الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الضفة لا تعمل لصالحها شعبيا

عماد صلاح الدين

2008 / 9 / 10
القضية الفلسطينية


على رغم كل الأخطاء والخطايا التي ارتكبها ذوو مسار الحل السياسي( التفاوضي) في مقاربتهم لتصور رؤية وحل للصراع " الفلسطيني- الإسرائيلي"، وما تمخض ونتج عن هذا التصور وتلك الرؤية المتبلورة لديهم من كوارث ومصائب كبيرة ومتنوعة في آن، مست البعد السياسي والقانوني والمادي الأخلاقي لواقع الفلسطينيين ونسيجهم الاجتماعي المتكامل هنا في ارض فلسطين التاريخية المحتلة بفلسطينييها لاجئين أو غير لاجئين، أو هناك في الخارج والشتات لفلسطينيين حدا بهم التطهير العرقي الصهيوني مع نهاية النصف الأول من القرن المنصرم إلى أن يصبحوا لاجئين.

أقول برغم كل ذلك، كان يمكن للفلسطينيين أن يتجاوزوا عن تلك الأخطاء والخطايا ابتداء من اوسلو وكل ملحقاته حتى انابوليس وكل تخرصاته وعدم جديته ومصداقيته بأي التزام تجاه الفلسطينيين، ولو على مستوى إزالة بضعة حواجز هنا وهناك في الضفة الغربية أو إزالة بؤرة استيطانية " غير شرعية"، لو انه ظهر جديا من أولئك الذين خلفوا وورثوا الراحل عرفات في السلطة والمسار السياسي التفاوضي، الذي تأكد فشله أكيدا في كامب ديفيد الثانية 2000، ما يدل على حالة من التصور والسلوك الجديدين لمصلحة فلسطينية عليا، مع الاحترام الشديد والملتزم للبراغماتية العاقلة والواعية لا المتهورة المجنونة أو المتاعقلة( من باب متذاكي) الذليلة الخانعة.

أنا لا أريد أن ادخل في مدخل وباب الانتقاد للسلطة الفلسطينية وحركة فتح على عدم اتعاظهما من تجربة المفاوضات العبثية والفاشلة؛ بترسيخها وتكريسها الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولا عن لا مبالاتها بالالتزام بالمعايير السياسية والقانونية المعروفة في القانون الدولي والممارسة العملية في إطار العلاقات الدولية، بشأن الولوج إلى عالم المفاوضات وتعلق ذلك المسار مع "إسرائيل"، إنما فقط أريد الحديث عن الحالة الشمولية الأمنية التي مارستها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بعد أحداث الرابع عشر من حزيران للعام الفائت 2007.

فرغم الحقائق والوقائع والتقارير والشهود من أهل البيت السلطوي والفتحاوي، وغيرها من الأدلة والقرائن التي يعرفها السياسي والمتابع لتفاصيل المشهد السياسي الفلسطيني، منذ فوز حماس وانخراطها في النظام السياسي للسلطة الفلسطينية، التي تحدثت عن مخطط رئيسي دعمته أمريكا ودول عربية " اعتدالية" ومعهما "إسرائيل" تنفذه أطراف مهمة وقوية في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، هدفه النهائي كان الإطاحة بحماس بالقوة ماديا وسياسيا إلى حد الضمور وربما التلاشي.
وكان ذلك توصيفا وجد صداه في( فانتي فيير) المجلة الأمريكية المعروفة الصادر تقريرها في نيسان أبريل من العام الجاري، إلا أن السلطة في الضفة – على الأقل - لم يبد من مسارها بعد أحداث حزيران 2007، ما يوحي أنها تعمل بطريقة ذكية وفعالة من اجل التغطية على مخططها المفضوح والمكشوف أمام جماهير من الناس يؤثر فيها سريعا حسن المعاملة، وسرعان بهذا المتغير الجديد وان كان بسيطا ما تنسى كل الإساءات.
لكن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بدلا من ذلك، قامت بالاعتقالات والقتل وإغلاق الجمعيات الخيرية وشبكات العمل الخيري والاجتماعي، بما فيها التغيير والتبديل كما تشاء بلجان الزكاة على صعيد الهياكل والمضامين. وكل ذلك كان ولا يزال يكون باسم محاربة "الانقلابين" وإجهاض محاولاتهم المستقبلية في السيطرة على الضفة المحتلة.

والمؤلم في الموضوع إلى درجة الحاجة إلى طلب الموت وتمنيه، هو ذلك المشهد الأمني المأساوي التكاملي بين السلطة الفلسطينية في رام الله عبر أجزتها الأمنية مع "إسرائيل" بأذرعها الأمنية هي الأخرى لمحاربة هؤلاء "الانقلابيين"، سواء في الاعتقال أو المطاردة، أو في استهداف الجمعيات الخيرية وشبكات النشاط الاجتماعي المتنوع.

هناك تنسيق امني يطير منه العقل، فهذه جمعية فلسطينية يستهدفها الاحتلال، ثم تسلم للسلطة لإدارتها من جديد، هذا معتقل حمساوي، يعتقل عند السلطة أو عند الاحتلال "الإسرائيلي"، يخرج من عند هذه الجهة لتتلقفه الجهة المقابلة. المعتقل الحمساوي الذي يخرج من سجون الاحتلال ، يقوم الاخيربإخبار الجهات الأمنية الفلسطينية بذلك، ليجري اعتقال مرة أخرى، والعكس صحيح ايضا في هذا السياق.

هذا ليس تجنيا على أحد، إنما هذا الواقع أصبح ملموسا في قرى وحواضر ومدن الضفة الغربية المحتلة.

تعلم السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، انه في كل الأحوال، ليس باستطاعة احد غيرها أن يسيطر على مناطق في الضفة الغربية في ظل وجود الاحتلال. حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المقاومة طالما لا تستطيع تحقيق اندحار الاحتلال كما حدث في غزة في عام 2005، فمعنى ذلك أن الاحتلال قائم في الضفة، وهي تقاوم وجوده حتى الاندحار، فكيف لها أن تكون بوارد "الانقلاب" على السلطة وفتح في نابلس ورام الله وجنين وغيرها.

كان يمكن لسلطة رام الله أن تجعل الناس يلتفون حولها ويؤيدونها شعبيا، بل ويدخلون في حالة من الشك والريبة تجاه ما جرى في غزة وربما في غير صالح حركة حماس، لو أنها على الأقل اتبعت تكتيك وليس استراتيج تغيير الموقف من الاحتلال مبادئا وجدلية علاقة من نوع مقاومة. هذا التكتيك كان يفترض به إظهار حسن المعاملة لجميع المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعدم المساس لا بأشخاص ولا مؤسسات من حماس أو غيرها، وأيضا إظهار الحرص على سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، وان يكون المستهدف بهذا القانون أصحاب ملفات الفساد والسوابق الجنائية والأمنية، لا أولئك المحسوبين على تيارات المقاومة والسياسة من حماس الجهاد الإسلامي.

لو اتبعت السلطة الفلسطينية في الضفة هذا الأسلوب الحسني تجاه الجميع ولو ظاهرا، لكان الناس بما فيهم حماس ابدوا، احتراما للسلطة الفلسطينية ولحركة فتح، ولكان ذلك ُمعجلا لالتئام الصدع الفلسطيني، ومساعدا في إعادة اتحاد صفه وتوحيده.

لكن المشكلة، هي إن قادة السلطة الفلسطينية والنافذين فيها وفي فتح ماليا وسياسيا، لا يعملون من وحي إرادتهم الذاتية والوطنية، بل إن إرادة الغير الأمريكية و"الإسرائيلية" في سياق منظومة الاحتواء الشرطية لتأسيس كيان السلطة، هي النافذة والفاعلة. وهي تعمل ضد رموز السلطة الفلسطينية حتى على المستوى الشخصي وليس فقط على المستوى الرسمي والحزبي.

كان المناضل القائد الفتحاوي المعروف حسام خضر واضحا عقب خروجه من سجون الاحتلال "الإسرائيلي"، في تحذيره السلطة الفلسطينية من انقلاب الناس ضدها، إن هي استمرت في مشوارها السياسي والسلوكي الراهن، وتنبأ في هذا السياق باندلاع انتفاضة ثالثة يكون نجمها تنظيم القاعدة ،و تكون أدواتها الصواريخ والأسلحة الكيماوية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام؛ بسبب التعنت والخداع الإسرائيليين. وهو كان أكثر وضوحا حين بيّن حقيقة أطراف في فتح والسلطة عندما وصفها بأنها ذات مصالح مالية وتجارية فقط " راجع مقالة الكاتب الإسرائيلي آفي يسسخروف، الانتفاضة الثالثة ستكون بالأسلحة الكيماوية، حسام خضر القيادي الفتحاوي الخارج من المعتقل، هآرتس، 7-9-2007 ".
كاتب فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ