الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سينمائيون فلسطينيون وإسرائيليون يحصدون الجوائز ويتبادلون استلامها

بشار إبراهيم

2008 / 9 / 15
الادب والفن


كان المشهد فريداً، على الرغم من أن أحداً لم يخطط له، ولم يسهر على إخراجه..
غالب الظن أن المشهد كان ابن لحظته، فمن المنطقي أن أحداً لم يكن يعرف بقرارات لجنة التحكيم (سواها)، وهي التي مالت إلى تسويات فريدة..
وهكذا تماماً..
عندما أعلن فوز المخرج الإسرائيلي عيران كوليران بجائزة عن فيلم «زيارة الفرقة»، دُعي إلى المنصة الممثل الفلسطيني صالح البكري لاستلامها..
وعندما أعلن فوز الممثلة الفلسطينية هيام عباس بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم «شجرة ليمون»، دُعي إلى المنصة المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي لاستلام الجائزة..
لم ينبس المثل الفلسطيني صالح البكري، سوى بكلمة «شكراً»، مع ملاحظة أنه أدى إحدى شخصيات الفيلم الأساسية..
بينما ارتجل المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي، بضعة كلمات، عبر فيها عن اعتزازه بالممثلة الفلسطينية هيام عباس.. «صديقتنا».. وهو لا علاقة له بالفيلم..
وهكذا تماماً..
عندما أعلن فوز الفيلم الفلسطيني «ملح هذا البحر» بجائزة، صعد إلى المنصة كل من المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والممثل الفلسطيني صالح البكري، وصنعا احتفالية بهيجة، فلسطينية خالصة، ولعل في ذاكرتيهما رانت حينذاك، احتفالية أوسع شهرة وأكثر ضجيجاً، لدى عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي، قبل بضعة شهور.
كانت قاعة «سيني فور» الواسعة والكبيرة، مليئة عن بكرة أبيها، بل إن الجمهور الهندي الذي طغت على ملامحه سيماء الشباب، ملأ الممرات والأروقة بين الكراسي التي انفردت بهندسة أنيقة في تلك القاعة المهيبة..
وكان خليطاً عجيباً ذاك الذي جرى؛ فلسطينيون وإسرائيليون يحصدون الجوائز ويتبادلون استلامها.. كان أمراً يحتاج لمهتم ومتابع كي يفكك مراميه ومغازيه ودلالاته.. فهل يمكن لهذا الجمهور الهندي الشاب أن ينتبه؟..
لقد حرص السينمائيون الفلسطينيون، في أفلامهم وخارجها، على إبراز صورتهم؛ صورة ضحية الاحتلال الاسرائيلي.. ورفضهم لأيّ حل لا يتضمن عودتهم إلى (يافا، حيفا، عكا)..
بينما اعتنى السينمائيون الإسرائيليون، في أفلامهم على الأقل، بإظهار مواقفهم النقدية تجاه المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، سواء العسكرية، والأمنية، والقضائية.. بل وحتى البنية الاجتماعية، التي تميز بين يهود شرقيين وآخرين غربيين..
كان خليطاً نادراً، يكاد يقول، بين ثنايا الصورة السينمائية وخطابها، إن فلسطين إلى تقدُّم وإعادة تحقق، وإن الصهيونية والاحتلال والعنجهية الإسرائيلية، إلى تراجع وبهتان..
لم يحتج السينمائيون الفلسطينيون إلا إلى القليل من الجرأة لقول ذلك، على الرغم من الخيبة المحيطة بهم، على كافة الصعد.. كان هاجسهم الأساس كيف يمكن أن يقولوا فلسطينهم عبر فن سينمائي، يرقى إلى منصات المهرجانات، ويزيّن شاشات الصالات..
بينما احتاج السينمائيون الإسرائيليون إلى الكثير من الجرأة لمعاندة اعتداد الحكومات الإسرائيلية بإنجازاتها، واتكائها على تهافت الرسميين العرب، الصامتين عن سوءات إسرائيل وممارستها، والساعين للتصالح معها، كما هي، وكيفما اتفق.. كان هاجسهم كيف يمكن أن يحولوا الفن السينمائي إلى ضوء كاشف، يسلط على معضلات الواقع، التي لا يفيد التعامي عنها..
براعة السينمائيين الفلسطينين، تكمن في تلك القدرة الباهرة على تحقيق أفلامهم السينمائية، على الرغم من كل ما يواجهونه من انعدام الدعم العربي، وصعوبات الدعم والتمويل غير العربي، وافتقاد الأرض التي يمكن أن يقفوا عليها، ليصنعوا أفلامهم..
السينما هنا لا تمزح..
من ناحية السينمائيين الفلسطينين.. إنها تقول الوجود الفلسطيني، وتصوره، وتقدمه واضحاً عياناً..
من ناحية السينمائيين الإسرائيليين.. إنها تناقش الواقع الإسرائيلي، وتوجه سهام النقد إلى تلك المفارقة بين وجودها كـ «دولة»، وممارساتها كـ «احتلال»..
هل سيلتقط الجمهور الهندي المكثّف، وغالبيته من الشباب، هذا؟..
مشكلة الأفلام الفلسطينية والإسرائيلية، على السواء، أنها تنطلق من معرفة أولية.. إنها تفترض بالمشاهد الذي يراها، امتلاك معرفة أولية عن مفردات هذه القضية، الناشئة منذ ستين عاماً، والتي شهدت الكثير من التحولات، وجرت في أنهارها مياه كثيرة..
من جهة أولى، ومن ناحية الأفلام الإسرائيلية.. يبدو أن من الصعوبة، حتى على المشاهد العربي، الانتباه في الفيلم الإسرائيلي «زيارة الفرقة»، إلى أن أولئك الإسرائيليين الذين يعشون أزماتهم العميقة، مرمين على حافة الصحراء، هم من اليهود الشرقيين..
وكيف يمكن للمشاهد معرفة أسباب وظروف انهمار صواريخ حزب الله، على قلعة الشقيف، في الفيلم الإسرائيلي «بوفورت»، بينما الجيش الإسرائيلي يلملم آخر بقايا جنوده، ويرحل؟..
وهل يمكن التأكد من وصول رمزية بيارات الليمون، الضرورية لتفهُّم أسباب تفاني المرأة الفلسطينية في الحفاظ على أشجارها، بمواجهة الحكومة الإسرائيلية، ممثلة بوزير داخليتها، وقضاتها، ومحكمتها الدستورية العليا؟..
ومن جهة ثانية، ومن ناحية الأفلام الفلسطينية.. سيحتاج المشاهد لمعرفة رمزية «يافا، حيفا، عكا»، وملابسات اتفاقيات أوسلو، لمعرفة مرجعيات المصائر التي تقود شخصيات الفيلم الفلسطيني «حيفا».. كما أن الخريطة الفلسطينية، والدروب الموزعة بين تل أبيب، ورام الله، والقدس، ويافا، والدوايمة.. والتي تبدو واضحة للمشاهد الفلسطيني، والإسرائيلي، والقليل من العرب، لن تبدو كذلك لغيرهم..
حمل السينمائيون الفلسطينيون والإسرائيليون أفلامهم، وذهبوا إلى صالات «سيني فور» في نيودلهي..
وفي الوقت الذي ظهر السينمائيون الفلسطينيون أكثر تشدداً في التمسك بفلسطينهم.. مع شيء من النقد اتجاه السلطة الفلسطينية.. بدا السينمائيون الإسرائيليون أكثر عناية بالموقف النقدي إزاء إسرائيل.. مع شيء من النقد اتجاه السلطة الفلسطينية..
ومع ذلك.. بقي السؤال الذي لا بد منه:
هل حضرت الأفلام الإسرائيلية في مهرجان «أوسيان للسينما العربية الآسيوية» باعتبار إسرائيل دولة آسيوية؟.. وهل يمكن لحضور الأفلام الفلسطينية والإسرائيلية، والأفلام العربية الأخرى التي تناولت جوانب من المسألة، إدخال مفردات الصراع العربي الإسرائيلي، أو القضية الفلسطينية، في قائمة اهتمامات الجمهور الهندي، أو على جدول أعمال القضايا الآسيوية؟.. وهل انتبه العرب يوماً إلى أن أكثر من ثلثهم، وأكثر من ثلاثة أرباع المسلمين، آسيويين؟..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق