الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاص السودانى عبد الحميد البرنس : الطيب صالح لو عاش فى السودان لوجد مصيرا مشابها !!!!

احمد ضحية

2004 / 2 / 13
مقابلات و حوارات


عبد  الحميد البرنس قاص  و  صحافى سودانى شاب سودانى شاب  . لاكثر من ثلاث عشرة سنه يعيش بالشقيقة مصر  حيث تعاطى مع منابرها المتعددة   ووجد مجالا حيويا لانضاج تجربته فى الكتابة ....  قبيل هجرته الى كندا التقيناه   وكان لنا معه  هذا الحوار( الجزء الثانى )

حوار : احمد ضحية
حيرة
بالاحالة لما سبق وبعيدا عن التقنية    حول السياق التعبيرى اعنى  .. هل يعد ما لاحظه النقاد تطويرا,  فى اطار ما تقول به يمنى العيد    حول ديموقراطية التعبير  (الراوى الموقع والشكل )  او ما اسمته بموقع الراوى المنفتح على المواقع الاخرى ؟؟
ج:  فاتنى ان اقرا هذا الجزء من نتاج الناقدة المتميزة يمنى العيد .  وقد اكون قرات لها ذلك  فى فترة مبكرة ورسخ فى اللا وعى لكن ما اسميته نقلا عنها بديموقراطية التعبير مسالة بالغة الاهمية بالنسبة للكثير من الكتاب .  فالكاتب المصرى ابراهيم اصلان مثلا يدعو الى ذات المضمون   ولكن بتعبير اخر : الكتابة بعدل ..  وحتى انا فى معرض نقدى لعبد الخالق محجوب فى مجلة ادب ونقد ( الاصولية والماركسية السودانية ) ذكرت مصطلح ديموقراطية تالكتابة اثناء تحليل النزعة الاصولية التى يستبطنها خطاب الحزب الشيوعى السودانى . فيما هو يسعى ظاهريا الى نقضها وتجاوزها نحو عقلانية مثل النسبية والحرية والتقدم وغير ذلك من القاموس المميز لخطابه تاريخيا !!....
ديموقراطية الكتابة
اقول بالنسبة لديموقراطية الكتابة   كما يلاحظ الكثيرون معك هنا قصص : ( تداعيات فى بلاد بعيدة ) لا سيما القصص الثلاث الاخيرة  . اقول فى هذا العدد ان ما يميز نتاج الكاتب الانجليزى الكبير وليم شكسبير انه داخل العمل الواح د نجح فى تخليق اكبر عدد ممكن من الانماط البشرية  ذات الشخصيات المستقلة والمتباينه ودونك  عطيل على سبيل المثال وهذا يعنى انه كلما تلاشت شخصية الكاتب واقتصر دورها فى اللاوعى على التنظيم والتدوين كوسيط محايد كلما اخذت  شخصياته ملامحها التى تخصها فلا يكون هناك اقحام  قسرى لاراء ومواقف  الكاتب الذاتية عليها وهذا ما يعطى النص قوته وهذا ما نجده على سبيل المثال فى قصة حيرة التى تصور ما ساة الحرب الدائرة الان من زاوية تاثيرها على الراوى  ووالدته فى مدينة امنه   بعيدا عن جبهات القتال   كذلك الامر ينطبق حتى فى اتساع رقعة المنولوج الداخلى فى قصة خليفة الاخ الوحيد  للشقيقات الثلاث ..........
تحرير الجسد الانثوى 
لكن اقصر القصص دلالة على هذا البعد وربما لطولها وتعدد شخصياتها هى بلا جدال القصة التى حمل الكتاب اسمها واعنى بالطبع هنا ( تداعيات فى بلاد بعيدة )  فمثلا نجد ان شقيقة الراوى الكبرى ارادت ان تعمل كموديل فى ذروة التغير الذى طرا على المدينة لطالب موهوب على حد تعبيرها يدرس فى كلية الفنون الجميلة  وهى بذلك تعمل على     خد تعبيرها  على استكشاف جوهر   جماليات الجسد الانسانى الانثوى  الذى اخفاه الثوب التقليدى لقرون خلت..  والفتاة رغم انها تدرس وقت وقوع الاحداث فى جامعة الخرطوم ايام مجدها
الا ان جملتها الاخيرة لن تكتسب صدقها وواقعيتها بعيدا عن تاثير الكاتب مالم يسبقها الراوى بعبارة : متاثرة باراء خالها الفنان التشكيلى    الذى نعلم انه فنان ذهب الى الغرب وتزوج وانجب من سيدة انجليزية ثلاث بنات وكذا بالنسبة لوالد الراوى المفتش الزراعى الذى يستخدم فى لغة اليومىتعابير زراعية ويبنى مواقفه على خبرة اسلافه التجار على خلاف صلاح زوج فاطمة  ذى التنشئة المثالية التى تتضح لنا من خلال كوابيسه الليلية وبعض مواقفه العنيفة المباغته ..  هكذا نجد ان الديموقراطية فى النص تتمثل فى ان تتركالشخصيات تحدد هويتها وان تتصرف ككائنات مستقله لا كحوامل ايديولوجية باهته اذكر اننى دفعت بقراءة لمجموعة الكاتب المصرى احمد الشريف ( مسك الليل ) الصادرة عن دار ميريت الى جريدة الحياة اللندنية وحين نشر المقال تبين لى اننى حذفت من جانبى وبلا وعى كلمة العفن    من هذا المقتطف :  لم يبق لى سوى صديقى القديم الذى ترك بيته ومصنعه وحقوله وارثه العفن  وتجرد من ملابسه وسار نحو الصحراء ..  فكلمة العفن هنا هى ايديولوجيا بامتياز حكم قيمة مجانى ان الايديولوجيا تلزم الناس دائما برؤية العالم من زاوية واحدةوهنا تكمن خطورتها كرؤية قسرية بمعنى انها معرفة قبلية وليست معرفة بعدية   قائمة على التجريب ...  ونسبية الوقائع التاريخية والاجتماعية   وفى مقابل موقف الراوى فى المقتطف السابق الماخوذ من احدى قصص الكاتب المصرى احمد الشريف نجد ان الراوى فى تداعيات فى بلاد بعيدة يذكر لنا ان شقيقته الكبرى لم تحدث والدته ابدا بشان الخطط السرية لتلك المظاهرات بشان المثليين   اى انه لم يستخدم العبارة الشائعة بوصف هؤلاء : الشواذ جنسيا ...ان الايديولوجيا تنفى على الدوامالاخر المختلف وتستبعده وتعمل على تحقيره وتحرمه من حق الحياه سواء اكان ذلك ماديا او معنويا
س:  ماهو تاثير الغربة على عبد الحميد البرنس ؟


ج:  هذا سؤال يبعث على رثاء الذات  للذات   ولكن لا باس من تجديد الاحزان ..  اتدرى اننى فى السنوات الاولى من )غربتى المتصلة اثناء اشتداد المرض : مرض الحنينالى الوطنكنت  كنت   انام  فارانى  اسير فى شوارع كوستى احادث  الوجوه التى احببتها واحبتنى بصدق لكننى سرعان ما اصحومن نومى واجدنى مثل كائن غريب يعيش فى مدينه مصريه مزدحمه مثل القاهرة  وامام سيل الخيبات المتكررة هذه شرعت فى التاكد داخل الحلم نفسه ان ما اراه ليس حلما بل الحقيقة ولكن هيهات فتلك لم تكن امى ولكن طيفهاوهذا لم يكن صديقى ...  وهكذا   ورغم ان هذا الجو انعكس بصورة او اخرى على قصتى :  ليل زفاف نهلة الجميلة   التى يحمل كتابى الثانى اسمها .. الا اننى اقول لك لا عزاء فى الغربة حتى ان كاتبا مثل ميلان كونديرا يجرى على لسان احدى الشخصيات فى خفة الكائن التى لا تحتمل    ما نصه ان من يعيش فى الغربة يمشى فوق فضاء خاو مجرد من شبكة الرعاية الاجتماعية التى تحيط به كل كائن بشرى بلاده الام  حيث توجد عائلته واصدقائه وحيث يستطيع ان يتحدث باللغة التى تعلمها منذ طفولته من دون اى مشقة   وحين يفقد الانسان عالمه الاول  لابد ان يصنع عالما اخر تحت تهديد دائم بالفقدان  ومن ثم لا يسعه هنا سوى الترديد  باسى مع بورخيس :  اكتب لمجرد ان يخف مرور الزمن ان معنى العالم على هذا النحو اثقل من ان يحتمل    هكذا تعمل الغربة على تضخيم هذه الحقيقة  :  زوال كل شىء ان الغربة تجعلك تجعلك   تحس بوطاة الكلمات   وانت تلمس جوهر رالاشياء  وتبكيك اشياء اخرى     ولقد جعلتنى بما اتاحته لى من مساحات للتامل ان اتوقف طويلا عند  النماذج البشرية   التى تمتلك مواهب ثريه فى واقع شديد الفقر مثل معاوية نور والتيجانى يوسف بشير ومحمد عبد الحى وصلاح محمد ابراهيم وغيرهم ولا انسى على عبد اللطيف ومن نبغ فى مجالات اخرى ...
الموهبة المهدرة
فمعاوية محمد نور الذى طارده الانجليز وحرموه الاستقرار فى السودان حسبما جاء فى كتاب مختار عجوبه خذله ابناء وطنه   ولم يتيحوا له فرصة النمو داخل بلده بل انهم كانوا يتجاهلون ادبه وصدقه لقد كانوا دونه طرا فحسدوه   وحقا بالله عليك يا احمد ما ذنب معاوية ان كان ذكيا فيكتب عنه احد الحكام الانجليز بانه ذكى جدا لا يصلح !!!..  مع ذلك يدرك كاتب مثل عباس محمود العقاد   قيمة هذه الموهبة وتميزها  ...  اما اخى التجانى يوسف بشير  فهو نموذج للموهبة المهدرة الاخر  على حد تعبير عبد الله على ابراهيم    واتصور انت الطيب صالح لو عاش   داخل السودان لوجد مصيرا مشابها ودونكم كيف استقبله الناقد حامد حمداى حين وصلت اولى قصصه (نخلة على الجدول ) الى مجلة القصة التى كان يصدرها عثمان على نور  وهو ما جاء تفصيلا فى كتاب محمد بدوى الهام : الطيب صالح : سيرة كاتب ونص .. ان ما اردت بيانه من وراء كل هذا هو ايلاء اهتمام اكبر بالمةاهب الناشئه فى السودان ورعايتها ما امكن تحت شعار :  دعه يعمل  دعه  يمر    وان نتجنب عادة واد المبدعين والسير وراء   نعوشهم بدموع التماسيح   ولا اريد ان اذكر بعض ما يتعلق بسيرة الفنان الراحل مصطفى سيد احمد   خاصة فى القاهرة   وهو ما لن يتحقق عبر طريق القمع المادى   والمعنوى والصراع التناحرى   ولكن عن طريق الحوار والنقد   والتسامح  (  الصراع  الخلاق )     علينا فقط ان نتذكر ان ان احفاد الطيب صالح ومعاوية نور والتيجانى يوسف بشير   وعامر مرسال   وعلى عبد اللطيف   وغيرهم يعيشون بيننا  فى بقاع السودان المختلفة فقط علينا ان نكتشفهم   ولكن ليس بعد فوات الاوان

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا