارد الهندى .
3- السيطرة على منابع الطاقة فى الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج والعراق بعد خروج إيران من ربق العبودية الأمريكية فى عهد الشاه بثورتها الإسلامية .
4- السيطرة على مخزن الطاقة القزوينى ليكون بديلا عن طاقة الشرق الأوسط الخليجية فى حالة إحتدام الصراع وفرض النظرية الهنتنجتونية لصراع الحضارات .
- واتحقيق هذه الأهداف قامت أمريكا بصفتها زعيمة المجتمع الدولى فى عصر العولمة بتهيئ بيئة صالحة للتطرف الدينى وخاصة الإسلامى والتى عملت على تكوينه وتنشئته منذ إعلان حربها ضد الإتحاد السوفيتى المستترة فى أفغانستان ودفع جماعات مسلحة ومدربة لمقاومة القوات السوفيتية فى أفغانستان وإنشاء تنظيم القاعدة وحركة طالبان فى أفغانستان الأمر الذى أدى إلى أحداث 11 سبتمبر (أيلول) والتدخل الأمريكى لإحتلال أفغانستان بحجة مقاومة الإرهاب هذا الأمر أدى إلى
- وضع جدار عسكرى يمنع التمدد الصينى ناحية الغرب .
- محاصرة الهند شمالا وغربا بعد دخول باكستان فى التحالف الأمريكى ضد اإرهاب .
- التطويق الأطلنطى للجنوب الروسى وإثارة القلاقل للدب الروسى بواسطة حركات مقاومة شيشانية .
- عزل منطقة الأوراس عن الإمداد الطبيعى لها تمهيدا لوضعها تحت السيطرة الأمريكية وإحاطتها بقوات أطلنطية .
- تأكيدا لفرض السيطرة ولحصر جيب مقاوم وهو إيران وعدم التمكن من كسره بواسطة دفع العراق الصدامية بحرب معها قامت أمريكا بعمل نسق ثان لمنع التمدد الأسيوى الصينى والهندى ومحاصرة منطقة الأوراس الأسيوية بإحتلال العراق وإخترعت لهذا الإحتلال أسباب واهية سرعان ما تم كشف زيفها وكان من أهم أسباب هذا الإحتلال إخضاع مصدر الطاقة العراقى للمشيئة الأمريكية حتى لايناور به صدام ويعتبره مغذى رئيسى لدول شرق وجنوب آسيا خاصة الصين والهند ، ومن ناحي أخرى تهدئ المخاوف الصهيونية من الصيحات الصدامية لنصرة القضية الفلسطينية .
- بعد دخول الدول الأوربية من الجانب الأوراسى كأعضاء فى حلف الأطلنطى لم يتبقى إلا دخول الدول التى على الجانب الآخر من البحر الأسود كأوكرانيا وجورجيا وبإخضاع هاتين الدولتين للمشيئة الأمريكية يكون الحلم الأمريكى للسيطرة على قلب العالم قد تحقق ولهذه السيطرة آلية لتحقيقها تبدأ من توفير شخصيات ككرزاى الأفغانى ودفعها إلى تولى السلطة فى هاتين البلدين فتم دفع شكافيلى إلى جورجيا وتنحية شيفرنادزة وتم القيام بالثورة البرتقالية فى أوكرانيا حتى تكون موالية لأمريكا .
- كانت الخطوة الباقية هى إنضمام جورجيا وأوكرانيا وإقامة منظومة الدرع الصاروخى فى بولندا وتشيكيا حتى يتم الإستيلاء الكامل على العالم وتحييد القدرات الصاروخية الروسية وتتحقق النظرية الهنتجنتية فى صراع الحضارات أولا بالقضاء المبرم على ماتبقى من حضارة إسلامية بإرثها الثقافى المناهض للحضارة الغربية الفوكويامية وطبقا لهنتنجتون تكون المرحلة الثانية هى التوجه الأمريكى لمسح الإرث المتبقى من الحضار الصينية .
- هذا مادفع سكافيلى إلى جموح بمحاولة إعادة أوستيا الجنوبية وربما كان يطمح الرئيس الجورجى فى حالة نجاح مجزرته فى أوسيتيا الجنوبية أن يكرر الموقف مع أبخازيا الجمهورية المنفصلة عن جورجيا إلا أن الرد الروسى كان حازما وحاسما فى مواجهة جورجيا وقامت القوات الروسية بطرد القوات الجورجية المدعومة معنويا من أمريكا وكادت القوات الروسية أن تستولى على كل جورجيا حتى أنها كانت على مقربة من العاصمة تبليسى إلا أن روسيا حافظت على الباب مفتوحا مع الغرب وخاصة مع الدور الفرنسى المعتدل بالنسب للجموح الأمريكى وكان الإعراف الروسى بالجمهوريتين الإنفصاليتين خطوة متقدمة من الحد من التمدد الأمريكى والإستيلاء الكامل على منطقة الأوراسيا حيث أن التطويق الروسى لجورجيا عن طريق أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا المطلة على البحر الأسود قد قطع الطريق على السيطرة الأمريكية عل منطقة أوراسيا ، إضافة إلى التراجع عن التأييد الشعبى فى أوكرانيا ومحاولة المعارضة الأوكرانية إلى إعادة الإستيلاء على السلطة.
- إن الموقف الروسى قد أعاد روسيا الإتحادية إلى موقعها الطبيعى فى مواجهة التمدد الأمريكى الذى يحاول خنق الدب الروسى ومحاصرته إلا أن القوة العسكرية اوسية كشرت عن أنيابها وحسمت الأمر فى رسالة إلى أمريكا مؤداها إلعبى بعيدا عن الأمن القومى الروسى .
- كانت الرسالة الثانية إن كانت أمريكا ومجتمعها الدولى قد لعبت فى كوسوفو فإن روسيا وحلفائها فى مجموعة شنغهاى لديهم المقدرة على ممارسة نفس اللعبة وفرض توازن فى الصراع العالمى .
- إن التهديد الروسى بضرب بولندا بالنووى فى حال وافقت على نشر الدرع الصاروخى على أرضها لهو تهديد على محمل الجد لحماية الأمن القومى الروسى .
- إن الربط الروسى بين عملية تحرير اوسيتيا الجنوبية بحرب لبنان 2006 م وإنتصار حزب الله فى هذه الحرب على أمريكا وإسرائيل كان ربطا ذكياللرد على التغلغل الإسروأمريكى فى جورجيا وتزويدها بالسلاح والعمل منها قاعدة عسكرية إذا تقرر توجيه ضربة عسكرية إلى إيران .
- إن العملية الجورجية قد عملت على إظهار الصراع الخفى بين القوى المتصارعة وإظهار كل جانب من جانبى الصراع لتحالفاته .
- هذه العملية قد أنهت الزعامة الأمريكية للعالم على أساس أنها الشرطى الأوحد للعالم وأن هناك قوى أخرى تتصدى لهذا الشرطى وتوقفه عند حده الأمر الذى من شأنه يعيد إلى جموع المثقفين الثوريين الذين تأثروا بالقوة الأمريكية الغاشمة وجعلتهم يعيشون فى حالة من الضياع واليأس وعيهم بصدق قضيتهم وأن مشروعهم الثورى مازال قائما .
- وأخيرا درس لأمريكا بأن قلب العالم ( أوراسيا ) لايمكن لقطب واحد أن يسيطر عليه لأن معناه وضع نهاية لهذا العالم خاصة فى وجود القوة التدميرية النووية لدى الطرفين وأن الأمن القومى الروسى له إعتباره ووجب المحافظة عليه .
- يبقى أمر أخير وهو فى مواجهة الطرف المسيطر بمقاومته وأن المقاومة الواعية هى منتصرة بالضرورة لإمتلاكها القدرة على مقومات الصمود والحق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارب تونس مع روسيا والصين وإيران: ما الذي يقلق الاتحاد الأو


.. تونس: مقتل عسكري بإطلاق نار في المنطقة الحدودية العازلة مع ل




.. تونس ترد على تصريحات مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب


.. تونس تحتضن الاجتماع الإقليمي حول تعلم الشباب ومهاراتهم وانتق




.. المناظرة التلفزيونية للانتخابات التشريعية الفرنسية. جدل سببه