الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي ثقافة محاكم التفتيش...؟!

هفال زاخويي

2008 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما نقل عن الدائرة الإعلامية في مجلس النواب العراقي حول الجلسة التي تم فيها استجواب النائب مثال الآلوسي أصابنا بالدهشة... إذ لم نر أي برلمان في الدول الديمقراطية وأغلب اعضائه يطلقون الشعارات والأهازيج والتصفيق في وقت يتم فيه إستجواب نائب ... كان رئيس البرلمان محمود المشهداني يناشد أعضاء البرلمان الذي يترأسه كي يصمتوا ويمنحوا الفرصة للنائب مثال الآلوسي كي يدلي برأيه ويشرح مبررات زيارته لإسرائيل لحضور مؤتمر مكافحة الإرهاب لكن دون جدوى ... حاول الآلوسي جاهداً شرح أسباب وحيثيات الزيارة وما حدث في المؤتمر لكن (الهوسات) لم تدع له مجالاً وساد الهرج والمرج قاعة البرلمان وكانت بعض النائبات يصورن بأجهزة الموبايل ما يجري دون ان يركزن على ما يجري (نقلت الدائرة الإعلامية تلك اللقطات لنائبات يصورن بالموبايل) ...لقد تابعنا ما تم نقله وبثه عبر بعض الفضائيات العراقية ...لكننا شعرنا اننا أمام جلسة محاكمة وليست جلسة برلمان ولا ندري هل هو برلمان ويمثل السلطة التشريعية أم السلطة القضائية ...؟!
السادة الذين كانت لهم كلمات وهي عبارة عن بيانات وشعارات تعودنا عليها تحولوا الى قضاة والبعض الآخر الصامت كانت شرارة الغضب تنطلق من عيونهم وهم ينظرون الى النائب مثال الآلوسي والذي اضطر اضطراراً وفي جو مشحون الى الدفاع عن وجهة نظره وزيارته لإسرائيل أيضاً بتشنج واضح وانفعالية شديدة .
لست بصدد الدفاع عن السيد مثال ولا عن زيارته لإسرائيل بقدر ما اني بصدد التحدث بواقعية وموضوعية بعيداً عن لغة الشعارات القديمة التي لطالما سمعناها من القادة التاريخيين (عبدالناصر- الأسد-صدام حسين ....) والذين رحلوا ولم يقدروا على رمي إسرائيل في البحر ولا إستعادة الجولان ولا حرق إسرائيل ولاحتى مساعدة الفلسطينيين في حل قضيتهم ...لقد كانت عبارات (العدو الصهيوني) تتردد في كلمات السادة الذين ألقوا كلماتهم الى درجة اننا شعرنا وكأن العراق يعد العدة من جديد لخوض حرب مع اسرائيل- في حين يمد العالم العربي من مشرقه الى مغربه افضل العلاقات مع اسرائيل وتتفاوض سوريا مع اسرائيل منذ اشهر حول السلام- نحن الذين انهكتنا الحروب ومزقتنا وجوعتنا وشردتنا وانهزمنا في كل حروبنا ابتداءً من حرب 1948 مروراً بحرب حزيران فقادسية صدام فأم المعارك فالحواسم التي لم تحسم الا الهزيمة لبلدنا ولا ندري الى متى سيظل شعب العراق ينوب عن الآخرين لخوض المعارك ضد العالم بأسره دفاعاً عن مجد الأمة كما سمعنا وخدعنا ( بضم الخاء وكسر الدال) من قبل نظام الطاغية البائد...؟!
قياساً على الآراء التي ردت على السيد مثال الآلوسي في البرلمان فان هناك تساؤلاً يطرح نفسه وهو ألا يجدر بالعراق برلمانا وحكومة وشعباً أن يقاطعوا كل الدول الصديقة لاسرائيل والتي تتفاوض معها أيضاً وعلى رأسها السلطة الفلسطينية فمصر فالأردن ( التي نمن عليها بأسعار تخفيضية لبراميل النفط) فالمغرب فقطر وسوريا التي تتوسط حالياً كي تتفاوض مع إسرائيل وكذلك تركيا ... ثم هل نسي الأخوة والأخوات في مجلس النواب إننا على اعتاب التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية (الأميريكية العراقية) وأميريكا هي الصديقة الودودة لإسرائيل وهي التي تحميها ...! فأي تناقض هذا الذي يحدث وأية ازدواجية وأي كيل بمكيالين وبأي منطق يتم التعامل هكذا مع السيد مثال الآلوسي ...؟! كيف يزور السيد طارق الهاشمي وهو نائب لرئيس الجمهورية أنقرة ويتباحث معها وكيف يفعل ذلك النائب عباس البياتي في حين أن تركيا ( التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الإسلامي) ترتبط بإتفاقية استراتيجية عسكرية استخباراتية مع إسرائيل ...؟!

قبل أشهر صافح رئيس الجمهورية مام جلال في مؤتمر الإشتراكية الدولية إيهود باراك فملأوا الدنيا ضجيجاً وكانت هناك دعوة أو دعوتين وعلى استحياء لإستجواب الطالباني في البرلمان (بالطبع لم يستطيعوا استجوابه)، فالى متى تبقى الخيانة والعمالة تهمة جاهزة يلصقها البعض بالبعض وهم يعلمون علم اليقين ان تلكما الكلمتين كلمتا حق يراد بهما باطل...؟!
شعرنا من خلال تلك الجلسة التي استجوبت النائب مثال الآلوسي وكأننا نشاهد جلسة محكمة جنائية كبرى في ظل أحكام عرفية وان الرجل يستحق أقصى العقوبات، فمتى سنتحلى بروح ديمقراطية وثقافة برلمانية تعد اولى آليات الممارسة الديمقراطية ومتى سيكون بمقدور أعضاء هذا البرلمان والذي سبقه والذي سيليه هجر ثقافة الصراخ والتصفيق .
ألا يقول القادة الجدد (اننا في عراق ديمقراطي ) فأين هي الديمقراطية وكيف لديمقراطية كهذه رفع الحصانة عن نائب ومنعه من حضور جلسات البرلمان ومنعه من السفر خارج العراق ... اليست هذه الإجراءات منافية للدستور ...؟! لم نزل في بداية الطريق، والديمقراطية ليست عبارة عن نستلة سريعة الذوبان وحلوة على اللسان، بل هي كثيرا ما تكون مرة و تسبب عسر هضم الى أن يتعود المرء عليها ...نحن بحاجة الى جيل جديد قادم حتى تترسخ الثقافة الديمقراطية...!

بيت القصيد وما أريد قوله هو انه كان من الأفضل منح الفرصة للنائب مثال الآلوسي لبيان وجهة نظره بشكل وافٍ من خلال تبني آليات ديمقراطية قانونية بعيداً عن التشنج والعاطفة والتسرع في إتخاذ القرارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمير الكويت يأمر بحل البرلمان وتعليق العمل بعدد من مواد الدس


.. كاميرا مراقبة توثق غارات للطيران الحربي الإسرائيلي على شمال




.. مراسلة الجزيرة: طلاب كامبريدج يضغطون على إدارة الجامعة لقطع


.. تشييع شهداء سقطوا في قصف إسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة




.. مظاهرة حاشدة في مدينة نيويورك الأمريكية إحياء لذكرى النكبة