الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجسس ...صناعة امريكية

علي الخياط

2008 / 9 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


يبدو من العسير وضع تعريف جامع و شامل للتجسس بسبب تعدد أفعال التجسس واختلافها مما يحول دون وضعها جميعاً في قالب واحد، إذ تشكل كل حالة جريمة خاصة ومميزة عن سواها. كما أن غالبية التشريعات الدولية لم تضع تعريفاً خاصا للتجسس، بل اقتصرت هذه التعريفات على تحديد الأفعال التي تعتبر جريمة من جرائم التجسس، أما على صعيد التشريعات الدولية فقد عرّفت المادة 29 من اتفاقية لاهاي للعام 1907 الجاسوس: ( بأنه ذلك الذي يقوم بممارسات في الخفاء أو عن طريق الخداع أو التنكر بهدف البحث أو الحصول على معلومات من دولة بغرض نقلها أو ايصالها الى دولة أخرى عدوة). كما عرفت المادة 46 من بروتوكول 1977 الملحق لإتفاقية جنيف لعام 1949:( الجاسوس بأنه ذلك الذي يجمع أو يحاول جمع معلومات ذات قيمة عسكرية، في الخفاء أو باستعمال الغش والخداع). وبالرغم من عدم الاتفاق على تعريف موحد للتجسس، فالمتفق عليه هو اعتبار التجسس من الجرائم المخلة بأمن الدولة الخارجي. وقبل احداث الحادي عشر من سبتمبر كانت وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة ممنوعة بشكل عام من التجسس على الاشخاص داخل الولايات المتحدة وكانت استخبارات الدول الغربية الأخرى تواجه منعا شبيها من مراقبة مواطنيها ومع هذا فقد تردد أن برنامج( اشيلون) وتحالف الـ‏UKUSA‏ قد وجد مخرجا للتحايل على هذا الحظر من خلال منح المملكة المتحدة فرص التجسس علي مواطنين داخل أمريكا ومنح أمريكا تسهيلات للتجسس على البريطانيين في المقابل وتردد فيما بعد أن الرئيس بوش منذ عام‏2002‏ قد وسع من نطاق برنامج( اشليون) ليتضمن المراقبة والتنصت على الأمريكيين وكان هذا سبب الجدل الذي نشرت تفاصيله في صحيفة نيويورك تايمز لكونه أمر با لتنصت على الشعب الأمريكي‏،وكذلك بثت القناة الأولى للتلفزيون الهولندي في احدى نشرتها الإخبارية الرئيسية بما يؤكد قطعيا من الأخبار التي شاعت خلال العام (2001) من أن تعاونا أمريكيا - بريطانيا في مجال التجسس على وسائل الاتصالات ؛ التلفونات الفاكسات ، الهواتف النقالة ، الانترنيت ( E.mail) ... الخ عبر الأقمار الاصطناعية ضمن عملية تسمى ( ECHELON) بموجبها يجري تسجيل جميع الاتصالات ، ولا يستثني منه أي بلد أو أي مجال ( مدني أو عسكري ،اقتصادي أو دبلوماسي) .و عقد البرلمان الهولندي اجتماعا خاصا مكرسا لدراسة هذا الموضوع واعتبر هذه العملية تجاوزا وتعديا على السيادة الوطنية ، والحريات الشخصية ، شارك في الاجتماع مجلس الحكومة وجهاز المخابرات ووجهت دعوة لعمل أوروبي مشترك للتصدي لهذا النشاط ، ذلك لأن مخاطره لا تمس مجالا محددا حيث قال ممثل جهاز المخابرات : (يمكن لك أن تتوقع الإنصات على اجتماعات البرلمان والحكومة ، دعك عن نشاطات الشركات وصفقاتها) ... وقال وزير الدفاع : (نحن منذ مدة لا نستعمل في اتصالاتنا أجهزة الاتصال المعتادة حتى الاتصال مع رئيس الوزراء يتم عبر جهاز مصون لا يمكن خرقه)،كما ان فضيحة التجسس على المالكي وبعض القيادات العراقية القت ظلالها على البرلمان والحكومة العراقية ،وكما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الامريكية أن هذه المعلومات جاءت في رابع كتاب للصحفي الأمريكي بوب وودوارد عن الرئيس الامريكي جورج بوش, ونقلت الصحيفة عن أحد مصادر وودوارد بشأن عملية التجسس الواسعة النطاق على رئيس الوزراء (نوري المالكي)وكبار السياسين. في الكتاب المزعوم نشره في الاسواق قريبا قوله "اننا نعلم كل شيء يقوله ".ويقول الكتاب الذي يحمل عنوان: "الحرب من الداخل, التاريخ السري للبيت الابيض 2006-2008 ", ان القوات الامريكية الاضافية التي ارسلت في عام 2007 لم تكن العامل الاساسي وراء التراجع الكبير في اعمال العنف في العراق.
وتحدث وودوارد عن تقنيات سرية جديدة "رائدة" بدأ العمل بها من عام 2007 مكنت الجيش الامريكي ومسؤولي المخابرات من تحديد اماكن وقتل زعماء التمرد والافراد الرئيسيين في الجماعات المتطرفة مثل القاعدة في العراق.
واضافت ان( وودوارد) لم يقدم تفاصيل كثيرة عن العمليات السرية حيث جاء في كتابه انه طلب منه ان يحجب معلومات محددة لاسباب تتعلق بالامن القومي. التجسس على العالم هواية امريكية وربما تفضلها اسرائيل اكثرمن أي دولة اخرى، والتجسس عملية عالمية، تعتبر الولايات المتحدة الامريكية صاحبة السبق فيه رغم الخسائر الهائلة التي اصابتها نتيجة هذا المجال، حيث قدر حجم الخسائر الامركية بنحو 200 مليار دولار سنوياً! بسبب تجسسها على الحكومات الصديقة والحليفة والخصوم على الاسرار العسكرية والصناعية الاقتصادية واستعانت امريكا باحدث الاجهزة ووسائل التكنولوجيا لخدمة اغراضها التجسسية، ففي اواخر 1990 التقطت احد الاقمار الصناعية الامريكية الرئيس العراقي المقبور( صدام حسين) وهو يحلق ذقنه داخل ملجأ (آمن) يحميه من غارات التحالف والعمليات العسكريةآنذاك ولكن لم يصدر أي امر بضرب هذا الملجأ؟ وبحلول 1999 اعترفت الولايات المتحدة بوجود برنامج سري للتجسس يدعى (ايكيلون) بهدف اعتراض جميع الاتصالات الدولية في انحاء العالم، سواء عبر الهاتف او البريد الالكتروني، عن طريق الاقمار الصناعية والكابلات الضخمة الموجودة في اعماق المحيطات، وسجلت واشنطن مكالمات اميرة ويلز الراحلة (ديانا) وجمعتها في ملف يتكون من 1056 صفحة، واستطاعت امريكا تحذير امير الكويت الشيخ (جابر احمد الصباح) بساعة الغزو العراقي فجر 2 اغسطس 1990، وكذلك استطاعت واشنطن من الحيلولة دون تضخم ثروة بن لادن من خلال تساقط اعوانه و ممموليه في مختلف انحاء العالم، و مراقبة شركات(بن لادن)وحجم ارصدته في البنوك العالمية، وتراقب وكالة الامن القومي التحويلات المالية التي يجريها (بن لادن) عبر الهاتف المحمول الخاص به والمتصل عبر القمر الصناعي، وفي نفس النظام تنصتت واشنطن على مكالمات الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال( ضياء الحق) قبل اغتياله في الجو لمنعه من المضي قدماً في مشروعاته النووية، وبه ايضاً تم تحديد مكان اقامة القيادي في منطقة التحرير الفلسطينية، (ابو جهاد) في تونس وكذلك تم تحديد مكان السيد (هادي ابن السيد حسن نصر الله) في جنوب لبنان واصابته بقذيفة في اقليم التفاح، مما ادى الى استشهاده.
ولا ننسى ما حدث في افغانستان عام 2001 حين قصفت الطائرات الامريكية موكب من 14 سيارة متجهة الى كابول، مما ادى الى وقع مذبحة راح ضحيتها 65 شخصاً ولم يكن اولئك الاشخاص افرادا عاديين، ولا اعداء من تنظيم القاعدة او حركة طالبان وانما كانوا زعماء القبائل وشيوخها وقادة المجاهدين، الذين حضروا للمشاركة في الاحتفال بتنصيب الحكومة الجديدة في العاصمة الافغانية الا ان معلومات خاطئة قادت الى هذه المجزرة ،واستطاعت الولايات المتحدة ان تجند رؤساء حكومات ودبلوماسيين وحتى ملوك في مختلف انحاء العالم ،ولانعلم ما سيطفوا على السطح من فضائح التجسس التي لن يسلم منها احد لامن قريب ولا من بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ