الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير

محمد علي ثابت

2008 / 9 / 22
الادب والفن


إهداء إلى مطربي المفضل: علي الحجار..

"هو يا ابني انت كل ما أشوفك تناقشني في كلمات أغنية (في قلب الليل)؟"

سؤال سألني إياه صديق حميم ذات مرة، وكان له الحق في ذلك. فكنت قد ناقشته في روعة وقوة كلمات تلك الأغنية، وفي أداء علي الحجار الرائع فيها، على مدى آخر بضعة لقاءات كانت قد جرت بيننا آنذاك، وعلى ما يبدو فقد سرَّب ذلك نوعاً من الملل إليه، رغم حبه الشديد هو الآخر لنفس الفنان. لكنّي - على ما أذكر - لم أسمح له وقتها بكبت رغبتي في الحديث في تلك المرة عن التصاعد الدرامي الرائع في لحن الأغنية وعن قدرة الحجار الفذة على تجسيد ذلك التصاعد بحنجرته المرنة وصوته العذب المحبب إليَّ حتى الثمالة. وناقشته من جديد بشكل شبه إجباري، ولم يملك فراراً مني. أليست للصداقة ضريبة من نوع أو آخر؟

...

"وكان في جيده قيد جارحه، وقيد في جيدي ما لمحه، لكن حسه، أكيد حسه"

وأردفت، في نفس الحوار: "شايف يا ابني الكلام التقيل الموزون؟ طيب شايف الأداء الرائع والصوت العذب والهمهمة الخافتة كأننا في جلسة خاصة أو في بروفة من بروفات العمالقة بتوع الزمن الجميل؟ شايف الحميمية اللي حتنط من السماعات في وشنا؟ إيه علي الحجار ده؟ انا بحبـــــه قوي قوي يا اخي".

...

أما ألبوم رباعيات جاهين، فأذكر ذات مرة منذ أكثر من عشر سنوات أنه كان الألبوم الوحيد الذي ينقصني - وقتها - حتى أكون قد أكملت مجموعة الحجار، مطربي المفضل على الدوام، بالكامل. طبعاً كان الألبوم لديَّ من قبل لكنه ضاع أو شريطه "سف" في الكاسيت، وكان ذلك طبعاً قبل اختراع الوسائط الإلكترونية الجديدة - الإم بي ثري وغيره - أو قبل انتشارها. وأصبحتُ مشهوراً في تلك الفترة بين كبار تجار شرائط الكاسيت السكندريين، في محرم بك وكامب شيزار ومحطة الرمل، بسؤالي المتكرر عما إذا كانت الطبعة الجديدة من الألبوم قد نزلت بالأسواق أم ليس بعد. ولما وجدت الألبوم ذات مرة، في الثانية صباحاً، لدى محل شرائط صغير ومغمور في شارع سعد زغلول مباشرة أمام شارع الفلكي بمحطة الرمل، وكان المحل على وشك الإغلاق بالطبع - لما وجدته، أكاد أقول إنني طرت فرحاً بالمعنى الحرفي للتعبير.

"أنا اللي بالأمر المحال اغتوى
شفت القمر نطيت لفوق في الهوا
طلته ماطلتوش، ايه انا يهمني؟
وليه مادام بالنشوة قلبي ارتوى؟ عجبي"

...

وفي مرة من المرات التي كنت أسأل فيها عن ألبوم رباعيات، سألني أحد التجار: "يعني هو ده الشريط الوحيد اللي ناقصك فعلاً للحجار؟ طيب معقول مثلاً عندك شريط (لم الشمل)؟"

كان سؤاله يحمل نبرة تحد واضحة. أجبته في استنكار: "انت بتقول ايه يا عم؟ طبعاً عندي ومن زماااان كمان".

وأردفت في نفسي: "حد ينسى الشريط السياسي بالكامل ده اللي نزل في وقت بداية كوارثنا المعاصرة في المنطقة دي واللي لو كان الناس سمعوا كلام الحجار وبخيت والشرنوبي فيه وقتها من أولها كان زماننا دلوقتي في حال غير الحال؟ انت بتقول ايه يا عم بس؟"

طيب بالذمة، حد ينسى عم بطاطا اللذيذ المعسل اللي فتح عكا؟
طيب حد ينسى الفلسطيني الجريح والشاعر اللي قدره انه يغني بارود؟
واللا بيَّاعة الفجل اللي بتبيع ثمار ولا تستثمرش؟

...

"أنا كنت عبدك في عز ضعفك، وكنت يوم التجلي سيدك، وإذا كفرتي بسحر صوتي حغني رغم العطش نشيدك"

"تنقص نجوم السما أزيدك، الفجر يغرق آخد بإيدك، وأجمع سواد الألم في عيني وأصب نبض الهوى في وريدك"

أنا كنت عيدك.. يااااااه. ألبوم رائع، وذكرياتي معه كثيرة وجميلة، شأن ذكرياتي مع أغان أخرى كثيرة للحجار من ذلك الألبوم ومن غيره: "ماتكدبيش"، "انكسر جوانا شيء"، "غريب وجيت للسويس"، "حليلي المسألة"، "ارجعيلي"، "متصدقيش"، وطبعا "أنا كنت عيدك". كل أغنية من تلك تذكرني بشيء جميل وبقيمة أحبها وأحترمها، ومازلت إلى اليوم أسمع أحد ألبومات الحجار بالكامل في الليالي التي يصيبني فيها الأرق بلا سبب معلوم، وكأن ساعتي البيولوجية أصبحت مضبوطة على صوته.

...

علي الحجار.. ماذا أيضاً أقول عنه؟ هل يتسع المجال هنا لتغزلاتي في كل ألبوم من ألبوماته وكل أغنية من أغانيه؟ وهل أوفيه بذلك حقه أو أعبر بذلك بصدق كاف عن مقدار حبي له مطرباً وعلامة رئيسية في حياتي؟ وماذا عن حالته وحالتي وهو يغني لإسكندريتي أو حتى للمشايخ والجوامع وقت صلاة الفجر؟ لا أظنني أستطيع ذلك أبداً مهما استخدمت من الكلمات والأساليب اللغوية.

علي الحجار هو صوت أحلامي، حين صعودها وحين انكسارها، حين تتكلم أو يتكلم شخوصها. هو ذلك الدفء الذي يغمرني باستمرار، حتى حين تمر - وهو أمر نادر - أيام أو أسابيع لا يغسل فيها صوته العذب الحبيب مسامعي وروحي. ربما يكون هو الفنان الذي وُلدت لأعشقه من أول وهلة منذ ذلك المسلسل الجميل في جزئه الأول، حين كنت بعد طفلاً صغيراً.

...

"لو مش حتحلم معايا مضطر أحلم بنفسي، لكني في الحلم حتى عمري ما ححلم لنفسي"

...

عزيزي الفنان الكبير ومطربي المفضل/الأستاذ علي الحجار.. شكراً لك لأنك وصوتك موجودان في هذه الدنيا: فوجودك وصوتك صنعا فارقاً كبيراً وقيمة حقيقية في حياتي، وأظنهما سيصنعان المزيد إن قُدِّر لي مزيد من العيش في هذه الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي