الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاول الزمن تمزق الارواح

علي حسين الخزاعي

2008 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



لاحول ولا قوة للأنسان , سـوى الانتظار , والانتظار كالسـيف أن لم تقضي عليه يقضي عليك , هكذا كانت تسـير الامور , وهكذا شـاء الزمن بقسـوته على الانسـان البريء , فلم يكن له حول ولا قوة سـوى الانتظار .
والسؤال , الى متى الانتظار وهل بأمكان الادعية لوحدها ان تأتي بالفرج حسـب ما نراه اليوم ونسـمع من أحاديث وفتاوي تطرح هناك وهناك , لتسـبب الخمول والاعتماد على الغيبيات لحصول المرتقب ؟
اذن فالمعول قد نزل على رأس العراقي المسكين منذ أكثر من أربعة عقود ونصف , منذ أن فتحت أمريكا الضوء الاخضر لتحرك مخابراتها اللئيمة و كل الوسائل لأسـقاط ثورة الرابع عشر من تموز / 1958وتدمير مكاسـب الشعب التي حصل عليها بعد ثورته , فالقطار الامريكي جاء بالبعث وحلفائهم الى السلطة لتدمير كل ما هو حضاري وما له علاقة بقوى الخير والسلام , قتل براءة الانسان وكبريائه الجميل وعيشه الكريم على ارض الوطن , لأحياء مصالحه والدفاع عنها .
لقد صلب عود البعث واعوانه وانفردوا بالسلطة على حساب الاخرين وزج بالعراق وشعبه المسكين في حروب داخلية بهدف تحطيم البذرات الديمقراطية , وعندما شعر بالسيطرة على الساحة تحول الى كلب أمين لحراسة مصالح الطغاة من الامريكان والعالم الغربي خاصة بعد سـقوط الشاه العميل في ايران , فزج بشعبنا في حروب دامية وعندما افلس في عطاءاته دارت امريكا ظهرها له واصبح كبش فداء المصالح الامبريالية والقوى الرأسمالية في العالم .
أن اطماعه التوسعية وسياسته الهوجاء وعدائه للديمقراطية وحقده على قوى السلام واليسار الديمقراطي ادت به وبحزبه الى المنحدر والى مزابل التاريخ , وقد تمكنت امريكا وحلفائها من التقرب الى بعض القوى العلمانية والاسلامية , بعد ان تمازجت المصالح الطبقية لتفعيل العامل الخارجي وشن حرب على العراق في الوقت الذي كان بالامكان اسقاطه لولا الدعم الامريكي والاوروبي ( الشرقي والغربي ) والعالم العربي له , فكان العامل الخارجي نقـمة على الشعب والوطن ونعمة للبعثيين في هروبهم وتنظيم انفسهم .
والمؤسف ان الموالين لمن اطلق اسم الشيطان الاكبر على أمريكا هم اليوم الاقرب الى الشيطان الاكبر, ويعتبرونه الحليف الطبيعي ويدعون الى عقد الاتفاقية وفقا لمصالح امريكا وحماية لمصالحهم الطبقية ودورهم في العملية السياسية التي تنسجم مع مصالحهم الحزبية الضيقة بأسم حماية الوطن , وحق الامريكان لأنهم انقذوا العراق من حكم صدام هذا في العلن , ولكن الجوهر الدفاع عن تلك الخدمات التي قدمها نظام البعث لعقود طويلة .
وإلا فهل يعقل ان يعيش شعب في ظل ظروف صعبة ومعقدة , لايمكن من ايجاد حلول لها ولمدة زادت عن النصف عقد من الزمن ......... فلا ماء صافي للشرب ولا كهرباء ولا عناية صحية والتي نراها اليوم ونسمع عنها في عودة الكوليرا , التي تم القضاء عليها منذ ايام الشهيد عبدالكريم قاسم , إذن اين هي وزارة الصحة ووزارة الكهرباء ووزارة النفط والوزارات الخدمية الاخرى من تلك المآسـي , اين هي الوزارات الخدمية وما هو دورها لتوفير ابسط وسائل العيش , واين وزارة المالية والموازنات التي تطرحها واين تذهب تلك الاموال التي تدخل الى الخزينة من واردات النفط والتي تقدر بأكثر من مليارد دولار بعد الزيادات التي تحصل يوما بعد يوم على اسعار النفط , والتي يعاني شعبنا من عدم الاستفادة منها جراء السرقات والاعمال المشينة التي تقترف بحق الشعب اولا وبحق الوطن ثانيا .
ترى كيف لشعب ان يعيش في ظل هكذا ظروف ؟ ومن المسؤول عن تلك الاوضاع , هل نرمي بها على شماعة الارهاب وعلى النظام المباد كحجة للتهرب من المسؤولية ؟ أم ان الحقيقة المفروضة تكمن في وضع اليد عليها لهدف المعالجة والمساهمة في اعادة بناء الوطن .
فالشعب يعاني ما لم يعانيه اي شعب في تاريخ البشرية , حتى في الازمنة الغابرة لم يكن هناك من اجراءات مقيته تهدد حياة المجتمعات بشكل جماعي الا باستثناء الحربين العالميتين الاولى والثانية وكانت مع ذلك هي الاهون في حياة الناس مقارنة مع ما يعانيه شعبنا , فهل هناك من نهاية لتلك المعانات ؟
أقف خاشعا أمام هذا الشعب العظيم والذي تعرض لكل أشكال الارهاب والقتل والعنف الطائفي واليوم يتعرض لمحاولات العنف العرقي اضافة الى التهديدات من اطراف داخلية وخارجية محاولة منهم لكسر صمود الشعب وصلابته امام الرياح العاتية التي تحاول على ابقاء الغيمة السوداء في سماء الوطن.
ان الوقت حان للتخلص من الشعارات الرنانة واهواء المصالح الحزبية والتوجه الى اعادة الحياة للقضية الوطنية واعتمادها كهوية اصيلة للعمل وسط الجماهير المتعطشة للحصول على الخبز والملح واشعال روح الامل في اعادة الكهرباء والماء الصالح لبيوت الناس .
عجبي والامر اصبح عاديا ان هناك من يدعي بالوطنية والاخاء والحريات العامة وهو بعيد عنها بعد السماء عن الارض , لابعدم التنفيذ بما يدعيه بل وخلق المعوقات امام من يحاول بناء اسس العمل الديمقراطي السليم لاعادة بناء البنى التحتية المراد من خلالها خدمة الكادحين .
بسبب الاستمرار على نفس النهج السابق لم يعد هناك في العراق سوى هامش من الطبقة المتوسطة , وفي العراق يوجد اما الغني بشكل كبير وهو النمر الرأسمالي يأكل مال الاخرين ويتخبط في مقدرات الكادحين , او الفقير الذي لايمكن له الحصول على لقمة العيش الا بشق الانفس وللدلالة على ذلك ان مستوى خط الفقر في العراق وصل لأكثر من 60 % من نفوس العراق وان نسبة الامية وانصاف الامية وصلت الى اكثر من 65 % وان البطالة وصلت الى اكثر من 50 % باستثناء البطالة المقنعة والباعة المتجولين من الخريجين واصحاب الشهادات الجامعية .
أن شعار البعث السابق ( عشرة سنوات والعراق يتقدم ) لازال يبشر به البعض والمعاول لازالت تمزق بارواح المساكين , ترى متى نمسك المعاول الحقيقية لننقذ حياة الناس من معاول الزمن التي بايدي اصحاب القرار السياسي , وننقش في الصخر حروف المجد السرمدي لبناء صرح انساني تقدمي يعيش في ظله الانسان سيد نفسه .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة