الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هُنا بلْ هُناكْ

خيري حمدان

2008 / 9 / 15
الادب والفن



هُنا بَلْ هُناكْ
يكبُرُ الصمتُ في الوطنِ – المهجَرْ
تركتُ عمامَتي وعَصايَ ورغيفَ خبزٍٍ أسْوَدْ.
تَرَكٍتُ بَصَماتي شارِدَةً معَ بقايا الزَبَدْ.
انحصرَ البَحْرُ، وكَأنّهُ اليومََ يَخْشى ما تبَقّى مِنْ وطنٍ وَمَهْجَرٍْ

هُنا بَلْ هُناكْ.
زَرَعْتُ النَرْجِسَ في التُرْبَةِ السَمْراءَ المحروقة
رائِحَةُ البارودِ تَنْبَعِثُ نافِذَةً
هُنا دُفِنَ ثلّةً مِنَ الأنْبِياءِ
وجَمْهَرَةُ مِنَ الشُهَداءِ
وما لا يُحْصى مِنَ القتلى الفُقَراءِ.

هُنا بَلْ هُناكْ
تُهْتُ في لُجّةِ العِشْقِ كَطِفْلٍٍ يَبْحَثُ عَنْ الأمانِ
فوقَ النَهْدِ المُتَدَفِّقِّ أمَلاًً.
كَيْفَ انْقَطَعَ حَبْلُ الصُرَّةِ؟
كَيْفَ تَيَتّمَ الغابْ؟
مَنْ قَطَعَ أعْناقَ الزَيْتونِ؟
والعِنَبُ يَنْدَلِقُ نَبيذاً عِنْدَ حافّةِ الطَريقِ.

هُنا بَلْ هُناكْ
نَسيتُ يا حبَّ، نَسيتُ كَيْفَ تَشَكّلَ قَوسُ قُزَحْ؟
وَكَيْفَ غَضِبَ الجنودُ ذاتَ لَيْلَةٍ فَأطْلَقوا في عَينَيهِ
الرَصاصَ؟
وكَيفَ جفّ البَحْرُ الميّتِ ليكْشِفَ عَنْ أحْياءٍ كَلُحَتْ
عظامها؟
نسيت يا حبّ كيف تفوحُ رائحةُ النَعْناعِِ والزعتر
والّليمون؟

هُنا بَلْ هُناك
رحيلٌ نَحْوَ أقمارٍٍ مُظلِمَة
وأنا وأنْتِ قِصّةَ حُبِّ تَكَسّرتْ دونَ
عَناء
بَعْدَ أنْ طالَ اللِقاء
فكَيفَ أُراقِصُ العَنْدَليبَ عِنْدَ
المساء؟
دونَ أنْ أحْرِقَ أطْرافَ أصابعي هذا
الشِتاء

هُنا بَلْ هُناكْ
قَرَأتُ سورةَ التكوينِ والإسْراء
وَدُرْتُ حَولَ نفسي كَما الحَجيجُ عِنْدَ الكَعْبَة
قَدْ أكونُ أصِبْتُ بِمَسِّ منَ الجنونِ بَعْدَ أنْ سَرَقوا
صَوتي
كيفَ أغنّي لصغيرتي أنشودةَ الحياةِ في أرْجوحَتِها؟
كيفَ تَكْبُرُ في زمنِ الّلاعشق؟
وتنسى لعْنَةَ السُؤالِ عنْ أسْبابِ الهَلاك.

الآنْ ..
أنْهي حِوارَ الزُعَماءَ الأشْقِياءَ القابعين في قصورِهِمْ
وحُجُراتِ نومِهِمْ المُرَصَّعَةِ بالذَهَبِ الكَئيبِ مَسْفوحاًً
فَوقَ أَكراتِ الأبْوابِ وعِنْدَ حافّةِ الضَميرْ.

هُنا بَلْ هُناكْ
أسْتَرِقُ السَمْعَ ساعةَ الاحتِضارْ
وأتَساءَلُ مَنْ قتلَ الأنْبِياءَ في غَفْلَةٍ منَ
الزمنْ؟
انقضت أرْبَعونَ عاماً يا موسى،
وستّون أخْرى .. عُدْنا إلى سيناءَ
عُدْنا إلى عَينِ الصَحْراءِ نَبحَثُ عَنْ مُنْقِذْ
منْ يَشُقُّ البَحْرَ أمامَنا؟
منْ يُعلِنَُ موتَنا السريريّ؟
منْ يُعْلِن اليومَ الدَولَةَ ثمّ ينتَحِرُ خَوفاً منَ
الزَواحِف؟

هُنا بَلْ هُناكْ
تَنْتَهي قِصَّةٌ لَمْ تَبْدَأ فَصْلَها الأوّلْ
لم تُكْتَبْ حُروفُها الأولى
لمْ تُقْرَأ، لمَ تُؤوَّلْ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر