الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة التقافة ام ازمة المثقف؟

علي الخياط

2008 / 9 / 12
الادب والفن


مر المؤرخ الكبير توماس كارلين بازمة نفسية وذلك حين دخل عليه احد اصدقائه في صباح احد الايام، وقال له: (لا اعرف ماذا اقول لك، ولكني فقدت اصول كتابك الذي اعطيتني اياه لتصحيحه... فقد استخدمت مدبرة البيت ورقه المخطوط في اشعال نار المدفأة، معتقدة انه فائض عن الحاجة وغير ذي فائدة)
ويصف الكاتب والمؤلف وقع النبأ عليه فيقول: لقد انتابني في بداية الامر شعور هو مزيج من الثورة والحزن، وانا ارى عصارة فكري وانتاجي تذهب وقوداً للنيران ثم ما لبث ان احتواني شعور الياس القاتل! ثم مرت الايام وانا في حيرة من امري، الا ان جاء يوم جلست فيه اراقب ما وراء نافذة حجرة مكتبي وفجاة شاهدت البناء الذي يعمل في تشييد البيت المواجه لبيتي، فوجدته يمسك بقطع الطوب، ويضعا الواحدة فوق الاخرى في هدوء حتى اذا جاء العصر كان الحائط قد ارتفع واكتمل بناؤه! وقلت في نفسي، انا ايضاً استطيع ان ابني من جديد ما هدمته النيران، وقمت الى مكتبي واخذت استعيد بذاكرتي ما كتبت، ورحت اكتب الكلمة بعد الكلمة والجملة تلو الجملة حتى فرغت من اعادة ذلك الكتاب الذي هو اول واعظم اعمالي!
مفهوم الازمة: هو ان يمر الانسان او الاوطان بظروف استثنائية خارج نطاق الحسابات والبرامج المعدة، كذلك هناك عوامل اخرى تدخل على حساب المفاجآت غير المتوقعة والتي تفرض فرضاً وتترك بصماتها في جميع شؤون الحياة، وهنالك انواع كثيرة من الازمات منها المصطنع الذي تدخل عوامل كثيرة في رفده وديمومته وحسب قوة الجهات الساندة لهذه الازمة، وفي المقابل وعلى الاتجاه المعاكس فان هنالك عقولاً وادمغة، لها امكانية التعامل مع هذه الازمات والقدرة على احتوائها واستيعابها وتذويبها شيئاً فشيئاً ووأد الازمة وطمرها في مهدها قبل ان تستفحل وتأثر تأثيراً سلبياً على الاشياء.
فالثورة الفرنسية تدين في نضوجها الى فولتير وجان رسو، والمثقفين في مختلف المجتمعات الاوربية والعربية ساهموا مساهمة فعالة في انتقال المجتمع من الظلام والتخلف والحروب الداخلية والخارجية الى تباشير النور والديمقراطية وحقوق الانسان التي رعتها وحافظت عليها الطبقات المثقفة في هذه البلدان.
ومن سخريات القدر التي نحسها ونحياها في وقتنا الحاضر وبعد التعبير الذي مس كافة مجريات الاحداث في العراق بعد 9/ 4/ 2003 ما زال دور المثقف هشاً كما في العهد البعثي المقبور، رغم انشاء عشرات المنتديات الثقافية والاصدارات الادبية والتجمعات الثقافية الا ان استيعاب دور المثقف ما زال قاصراً على اسماء وتجمعات محدداً لا ترمى الى المسؤولية التي يجب ان يتخذها المثقف في هكذا اجواء تغييرية وبلد ثقافي مثل العراق. فهناك مثقفون انزووا في بيوتهم ليكتبوا واكتفوا بأقل من القليل تاركين القرار الثقافي خلف ظهورهم، وهناك أشباه مثقفين، وهم في الحقيقة أبواق، لهم ا عمال مسرحية أو روائية وكتابات في الصحف، وتجدهم في المؤتمرات والمهرجانات ومقاهي الدرجة الأولى،لا يزالون معتقدين أنهم الرعيل الاول من النخبة ، ويصدرون بيانات من أجل الحرية والديمقراطية غير مقتنعين أنهم باتوا جزءا من آلية نظام اكل الدهر عليه وشرب ، ولن أكون متشائما إن قلت أن الأزمة التي يمر بها مثقفونا اليوم، ليس في الأفق بشائر حل لها ،طالما ما زال هناك من يحاول ان يسيس الثقافة لجهة قادرة على تحجيم وإلغاء دور المثقف الحقيقي، وطالما هناك اموال توزع على اشباه المثقفين ، وتكسب ولائهم وقيادات تدعي رعاية الثقافة تمارس نفس دور الأنظمة الرجعية في إلغاء دور المثقف وجعله تابعا لها..
إن المثقف اليوم بحاجة إلى مشاريع ثقافية لينهض من أزمته، لينتج إبداعات جديدة، والأهم من كل ذلك إيجاد فسحة من الديمقراطية والحرية لينتقد من أجل التقويم والإصلاح لامن اجل مكاسب شخصية او حزبية، وإلا فإننا ذاهبون جميعا إلى عصر التخلف والظلام والعبودية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند