الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بين الحرية والإقتصاد

عبد اللطيف المنيّر

2008 / 9 / 18
حقوق الانسان


"نص المحاضرة التي القيت في جامعة ميرلاند الأميركية بتاريخ 10 سبتمبر / ايلول 2008، لطلبة الدراسات العليا – الماجستير Master Degree-- قسم اللغة العربية"

بحثت المحاضرة في ثلاث محاور رئيسية وهي:
الحريات ضمن حالة الطوارىء والمستمرة منذ عام 1962
الإقتصاد السوري
أزمة بعض الكتّاب الثقافية

عناوين المحور الأول - الحريات:
الحريات قبل وصول حزب البعث الحاكم إلى السلطة
قانون الطوارىء والحرية السياسية
الحرية الإعلامية
الحركة السورية لحقوق الإنسان
المرأة السورية

عنواين المحور الثاني - الإقتصاد السوري:
ملخص الحالة الإقتصادية الراهنة
عقد الخليوي (الجوال) يضيع 400 مليار ليرة على الدولة السورية

المحور الأخير - أزمة بعض الكُتّاب الثقافية


المحور الأول - الحريات
الحريات قبل وصول حزب البعث الحاكم إلى السلطة

- في مرحلة ما بعد الاستقلال وقبل حزب البعث:
بعد حصول سورية على استقلالها، وجلاء الفرنسيين في عام 1946، شهدت البلاد فترة خصبة من الحياة السياسية الدستورية، على الرغم من تقطعها مع توترات وفترات، كان من أبرزها قيام أربعة انقلابات عسكرية في ما بين 1949 ـ 1951. أما الانقلاب الخامس في1954، وبه عادت الحياة البرلمانية، اثر توافق بين القوى السياسية والعسكرية والتي استمرت حتى عهد الوحدة عام 1958، وانعكست بانتخابات حرة ونزيهة شاركت بها الفعاليات السياسية والأحزاب، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، وحزب البعث العربي الإشتراكي، حتى انفرد الأخير بالحكم، في الثامن من آذار / مارس 1963 بإنقلاب عسكري بالحكم. *(1)

- قانون الطوارىء والحرية السياسية:
انعكست الحريات السياسية بمفهوم “الدولة التسلطية”، انطلاقاً من واقع تماهي الدولة والسلطة الممسكة بزمامها، أي تحول الدولة من شكل سياسي للوجود الاجتماعي يعبر عن الكلية الاجتماعية، إلى سلطة قهرية عارية جعلت من مؤسسات الدولة ومن بنى المجتمع مجرد امتداد لها. فتطابقت حدود الدولة وحدود السلطة، وفقدت كلتاهما (الدولة والسلطة) طابعهما السياسي الأصلي. إن الدولة التسلطية هي دولة مخفضّة إلى ما دون الدولة السياسية، ولا تعدو كونها أداة قهر ونهب، ولا يعدو “شعبها” هو الموضوع، ويصبح مادة للقهر والنهب اللذين يقبعان تحت مظاهر الأبهة والعظمة الكاذبتين. ومما يغري باستعمال هذا المفهوم هو التقارب اللغوي والدلالي بين الحكم التسلطي والحكم السلطاني المعروف في تاريخنا العربي الإسلامي في آواخر فترة الحكم العثماني.
هناك عناصر مشتركة بين مختلف تجليات الدولة التسلطية، أهمها:
1 ـ احتكار جميع مصادر القوة والسلطة والثروة، واختراق المجتمع المدني وتنسيق بناه وامتصاص قوته.
2 ـ بقرطة الإقتصاد، من خلال توسيع قطاع الدولة، وجعله أقرب ما يكون إلى ملكية خاصة للقائمين على إدارته، أو إلى ضرب جديد من ضروب الإقطاع.
3 ـ قيام شرعية نظام الحكم على القوة والغلبة والقهر، من خلال ممارسة الإرهاب المنظم وتعميم القمع.
هذه الدولة التسلطية تقوم على ثلاثة أركان هي:
ـ نخبة متسلطة (عسكرية أو مدنية) أو حزب حاكم،
ـ هرم بيروقراطي قائم على مبدأ الولاء الشخصي،
ـ بنى موازية، كالتضامنيات العشائرية والمذهبية والإثنية والمهنية. *(1)

وبإستلام حزب البعث العربي الإشتراكي مقاليد الحكم، طُبّق وعلى الفور قانون الطوارىء والمعمول به إلى هذا اليوم! واصبح هو الحزب الوحيد الحاكم بأمر الشعب. وعليه بدأ القمع لقوى وفعاليات سياسية، وكل من وقف بوجه الأحادية الحاكمة في دمشق. وعليه وتحت إسم المعارضه للنظام أتجهت أحزاب اليسار والوحدويون والإسلاميون إلى العمل السري. ولكن لم ترتقي هذه المعارضة إلى العمل الجمعي بينهم، ولم ترتقي إلى المستوى المطلوب وتفرض نفسها كحالة بديلة ومنافسة للنظام الحاكم، واكتفت بالكشف عن الفساد، وإطلاق الشعارات، ولم تكن يوما ما متفقة على منهج واضح، وضاعت بين التغيير السلمي، وبين إزالة النظام، وبقيت المعارضة خارج منظومة الحكم، كون منهم من لوح بقوة خارجية، وخلى الخطاب السياسي من الباقين من أي مشاريع يستطيع أن يشتم المواطن السوري منها أمل الإنتعاش الإقتصادي له، ووقفت عند حدود المطالبة فقط بتحقيق الديمقراطية، دون وضع حلول وآليات لمشاكل الشعب السوري. وبقي النظام السوري يتبع سياسة الرفض في التعامل مع هذه المعارضة بشكل قطعي.
بل وسّن قانون 49 تاريخ 7/8/1980. ونص القانون 49 الذي أقره مجلس الشعب السوري في جلسة 7 تموز 1980
بمادته الأولى - يعتبر مجرماً ويعاقب بالإعدام كل منتسب لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين.
وكنت قد حضرت جلسة في الكونغرس الأميركي بتاريخ 2 حزيران / يونيو 2006. للمطالبة بسحب هذا القانون الجائر في سوريا.

- الحرية الإعلامية
تفرض وزارة الاعلام رقابة صارمة على كافة وسائل الإعلام التي لم تسمح للمواطنين بالحصول على معلومات أو تكوين رأي يتعارض مع الموقف السياسي والإيديولوجي للحكومة، ولا تنحصر الرقابة فقـط في هذه الوزارة، فغالبا ما تقوم أجهزة الأمن بهذه الوظيفة مباشرة أو رديف لها، حيث تقوم بالتحقيق مع كتـاب وصحفيين معروفين حول مقابلات أو مؤتمرات شاركوا فيها أو نقاشات كانوا طرفا فيها.
تدفع وزارة الإعلام في أحيان كثيرة رؤساء تحـرير الصحف الرسمية أو بعض المرتبطة بها من ممتهني الكتابة، للتشهير ببعض الكُتّاب والمثقفين بسبب مواقفهم. بل ومع استلام وزير إعلام الجديد في كل مرة، الذي لم يتورع عن التشهير بأقلام وأصوات المعارضة. *(1)
اتبعت سوريا سياسة التعتيم الإعلامي، وبقي بقبضة النظام الحاكم ولسان حالها، من خلال الإذاعة والتلفزيون والصحف التي تمتلكها الدولة، حتى اصبح المواطن يبحث عن أخبار سوريا من محطات خارجية وفضائيات عربية اخرى.

وهناك محاولات تم قمعها، كمحاولة الفنان العالمي والرسام الكريكاتور علي فرزات، الذي أسس لصحيفة اسمها "الدومري" يرصد بها احوال البلد والمجتمع بشكل ساخر. أنظر إلى نص المرفق (حول الفنان علي فرزات). *(6)

لم تسلم الإنترنت من نظام الرقابة الحديدي، فقد تم حجب كثير من المواقع ومنها المعارضة السورية، وكل من يناهض النظام الحاكم في سوريا. كذلك الأمر طبق على حظر دخول أو طباعة بعض الكتب السياسية والدينية، واي طباعة كتاب جديد يجب اخذ التراخيص له من الجهات الأمنية ووزراة الإعلام قبل طباعته.

الحركة السورية لحقوق الإنسان
في 1962، وإثر انفصال سورية عن الجمهورية العربية المتحدة (مصر)، تشكل في دمشق رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان. جمعية غير حكومية مرخص لها عملا بأحكام المادة (9) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1330 لسنة 1958 المتضمن اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وهي تعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مرجعها الأساسي.
لكن منذ عام 1963 وإعلان حالة الطوارئ، لم يعد بإمكان الرابطة استخدام مقرها بشكل صريح، فاحتضنتها نقابة المحامين في دمشق. في نفس فترة تأسيسها. وتشكل في حلب رابطة لحقوق الإنسان، لم تلبث أن توقفت عن النشاط مع إعلان حالة الطوارئ في 8 آذار (مارس) 1963.
بدأت نويات الخطاب الديمقراطي بالتواجد من جديد مع تفاقم غياب الحريات وتصاعد القمع وتأميم العمل السياسي والأهلي من قبل السلطة التنفيذية. وقد وجهت أولى الضربات للسلطة القضائية التي جرى تهميش دورها عبر زيادة المحاكم الاستثنائية وهيمنة القوانين والمراسيم العرفية والاستثنائية على كل ما هو دستوري. تميزت فترة الجنرال الأسد منذ 1970 بتشخيص السلطة وتركيز السلطات في يده ورسم مؤسسات الدولة على صورته، وإطلاق ذات اليد للأجهزة الأمنية والوحدات العسكرية الخاصة في السياسة والإقتصاد والإجتماع. وإضافة لإستشراسه بحق الجمعيات الأهلية، أدخل في صلب الدستور الطبيعة الإيديولوجية لكل تنظيم اجتماعي أو نقابي. فعندما أجاز الدستور السوري الحق في تشكيل التنظيمات الجماهيرية في المادة 48 الناصة على: “للقطاعات الجماهيرية حق إقامة تنظيمات نقابية أو اجتماعية أو مهنية أو جمعيات تعاونية للإنتاج أو الخدمات وتحدد القوانين إطار التنظيمات وعلاقاتها وحدود عملها”.

عاد وربط في المادة 49 نشاط هذه التنظيمات بأهداف وتوجهات الحزب الحاكم ! . *(2)

- المرأة السورية
وفي دراسة شاملة عن المرأة السورية بين الواقع والطموح – للزميل ناصر الغزالي وخولة دنيا، اللذين وقفا على الحياد بدراستهما لواقع المرأة السورية، لتبين أهمية المرأة في المجتمع السوري ومدى تفاعلها في القضايا المصيرية، "...... إن أفحش الفواحش يمكن تبريرها، عن طريق تقديم كبش الفداء وعن طريق إسقاط ظلالنا المعتمة على الآخرين. والآخرون هم الأضعف في مجتمعاتنا، كانت النساء ومازالت أحيانا كبش الفداء لعجزنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعدم قدرتنا على التطور والتقدم وذلك من خلال اتهامهن بأنهن الأعضاء المعطلة والمفسدة في المجتمع. إن الاتحاد العضوي بين السلطة والدين السياسي والمال بجميع هذه العناصر سوية في التحريض ضد المرأة. ومع ذلك لو أدرك هؤلاء أهمية المرأة على مستوى التنمية المستدامة للدولة لعرفوا كم نحن بحاجة إلى رفع هذا الظلم بحق نصف المجتمع. فإننا نعرف أن مصالحهم تمنعهم من اتخاذ أي إجراء، إن المرأة تشكل حجر الزاوية في تربية الأطفال وحياتهم، وبالتالي تصنع مستقبل الدولة ".
كما أوضحت هذه الدراسة، المعوقات الإجتماعية والسياسة والإقتصادية للمرأة السورية، كما أشارت هذه الدراسة للعنف الذي يواجه المرأة هناك. وتعتبر هذه الدراسة، مادة ومرجعا مهما للبحث. *(3)


المحور الثاني - الإقتصاد السوري:

- ملخص الحالة الإقتصادية الراهنة
مازال الصراع الإقتصادي قائما على أشده بين السلطة السورية القابضة عليه من جهة، وحاجات الشعب الأساسية والملحة من جهة أخرى. وربما يفوق هذا الصراع شراسة نظيره الصراع السياسي المستطير. ومن مبدأ سياسة الحزب الواحد، والرئيس الواحد، هناك أيضا سياسة "الإقتصاد الواحد" ضاربة بأحلام وآمال الشعب السوري عرض الحائط، غير آبهة بمعاناته اليومية، بل وعملت على إفقاره وقهره على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في آن.
فمعدلات البطالة ما زالت في ارتفاع، وفرص العمل في شح مستمر، وهجرة الأيدي العاملة إلى خارج الوطن ما زالت مستمرة ومتصاعدة ابتداء بالهجرة إلى الدول المجاورة من لبنان والأردن، لتتسع الدائرة وتمتد حلقاتها إلى دول الخليج العربي، فأوروبا، والمحظوظين من هؤلاء الأقل حظا يصلون إلى أميركا أو كندا في أحسن الحالات. *(4)
جميع المختصين في هذا الحقل في الداخل والخارج مجمعون على أن هناك أزمة بنيوية في الإقتصاد السوري، بما في ذلك أقطاب السلطة وخبراؤها ومثقفوها، وإن كانت تسميتهم للمسألة تختلف قليلاً أو كثيراً. لقد قيل الكثير في الأسباب الحقيقية للأزمة ومظاهرها والآثار المدمرة لها.

- عقد الخليوي يضيع 400 مليار ليرة على الدولة السورية
قدم بتاريخ 14/8/2001 ـ عضو مجلس الشعب المستقل السيد رياض سيف، مذكرة من 30 صفحة إلى رئيس مجلس الشعب والـ 59 عضو في لجنتي الخدمات والقوانين المالية، حول عقد مشروع الهاتف الخليوي الذي يضيع بصورته الحالية على خزينة الدولة خلال الخمسة عشرة سنة المقبلة ما يقارب 400 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 8 مليارات دولار. بالإضافة إلى ما تحققه الشركتين المتعاقدتين من أرباح احتكارية غير مشروعة وصافية تتراوح ما بين 200 ـ 300 مليار ليرة (4 ـ 6 مليارات دولار). وقد وضح ما تعنيه هذه الأرقام الهائلة لمن لا يعرف، حيث أن مبلغ 200 مليار ليرة يعادل مجموع كتلة الرواتب والأجور والتعويضات لجميع العاملين في وزارات العدل والتعليم العالي والتربية والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل. والذين يعيلون ما يقارب المليون مواطن سوري على مدى خمسة عشر عاماً. أي إنها تساوي مجموع رواتب 220 ألف موظف عصامي في الدولة بخمسة آلاف ليرة شهرياً على مدى خمسة عشر عاماً كاملة. وأكد سيف في مذكرته على أن في ذلك مخالفة دستورية، حيث أن العملية برمتها “هي صفقة احتكارية تتيح لأصحابها الانفراد بسوق الخليوي في سوريا لسبع سنوات كاملة سنعاني خلالها من كل مساوئ الاحتكار”. ظهر ذلك منذ البداية من خلال عقود الإذعان التي فرضت على المشتركين، إضافة إلى سوء الخدمة الناتج عن عدم امتلاك الشركتين المتعاقدتين للخبرة الضرورية وعدم اكتراثهما بشكاوى المشتركين الذين لا خيار لهم بسبب عدم وجود بديل منافس.
هذا العقد تم توقيعه، حسب النائب، مع شركتين أجنبيتين (سيرياتيل وسبيستل او انفستكوم) محدودتي المسؤولية رأسمال كل منهما 50 ألف دولار، تعودان إلى جهة واحدة، حيث واحدة منهما سجلت قبل أربعة أيام من تاريخ إعلان عطاء مشروع الخليوي. وهما قيد التأسيس ولا تملكان أية خبرة في هذا المجال ولم تأخذا الصفة القانونية حتى الآن. تم تسجيل الشركتين في جزر العذراء البريطانية التي تسمى جنة الضرائب، حيث لا تدفع الشركات المسجلة فيها إلا الرسم السنوي مقابل العنوان. لذا فهي تستقطب تلك الهاربة من الضرائب وشركات غسيل الأموال. *(1)
ولكي نجد حلا إسعافيا لهذه المعضلة كان لا بد لنا أن نحاول تحديد المرض والذي يكمن في احتكار المشاريع لجهة فئة من أصحاب النفوذ في سوريا ليتم تنفيذها في شركات الدولة مجانا بغية جني الأرباح الخيالية وقطع الطريق على المنافسة الاقتصادية الشريفة. ومع انعدام الرقيب العام والنقد، والذي يجب أن يكون من أحزاب وهيئات المعارضة المشاركة في منظومة الحكم من خلال البرلمان بما يشكل صماما للمحاسبة والأداء على الحزب الحاكم ! وفي ظل غياب هذه الآلية الديمقراطية ينعدم الرقيب وتكون البلاد بلا حسيب وبلا قانون ضابط! وبالتالي يكون البرلمان أداة "موافقة" لنهج الفساد والتسيّب الإداري. *(4)

وليس من المستهجن الترادف بين السياسة والاقتصاد في السياق العلمي الأكاديمي. إذ من الصعوبة بمكان الفصل بين السياسة والاقتصاد كمنهج موحَّد للرقي المعاشي للشعب أولا، ونهضة الدولة ثانيا. فالسياسة الناجحة في ظل الديمقراطية تؤدي قطعا إلى جاهزية اقتصادية فاعلة ومتفاعلة. وفي غياب هذه المعادلة يبدأ المرض الذي يستشري في جسم الدولة نتيجة لسياساتها القمعية وأدائها الإقتصادي المتهاوي. وهذا ما انعكس سلبا على الأفراد عامة، وسبب خللا في نسب الدخول، و أدى تحصيلا إلى هجرة الكفاءات إلى خارج البلد، ودفع بالمستوى المعيشي للمواطن إلى مادون خط الفقر. *(4)

لا بد لنا هنا، من الإشارة إلى سياسات الانكماش الاقتصادي، وإغلاق الأبواب أمام المنافسات التجارية الحرة وحركة الإستيراد، وإفراغ الجيوب من السيولة المادية من خلال بدعة شركات القطاع المشترك، وتشجيع السوق السوداء وتهريب البضائع من قبل المتنفذين في الحزب وأفراد الأسرة الحاكمة، مما قطع الطريق على مداخيل وعائدات للخزينة السورية من رسوم جمركية وضرائب الإستيراد. *(4)

المحور الأخير - أزمة "بعض" الكُتّاب الثقافية

الحضارة لا تشترى ولاتستورد ! بل تقوم على أيدي أصحابها وأهلها. إن النواة ومحرك التغيير والتحديث، هم طبقة المثقفين والكُتّاب. إنه حراك جمعي ومؤسسي، وبدونهم لا تقوم أي حضارة. جزء من مشكلتنا اليوم أن بعض من مثقفينا غير قادرون على الكتابة والتعبير، بسبب القمع الفكري، وبعض من كُتّابنا غير مثقفون! وكلاهما وقفا بعيداً عن معادلة التغيير، بل كثيرا من الأحيان تفرقا عند حدود المواجهة للتحديات المصيرية. في وطننا العربي إنه القانون الكوني منذ الأزل يستحال كسره أو خرقه " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون " هذا النسق الحاصل سببه وحدانية العمل، والأنا المتأصلة في بعض نفوس هؤلاء الكُتّاب، وغياب التيارات الفكرية التي تقوم على أساس "الجماعة" ضمن النخب المثقفة، لتبنّي عملية الإصلاح والتحديث والتطور المدني. الغرب وبعيدا عن السياسة، عمل بهذا المبدأ على كافة الأصعدة والميادين " كفريق العمل Team Work "، وهذا سبب من أسباب نجاح هذه الدول وتقدمها هناك.

مشكلتنا اليوم، مع فئة من شعرائنا الذين يظنون أن النفخ، أوالإقلاب في الكلمة، أوالبلاغة في النص، واستعمال المصطلحات والترميز في اللغة هي الجدوى، ليكون النص أكبر منهم، ويقعون في دائرة الجهل المعرفي لحركة الشعوب، والبعيدة عن مكونات المواطن العربي. إن هذه الحزلقة في المعاني الفضفاضة، الخالية من الواقع العملي للتطبيق، هي مجرد مهارة في الصناعة التعبيرية لاغير، التي أصبحت هاجز بعض الكُتّاب، وهي في النهاية طموحات خرقاء وطفيّلية لا تتجاوز أنف صاحبها الأوحد. ليكون جهدهم الكتابي اليومي ومهما خطّوا من ورق في مهب الريح. قال الكاتب السعودي فهد الشقيران: " هي نضالات مفرّغة من الأبعاد المعرفية والجذرية، لذا تأتي محدودة وغير مستوعبة للواقع والعصر".

إن الشعارات والأفكار التي يطلقونها غير مقبولة في مجتمعاتهم، وينفّرون قراءهم، حتى وصل بهم المطاف أنهم يكتبون لأنفسهم فقط. والويل والثبور لمن يناقشهم أو يصحح لهم خطأ في التاريخ أو عن منقول وقعوا به. " في ثقافتنا العربية يكتسب الشاعر صفات النبوة فيصبح توجيه النقد له، أو لشخصه من الكبائر، وانتقاد فيلسوف أو كاتب أو صحافي أهون من انتقاد شاعر".

حتى أنهم ومن خلال المافيات "الشللية" الإعلامية وبدوائرهم المغلقة، يستطيعون حجب أراء وأفكار، ويقفون بوجه أي ناشر في الصحف والمواقع الإلكترونية.
قال الفيسلوف الفرنسي مونتين "Montaigne Michel " إذا كانت التربية لا تحسّن استعداد النفس وتقوي محاكمات العقل فإني أفضل أن يقضي تلميذي وقته في لعب التنس..." *(4)
أنظر النص المرفق للكاتب السعودي فهد الشقيران *(5)

أخيرا أسئلة الطلبة
المراجع والإقتباس من:
* (1) من موقع مركز دمشق للدرسات النظرية والحقوق المدنية http://www.dctcrs.org
* (1) من كتاب حقوق الإنسان والديمقراطية في سوريا – هو عمل جماعي لعشرين باحث ومفكر سوري، أعدته وأشرفت
عليه الدكتورة فيوليت داغر – رئيسة المنظمة العربية لحقوق الإنسان http://www.achr.nu/k113.htm
* (2) تقرير للدكتور هيثم المناع – من الكتاب المذكور أعلاه – ومادة مرفقة
* (4) مقالات للمحاضر – ومادة مرفقة
* (3) تقرير عن المرأة السورية بين الواقع والطموح – للزميل ناصر الغزالي وخولة دنيا – مادة مرفقة
http://www.dctcrs.org/rep.nesasy.htm
* (5) نص مقال للكاتب السعودي فهد الشقيران - ومادة مرفقة http://www.elaph.com/Web/AsdaElaph/2008/9/363523.htm
* (6) موقع ناشر كتاب "الفنان علي فرزات" سكات ديفيز Scott C. Davis. http://www.cunepress.net
مادة مرفقة عن الفنان علي فرزات










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن