الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك وديعة. ...أم خديعة؟! الجزء الخامس

عزيز الدفاعي

2008 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


(الخطأ كان من جانب حلفائنا وفي اداء قائمة التحالف الكردستاني وهي الفرصة التي انتهزها الاعداء!!!!) مسعود البرزاني
اذا كانت الدولة الملكية في العراق وثلاث جمهوريات اعقبتها قد فشلت في التوصل الى حل لعقدة كركوك المستعصية فهل تنجح الجمهورية الرابعة التي قامت على انقاض النظام الشمولي عام 2003 واسست لنظام برلماني يكرس الطائفية والمحاصصة واليّة التوافق في القرار, ويترأسها كردي لاول مرة, في التوصل الى حل ربما يكون سحريا لهذه القضية .؟

لقد نجح الاكراد في التحرك سريعا لحظة سقوط النظام السابق لملء الفراغ والاندفاع صوب كركوك والمناطق الاخرى ذات التواجد الكردي والتي لا يبعد بعضها عن بغداد اكثر من 150 كيلومتر ,لقد اعاد طرح قضية كركوك العديد من التساؤلات حول خلفية هذه القضية واهدافها وهل هي تمهيد للانفصال؟ .....
يعرف الاكراد ان هذه الدولة المستقبلية لاتملك مقومات الاستمرار لانها ستكون محاصرة من اربع دول معادية هي تركيا وايران والعراق وسوريا ويعيش في تركيا نصف الاكراد في العالم كما ان الولايات المتحدة اللاعب الاكبر لاتجد من مصلحتها دعم مثل هكذا مشروع واغضاب تركيا حليفتها الاستراتيجية منذ مطلع الخمسينات.... ضد روسيا لكن لماذا توافق تصريح القادة الاكراد وتشديدهم على قضية كركوك وسط انباء صحفية تحدثت عن بناء قاعدة عسكرية في كردستان العراق قد تكون بديلا عن قاعدة انجرليك التركية؟ .
يشير الخبير الاستراتيجي الدكتور عمر حمزاوي ان الولايات المتحدة كقوة عظمى لها مصلحة في استمرار وجودها العسكري في منطقة من اهم مناطق العالم من حيث الاهمية الاستراتيجية سواء تعلق الامر بالنفط والملف النووي الايراني واهمية الخليج العربي وكل ذلك مرهون بنجاح الاستراتيجية الامريكية الحالية في العراق .
ان المناورة بدات عندما اصر الاكراد على تسمية الفدرالية للجمهورية العراقية في ما اصر الائتلاف العراقي الموحد على صفة الاسلامية للدولة الامر الذي اجبر كلا الحليفين على التنازل عن مطالبه لتبقى تسمية الدولة مثلما كانت عليه .
ان الفدرالية لاتعني فقط الاستقلالية الذاتية ولكنها تعني ايضا التعاون والتكامل والاعتراف بهوية الدولة القومية في محيطها العربي والاسلامي دون الوقوع في اشكاليات الفكر التصادمي مع المقومات الاخرى لان الدستور حين اقر الفدرالية في اطار ديمقراطي فان ذلك لايعني تهميش سيادة الدولة من حيث ملكية جميع الموارد الطبيعية او تحديد حرية حركة وانتشار الجيش والقوى الامنية على طول الخارطة العراقية ولا يجعل من صلاحيات الاقاليم مايفوق صلاحيات الدولة بل انه يفرض اشتراطات عليها لكي لا تتحول الى نوع من الكونفدرالية غير المعلنة خاصة في هذه المرحلة الانتقالية التي هي ايضا مرحلة اختبار للنوايا .

لقد انتصر غالبية العرب للقضية الكردية ورفضوا تهميشها ومنع تكرار جرائم الابادة والعنف ضد اخواننا الاكراد مثلما ترفض غالبية هذه القوى اليوم تهميش المكونات الاخرى ومحاولة استغلال ايقاع الانتخابات المحلية لفرض استحقاقات سريعة وخاطفة بأستغلال هشاشة الظرف السياسي الراهن .

وبات واضحا لدى العديد من المراقبين ان الولايات المتحدة لن تسمح لاي طرف في العراق ان يدير كركوك ويسيطر عليها لانها تحتوي على ما يعادل 25 % من احتياطات العراق النفطية وبالتالي فانها ستكون ورقة مساومة هامة ومشكلة ستدفع كلا الطرفين المتنافسين الى اللجوء الى الولايات المتحدة لحلها.
ولكن هل يعني ذلك ان تتحول كركوك الى قبرص عراقية يميل نصفها للحكم المركزي والاخر لاقليم كردستان؟ثم اين هو موقف تركيا المعني الاكبر خارجيا بهذه القضية ؟
لقد ظهرت في الاونة الاخيرة عبر وسائل الاعلام في الولايات المتحدة وبريطانيا سيناريوهات عديدة بشان كركوك يشير اغلبها الى ان الطرف الذي سيضع يده مستقبلا على هذه المدينة هو الذي يوافق على إعادة الحياة الى خط نفط( كركوك –حيفا) المتوقف منذ عقود طويلة. وهذا الامر الحساس يطرح اشكالية خطيرة تتعلق بالمشروع الشرق اوسطي الجديد ومستقبل السلام في المنطقة والعلاقات العراقية- الاسرائيلية مما يكشف عن طبيعة ملف كركوك والتداخلات الخطيرة في طياته التي قد لا تظهر للوهلة الاولى في ظل الصخب الاعلامي .

لقد شعر القادة الاكراد في الاشهر اللاحقة لرحيل النظام البعثي بنوع من القلق في ان تكون الورقة الكردية قد تم التلاعب بها وان مطاليب الاكراد لم تلبى كاملة خاصة ضم كركوك للاقليم استنادا الى تفاهمات شفهية مع بعض قادة المعارضة العراقيين عام2002 .
ان مسعود البرزاني يعرض هذه المشكلة بوضوح في مقابلة مع( قناة العربية) في فبراير 2008 بقوله (ان هناك مشكلة سواء اعترفنا بها ام لم نعترف... كركوك كانت سبباً في كثير من الحروب التي حصلت والسبب الرئيسي في عدم استقرار الوضع في العراق )
لقد ادرك القادة الاكراد مخاطر الرهان على قوة خارجية واحدة لذلك سعوا في السنوات الماضية الى لعب دور اقليمي كبير وخطير خشية ان تعود كردستان الى نقطة الصفر من خلال التبعية للاخر لذلك فانهم ابقوا على علاقات قوية مع كل من طهران ودمشق وحتى انقرة ولم يصدر عنهم أي اتهام ضد هذه الدول بالتورط المباشر او غير المباشر باستمرار العنف في العراق. كما ان الرئيس الطالباني رفض التوقيع على قرار اعدام صدام حسين لانه ادرك بفطنته السياسية ان ذلك الامر معناه قطع أي علاقات مع العالم العربي السني وقد سبق ذلك بمطالبته الملحة بتوفير الرعاية الصحية لبرزان التكريتي .
شعر البرزاني وحليفه الطالباني بان السفير بول بريمر لم يكن متجاوبا تماما مع مطاليبهم بشان كركوك والفدرالية وتقاسم عائدات الموارد الطبيعية في كردستان وهذا الشعور هو الذي يفسر الرسالة التي وصفت بالتاريخية التي بعثا بها الى الرئيس الامريكي جورج بوش في 8- حزيران- يونيو 2004 اثر التصريحات التي ادلى بها بريمر والتي اشار فيها بانه لا يحق لكردي ان يشغل أي من منصبي رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية مادامت هناك رئاسة لاقليم كردستان .

في هذه الرسالة يعبر الزعيمان الكرديان عن احباطهما الشديد من انحياز واشنطن ضد طموحات الشعب الكردي رغم تاكيدهما على الصداقة لامريكا (لقد قاتل قوات البيشمركه جنبا الى جنب مع القوات الامريكية من اجل تحرير العراق متكبدين خسائر اكبر من أي حليف امريكي اخر ).
ان نبرة المرارة والاحساس بان الاكراد قد استخدموا كرأس حربة في اسقاط النظام السابق ترد بوضوح في هذه الرسالة (نادرا ماتذكر الحكومة الامريكية او ادارة التحالف المؤقتة اسم كردستان او الشعب الكردي )ثم يضيفان (اذا انتصرت قوى الحرية في المناطق الاخرى من العراق فنحن نعلم ان حلفنا مع الولايات المتحدة قد ساهم في تحقيق ذلك كما نعلم ان هذا الحلف سوف يجعل منا هدفا للانتقام ).
ان هذه الكلمات تعبر عن ذلك الشعور بالقلق من مخاطر اللعب بورقة الاستقواء الخارجي رغم التاكيد على التمسك (بالقيم السامية الامريكية )وان( مصيرنا مرتبط بوثائق وشيجة بمستقبلكم في العراق).
واللافت ان تلك الرسالة أشارت الى عبارة استباقية غريبة (لايتوجب انزال العقوبة والقصاص بكردستان لصداقتها الحميمة ودعمها غير المحدود للولايات المتحدة الامريكية)فعن أي قصاص كان يلمح الزعيمان الكرديان للرئيس الامريكي ام هو نوع من استدرار التعاطف مع القضية الكردية؟! .

يؤكد بول بريمر في مذكراته ,التي انتقدها الاكراد بشدة, انه كان حريصا على معالجة قضية كركوك بما يضمن وحدة وسيادة العراق وعدم تفجير هذه القضية الحرجة رغم انه يستخدم نعوتا قاسية في وصف القادة الاكراد. الا انه دافع عن موقفه هذا مؤخرا بقوله انه كان يتصرف بناءا على اوامر الخبراء والمستشارين الذين ارسلهم البيت الابيض والذين كانوا على معرفة بحساسية ملف كركوك بينما كان الاكراد يشعرون ان نظرة بريمر لا تختلف عن نظرة الساسة الامريكيين السابقين تجاه قضيتهم في مطلع السبعينات والثمانينات حيث كانوا يشعرون بالمرارة والخيبة بعد كل بارقة امل..
لابد من الاشارة هنا الى وجود تباينات كبيرة في الرؤيا والمنهجية بين كل من مسعود البرزاني وجلال الطالباني ,فتاريخ الشراكة بين الزعيمين هو الاتجاه المعاكس في الرؤيا السياسية والمنهجية وردود الفعل والتعاطي مع كثير من المتغيرات رغم التقائهما معا في الهدف المركزي. ان الحاسة السابعة لدى الطالباني تجعله اكثر قدرة على التعامل مع الحدث والتقاط دلالاته بمرونة واضحة لكن البرزاني مازال ذلك السياسي المتشدد والعنيد وربما ورث ذلك من والده .
من هنا انطلقت التظاهرات الحاشدة في السليمانية واربيل ودهوك عام 2004 كورقة ضغط للمطالبة بضم كركوك او اعلان الاستقلال وكان هذا الاسلوب تعبير دائم عن وصول القضية الى طريق مسدود وغضب من سلوك الولايات المتحدة الامريكية التي ربما اعتقدوا انها قد تضحي بهم مجددا اذا مااقتضت مصالحها في العراق وتركيا وايران وسوريا ذلك في وقت باتت الدول العربية النفطية تضغط على الخاصرة الامريكية بقسوة انطلاقا من نقطة الضعف في ضبابية المشروع السياسي الامريكي في العراق .
وعلى اية حال فان التحالف الكردستاني سجل نجاحا باهرا خلال الانتخابات البلدية الاولى في العراق رغم الاتهامات التي وجهت له من قبل بعض الاطراف بانه استطاع ان يحضر مئات الالاف من الاكراد من خارج الاقليم وداخله للمشاركة في انتخابات كركوك وهو ماينفيه البرزاني بقوله, اننا لم نستطع ان نعيد نصف المهجرين وانما نصبوا اليه ان نجعل من كركوك مدينة عراقية بهوية كردستانية .
لكن مصادر امريكية اكدت عام 2005 ان وكيل وزارة الخارجية الامريكية اجبر المفوضية العليا للانتخابات بادراج 108 الف ناخب كردي في سجل الناخبين في كركوك وتشير المصادر الحكومية الى ان تعداد سكان هذه المحافظة وفقا للبطاقة التموينية تجاوز 850 الف مواطن عام 2003 لكنه اليوم يتجاوز 1.4 مليون نسمة .؟!

واذا كان الدستور يمثل معمارية الدولة والسلطة فان الذي حصل في العراق ان اغلب الاطراف المشاركة في صياغته انصب تركيزها بالدرجة الاولى في الحصول على اكبر جزء من هذا البناء بكل مايعنيه من رفاهية وموقع وتوسيع للمساحة المملوكة على حساب مجمل البناء الوطني وقوة ركائزه وقدرته على استيعاب حاجات الجميع دون تفريق او مواجهة الزلازل والحرائق المحتملة .
من هنا ظهر الحديث عن (مناطق متنازع عليها) و(مهجرين) و(وافدين)و(تعريب) في اغرب معمارية دستور في العالم كسرت قواعد النظام الشمولي لكنها جعلت لهذا الكيان (بوابات كبيرة) ومتعددة يصر كل طرف على انها له دون غيره بحيث ظهر الدستور وكانه ينتمي لمراحل ومرجعيات متعددة ساهمت في تكريس الطائفية والقومية والمذهبية على حساب هوية الوطن والمواطنة الموحدة .
ان الاتهام الذي وجهه العديد من الكتاب والساسة العرب والتركمان للاكراد هو نجاحهم في زرع المزيد من روح التعصب والحقد ضد كل ما هو عربي بحجة دكتاتورية النظام واظهار مكون واحد وكانه الضحية الوحيدة التي انشب دراكولا العراقي انيابه في عنقه وهو ماتنفيه اكثر من 220 مقبرة جماعية في المناطق العربية وخاصة الشيعية منها .اضافة الى اتهام وسائل الاعلام الكردية بممارسة نوع من عمليات تركيب وعي جمعي جديد ضد كل ماهو عربي حتى لو تسبب ذلك في جعل المسار الاخر نشازا او لونا فاقعا في غير محله من اللوحة الوطنية .
بينما يتهم الاكراد حتى حلفائهم في السلطة بانهم تنكروا لوعودهم للاكراد ووقفوا صامتين دوما امام القصف التركي والايراني المتكرر للقرى الكردية داخل الاراضي العراقية والذي وصفه مسعود البرزاني بانه (موقف متخاذل من الحكومة المركزية )التي لم تتقدم حتى بمجرد شكوى رسمية ضد هذه الدول ولم ترفعها الى مجلس الامن الدولي. فيما لم يحرك الامريكيون المشغولون بمطاردة القاعدة ساقا او قدما ضد ذلك بحكم تحالفهم مع انقرة رغم ان حزب العمال الكردستاني قد انتقل من الماركسية اللينينية عندما كان يقوده عبد الله اوجلان ليصبح من الحركات التي باتت تؤمن بالمشروع الشرق اوسطي الجديد في ظل قيادته الجديدة الاكثر انفتاحا وقربا من واشنطن ولو عبر قنوات سرية .
كما ينتقد الاكراد النظام السياسي في العراق كونه جمهوري برلماني لايعطي لرئيس الجمهورية أي صلاحيات فعالة بل هي صلاحيات بروتوكولية طالما اشتكى منها الرئيس الطالباني , اضافة الى عدم تفهم بغداد لمطاليب الاكراد بشان استغلال الموارد الطبيعية الجديدة التي من شانها تطوير كردستان التي حصلت على 17% من موارد الموازنة السنوية في العراق.
بينما بقيت العقدة الاكبر والاهم وهي كركوك دون حل رغم تثبيتها في الدستور العراقي( المادة 140)التي وضعت نهاية عام 2007 سقفا زمنيا للحل . وذهبت عبثا كل المباحثات حول النفط وعقوده التي ابرمتها حكومة الاقليم مع شركات نرويجية غير معروفة لاستخراج النفط في كردستان مقابل حصة عالية هي الاعلى ضمن عقود المشاركة في العالم وقد رفضتها وزارة النفط العراقية بشدة وهددت هذه الشركات بالعقوبات ومقاضاتها دوليا وطلبت من السفير الامريكي مرارا التدخل لمنع مثل هذه التصرفات التي اعتبرتها بغداد تجاوزا صارخا على سيادة الدولة وهيبتها وملكيتها لجميع الموارد الطبيعية في ما اصرت اربيل على موقفها وهو ماانعكس سلبا على صدور قانون النفط والغاز الجديد .
في تلك الفترة طرحت تساؤلات عديدة عن ماهية الاوراق التي كان يمتلكها الزعماء الاكراد للضغط على واشنطن التي لم تكن قادرة على تقديم حلول جاهزة ترضي جميع الاطراف في كركوك في ظل ظرف تاريخي مضطرب نسفت فيه الدولة والسلطة معا على يد بول بريمر .
ان قانون النظام المغلق للديناميكيا السياسية في بلد مضطرب بدا يعمل بفاعلية عندما اندلع العنف والتمرد الذي قاده ثمانون فصيلا مسلحا في العراق بدعم خارجي من جميع دول الجوار اضافة الى اعداء امريكيا الغربيين والشرقيين وحسادها على الانفراد بالعراق الذي خلق اصطفافا جديدا للقوى السياسية العراقية المبهورة بالسلطة والنفوذ يقوم على اساس انتزاع المكاسب الفئوية والطائفية قبل كل شي مما جعل من كردستان الواحة الامينة والمستقرة في بدل تحول الى بحر تضطرب امواجه وتطفوا فوقه جثث السنة والشيعة معا مما خلق مأزق داخليا واضحا سببه هؤلاء الذين غالبا ماتهموا واشنطن بانها تريد تجزأت العراق وتقديم كركوك لقمة سائغة للاكراد وهو تصور خاطئ تماما يعرفه الزعماء الاكراد قبل غيرهم .
وقد ادرك هؤلاء الذين اعتمدوا خيار التمرد والكفاح المسلح انهم قدموا الفرصة الذهبية والورقة الضائعة التي تلقفها الزعماء الاكراد وفق قواعد اللعبة السياسية .

لقد شعر الاكراد بان ملف كركوك لايسير وفق المخطط الذي تم التفاهم بشانه مع رئيس الوزراء اياد علاوي الذي القا به مثل كرة النار لخلفه ابراهيم الجعفري والذي لم يقدم أي حلول او تنازلات بشان هذا الموضوع الذي اورثه لنوري المالكي وهذا الاخير وجد نفسه امام استحقاق مواجهة الحرب الطائفية التي اندلعت في شباط- فبراير- 2006 حين ظهرت انذاك سيناريوهات تتحدث عن امكانية انسحاب امريكي من العراق كان كفيلا باتاحة المجال امام دول الجوار لملء الفراغ وخاصة تركيا وايران .
لقد شعر الاتراك ان الامريكيين ابعدوهم تماما عن الملف العراقي بينما لا يحتاج الدور الايراني الى مزيد من التوضيح والتأمل والشرح .لكن لابد من الاشارة هنا الى وجود معلومات دقيقة عن اتفاق ايراني –تركي سري وقع قبل عدة سنوات اتفق فيه البلدان على منع تسليم كركوك للاكراد والتدخل العسكري والسريع في حال اعلان دولة كردية في العراق .
وظهرت تقارير امريكية تتحدث عن استعدادات عسكرية تركية كبيرة للتوغل السريع في شمال العراق وصولا الى الموصل التي تمثل غصة قومية لدى غالبية القوى التركية .
وقد تحدى مسعود البرزاني تركيا بالقول بان الادعائات بكركوك من قبل الاقليم شرعية وتمثل واحدة من حقوق الاكراد ولو وصل الامر الى حمل السلاح .
ان الرهان على اجتياح تركي بالامس واليوم يبدو ضعيفا لان انقرة في ظل ازمة حزب العدالة قد تقبل بانضمام كركوك للاقليم مقابل تقديم رأس حزب العمال ومكاسب نفطية مستقبلية بدلا من الدخول في حرب مفتوحة في الداخل والخارج دون ان ننسى تطلعات تركيا الحالية للانظمام الى الاتحاد الاوربي.. لكن هذا الامر يبقى رهينا بالسيناريو الامريكي في العراق .

امام مأزق السياسة الامريكية في تلك الفترة ظهر تقرير بيكر- هاملتون الشهير الذي كان بمثابة الصدمة القوية للزعماء الاكراد حين وصف كركوك بانها برميل بارود ووضع الادارة الامريكية امام توصيات حرجة وواضحة يبقي من خلالها الوضع الاستثنائي للمدينة على حاله ولا ينص على تقاسم عائدات النفط في كردستان ويعطي دورا كبيرا (لمحور الشر) بالنسبة للاكراد وهي تركيا وايران وسوريا التي يكرس التقرير دورها الجوهري في اعادة الاستقرار الى العراق مما اظهر للاكراد مجددا انه في فترات الازمات ومن اجل الحفاظ على المصالح العليا للولايات المتحدة فانها مستعدة للتضحية باي حليف حتى لو كان مخلصا للقيم الامريكية السامية مثل الاكراد .
شاه ايران قال عام 1979 وهو يغادر طهران ان الامريكيين رموه مثل فأر ميت رغم طاعته المطلقة لهم واشارت كل الدلائل الى ان الرئيس المصري انور السادات, الذي يثير حاليا فلم ايراني حول اغتياله ضجة اعلامية, قد سقط هو الاخر بناءا على موافقة مسبقة من واشنطن التي القى باحضانها 99% من اوراقه السياسية .
ان سبب الزعل الكردي من هذا التقرير هو انه لم يتطرق حتى بمجرد الاشارة للاستقرار والامن في كردستان الذي اتاح فرصة لتجربة ديمقراطية متميزة في هذا الجزء من العراق. من هنا جاء الرفض السريع والشديد من قبل الزعماء الاكراد وبرلمان كردستان له والذي وصفوه بنعوت قاسية رافضين توصياته التي تقفز على كل الحقائق على الارض ولا تراعي مواقف ومصالح الشعب الكردي وتفتح الباب امام دور خطير لدول الجوار .
حينها شعر الاكراد مجددا ان موجة صقيع قادمة توشك ان تهب على كردستان التي تنفس شعبها لاول مرة معنى الحرية والاستقرار والرفاهية دون ان ينسى تلك الغصة والقلق من غدر الحلفاء و الاصدقاء معا رافضا ان يصدق ان السياسة تتقاطع دائما مع المثل والاخلاق خاصة عندما يتعلق الامر بمصالح نفطية كبرى في كركوك التي تمثل القلب من مشروع هذا الشعب الممزق بين شتات دول الجوار والذي يطالب بحقه المشروع في دولة قومية لايملك منها سوى التأريخ والخارطة وتوجس الجميع وخيبات الامل المتلاحقة .
انه قدر كردستان.... مثلما هو قدر العراق !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف طريف بين عمار وحماته ????


.. بريطانيا تحقق في مراهنة مسؤولين في حزب المحافظين على موعد ال




.. هل بإمكان الديمقراطيين استبدال بايدن في الانتخابات الرئاسية؟


.. في هايتي -المنسية-.. نصف السكان يعانون من جوع حاد




.. فيديو صادم يظهر 180 ألف نحلة تعيش في سقف غرفة نوم رجل