الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتوى الشيخ عمر علوي ناسنا في نازلة سجين الرأي المغربي محمد الراجي

محمد المهدي السقال

2008 / 9 / 12
كتابات ساخرة


من يتتبع تعليقات صاحب خبز الله، الأديب الصوفي وفلتة الإبداع بخالف تعرف، الشيخ عمر علوي ناسنا، حول نازلة سجين الرأي المغربي محمد الراجي ،فإنه قد لا يفاجأ بصوته النشاز خارج السرب كعادته، لأن الأمر هذه المرة يتعلق بواقعة تحقق الإجماع بشأنها، باعتبارها قضية رأي عام بامتياز، لا يمثل فيها محمد الراجي إلا نموذجا لما يطال الوعي المغربي المعاصر من تجاوز، في ظل شعارات يغازل البعض مضامينها بعناوين الديموقراطية والحداثة، بينما يغزل البعض الآخر ألوان خيوطها على وقع حوافر الحصان الذي تجره العربة، كما يحلو لشيخنا أن يشبه نفسه.

لكن المفاجأة تبقى واردة رغم سرعة الأخذ في التلاشي، مع ظهور مقولات شيخنا المفتي في النازلة، و قد اتضحت ملامح تفكيره وتوضحت أسباب موقفه ، ضمن أقل ما يمكن أن توصف به، وهو أنها تبحث عن بقعة ضوء بمعاكسة التيار، فقط من أجل لفت الانتباه لوجود الشيخ المتهاوي، إلى سديم يحفر فيه بالكلمات الجوفاء، مسار نبع لسراب ضوء كاذب بوهم أو توهم الحلول.
كل الناس بلا استثناء ضد حبس الرجل على ذمة مقالة صدح فيها برأي ،
وكل الناس على بينة مما يمكن أن يكون مع الرجل من اختلاف حول تفاصيل المحتوى أو شكل البناء، إلا شيخنا الوقور سابحا على ظهر موجة آيلة إلى السقوط، فوحده رأى غير ما رآه الناس في موضوع إدانة محمد الراجي بعد نشر المقال،
والسؤال المطروح هو: هل يعبر الشيخ عمر علوي ناسنا عن رؤية موضوعية ينسجم فيها مع تفكيره الموسوم بالارتدادية عن المبادئ العامة في القيم والأخلاق هذه الأيام؟
وفي هذه الحالة، فإن الحرج مرفوع عنه للعلل التي يضعها الفقهاء،إما لمرض لا تقبل معه شهادة ، وإما للوثة مس تسقط عنه القول.
أم أنه يعبر بموقفه الغريب والباهت، عن رؤية ذاتية يصدر فيها عن حاجة في نفس يعقوب، قد تكون من قبيل التماهي مع نزعة الميل إلى حسن الختام، ليس من أجل المصالحة مع الذات اقتناعا، ولكن من أجل المسالحة مع النظام نفاقا بالبهتان.
ومرجع السؤالين تحديدا، ذلك المنطق الذي حاول به الشيخ المداراة على فتواه ردا على تعقيب يستغرب منه ذاك الموقف المخجل، من حبس المدون المغربي محمد الراجي ، حين قال:
" قرأت المقال وإذا أردت رأيي لم يكن مقنعا ."
دون أن يحدد للقارئ مجال الإقناع والنسبة فيه ، متخذا من رأيه بالنفي المطلق ما يمكن وصفه بفتاوى البلاطات حين تكون بصدد تبرير ردة الفعل من الفكر المضاد ، كأنه أراد بلوغ المقالة مستوى الإقناع الذي يوصل إلى الإعدام بدل السجن لسنتين.
أما حين يحس شيخنا بأنه في فتواه معزول بالقوة عن السياق ، وأن صوته المملوح برائحة الصوفية المتهالكة قد صار ممجوجا في خطاب الدراوييش الذين يتزعمهم بالوهم والإيهام ، فإنه لا يتورع عن الهروب مرة أخرى إلى الأمام ( يمكن كسر الهمزة لبيان الاتجاه الذي يدافع عنه بلغة سيميائيي هذا الزمان ) حين يقول:"إنني أطالب بأن يتمتع بكافة حقوقه كمتهم وأن يجد حقه في الدفاع ،ولكن مقاله سطحي ومبني على مغالطات كثيرة"
فمحمد الراجي عند الشيخ عمر علوي ناسنا متهم ، ومقاله سطحي ومبني على مغالطات، وهكذا يلبس المفتي قميص القاضي والجلاد حتى قبل صدور الحكم بالحجة والبرهان.
آه يا زمن، صار فيه أشباه المثقفين ممثلين للنيابة العامة، وحتى من غير توكيل، صار الفقيه منهم يقدم فتواه بالحكم المسبق، بدعوى السطحية والمغالطة، أتساءل عما تركت لهم يا شيخنا الوقور من أسانيد نسيها من أوكلت نفسك للدفاع باسمهم عن الحقيقة التي تقول عنها بأنها لا تقبل التحايل.
كان بإمكاني السكوت عما يأتيه شيخنا وهو على حافة الافتقار لما تبقى لديه من ذرة عقل،
لكنني وجدت في تنبيهه على ما يسير فيه من اتجاه،أمرا بالمعروف في حقه على نفسه، حتى لا يجرف التاريخ آخر ما تبقى له من الممكن في كرامة التدارك، عساه يتسمع للنصح بالانسجام مع أبسط قواعد التفكير عند من يوصف بالإنسان، بدل التمادي في الغي مغالطا وعيه أو متغالطا فيه، كي لا يشار إليه بالأصابع بدل الإشارة كما يتوهم بالبنان .
وليت شيخنا سكت كما سكتت شهرزاد عن الكلام المباح، فقد كان يحتفظ لنفسه بما تبقى من ماء الوجه، فيما يتحفنا به من عجائب الأنوار التي أصبح بها آخر صوفية هذا الزمان، وقد نزع عنه رداء الخوض في الواقع بجد، ليلبس مسوح الرهبان، من يدري ؟ ربما بحثا عن جوقة تسير خلفه من حاشية السلطان، بعدما فقد الأمل في أن تسير خلفه الركبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام