الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي مستقبل للأمازيغية بالمغرب

احمد ابادرين

2008 / 9 / 15
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


نظمت جمعية البحث والتبادل الثقافي الدورة الثالثة ل "ربيع الثقافة الأمازيغية" لجهة الرباط سلا زمور زعير أيام 26ـ30 مارس 2008.
وكنت من بين المشاركين بمداخلة هذا نصها.
ما ذا نقصد بمصطلح الأمازيغية
يثيرني خطاب بعض مكونات الحركة الثقافية الأمازيغية التي تركز على عنصر اللغة وحرف الكتابة (تيفيناغ) باعتبار ذلك تجسيد للأمازيغية.
أما أنا فلا أجسد الأمازيغية في اللغة و اللهجات وإنما أعتبرها هوية للشعب المغربي بكل ما تعنيه كلمة "الهوية" من معنى من حيث كون هذا الشعب يعيش خليطا من بقايا الوثنية واليهودية والمسيحية والإسلام ويضاف لهذا الخليط التاريخي عناصر أخرى من الإنتاج الثقافي الإنساني العالمي شرقه و غربه.
و اللغة مجرد مصطلحات من ابتكار البشر يمكن إن يعوضوها بدون شفقة ولا رحمة أو عاطفة. وورد في التاريخ أن الشعب المصري بدل لغته أكثر من أربعين مرة بدون مركب نقص. ولا زال يفتخر بأصوله الفرعونية.
يثيرني أيضا كون البعض يأخذ المسألة الأمازيغية بطريقة يبدو معها متطرفا لدرجة معاداة اللغات الأخرى متناسيا أن الذات لا تتحقق عن طريق معاداة الأخر.
بعض هذه المكونات تعبر عن وجودها أحيانا أو غالبا عن طريق اختلاق خصوم وأعداء، وهذه منهجية خاطئة في العمل السياسي لأنها تجعل من صاحبها شخصا حذرا يخاف دوما من الالتقاء مع الآخر في المواقف. وهذا أسلوب تطرفي يؤدي بصاحبه إلى الانعزالية القاتلة.
حماة الهوية في المغرب يمارسونها في حياتهم اليومية دون الإحساس بوجود حدود جغرافية، على عكس الوضع الذي كان سائدا إلى عهد قريب في تركيا مثلا التي لا يتحدث فيها المسافرون اللغة الكردية في الحافلة التي تقلهم من أنقرة إلى المناطق الكردية إلا بعد اجتياز الحافلة نهر الفرات حيث تصبح الحافلة كردية بجميع ركابها. أما عندنا في المغرب فإننا نتكلم الأمازيغية في كل مناطق المغرب حاضرته وباديته دون خوف أو مركب نقص.
أما الاهتمام بها سياسيا فهذا أمر آخر يتطلب منا الرصد للوقوف على المستجدات في المواقف و بحث إمكانية تطوير الخطاب بخصوص موضوع الهوية.
مسألة الهوية لا ينبغي أن يحكمها منطق ردود الفعل المتشنجة من طرف المختلفين حولها من مثل ردود الفعل التي ظهرت في مصر مثلا لما طردت من حظيرة جامعة الدول العربية على إثر زيارة الرئيس أنور السادات لإسرائيل حيث تعالت أصوات في مصر تنادي بالرجول إلى الأصول الفرعونية وفك الارتباط مع العرب.
إن الشعب المغربي كله أمازيغي، هوية وثقافة، ويتحدث عدة لهجات، ويمارس عدة ديانات متعايشا فيما بينه دون عنصرية، ولا مجال للاستخفاف بهذه الهوية التي تعتبر أساس وحدة الأمة.
هل توجد أجناس وأعراق في المغرب؟ هل توجد في المغرب أقليات عرقية ونحن لا نعرفها؟ نحن لا زلنا نومن بأن الأمة المغربية بمختلف دياناتها اليهودية والمسيحية والإسلامية، أمة واحدة ولا تعاني من صراع عرقي. أمة واحدة بمختلف لغاتها ولهجاتها وليس بين أفرادها أي صراع ذو أسس عرقية أو دينية أو لغوية.
في المغرب لهجات، أو لنقل لغات، تختلف من جهة إلى أخرى: ريفية في الريف تشلحيت في سوس، وتمازيغت في الأطلس، ودارجة في باقي المناطق. وليست لدينا عربية والجميع يعلم هذا ولا مجال للمزايدة.
اللهجات لغات وطنية بحكم الواقع لأنها تستعمل في الحياة اليومية بين المواطنين، في الوسط العائلي وفي الأسواق وفي التجمعات السكنية، والمطلب الرامي إلى دسترتها على هذا الأساس يعتبر مطلبا مشروعا مستندا إلى الواقع. ولا ينبغي أن يعتبر دعوة لإثارة النعرات العصبية.
إن مفهوم رسمية اللغة يعني الضرورة العملية للتواصل، وقد تختار الدولة لغة أجنبية حرفا وكتابة كلغة رسمية، كما هو الشأن بالنسبة للحرف القرآني الذي قيل عنه أنه فارسي والراجح أنه أرامي كانت تكتب به لهجة إحدى القبائل مابين الرافدين، ولم يرد أن العرب لهم حروف خاصة بهم، ومع ذلك اعتمده العرب في الكتابة دون مركب نقص، فكما يكتب العرب بالحرف الآرامي فإن الأتراك يكتبون بالحرف اللاتيني خاصة بعد أن منع أتاتورك استعمال العربية، كما منعها حاكم اسبانيا بقرار سياسي أيضا بعد نهاية حكم الأندلس.
ونشير بالمناسبة إلى أن الخلاف لا زال لم يحسم حول حرف تيفيناغ الذي يقول عنه البعض بأنه أمازيغي والبعض الآخر يقول عنه بأنه فينيقي وإن تقرر سياسيا اعتماده في كتابة اللغة لأمازيغية في المغرب.
وبهذا الصدد يمكن المجازفة بالقول أن الخطاب الأمازيغي يتسم بنوع من الغموض.
جمعويا يمكن قبول الاهتمام بالأمازيغية كهوية ثقافية. والكل مجمع على أن الهوية لثقافية تعني جملة من الطقوس السائدة في المجتمع (الرقص الغناء طقوس الحرث والحصاد والدرس وجمع الغلل والأعراس وكذا لغات ولهجات التواصل) حيث بالفعل للمغاربة خصوصيات تميزهم عما سواهم من باقي الشعوب.
حزبيا نلاحظ عدم الوضوح بالرغم من أن حزب الاتحاد الاشتراكي شكل لجنة خاصة سماها لجنة الهوية بمناسبة مؤتمره الأخير الذي سيكمل شوطه الثاني خلال نونبر 2008.
وكان الحزب الشيوعي المغربي (حزب التقدم والاشتؤاكية) السباق لنشر وثيقة خلال سنة 1978 حول الثقافة الأمازيغية.
وإذا كانت الرفضوية هي وحدها التي تجمع جبهة الرفض الأمازيغي (أقصد بها ذلك الحزب وتلك الجمعيات التي تصدر من حين لآخر بيانات تدعو فيها لمقاطعة الانتخابات ومقاطعة النظام بجميع مكوناته المؤسساتيه بما فيها الأحزاب السياسية والنقابات) فإنه من الصعب تمييز جبهة الرفض الأمازيغي هذه عن الحركات الإسلاموية (العدل والإحسان وما يسبح في فلكها)، التي يجمع بينها الفكر التكفيري والدعوي الديني دون أي شيء آخر.
ويجب البحث في لغة الخطاب لمعرفة ما إذا كان خطابا سياسيا يدعو إلى المساواة في الحقوق وفي الحفاظ على المكتسبات داخل القطر الواحد، أم أنه خطاب مواجهة يدعو لطرد العرب من البلاد لكونها أرض أمازيغية. وعلينا أن نتصدى لمثل هذا الخطاب الذي يسعى إلى التفرقة بين مكونات الأمة المغربية ذات الهوية الأمازيغية المشتركة.
وحتى في الحالة التي يعتبر فيها الأمازيغ أقلية لغوية فإنه من حقهم التمتع بثقافتهم الخاصة واستخدام لغتهم بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم. وهذا في نظري أمر متاح ويمارس بشكل عادي.
صحيح أن بعض الأسماء الأمازيغية الأصلية لبعض الأماكن الأثرية بدأت تتقلص لتحل محلها أسماء أخرى، غير أن هذا الأمر يمكن معالجته وليس من شأنه طمس الهوية الأمازيغية للشعب المغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي