الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس( رواية قصيرة) الجزء الثاني والأخير

صبيحة شبر

2008 / 9 / 12
الادب والفن



الفصل العاشر
عشت طوال عمرك متمتعة بكل أمر ، تنالين كل شيء باجتهادك، وتوفير أسرتك له ، ولكن أمرا واحدا ، لم تستطيعي الظفر به ، لم يحببك رجل حبا قويا ساطعا ، وكنت تحلمين بان تتمتعي بشبابك الجميل ، ورقتك المتناهية ، وتلك الصفات المثيرة للإعجاب التي حباك الله اياها ، فأكسبك منزلة كبيرة بين أصدقائك ومعارفك ، تحدثك الصديقات عن لحظات ممتعة، من حب قوي يربطهن برجل ، فيدفعهن الى جلائل الأعمال ،وجميل الحياة ، وانت تستمعين الى أحاديثهن العذبة ، دون ان تعرفي ، كيف تنالين ما تطمحين اليه ، كلمة واحدة من رجل ، تجعلك اسعد المخلوقات ، تصعد بك الى أعالي السماوات ، وتخلق منك إنسانا رائعا ، يغني بملء فيه ، انه محظوظ نال الحظوة ، واسعد القلب ، بعد ان عاش محروما ، طوال سنوات كثيرة ، من المتع الحقيقية التي تمنحها الحياة لأبنائها المجدين..
تسمعين كلمات الإعجاب ، من أناس عديدين يحيطون بك ، ولكنك تسعين الى أكثر من الإعجاب ، الى كلمة ‘عابقة بجمال الروح ، تنشل قلبك من برودة الصقيع ،التي تهيمن عليه ، وتنقله الى جنات الفردوس ، كنت وحيدة ، رغم آيات النجاح التي تحيط بك من كل جانب ، ورغم البسمة الهانئة التي تحاولين ،ان ترسميها على ثغرك ، فيتهيأ للرائي ، انك اسعد المخلوقات ، وأنت هكذا حائرة ، في أمر القلب ، الذي عاش عصيا ،تأتيك كلمات منه معسولة ، فتشعل لهيب نفسك ، وتغدق عليك آيات الكرم ، وتنقلك من صحارى الروح والجسد ، الى مفاتن الجمال وحلاوة الدفء الآسر:
- احبك
تحرق الكلمة أعماقك العطشى ،الى من يحجب عنها البرودة ، ويطعمها حبات من الألق الجميل ، يروي روحها اليابسة ،التي ما عرفت طعم الوداد ، ولا ذاقت حرارة الوصال
وإذا بالمخلوقة الهادئة ، التي كنتها تتحول الى أخرى ، ليس لك بها عهد ، أيمكن لكلمة واحدة ،ان تغير الطبيعة البشرية ، وتقلب مفاهيم استقر عليها الإنسان منذ الصغر ، وثبت عليها ، وأيقن أنها الصحيحة ، ولا مجال أبدا، في تغييرها ، أيمكن ان تكون النفس الإنسانية بهذا الضعف؟ ، فتتحول نتيجة سماعها كلمة واحدة ،الى نقيضها من الصفات ؟ لماذا عشت محرومة من الحياة ، وما هي الأمور التي استبدت باهتمامك ، فجعلتك تائهة عن الصراط القويم ، تناضلين لا لشيء ، وإنما كي تذهب سنوات عمرك الجميلات سدى ، وألا تكحل عينيك اشراقة النور ، اذا ما ابتسم في وجهك الحبيب ، أية قوة يبثها فين ،ا اعتراف جاء متأخرا كثيرا ، عن الوقت الذي ينبغي ان يأتي فيه ، فتهرعين إليه ملء السمع والبصر ، ساعية الى تعويض ما فاتك من حلاوة الشهد ، ولتنعمي بآيات ساحرات ،مما خلق الله لنا من نعيم ، لا ندركه منفردين ، حتى لو وهبنا كل صفات الإدراك والاجتهاد ، عشت محرومة من كل أنواع النعيم ، صديقتي الواهمة ، أحطت نفسك بألوان من المعيقات ، كي لا يصل احدهم الى ذراك القاحلة ,، توهمت انه بمقدورك ،ان تخلقي لك مملكة و تسكتيها لوحدك ، حيث لا يجرؤ أي قادر، على الاقتراب منها ، ولكن الوهم ما يزال يتملكك ، وأنت بعيدة ، عن الجنان الواسعة التي بإمكان رجل ان يهبها لنفسك ، كلمة واحدة قلبتك رأسا على عقب:
- احبك
تحترق نخيلات التصميم ، التي غرستها في أعماقك ، أية حياة تمنحها لنا العتمة ، والابتعاد عن الاستجابة لحنين المشاعر، وندائها الجميل ، وكلمة واحدة كانت قادرة ،أن تغير مسارك ،الذي رأيت انه الحقيقة ،وانه يجنبك وجع الرأس وألم الفؤاد ، أي وهم استقر في عقلك ، ظننت انك ستكونين في منأى، عن عالم الأهواء العاصف ، وإذا بلفظة واحدة ، تسحبك من أرضك البعيدة
لماذا صدقت بهذه الكلمة ، دون الكلمات الأخرى التي قالها لك الآخرون ؟ ، اهو القدر ؟ إن أقدارنا تكتب لنا ، وفق مشيئة الله، صممت ان تجدي راحتك اخيرا ، وان تقابلي ابتسامة الحياة العريضة، بما يماثلها، وخوض التجربة الجديدة عليك ، لم تطلبي شيئا ، سوى حرارة العاطفة ، وصدق المشاعر ، وكيف لك أن تتثبتي من صدقها ، وأنت لم تجربي خوضها سابقا ، كلمة واحدة ، قضت على ما اتصفت به ، من اتزان مثير للإعجاب ، وأصبحت ولهى ،تنتظر بشوق ،ان تسمع الكلمات الحارقة ، وقد قالها مرة واحدة ، وانقطع حلمك الجميل بالتكرار ، ولكنك لم تفقدي الأمل ،انك تسمعينها في مستقبل حياتك، مرات متوالية ، آن أن تجدي من يروي نخلاتك الصامدات، بما يملكه من قدرة ومهارة على الإرواء ، ويطول بك الانتظار ، ولكن عبثا ، يبدو انه أل على نفسه ،أن ينطق كلمة واحدة فحسب ،, وأنت تحلمين أن تخضر ربوعك ، التي أحاط بها الذبول ، وغردت في أرجائها الغربان ، تأملين ان تكون أيامك، كما يعيشها هذا البلبلان ، يغردان همسا بينهما ، ويبث كل منهما الآخر همومه ، وأوجاع قلبه ، وأنت تنظرين إليهما فرحة ، واثقة أن أيامك القادمة، ستكون أجمل بكثير ،من أيام البلبلين الرائعين ، فأنت أكثر قدرة منهما على التعبير ،عن لواعج الحب والهوى ، ومحبوبك ، أكثر تقديرا ، وأشد رغبة ، ان يجعل أيامك الجديبة ، حقولا باسمة ، تتفتح فيها الزهور ، وتنتعش الأشجار ، وتغرد الطيور ، مستقبلة أيام الحب ، تترقب الأنثى ما يجيء به الذكر إليها ، وهي على ما يشغل الفؤاد، ويبهج الفلب ، أصحيح أنت هكذا، تتمنين أن تعيشي كما الطيور العاجزة ؟ وأنت كما يصفونك مخلوقة تتمتع بقوة الإرادة ، والقدرة على تحويل الأحلام الى واقع حي ، كم أغدقوا عليك من صفات حسان ، بأنك قوية، ولا تستطيع الكلمات ،ان تنال من عزيمتك ، وأنت تمضين في حياتك ،غير آبهة بما تثيره الكلمات، من ردود أفعال ، عاجزة عن التأثير في النفوس القوية، التي حباها الله الإصرار على حفر الطريق ، وغرس ما تطمح اليه النفس من بذور ، فإذا ا بك نبتة هزيلة ، تقصمها الرياح ، وتبدد قوتها الأعاصير......



























الفصل الحادي عشر
اخبروني أنها صادقة ، جادة وليس فيها أي رغبة ،في ضياع الوقت الثمين في اللهو ، الذي كثيرا ما نلجأ إليه- نحن الشباب- لتمضية الوقت ، وإشغال النفس باللذيذ من القول ، والذي يتناساه المرء حين يولي شطر منزله ، ولكن هذه الفتاة من كثرة ما لحقها من ذبول ، سرعان ما تفتحت زهور قلبها ،حين سمعت كلمة واحدة ، انطق بها لساني في لحظة صفاء ، ما الذي جعلني اردد تلك الكلمة ؟ وما الذي حدا بي إلى عدم فهم النفوس البشرية ، حيث خلقها الله نسخا مختلفة ، متناقضة فيما بينها ، وكيف تهيأ لي ان هذه الفتاة، يمكن ان تكون مثل الفتيات اللاتي أعرفهن ، ، تسمع آلاف الكلمات ، وتحيا مواقف الجد بملء قلبها ، وتمضي ناسية إياها وكأنها لم تسمع بها ، كيف يمكنني أن اعلم ان فتاتي، لم تعش تجربة مماثلة ، وانه علي ان اروي شتلات المحبة المطالبة باستمرار، بان أتعهدها بالرعاية ، لم يخبرني احد ،إنني ما كان علي ان أتفوه بكلمة ، لا اعنيها ، دموع سعادة غطت الوجنات الوردية، وعلامات بالحياء ، لم اعهد مثيلها، على كثرة ما صادفت وعشت.
نصحوني أنني ينبغي أن انتهز الفرصة، التي أتاحتها لي الحياة ، وان الفرص لا تتكرر أبدا ، وان فتاتي لا مثيل لها ، وان سعادتي ستكون بقربها ، وأنني ما إن اطلب أمرا حتى تسارع الى تلبيته ، وكأنها خاتم سليمان.لم اكن املك شيئا ، إلا كأس اكرر منادمتها كل مساء ، ومجموعة من الصديقات ،اللاتي لا احد يثق بكلامهن الكبير ، ومجموعة من الأصدقاء الذكور ، اعلم ان من يحبني بينهم عدد ضئيل.
كيف أسارع إلى تنفيذ نصيحة العارفين ،بحقيقة الأمور ، وأنا لا أملك شيئا ، ماذا أقدم لها ؟، وهي تستعد لإيقاد شمعة ،في سماء حياتنا، غير قابلة على الانطفاء ، ومع من ؟ أنا ؟ المخلوق الذي لا يؤمن بشيء حقيقي ، ويقابل كل أمر بضحكة مجلجلة ، تثير ضحكات الآخرين، وتجلب منهم القهقهات ، حدثتها برغبتي المعلنة، بالعيش المشترك ، وكنت أرجو أن تسألني عما املك ،كما تفعل الفتيات عادة، في مثل هذا الأمور ، رحبت بعرضي ، مما ثبت لي حقا، إنها تريد إرواء تلك النبتة الظامئة ،التي أيقظتها كلماتي من سباتها الطويل.
رددت أمام المعارف كلمات ، لا أعنيها عن المساواة بيننا ، وانه لا فرق ان قام بالتجهيز للحياة القادمة، احد الشخصين أم كلاهما ، ما دام الاثنان حريصين على الحياة المشتركة ، وسوف يقومان بإسعاد الآخر
تمنيت إنها ترفض ، وأنني أنقذ نفسي من مستقبل مجهول ، سوف أبادر إلى وثاق نفسي برباطه المتين ، أجدها باشة مرحبة ، يتمنى جميعهم الرغد لنا في أيامنا القادمات ، ولكن أنا ؟ من يعرف من أكون ؟، أنا المنطفئ الأزلي ، ماذا يمكنني ان افعل؟ وقد أحاطت بي الحجب المختلفة، ومنعت عني الوصول إلى قرار صائب ، هل احزن وأنا جاهل حقيقة ما أقدم عليه ، أم افرح لآني أجد طرق الدنيا المسدودة ،وقد فتحت أبوابها المشرعة، ترحب بقدومي ، ولم تقتلني الحيرة ؟ لأدع كل أمر ، وانتظر ما تخبئه لي الأيام ؟...............































الفصل الثاني عشر

مضيت راضية عن عملي ، إذ وفقت بجمع اعز صديقين لي ، سميرة لم تكن تملك حبيبا ،على ما تمنحه تلك العلاقة من معطيات ، رغم كثرة الأصدقاء في حياتها ، كانت تعاملهم كأخوة أعزاء ، وتعتز بوجودهم معها ، يمنحونها حرارة الدفء ، في المواقف ، التي تحتاج إلى التشجيع، والتعاون وإبداء آراء التفهم ، واحمد كنت أجده خالي القلب ، رغم ما يشاع عن ارتباطه ، بعلاقات كثيرة مع شخصيات نسائية كثيرة ، أثارت العديد من الأسئلة ، وجدته نعم الأخ والصديق ، لم اكلمه عن شؤوني الخاصة ، وعن علاقاتي الفاشلة ، لم يكن قريبا مني لهذه الدرجة ، بل كنت أحدثه كثيرا عن سميرة ، وعن حزني لفراقها ، واصفها له بأعظم الصفات ، لم أبالغ في إضفاء الصفات الحسان ،على صديقتي العزيزة ، كنت أجدها تتمتع بالعديد من المزايا ، لهذا مضيت في تصميمي على الجمع بينهما ، و السعي لإنجاح جهودي ، وجدت تشجيعا من الأصدقاء ، الذين يعرفون الشخصيتين العزيزتين ، حثوني على مواصلة سعيي ، لجمع رجل وامرأة برباط متين ، فهما يملكان من المؤهلات، ما يجعل علاقتها ناجحة ، وحياتهما سعيدة ، كنت مبتهجة ، حين أجده دائم السؤال ،عن سميرة ومن تكون؟ ، ولماذا أكن لها ذلك التقدير الفريد ، وماذا تمثل لي ؟ وانا المعروفة بكثرة الصداقات ، وتعدد الاهتمامات ، ولم استطع أن اخبرها عن احمد ومن يكون ؟ وانه الرجل الجميل الذي اعتبره أخا لي ، واجده مناسبا لها ، وسوف تعيش معه اسعد الأيام ، وتقضي اهنأ الأوقات وأجملها ، ورغم أن الكثير من الأصدقاء استفسر عن سميرة ، الا إني لم ابلغها استفساراتهم ، في الرسائل العديدة لتي كنت ابعثها لها ، اقتصرت على الحديث عن نفسي ، وعن كيفية قضاء الوقت الطويل ، حدثت نفسي إنني سأؤجل الحديث عن احمد،ورغبته في التعرف إليها ،حين أتمكن من رؤيتها
وكأني رسمت معالم الطريق ، وصممت على السير فيها حتى النهاية المرجوة ،والحصول على الجني المأمول ، من غرسي الناجح...........









الفصل الثالث عشر
كنت تريدين أن تنطلقي ، مع من اختاره الفؤاد، رفيقا في حياتك ، لم تسألي عن شيء معين ، يكفي انه يسمعك كلاما رقيقا، يدل على شدة الهيام، ولوعة القلب المتيم، والعواطف المشبوبة ، كي تجدي راحتك المسلوبة ، وتصلي الى اطمئنانك المفقود ، عندك كل شيء ، يمكن ان يجعل المرء سعيدا ، ولكن أعماقك حزينة بائسة ، لا أنيس، يخفف عنها وحشة الليالي الطويلة ، ولا رفيق يضمك إلى صدره بحنان ، حين يجد دمعاتك الحزينة، تنسكب منهمرة على صدرك المتعطش ، ما شأنك بما يتطلبه الموقف، من أمور لا تؤمنين بها ، أسرتك لم تطلب شيئا ، وتركت لك الحرية كاملة ، لتقرري نوع حياتك القادمة ، ولترسمي مع الشريك المختار، ما تودين أن تكون عليه أيامك وتسير على نهجه لياليك ، لك منزل بسيط، وسيارة تقوم بغرض التوصيل ليست فارهة ، وحساب لا بأس به في المصرف ، وقد جاء لك الحظ باسما مغردا ، قادرا على منحك لحظات، لا تنقطع من الهناء المتواصل ، فهل تطمعين بالمزيد ؟ الم يقولوا أن الكوخ مع الحب، أفضل من القصر المنيف، مع الخلو منه ، توكلي على الله ، وسيري مع أحلامك ، لقد ابتسمت لك الحياة ، وتفتحت أزاهير قلبك وأينعت ، وحان لك أيضا ان تتعلمي المهارة ،في أفانين القول ،التي لا تحسنينها ، فهي مثل البهارات، التي تمنح الطعام لذته ، فيقبل الناس على تناوله برغبة ، وكذلك القول الفني الجميل ، يعطي حياتنا طعما لذيذا ، قادرا على جعل أيامنا باسمة ،وليالينا ناطقة
يهنئك الجميع على حسن اختيارك ، يعمل لك أبوك حفلة كبيرة، يدعو لها المعارف والأصدقاء ، ويقوم بما يتطلبه الأمر من تكاليف ، ألست ابنته المحبة ؟، وقد قام برعايتك على أحسن ما تكون الرعاية والاهتمام ، واليوم سعدك ، سيقوم بما يجعلك هانئة، مع من اختاره لك القلب ، وهام به الفؤاد ، افرحي للدنيا، فقد أرتك وجهها الجميل الباسم ، واقبلي على تذوق أيامك اللذيذة، بما تملكين من حرارة ، فكل شيء الى أفول ، وأنعشي لياليك في عشك الجميل، بما حلمت به في أوقات صقيعك الطويل ، كوني متألقة، وأنت تجتازين ليلتك الأولى ، سيطعمك الشهد على يديه الحانيتين ، وتولي الى غير رجعة أيامك الغابرة ، حيث لا رفيق بقربك، ينسيك وعورة الطريق ، ولا مخلوق لطيف ، بجانبك يعرف قدرك ، ويجعلك تري، من الحياة ألوانها المشتهاة ، تدلكين جسدك الرقيق بما تعارف عليه العالمون ، تذهبين الى امهر مصففي الشعر ، ترتدين أجمل ما عندك من ملابس ، قمت بابتياعها من أجود الأنواع ، وتجلسين في منزلك ،تحلمين ان تكون ليلتك كما تشتهين ، رائقة ساحرة، بين أحضان رجل يحسن عذب الكلام ، يحضر المدعوون الى حفلتك البهيجة ، دعاهم أبوك الحبيب ، رغبة منه في إسعادك ، يأتيك رجلك الموعود ، متأنقا يرتدي بدلته ، بغير شكله المعهود ، تصحبه فتيات لا تعرفين منهن واحدة ، بدعوى إنهن صديقات، راغبات في التهنئة ، وانك عزيزة عليهن جميعا ، كما هو أثير في قلوبهن ، ولأنك واثقة من نفسك ، ترحبين بمقدمهن ، السن ضيفات عزيزات في يومك الوحيد ؟، تتوالى الهمسات متعجبة من تصرفك ، ولكنك ساهية ، لم تبددين فرحتك الكبيرة؟ ، وتئدين رغبتك، في الاحتفال بليلتك الأولى؟ ، وتذوق شهدها حتى الثمالة ، تهل الفرحة على أجزاء جسدك المعنى ، تتألق البسمة كبيرة على وجهك ، بعد ان اعتاد التقطيب ، توزعين كلمات الترحيب على الحاضرات ، وتجلسين قرب رجلك ، مستمعة إلى عزف الألحان، وهي تتردد في بهو منزل أبيك ، تتراقص النساء المدعو وات على أنغام الموسيقى الجميلة ، تنظرين بإعجاب ، عل الفرح يصاحبك ، وتغريده السرور تعاشر أيامك الكالحات . ترقص صديقاته متمايلات، بغنج يثير الاستغراب ، في جو منزل أبيك ، تنظرين إليهن، ورجلك المقبل يرنو اليهن ، تملؤك الثقة بنفسك ، ألست من اختارها الفؤاد المتيم، لتكون شريكة حياة ، فما شأنك ان أثارت إحداهن سوء التصرف في هذه الليلة الموعودة ؟......





















الفصل الرابع عشر
أين المفر ؟ ها هي الليلة التي رغب في تأخيرها ، تأتيه رغما عنه ، كيف يمكنه التصرف فيها ، وهو لم يعهد مثلها طيلة عمره ، كل ما فعله من جري خلف النساء الجميلات ، كان مجرد لهو حلو، أراد أن يسبغ على حياته معنى جميلا ، سأل أمه ، ضحكت وأخبرته ان مخاوفه طبيعية ، سرعان ما يحسن العمل، حين يجد نفسه معها وحيدين ، وماذا يفعل مع الحياء الذي يغلف حياته ـ ويجعلنه لا يحسن شيئا جادا ، يتجرع قنانيه المعتادة من الخمر ، ساعيا الى إشعال مهجته الباردة ، ولكن عبثا ، يزول مفعول الشراب وكأنه ماء ، تتشربه مسامه ، أي مخلوق ظامئ هو ، فاشل بامتياز ، مغلق على نفسه ينشد الخلاص ،على يدين لاهيتين لم تجرب صاحبتهما شيئا ، يكرع راحا بشكل ، لم يفعله من قبل ، على كثرة سكره ومجونه ، ولكن عقله كالصخرة الجلدة ، لا تشي أن تغييرا، استطاعت خمرته ان تحدثه في نفسه المنغلقة ، هل يحدثها عن متاعبه ؟ وينشد منها المعونة ؟ وكيف يفعل وهي أكثر جهلا منه بهذه الأمور ، ولعلها لم تفارق عهد الطفولة بعد ، رغم ما يبديه حديثها ،من نضج لم تبله حوادث الحياة ، وشتان بين نظرية وتطبيق ,، تنظر إليه ساهمة ، هل يدعوها إلى كأس من شرابه الخائب المفعول ، علها تكون البادئة في الانقضاض، واخذ لحظة المبادرة ، كيف يرضيه هذا ؟، وهو يجب أن يقوم بواجبه خير قيام ، وخصوصا هذه الليلة ، التي ينتظره فيها الأصدقاء لتهنئته ، والأعداء ليطيلوا ضحكهم المتواصل ،على خيبته التي لا مثيل لها في عالم البشر ، والتي يسعى بكل إصرار الى زيادتها، وجعلها تراكمية ، أي مخلوق هو ؟ ، ، يجد نفسه يائسا ، لا قدرة له، على اخذ زمام المبادرة ، التي يقوم بها الرجال عادة، في الليالي الأولى ، و رغم محاولاته المتكررة ، لجلب الحماسة الى نفسه المكدودة ، الا انه يحس جسده صخرة يابسة لا قدرة فيها على الحركة ، كيف يتصرف الرجل في مثل هذه المواقف ؟ وهل انه عديم الجدوى؟ ، فاقد الأهلية ، وكيف ينقذ نفسه، من هذا المطب الذي أوقعها فيه ؟ يعرف عجزه ، لم يبالغ يوما في تصوير قدرة ، لا وجود لها ، جسده خشبة يابسة ، وعضوه ميت ، قد شبع هزيمة ، ولم يشهد له حياة ، لهذا حاول أن يرسم صورة له، متناقضة مع حقيقته ، في معاشرة النساء ، لم يشك احدهم به لحظة ، وكثيرا ما ادعى انه يحب الفضيلة ، ويمقت الرذيلة ولا يقربها ، مهما كانت المغريات شديدة عليه ، صديقاته كن كثيرات ، يضحكون، ويتبادلون النكات وينقلون القصص ، ويخرجون لمشاهدة الأفلام الجميلة ، وتروي كل واحدة منهن قصة حياتها ، ومن تعجب به من بين أصدقائه الكثيرين ، يساءل النفس ، كيف تنصرف جميعهن ،عن وداده ،لقد أكثر الخروج معهن والجلوس ،ويعرف ما تخبئه الواحدة منهن، في خزانة مغلقة من الأسرار ، لا يعلم عنها الا هو وصاحبتها ، التي تصمم دائما،على إخباره بما يجد من أمورها ، ناشدة النصيحة لحسن التصرف ، وكأنه اعلم بما يجب ان يقوم به الإنسان ، يتفتت كبده من ازورار البنات الصديقات، عنه وعني حبه ، نظم في غرامهن العديد من القصائد ، ودبج في محبتهن الكثير من الأشعار ، نالت استحسان السامعين والسامعات ، و لم تحرك ساكنا من قلوب الحسناوات ، ولا رغبت إحداهن ان تقف بجانبه ، مصدقة بما أعلنه لها، من صدق الود وحرارة الحب ولوعة الهوى ، وحين يخرج معها ، متمشين ، في الشوارع ، متفرجين على بعض الأفلام ، لا تتصرف أي واحدة منهن، تصرف العاشقة المتيمة ، بل تكون معه أختا ، تحرص على إخباره بكل خلجات قلبها ، التي خبأتها لها الأيام ، وكان عند الحديث مع الأصدقاء ،عن الحب والغرام يكذب باستمرار ، وعلى كثرة ما يردد انه يحب الفضيلة ، وسوف يقدم على الزواج ،من فتاة لا ماض لها ، لم يرها رجل ، احترمه الجميع ، وامن بصدقه النساء قبل الرجال ، حتى جاءت اللحظة الرهيبة ، وها انه يقف أمام عجزه الرهيب ، وجها لوجه ، كيف يمكنه ان يخفيه عن الأعين ، يتظاهر بغير ما به ، وماذا يفعل للمخلوقة ، التي شاء سوء طالعها ، ان ترتبط به ، هل يقول لها انه لا يحبها ، ويجعلها تطلب الطلاق في هذه الليلة الليلاء ، هل يخبرها انه لا يمكن ان يفعل لها شيئا ، وكيف يكون موقفها منه ، وماذا يقول الأهل والأصدقاء، والناس أجمعون؟ ، هل يذكر لها الحقيقة؟ ويطلب منها عدم نشرها في العالمين ، إنها نبيلة الخلق وسوف تلبي الطلب ، ولكن هذه اللحظة اللعينة، كيف يتأتى له الخروج منها ، بأدنى الهزائم ، وأقل الإخفاقات؟ ، كم حاول أن يؤخر المواجهة ، كان على يقين تام ،انه لا يحسن المبادرات ، وان زمن التظاهر بغير الحقيقة قد ولى ، وان له أن يظهر ما حاول إخفاءه ، طيلة ما مر به من سنين ، وهي ليست قليلة ،يصرخ بها ، كي تأخذ زمام المبادرة ، هو الصعلوك الأثيم ، تتفاجأ من صرخته ، وترتسم على محياها الجميل علائم الدهشة ،
ولكن ماذا بمقدورها ان تفعل له، وهو جليد أزلي قد راكمته السنون ، تجمع من خيبات متلاحقة ، مرت في حياته منذ الصغر، وحتى لحظة العرس ، من يمكن ان ينقذذه من هذا المطب ؟، ويحرره من قيده، الذي وضع فيه نفسه ،بمحض إرادته ، الا يوجد من ينجده من هذا المصاب ؟هل يدق الباب الآن ، ام يرن الهاتف ، ليرسم له طريق الخلاص ، من وهدته اللعينة ، ويميط عنه متاعبه ـ يعاود الصراخ :
- تقدمي يا امرأة ، الا تؤمنين بالمساواة ؟
تفغر فاها ، ولكن الحياء الذي اتصفت به، يمنعها ان ترد عليه بمثل خشونته ، تكتفي بالنظر إليه ، هل بدأت شعورها بالندم ؟ أم إنها كنساء بلاده الأخريات لا تحسن الثورة ، وتظل متمسكة بمن يريها الذل والهوان، معتبرة إياه سوء طالع ، ولكن ماذا يفعل هو في هذه اللحظة ، ؟ يخشى من سؤال يطرح عليها ،فتجيب عنه بصراحتها المعهودة ، فهي لم تعرف الكذب
يحاول ان يكون أكثر رقة ، رغم ان الصفة هذه قد هجرته ، هذه اللحظة ، يصنع لها كأسا ،من شراب قليل المفعول ، لأنها لم تكن تعرف، كيف يشرب الناس ؟ حياتها آمنة ، وأسرتها سعيدة ، وهي مستجابة الرغبات كأي ابنة صالحة
يقدم لها الكأس
- في صحتك
يفاجئه أنها تشرع في ارتشاف قطراته ، رغبة في إرضائه ، أي مخلوقة هذه ؟ تود الشرب، لا لأنها تريد،بل لإرضاء آخر ، لم تجد منه طيبا ، اللعنة على النساء جميعهن ، لا يعرفهن ، ولا يريد ان يعلم عنهن شيئا ،
- أمي أين أنت ؟ تعالي أنقذيني من هذه الورطة، التي رضيت ان أضع نفسي فيها
ولكن ماباله حزين ، لا يعرف كيف يتصرف ؟ لماذا تختلف هذه المخلوقة عن الذين كان يعاشرهم ، ليكن ما يريد ، وعليها طاعته
يشرع في عملية خلع ملابسه ، تقتدي به ، يحدث نفسه بذعر :
( تعطل طاقتي ، اشعر بالبرودة القاتلة تطوقني ، ليست هذه المخلوقة من كنت اطمح إليها ، ولم احلم طوال عمري بإحدى النساء ، اضحك معهن وأتكلم عن أي موضوع، يثير فيهن الإعجاب بشخصي ، واروي النكات التي تجعل السامع يموت ضحكا وبهجة ، ولكن معاشرة النساء ؟ اللعنة عليهن جميعا ، كيف يستطيعون ؟ لم أجد وضعا يساعدني ، كيف آتي أمرا لا أحبه ، لتذهب هي، وأمثالها جميعا الى الشيطان ، مالي وهذا اليوم ، أرعبتني فكرة ان أظل مع إنسان واحد، طيلة عمري ، ولكن التفكير في هذا الأمر استغرق الكثير من الوقت ، كيف أظل بعيدا عن الناس ، وخاصة النساء ، وانا تستهويني ضحكاتهن الطويلة الرقراقة ، ومن يمكنه ان يعتني بي ، ويقوم بالسهر علي أثناء حياتي القادمة ، هل أظل مع أمي ؟ وأخواتي جميعهن ، ذهبن الى دور أزواجهن ، وبقيت أنا وحدي، أتمتع بتدليل أمي ورعايتها ، ولم استطع أن اخبرها، انني لا أجد رغبة ،في العيش مع امرأة واحدة ،تظل بالقرب مني ، ولا يمكنني الفكاك منها ماحييت ، وحين وجدت ضالتي ،امرأة مدللة جميلة يقولون عنها غنية ، نصحني بعض الأصدقاء ان أحبها ، او ابدي ذلك ، فهي المناسبة لي ، ويمكنها ان تنقذني من سنين الغربة ،التي عشتها ، ولم تعرف أمي ما يلم بي ويجعل حياتي بائسة تعيسة ، والليلة حلت اللعنة التي كنت أؤجلها ، وهذه المخلوقة التعيسة تحاول ان تقلدني ، وتخلع ملابسها كما افعل أنا ، ليكن سوف أرغمها على الإتيان بما أريد ، وإلا انقلبت حياتها جحيما ، أنا الرجل هنا وعليها طاعتي ، وهل أنا رجل حقا ؟ وقد كانوا يفعلون بي الأفاعيل ، ولكن من يمكنه ان يعرف ؟ سوف أتظاهر بالعكس ، وادعي إنني الفاعل ، وان غيري من الغلمان مفعول به ، واطلب منها أن تقوم بالدور ، واعتقد جازما إنها لا ترضى ، وكيف يمكن لامرأة مثقفة عاملة ،ان تقبل بما سوف أعرضه عليها ، وسوف أنقذ نفسي ، من الوضع البائس الذي وضعته فيها ، ان يكون المرء فاعلا ، أفضل بكثير برأي المجتمع ، من كونه يفعل به أيا لبؤسي ، وانعدام حيلتي ، لماذا استمعت إلى نصيحتهم بالاقتران من هذه المخلوقة ، التي عملت كل شيء، من اجل ان تتمتع بهذه اللحظة ، ولم ابدي تعاونا معها في كل ما فعلته ، جهزت المنزل لوحدها ، واشترت الأثاث، ولم أجد نفسي مذنبا ، في هذا الوضع ، فأهلي أناس فقراء ، وهم بحاجة الى معونتي ، وليس بمقدوري ان أتنصل من واجبي ، وزوجتي هذه تعرف حالتي جيدا ، ولا أظنها تمانع ، فعلي ان اقوم بواجبي المفروض علي في هذه الليلة واجعلها تطيعني ، علي ان احدد قوتي واثبت رجولتي ، وان ادعي أنني كنت أفضّل الغلمان أكثر ، فلا بأس ان اتخذ من زوجتي هذه ما يحلو لي ويبهجني ، وسوف تأبى أن تقوم بما اطلبه منها ، ولكن هل تطلب الطلاق ، وهي من احبتني ، ولم اتقدم لخطبتها ، أرادت زواجا متقدما ، وها إنها حصلت علي......



الفصل الخامس عشر
لا يمكن ان نجلب الحب بالإكراه ، أرى المخلوقين العزيزين ،وقد أرهقتهما المتاعب واستبد بهما القلق ، أعياهما العثور على الحب المنشود ، وراحت أيامهما تمضي كالحة السواد ، لا ومضات من البهجة ،تمنح أوقاتهما الألق المبتغى ، ولا إضفائي الصفات الرائعة على كليهما ، يفيد شيئا في اسباغ بعض الحبور ، ما عادت محاولاتي العديدة، في إرواء النبتة ،التي غرستها في صحراء حياتهما تجدي نفعا ، عيونهما تعبر عن فشل ذريع ، وخيبة متلاحقة ، وشعور بالبرد أزلي لا برأ منه ، الاثنان يبتسمان للدنيا بإصرار منقطع النظير ، ولكن محاولاتي الخائبة في الجمع بينهما، في رباط سحري دائم ، لم تأت أكلها ، فمضت جهودي خائرة ، سميرة تمشي ، وكأنها زادت من العمر أعواما ، واحمد يفتعل السرور، بضحكات متوالية قد لا تعني الا اللامبالاة ، رغبت في تقديم الحبور، في طبق من ذهب لقلبين متعبين ، لم تقدم لهما الحياة ما كانا يرومان ، ومضت أيامهما عديمة الجدوى، خالية من الدفء المحبوب ، سألني بعض الأذكياء ،
- ما دمت معجبة بأحمد لماذا لم تأخذيه لنفسك ؟
يعييني الجواب ، انه أخي ، ومهما شعرت نحوه بالاحترام العميق ، الا إنني على رغم صداقتي المتينة معه ، لم أتمن منه ذلك الشعور، الأخاذ بالجمال ، حين يحملنا إحساسنا ،على بساط سحري، ينتقل بنا في السموات والأرض ، أي قدرة على التحليق في دنيا خالية، من المسرات والطعم اللذيذ ، هل العيب فينا ؟ لقد نشأنا على أن كل شيء، عسير المنال بعيد التنفيذ ، حتى الشعور بالحب ، حين يأتي فجأة، ليقرع بابنا الموصد ، نتظاهر أننا لا نسمع النداء ، أي جيل من مساكين نحن ؟ مجبول من الانهزامات، وأمراض الروح المتعطشة الى العاطفة الموءودة ، وجدت خيبات روحي المتلاحقة ، لا أمل في الشفاء لها ، فعملت جهدي لتجنيب صديقتي الحبيبة ،ما تعانيه من أسقام متضخمة ومن انطفاء كبير.
فكرت لماذا لا يسعى صديقاي، الى قلع البذرة التي غرستها، في المكان الخطأ ، ولكنهما مضيا ينفذان ما رسمته لهما ، وكـأنهما كانا يرجوان ان يقتلعا كل أمل في إحياء شتلة المحبة ،من أعماقهما المتعطشة الى الإرواء ،والتي ضلت سبيلها ، في صحراء شاسعة من الأحلام المبددة، والأهداف التي لم تبصر النور ، فماتت قهرا واغترابا











الفصل السادس عشر
لم اقرب الخمرة حياتي كلها ، عرفت انه بغافرها، لياليه المسهدة ، فآثرت ان أتقن شربها ، كانت لي صديقة ، خبرتها عن أمري ، وإنباتها يرغبني بحضور جلسة من الشراب ، وإتقان تلك المراسيم ، التي شهدتها ، عدة مرات ،لكني لم أعشها ـ وأحàببت ان أشارك زوجي المفترض ، ما كان يحبه ، رحبت صديقتي باقتراحي ، ومضت تهيئ ما كنت أروم ،على مزاجها ، وفعلا ، ذهبنا أنا وهي الى إحدى المنازل الجميلة ، الني يتمتع بها الرجال بكل شيء ، وتقوم النساء بما يراد منهن، من أعمال ، ألسن جمعنا تابعات؟ ، نقوم بما يقوم به الرجل عادة ، ونقلد ما يقترف من أعمال ، ولماذا نطلق عليها هذه التسمية؟ ، أليس التجريب نواع من الأعمال، يقدم عليه الناس بحرية مطلقة ، دعتني صديقتي الوفية ، الى حفلة شراب ، مع احد من أقاربها ، هالني انه يعرف عني كل شيء ، وانه متابع جيد لأنبائي ، الحزينة منها والمفرحة ، وتلك التي اعتاد الناس، ان يضعوا بقربها ألوان شتى من البهارات ، التي تسر النفس ، وتبهج الفؤاد ، كان قريب صديقتي قد هيأ المائدة ، بما لذ وطاب ، من ألون عديدة من الطعام ، ومختلف المازات وأصناف من المشروبات ، لم اعرف ما أسماؤها؟ قبل صباحي هذا ، اذ كانت الدعوة في الصباح ، ليس المبكر ، ولكن في تمام الساعة العاشرة ، منه ، هيأ قريب صديقتي المائدة بألوان مختلفة من الشراب ، كنت اعرف اسمه فقط ، لقد صممت على ان أجيد المهارات، التي يتقنها ، من عزمت على الاقتران به ، وان كان يحسن ليالي السمر حتى الصباح الباكر ، ويغني للعندليب المهاجر ، اغني جميلة تدعوه الى العودة ، قبل ان يأفل العمر ، وتولي شمسه الساطعة ، ويذهب كل شيء راحلا ، عن دنيا الناس الى غير رجعة ، هالني الاستعداد الفخم ، الذي هيئوا به تلك الجلسة البريئة التي ، سرقت نفسي فيها من لؤم المراقبات، التي ما انفكت ، تحيطني بسوارها المتين ، ألوان من الشراب ، قد هيأها قريب صديقتي ، الذي لم أتعرف إليه قبل هذه الجلسة ،وجدته كثير المعرفة عن شؤوني ، خيل إلي ان الجلسة، قد رتبت من اجلي أنا ، تابع قريب صديقتي أمورا عديدة ، حدثت في عهد مضى ، وكنت اطمح ان يمضي دون الوقت،دون أن أتلقى كثير ا من الاستفسارات ، التي لا اعرف كيف أجيب عنها ، بما يرضي جميع الأطراف ، شربنا الكأس الأول في صحتنا ، وصحة لقائنا الذي جرى ، من غير تصميم ، وشربت أنا لأول مرة ، فوجئت إنني رأيت صديقتي ، منهوكة القوى ، مزعزعة اليقين ، تبكي وتسيل منها الدموع ، انهارا عظيمة التأثير ، نقلها قريبها الى مكان اخر ، وعاد ليستأنف جلسته معي ، منبئا إياي انه يعرف كل شيء عني ، أيقنت أن هذه الأساليب ليست قادرة على إبعاد صفة الاتزان عني ، فحاولت ان أتحدث معه ، لأريه ان ليس كل ما يقوله الآخرون حقيقة لا جدال فيها ’ خرجت من الغرفة ، التي وضع عليها قناني الشراب المختلفة ، وأنواعا من المازة ، يسيل لها اللعاب ، وجدت في الحديقة مجموعة من النساء ، أخذت اسلم عليهن الواحدة تلو الأخرى ، وأنا شبة منبهرة ، بما أضافه لي المكان من مشاعر ، ليس لي عهد بها ، رأيت زوجة المضيف ،رقيقة رائعة الجمال ، وعجبت إنها لم تجلس معنا ، وكانت خارج اللعبة ، التي وجدت زوجها يلعبها ، طوال الوقت ، صافحت النساء العديدات ، في الحديقة معربة عن إعجابي الشديد ، بهن ، لم آلف هذه التجمعات ، وبقيت طوال عمري ، لا أجيد ، لا الأقوال الجاهزة ، وترديد الرؤى ووجهات النظر ، التي سبقني الآخرون إليها ، أقدمت على هذه الجلسة حين عرفت ، ان الشخص الذي سوف يصبح شريكي في الحياة ، لا هم له الا معاقرة الخمرة ، والإتيان بما لا يتوافق مع العقائد، التي استقرت في داخلي وكأنها قوانين ، لابد من إتباعها ، تذكرت تلك الجلسة ، حين رايته وقد هيا الأقداح والقناني ، فكرت أنني يجب ان أشاركه الفرحة هذه الليلة فقط ، لتكون كما حلمت بها حارة زاهية ، ولان تلك الجلسة الاولى ، قد مضى عليها زمن طويل أنستني اصول الشرب ، التي تعارف عليها محبو تناول الخمور ، فقد أصبحت سكرى منذ القطرات الأولى ، وجدت نفسي هائمة على وجهي ، لا أعرف ماذا يراد مني بالضبط ، كنت اسمع النساء يتحدثن عن أزواجهن بذلك الحب الكبير ، والرغبة تتقد في عيونهن الجميلة ، لكني لم أر رغبة في عينيه ، أقنعت نفسي انه ربما لا يعبر، عن خلجاته بسهولة ، توقعت انه يبدأ في مغازلتي أولا ، كي يطلق العنان لعاطفته الجياشة، معلنة عن نفسها بحرية ، اخذ يكرع الكؤوس واحدا بعد الآخر ، ولا أجد تغييرا في تصرفه ، وكأنه لا يراني امرأة ، في كامل زينتها في أول ليلة لها ، صرخ بي بقسوة، طالبا ان اعلمه مبادئ الليلة الأولى ، وحين أجبته : إنني لا أعرف ، لأنني لم أشاهد شيئا ،مثل هذا في حياتي ، وان جميع قصص الأحبة والأقرباء والأصدقاء التي سمعتها ، لم يطلب من الفتيات ان يقمن بالجولة الأولى ، كما ان الكتب التي قرأتها ، لم يقم الرجال فيها بالطلب، من نسائهم ان يتبادلن الأدوار معهم ، ويمكن ان يحدث هذا التبديل في الأيام القادمة ، أما الليلة الأولى ، فمن المستحيل جدا، ان يحدث الذي حدث معي ، كنت اعرف انه ميال الى الفكاهة ، ولكن ان تكون فكاهته سمجة ، قليلة الحياة ، عدية الأدب ، فاقدة للعقل، ومنذ الوهلة الأولى ، فلم يخطر بعقلي أبدا ، بقيت ساكنة انظر إلى ما يقوم به من تصرفات غريبة ، لم أكن أظن يوما ،ان مخلوق عاقل ، يمكن ان يقوم بها ، وإلا ما وقعت في حبه عند قوله كلمة
- احبك
شعرت إنني غريبة ، ولست في المكان اللائق بي، كامرأة تنتقل من حياة الى أخرى مناقضة ، وكنت أتمنى ان اخرج من هذا المطب ، بسرعة ولكن كيف؟ وما الذي بمقدوري ان افعل ؟ ؟ وماذا أقول للناس ؟ لا أريد الإساءة لأحد أبدا ، وليس في استطاعتي ، ان اجلب الفضيحة لمخلوق ، وخاصة لمن كنت أتوهم، أني أحبه ، الغريب ان مشاعري المتوهجة نحوه ، قد غابت عني تلك اللحظات ، وكأنها قد تبخرت ، أحسست بمشاعر متناقضة من الشفقة ، وصعب علي هذا المخلوق ، ولم أفكر في نفسي ، وعرفت إنني سوف أظل هكذا ، وكما كنت في منزل أبي ، وانه علي ألا اخبر امرءاا بما يجري ، وان التغيير الواجب ليس من أحلامي.
كنت أفكر بوضعي ، حين شرع يخلع ملابسه ، فكرت انه ربما اجتهد كي يقوم بدوره خير قيام ، فقمت مقلدة إياه ، ولكنه قال لي وبوقاحة لم أكن أتوقع انه قادر عليها
- انظري يا ابنة الناس ، واسمعي جيدا ، لا أحب النساء أبدا ، واجدهن مخلوقات تافهات ، يجرين خلف الكلمات البراقة ، متناسيات الحقيقة ، أحب الغلمان ، ويمكن ان تلعبي معي دور غلام جميل.
ارتعب من الفكرة ، ، أيمزح في هذه الليلة ، ما باله ، ماذا أصابه ، وكأنه مخلوق آخر ، يكرر طلبه مؤكدا:
أريدك غلاما جميلا يا امرأة ، أنت رقيقة كالغلمان.
انظر إليه مستطلعة ، أجده جادا ، لم اعد قادرة على معرفة ما يريد مني،
واصرخ به طالبة الابتعاد
يصرخ ضاحكا ، وقد أعجبه هلعي، واستشاط بهجة، لإثارة أعصابي ، واخذ يقفز من مكان آخر ، محاولا ان يديم ضحكه ، ومواصلا فرحه وشعوره بالانتصارعلى:
- ماذا تظنين ؟
تعييني الكلمات ، ولا أجد ما يمكن ان يعبر عن شدة هلعي ، ومدى حزني في هذه الليلة الليلاء ، حيث لا بدر يخفف وعورة الظلام ، ولا قمر ينسيك ضوؤه ،ما عانيت طول اليوم من تعب
وكأني في مفترق ، لا اعرف الوجهة ، التي علي اتخاذها ، والطرق كثيرة من حولي وأنا تائهة ، لم يتحدد طريقي الصائب بعد ، أيمكن ان يكون مازحا في هذه الليلة ، التي ابتعد عني فيها الخلان ، ورحل الأصحاب وودعني الأقارب ، متمنين لي السعادة والهناء ، هل يمكن ان يكون جادا ، فيما عرضه من أمر ؟ وأنا لم أجرب احد الأمرين ، ومضت حياتي يبابا قاحلة ، ؟ هل اهرب من المنزل ، كما تفعل النساء الغاضبات، في مثل هذا الموقف ؟ وأنا لم اشهد موقفا محددا ، وكيف اهرب و هذا المنزل لي ، ابتعته بعرق عملي وجهاد فكري ؟ كيف اهرب من أول معركة ، وجدتها في طريقي ؟ وهذا الذي كنت أظن أنني وقعت في غرامه ؟ ماذا يمكن ان افعل معه ؟ وكيف أتصرف ؟ وأنا أراه مخلوقا ، لا يحسن شيئا الا الصراخ ، قد أخذت لهذه الليلة استعدادها ، وارتديت أجمل ما عندي ، وتعطرت وتزينت ، وهنأني الأصحاب والمعارف ، متوقعين لي حياة تسر الألباب ، وكيف يمكنهم ان يعرفوا إنني ،كتبت على نفسي الترمل ، في بداية حياتي ، وان من حلمت أن يسقيني الشهد ، في أول أيامي ، جرعني مرارة العلقم ، اسودت الدنيا أمامي ، وأظلمت ليالي ، وأصبحت احلم بالفرار ، من هذا الموقف العصيب ، كل أيامي ذهبت سدى ، وكتب علي ان أتذوق الحنظل ، والناس ينظرون لي مهنئين ، وكأني أحيا في جنان الفردوس ، لقد طال صومي ، وحين رغبت بالإفطار ، اخترت البصلة ، بكامل إرادتي ، يا شماتة الأعداء بي ، أحب أبي أن ينصحني ، وحين لاحظ عزيمتي ،على الاقتران بهذا الشخص ، تمنى لي السعادة ورحل مودعا ، انظر الى من قرر وأد هنائي ، وإذاقتي المر حتى ثمالته ، اراه يضحك متصنعا السعادة ، ويسمعني كلماته التي تتساقط علي كأفواه الجحيم ، الشياطين تعزف أنشودة البغض ، في ليلتي الأولى ، وأنا أتلوى ، وكأن مردة استولت على إرادتي ، فسلبتني قوة الاحتمال ، والقدرة على الوضوح ، و أخذت ارسم ابتسامة البلهاء على وجهي ، راغبة ان اغرس شتلات السعادة ، في ارض لم تعتد عليها ، وان امثل في مسرح اللامعقول، وهو قد تفوه بكلمات لم اسمع بمثلها ، وأرعد وأزبد ، وحين وجدني مخلوقة صماء ، تركني ملتاعة ، واتصل بصديقته المقربة ، ينبئها ما ألم بي ، وما استطاع ان يوقعه في من هزائم كالحة.
استمع الى ضحكاته المتواصلة ، وأدرك انه مصر تماما ،على الإيقاع بي ، وجعلي أضحوكة ، يتسامر بها الناس ، فأنادي قوتي الغائبة ، ومقدرتي الآفلة ان ترأفا بي، وتحنا على ضعفي ، وتأخذاني الى جادة الصواب، بعد ان أدركت ان التعب أعياني، والشعور بالهزيمة بدد قوتي
صبيحة شبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف