الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عظم الله أجركم في الجامعة العربية

سالم اليامي

2004 / 2 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


العرب دائما مولعون بالقبور . فالماضي المدفون في قبور ذاكرتهم التي لا تملك جديدا يظل بالنسبة اليهم إرثا مقدسا لا يستطيعون الإنعتاق منه مهما كلفهم من ثمن حتى وإن كان الثمن هو حاضرهم التعيس ومستقبلهم الأتعس!

وهم مولعون بتقديس كل شيء يربطهم بثقافة القبر , وفكر القبر , وتاريخ القبر , وأبطال القبر الذين ربما تجرع العرب بسببهم الهزائم والتخلف والجمود والقمع والظلام .

 

  الجامعة العربية إنتقلت الى رحمة الله منذ أن رفضت قرار تقسيم فلسطين الى دولتين فلسطينية واسرائيلية عام 48 م, حيث لم تستطع تلك الجامعة أن تنتصر سياسيا في ذلك الوقت فتخرج بنصف الكعكة التي تساوم الآن على ربعها , ولم تستطع أن تستعيد الأرض المسلوبة بقوة السلاح والجيوش التي خدرتنا لأكثر من ثلاثين عاما بالأناشيد الحماسية فلم تستعيد شبرا من أرض محتلة عكس ما فعلته مقاومة صغيرة مستقلة في جنوب لبنان, مرورا بعجزها عن الدفاع عن احتلال بيروت  الى السكوت عن المجازر التي أرتكبت بحق الشعب العراقي  وصولا الى  احتلال بغداد كنتيجة منطقية للفشل السياسي الكبير الذي تعاملت به الجامعة العربية المرحومة مع كل القضايا العربية والعالمية من اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية ...الخ !

 

ولأن الفقيدة " الجامعة العربية " أصبحت في عداد الموتى حيث ووريت الثرى منذ زمن بعيد , إلا أن العرب مصرين على إخراجها من قبرها كعادتهم في عشق القبور ونبشها لإعادة من سكنوها كي يقودوا من جديد, علما انهم يعلمون أن الله الواحد الأحد هو " من يحيي العظام وهي رميم " وهو " الذي يبعث من في القبور" إنه على كل شيء قدير!!

 

وهاهي الجهود العربية الحثيثة تحاول إحياء" فقيدة الدول العربية " كي تحيي دورها القديم في تخدير العقول العربية بالكثير من قرارات الإنشاء والتعبير والشخير والتحذير وأحيانا رمي الصحون" الصغير والكبير " لكي تستمر الأمة العربية في قبورها آمنة مستتبة دون أن تدرك أنها قد دخلت حضارة القرن الواحد والعشرين لا كأمة مشاركة في هذه الحضارة العظيمة وإنما كعالة وتابعة وصورة مشوهة لأبشع مراحل الانسان العربي!

 

إن " فقيدة الدول العربية " لم تكن يوما عونا للأنسان العربي ولا نصيرا لقضاياه الانسانية , ولم تكن سوى مجلسا قبليا يتم التجمع فيه لتبادل المجاملات وحب الخشوم واصدار البيانات . والحري بالعرب أن يعلنوا وفاتها فلربما جاد الزمن العربي بتجمع آخر يخرج هذه الشعوب من قبورها الى عالم القرن الواحد والعشرين برؤوس مرفوعة وعقول مستنيرة بدلا من التجمهر حول جثمان جامعة ميتة لم تقبر فأصبح جثمانها هو القبر الذي يتم مخاطبة العالم بإسمه ويراد لهذه الأمة أن تستمر مقبورة تحت إرادة جامعة ماتت منذ زمن بعيد في ذاكرة الناس والتاريخ والحضارة , لأنها لم تكن يوما ذات ذاكرة عطرة في عقل الانسان العربي الذي شاركت هذه الجامعة في ترسيخ هزائمه السياسية والحضارية , ولم تكن جزءا ناصعا من ذاكرة التاريخ ولا عنصرا من عناصر البناء في الحضارة الانسانية المعاصرة.

وكيف تكون كذلك ؟ وهي لم تكن سوى الكاتم لأسرار القمع والمجازر والمبرر لكل عمل طغياني حقير !!

 

اقول لكم نيابة عن الشعوب العربية : تنعى الأمة العربية جامعتها الفقيدة , حيث إنتقلت الى رحمة الله منذ نصف قرن وبقي جثمانها بيننا قبرا يحج اليه السياسيون العرب .

تغمد الله الفقيدة بواسع قبره , انا لله وإنا اليه راجعون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا