الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطالعة نقدية لواقع حركة فتح وسبل استنهاضها ...

يونس العموري

2008 / 9 / 15
القضية الفلسطينية


لطالما شكلت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عنوانا اساسيا ورئيسيا من عناوين الحياة السياسية الفلسطينية، وكانت على الدوام موضع الجذب والاهتمام كونها القابضة على دفة العمل السياسي والمتحكمة بمسار الفعل العام بمختلف مساراته الوطنية والإجتماعية والاقتصادية كونها قد استطاعت وكما هو معلوم ان تسيطر على المؤسسات الوطنية العامة المنضوية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية حتى بات الخطاب الوطني الفلسطيني الرسمي وتوجهاته يعكس بالأساس التوجهات الفتحاوية ذاتها بل ان هذه التوجهات كانت قد عبرت عن نفسها بخطاب منظمة التحرير التي اصبحت متوافقة ومنسجمة والخطاب الفتحاوي دون اي شكل من اشكال التمايز او التناقض ما بين الخطابين اي ان حركة فتح قد تماهت بالخطاب العام لمنظمة التحرير الأمر الذي اضاع الى حد كبير خصوصية فتح كحركة نضالية ريادية وقيادية للإطار الفلسطيني الجامع والذي بلا شك انها قد استطاعت ان تعيد احياء الهوية الوطنية الحضارية للشعب الفلسطيني بعد ان تعرضت للطمس والتذويب... وهو الأمر الذي يسجل لصالح تاريخ فتح برغم الكثير من التعارضات وهذا الشأن الذي جعل من فتح حركة هلامية الشكل وفضفاضة. وحينما وجدت فتح ذاتها امام اختبار الازمات والتي اقل ما يقال عنها اليوم انها حركة يصعب لملمة مبعثراتها ولم شملها وجمع قادتها وفق برامج واحدة موحدة أضحت الحركة فيه تحاول ومن خلال مؤسساتها اعادة هيكلة ذاتها عبر تجديد خطاباتها التي تتنازعه الكثير من التناقضات التي تعبر بالدرجة الأولى عن نزاعات شخصية لممالك تربعت على عرشها وليس بالضرورة عرش الصف الأول بمعنى ان فتح قد صارت اليوم ممالك للكثير من الأمراء الجدد والقدماء الذين صنعوا لذواتهم الكثير من الإقطاعيات بصرف النظر عن مواقعها القيادية وأطرها المختلفة.
ان حركة فتح تعيش اليوم واحدة من اخطر مراحلها حيث ضياع هويتها وضياع أسسها وثوابتها في معرض مزايدات الكثير عليها وعلى تاريخها في الوقت الذي اصبح الكثير من رجالاتها يعبرون عنها دون ان ينتموا الى ادبياتها واسس منطلقاتها محاولين احداث تغيرا تطويعيا على فتح يفقدها ألمعتيها ورياديتها وحقيقاتها الموضوعية كحركة سياسية نضالية كفاحية تبنت المشروع الوطني الفلسطيني بالحرية والسيادة والاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية. ومما لا شك فيه ان فتح تتعرض لتحولات تاريخية وجذرية على مسارها حيث من الممكن وصف فتح بالظرف الراهن بمعايشتها لمخاض من نوع جديد واخر من الممكن القول عنه انه مخاض ما قبل الولادة الجديدة لفتح والتي قد تكون ولادة مشوهة تأتي بشيء اخر غير فتح التي نعلم ونعرف وقد تكون انبعاث طائر الفينيق الفتحاوي من تحت رماد وركام ازاماتها وتناقضاتها ... وفي هذا السياق يعاود الكثير تعليق الأمال على اشخاص قيادية في الحركة الامر الذي لا يبشر بالخير بالمرحلة القادمة خصوصا في ظل الحالة الفلسطينية عموما والتي باتت تهدد المشروع الوطني ككل ولها أثارها الكارثية على الكل الوطني وليس على فتح فحسب ... وحتى نعي حقيقة وطبيعة التحولات التاريخية والجذرية لمسار حركة فتح الراهن وتحديدا بفترة ما بعد رحيل زعيمها وقائدها ياسر عرفات وما بعد خسارتها بإنتخابات التشريعي بالعام 2006 لابد لنا من ان نسترجع حقيقة المبادىء الأساسية التي قامت عليها هذه الحركة.. وطبيعة الظروف التاريخية التي واكبت فعل انطلاقاتها وحقيقة الظرف الموضوعي الذي صاحب انبثاق حركة فتح وخروجها الى الواقع الفلسطيني والعربي وما هية العوامل الموضوعية التي صاحبت فعلها بكافة الظروف والمراحل ... اذ ان نشأة فتح وتكوينها واعادة قراءة الحدث التاريخي لبدايات فتح تضع الأمور في نصابها الصحيح وتساعد بالتالي على معرفة ماهية التحولات الجذرية والتاريخية لمسار حركة فتح وحقيقة استراتجياتها ما بعد أزماتها الراهنة، التي اعتقد ان فتح اليوم بعيدة كل البعد عن ماجاء في نصوص وادبيات هذا مؤتمراتها الخمس السابقة، الأمر الذي يتطلب رصد وقائع فتح وحقائقها للإجابة على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان الكثير من الباحثين والمراقبين والدارسين لمسار الحركة الوطنية الفلسطينية عموما ولمسار حركة فتح خصوصا.
تاتي هذه المقدمة في محاولة لفهم ما يجري في فتح وهل من الممكن استنهاض فتح من جديد وهو الأمر الذي بات ينادي فيه كل الغيارى الفلسطينين والعرب القوميين على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني اذ ان انهيار حركة فتح وضياعها في أتون اخر غير أتونها وبرمجتها وفقا لإعتبارات أجندات الغير سيصيب الحركة الوطنية برمتها بالشلل والذي بات ملموسا بشكل او بأخر بالظرف الراهن .... والسؤال الذي يفرض نفسه هنا .. ما هو السبيل لإستنهاض فتح من جديد وعودتها الى ان تقود المشروع الوطني قيادة فعلية ومسؤولة بهدف إستكمال مرحلة التحرر الوطني وذلك من خلال الخلاص من كل افاتها والطحالب التي علقت بها ...؟؟
وفي هذا السياق تتداخل الكثير من الاجتهادات بمختلف الأشكال فهناك من يقدم اطروحات سياسية تتماشى وما يسمى حاليا والواقعية السياسية في محاولة من انصار هذا التيار لدفع فتح بأن تتبني ما يسمى بالواقعية السياسية والتسليم بوقائع العصر الجديد وان تخلع ثوبها من الناحية النظرية وان تتخلى عن أدبياتها وثوابتها (وان كانت حاليا باقية فقط في نصوص أدبياتها وبعض بياناتها الصادرة عن بعض مؤسساتها) ... وهناك من يحاول ان يعتمد على اسلوب اعادة لململة مبعثرات فتح خدمة لمنهاج سياسي ما... هو الأخر موظف لصالح اجندة إقليمية وحتى دوليية بعيد عن المتطلبات الوطنية واستحقاقات المرحلة والتي تتطلب استنهاضا سياسيا مستندا على الثوابت الكفاحية واستعادة فتح لزمام المبادرة الوطنية في التصدي للمشروع الإسرائيلي الإستيطاني التفريغي وانجاز هدف الدولة كاملة السيادة وعدم التفريط بالهدف الإستراتيجي هذا من خلال استبدال الدولة بشكل كياني اخر ممسوخ ... واخرون يعتقدون ان تحول فتح الى حزب سياسي يمارس احتراف العمل والفعل السياسي على الساحة الفلسطينينة في ظل متغيرات السلطة وتقويض اركان منظمة التحرير الفلسطينية من شأنه ان ينجز المشروع الفتحاوي الجديد وهذا بإعتقادي مقتل لحركة فتح ... اذ ان جوهر فتح يكمن في كونها حركة تحرر وطني وليست حزبا سياسيا ايدلوجيا او عقائديا لها الكثير من مبررات الفعل والعمل حسب الرؤية الوطنية البراغماتية اولا ... وهناك من يعتقد ان خلاص فتح لا يمكن ان يتأتى الا من خلال قيادة جديدة يقف على رأسها شخصية قادرة على التأثير بمسارها بشكا عام ...
ان كل هذه النظريات لا شك انها محل تجاذب وسجال في الأوساط الفتحاوية بمختلف اطر وفعاليات الحركة ... الا انها تبقى مجرد اجتهادات لا تسمن ولا تغني من جوع اذ ان جوهر عملية الإستنهاض اذا ما جاز التعبير يجب ان تقاس بمدى قدرة المطروح سياسيا او تنظيما على محاكاة المرحلة الراهنة وتداعياتها والتصدي لمتطلباتها وتحدياتها في ظل قوانين العصر العالمي الجديد وثانيا مدى انسجامية المطروح وحقيقة فتح ذاتها ...
وهنا لابد من مواجهة الذات الفتحاوية بممارسة المراجعات النقدية اللازمة خاصة في ظل المرحلة الراهنة والتي تتميز بحالة الشرذمة التي تعيشها الساحة الفلسطينية وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة الأمر الذي يعتبر سابقة خطيرة بالتاريخ الفلسطيني المعاصر بمعنى ان الخلاف الداخلي كان جزء من اجندة الخلافات الإقليمية احدى ساحاتها الرئيسية الساحة الفلسطينية، وهنا لابد لحركة فتح ان تعي هذه الحقيقة فمسالة الصراع ما بينها وما بين حماس ليس مجرد اختلاف بوجهات النظر او محاولة للإنقضاض على العرش السلطوي فحسب بل انه تعبير دراماتيكي وفعلي لجوهر الخلاف الإقليمي ذاته ومما يؤسف ان فتح هنا أخذت مكانا غير مكانها الطبيعي .... وعليه فان المسألة الخلافية على الساحة الفلسطينينة تلقي بظلالها على حركة فتح حيث من المستحيل ان تحل الخلافات الداخلية ما بين فتح وحماس واستعادة اواصر الوحدة الوطنية وبناء منظمة التحرير الفلسطينية على اسس وثوابت وطنية وهيكلتها بما يتواءم ومتطلبات المرحلة الا من خلال اعادة صياغة فتح تنظيميا وسياسيا وقياديا استنادا الى روح فتح ذاتها ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة