الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راتب .. وموقـــف ذو مغـــــزى

صبحي خدر حجو

2004 / 2 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما يتقدم العمر بالانسان ، يصبح شعوره حساسا ومرهفا للغاية ، وعند اي موقف او منظــــــــــر او حادثة فيها ولو شيئ قليل من مسحة انسانية ، يطفر الدمع لا اراديا من مقلتيه ، خاصة اذا كانـــــــت الحياة قد خضته خضا ، هكذا هو حالي ايضا . وتعرف عائلتي هذا الامر تماما ، وهي تمدني بالمناشف    الورقية  بصمت عندما نتابع بعض المواقف والحالات من هذا القبيل على الشاشة الصغيرة او في الواقع .    ولهذا لم يكن من الغرابة في شيئ عندما استغرقتني هذه الحالة ، عند مطالعتي لخبر بسيط ولكنه برأيــي
ذو مغزى مهم . والخبر هو منـح السيد عبد الرحمن عارف الرئيس العراقي الاسبق ، راتبا تقاعديــــــا     وهكذا الحال مع زوجة النايف . وربما يتساءل المرء اين يكمن هذا المغزى ؟ والجواب على هذا ، اننـي  كنت في مقتبل شبابي اناضل مع حزب سياسي ( الشيوعي العراقي ) ضد سياسة السيد عبد الرحمن وقبله
شقيقه عبد السلام  ايضا ، الذي سجنت وعذبت في  عهده . وكنا انذاك ننوي ونعمل على ابدال هذا الحكم
او ازاحته وبكل الطرق المتاحة امامنا . اذن كنا متضادين . ولكن والحق يقال ورغم المساوئ التي فـــي    عهده ، ولكن الوضع كان افضل بما لا يقاس من نظام  البكر وصطدام . فقد كا ن للسياسي المعارض فسحة
لابأس بها من مجال الحركة والنشاط ، ولم يكن الامر انذاك ليتطلب الكثير من الحذر . وكان بامكــــــــان
. المرء ان يتجول في مختلف المدن بدون  تحفظ كبير . و لم يكن النظام انذاك قد شوه  نفوس وافكـــــار   الناس اكراها او ترغيبا ، وحوّل الكثير من اعضاء العائلة الواحدة الى عيون للنظام  كما فعل نظام البعث .
اذ كنت على مقربة لا اكثر من  ثلاثون ميلا  من اهلي واصدقائي ، ولم ازرهم او التقيهم ولاكثر مـــــن      عقدين من الزمن  ، خشيتي  من ان يفعل بهم النظام البعثي الاعاجيب !!.
المغزى يكمن ايضا ، في ان يتملكني شعور عفوي بالفرح لتكريم من كان ضدي في يوم ما ، لابـــد ان
مثل هذا الشعور يعكس تحولا هاما في الافكار والمشاعر باتجاه انساني طبيعي بعيدا عن التعصــــــب
والفئوية . والمغزى الاكبر هو ليس في قيمة الراتب ورقمه  ، ولكنه برأيي في ممارسة وتغليب حكمــة     وصفة انسانية  ، تمارسها دول كثيرة بحق من مارسوا القيادة دون ان يرتكبوا حماقات كثيرة  او ظلـم      كبير ، واحترام لممارسة اجتماعية فا ضلة غيبّت عن مجتمعنا بالاكراه . وانها بالتالي خطــــــــوة وان
كانت صغيرة ، ولكن بمعنى كبير ومؤشر على الاتجاه الصحيح نحو بناء المجتمع المدني ، وازالـــــة
الرواسب والاحتقانات والاحقاد ، قبل كل شيئ من النفوس التي اثقلتها ولفترات طويلة . انهـا باعتقادي
واحدة من ( البروفات )  الهامة التي يتعين على مجلس الحكم ان يمارسها بنجاح ليس مع الشخصيـات
السياسية البارزة فقط ، وانما مع الالاف من المواطنين رجالا ونساءا ممن وقع عليهم الظلم البيّن مــن
النظام الفاشي . واذا لم يكن بالامكان تعويضهم من النواحي المادية على اهميتها القصوى في الوقـــت    الراهن ، ولكن على الاقل يمكن تعويضهم من  النواحي المعنوية التي تمسح وتخفف بعضا من جراحهم    وآلامهم وتجدد ثقتهم بالفكرة القائلة : من  ان تضحياتهم ونكران ذاتهم لم يذهب اعتباطا  ولا ســــــدىً .                    
صبحي خدر حجو
المانيــــا    13 / 02 / 2004

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين