الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذهاب إلى الحل ام الذهاب إلى المشكلة

فاطمه قاسم

2008 / 9 / 18
القضية الفلسطينية


التصريحات التي أدلى بها الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ،خلال إفطار رمضاني قبل أيام في دمشق ، حول ما يسمى بموعد التاسع من يناير القادم ، وهو الموعد الشكلي لانتهاء ولاية الرئيس أبو مازن ، وقوله انه لن تكون هناك شرعية لأي رئيس فلسطيني إلا بانتخابات متفق عليها ،هذه التصريحات ،ورغم ما بدا عليها أنها تشكل ردة فعل عصبية موجهة في الأساس ضد الحراك العربي لحل المأزق الفلسطيني سواء عبر الحوار الذي دعت إليه القاهرة بعد شهر رمضان أو عبر حصول القاهرة على تكليف من الجامعة العربية ، والنية الواضحة التي ظهرت في اجتماعات مجلس الجامعة العربية في دورته العادية رقم 130 ، حيث يتبلور تيار قوي بان المأزق الفلسطيني يجب أن يجد حلا ،هذه التصريحات للسيد خالد مشعل ، يمكن فهمها على اتجاهين ، الأول أن خالد مشعل يعرض على الرئيس أبو مازن عرضا للتفاهم قبل أن يبدأ الحوار ، وهذا هو التفسير الذي ينطلق من نوايا حسنة ، كما يمكن فهم تلك التصريحات نفسها أنها ليست سوى تحضير لافتعال مشكلة جديدة ، والتحضير لها بتعمد ، ووضع العصي مسبقا في دواليب الحوار الذي سينعقد في أوائل الشهر القادم ، حتى لا ينعقد الحوار ، أو حتى لا يصل إلى نتيجة إذا انعقد في موعده المقرر ، وزج المأزق الفلسطيني في زوا ريب الخلافات العربية بدل أن يتوحد العرب لحل هذا المأزق الفلسطيني الذي يشير الإجماع إلى انه مأزق خطير يهدد ليس فقط المصالح العليا للشعب الفلسطيني ، بل ويهدد الأمن القومي العربي أيضا ، هناك الكثيرون من أهل الرأي في الساحة الفلسطينية ،الذين حذروا من سياسة الهروب إلى الأسهل ، والأسهل الذي اقصده في الحالة الفلسطينية هو الهروب إلى الخلاف ، وإعادة إنتاج هذا الخلاف بصور متعددة ، وتطبيق نوع من الفلسفة السوداء التي تقول ، ما دمنا عاجزين عن النجاح فعلينا أن نصنع الفشل ، حتى نصبح جميعا فاشلين ، وحتى يغرق الجميع بالفشل فتتوه المسئولية ، وتوه الإرادة ، وتتوه الطريق .
معروف للقاصي والداني أن هناك قائمة طويلة من التحديات ستواجه القيادات الفلسطينية في المرحلة المقبلة ، وهي مرحلة بدأت بالفعل ، واعني بها انتهاء الإدارة الإسرائيلية الحالية ، وانتهاء الإدارة الأمريكية الحالية ، وبالتالي مواجهة فترة انتظار لبضعة شهور لكي نتمكن من الإجابة على بعض الأسئلة :
هل الإدارة الجديدة ستضع المسالة الفلسطينية على جدول الأولويات المتقدمة ؟
هل تدفع القضية الفلسطينية ثمن انفجار الملفات القديمة والجديدة فتتراجع إلى الخلف ،واعني بذلك الملفات في أفغانستان مع مزيد من الاحتكاك الباكستاني ، والملف النووي الإيراني , وملف تداعيات حرب القوقاز ، وملف التوتر الطارئ في أمريكا الجنوبية في بوليفيا وفنزويلا ؟
ما الذي يمكن أن نفعله فلسطينيا في فترة الانتظار حتى تاريخ استلام الإدارة الأمريكية الجديدة في يناير القادم ؟
أرى أن هناك:
الكثير مما يجب أن نفعله ،ولكن المفروض أن لا يكون من بين هذا الكثير افتعال مشكلة جديدة ، أو بصورة أدق الهروب العلني إلى مشكلة جديدة سواء تحت سقف ما يسمى بانتهاء ولاية الرئيس أبو مازن أو استمرار هذه الولاية حتى مطلع العام 2010 أو حتى الوصول إلى انتخابات قد تكون مبكرة ، برغم كونها ليست مبكرة كثيرا ، لان ولاية المجلس التشريعي الحالي ، المعطل بالكامل ، لم يبقي عليها بعد يناير القادم سوى سنة واحدة ، وإذا لم نكن قادرين على فعل شيء حقيقي، فان هذه السنة نفسها ستحترق بدون جدوى ، وسنكتشف حينها أن السجال الداخلي ، وافتعال المشاكل ، وإعادة إنتاج الخلاف تحت عناوين جديدة ، لا يفيد بشيء على الإطلاق ، وان التحديات سوف تطحننا وتنهينا إذا لم نكن صادقين ومهيئين وجادين في الخروج من المأزق الداخلي ، أما توسيع هذا المأزق ، فهو بمثابة الهروب من الرمضاء إلى النار ليس إلا .
دعونا نفترض حسن النية ، ونقول أن تصريحات الأخ خالد مشعل تحمل في طياتها عرضا ما للوصول إلى تفاهم ، بهدف الوصول إلى حل ، والتخفيف من حدة الموقف العربي ،الذي سام من الخلاف الفلسطيني ، والذي يحضر نفسه لتداعيات إقليمية ودولية ولا يريد للخلاف الفلسطيني أن يظل ثغرة في الجدار العربي ، أو نقطة ضعف يتسلل منها الآخرون ، وان هذا الموقف العربي يتبلور أخيرا بتحميل الفلسطينيين مسئولية ما وصلوا إليه من تدهور ، وان الفلسطينيين هم من هدموا بيوتهم فوق رؤوسهم ، وان الموقف العربي جاد إذا لزم الأمر ، في تحميل المسئولية بشكل محدد للطرف الذي يتحمل المسئولية فعلا ، ويستحق اللوم فعلا .
ربما أن السيد خالد مشعل لا يريد الوصول إلى هذه النقطة الحادة ، وهو في تصريحاته يقدم عرضا ، فكيف يكون الحل الذي ينهي الانقسام ويخفف في نفس الوقت من حدة الخطاب السياسي العربي بخصوص الخلاف الفلسطيني ، وهو الخطاب الذي سمعناه من أمين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى الذي وصفه واتهمه بأنه اخطر من الاستيطان ،كما سمعناه من الأمير سعود الفصل وزير الخارجية السعودي الذي قال أن الانقسام هو مطية للاستخدامات الإقليمية والدولية .
يوجد فرصة إذن ، لكي يبذل الفلسطينيون جهدا حقيقيا ،مخلصا ، بإرادة حرة ، للخروج من مستنقع الوحل الذي يمثله الانقسام ، لان هذا الانقسام قد يغري البعض بالأوهام ، لكنه صادم على صعيد الحقائق ، فلا احد يربح من الانقسام سوى الاسرائيلين ، وهم يربحون ويحصدون نتيجة الانقسام دون دفع أي ثمن مهما كان ضئيلا لا على صعيد السياسة ولا على صعيد الأمن ، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر ، أن التهدئة انطلاقا من قطاع غزة دخلت شهرها الرابع دون ثمن من أي نوع ، ودون جدوى على أي صعيد ، لان إسرائيل تقول لنا بأشكال مختلفة ، إنا اكتفي بحصاركم دون أن أضربكم عسكريا ، فماذا تريدون أكثر من ذلك ثمنا للتهدئة ؟والمثال الأخر أن جلعاد شاليط الذي نهدد بنقله من هذا الوسيط لذاك الوسيط ، لم يحرك ساكنا ، وان بعض المتضامنين الذين وصلوا عندنا في قطاع غزة أصبحت مغادرتهم عبئا علينا وعلى أنفسهم لان إسرائيل لا تسمح لهم بالمغادرة ،
يوجد فرصة إذن لجهد فلسطيني مخلص وشريف للخروج من المآزق ، والتفاهم ، واستعادة الوحدة ، وبلورة وجاهزية فلسطينية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظرنا , ولكن لا يوجد أدنى فرصة أمامنا لافتعال مشكلة جديدة ، لان هذه المشكلة الجديدة التي تشتم رائحتها قد تكون نوعا من الانتحار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة