الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسمهان في رمضان

طارق قديس

2008 / 9 / 20
الادب والفن


من بين عشرات المسلسلات الرمضانية في هذا العام استطاع مسلسل (أسمهان) ذو الإنتاج السوري أن يشق قناته بين كافة المسلسلات العربية نحو المرتبة الأولى على مستوى عدد القنوات التي تقوم بعرضه، وعلى مستوى القاعدة الجماهيرية من مشاهدي الشاشة الصغيرة، فالمسلسل يعرض على أكثر من ستة قنوات فضائية بشكل متتابع، حتى أنني ذات مرة قد قمت بمتابعة ذات الحلقة 3 مرات متتالية بين الساعة الخامسة مساءً والتاسعة، فكان الريموت كونترول ينتقل من قناة دريم تو إلى روتانا خليجية - ولست أدري لماذا يعرض مثل مسلسل على هذه القناة وليس على روتانا زمان! – ومن ثم إلى الفضائية الأردنية بشكل ماراثوني، وليس السبب في ذلك أنني من المغرمين بالمسلسل مع أني من عشاق صوت أسمهان، وإنما السبب وراء ذلك يكمن في أفراد العائلة حيث أنه من لم يستطع منهم أن يتابع العرض الأول من المسلسل كان يقوم بشكل تلقائي بمتابعة العرض الثاني، ومن لم يستطع فعليه بالثالث.

الغريب أن المسلسل تفوقَّ من حيث عدد المشاهدين حتى على (باب الحارة) في نسخته الثالثة، ولعل سبب هذا التفوق لا يعود إلى تدني المستوى الفني، وغياب الحبكات الدرامية عن سيناريو (باب الحارة) فقط، وإنما يعود ذلك أيضاً إلى الغموض الذي لطالما لفَّ حياة المطربة أسمهان بالكامل منذ ولادتها وحتى وفاتها في أربعينيات القرن الماضي، وهي تمثل المشاهد الأخيرة من فيلمها الشهير (غرام وانتقام).

ولعل اللغط الذي رافق المسلسل منذ خروجه إلى النور كان السبب وراء امتناع التلفزيون السوري من عرضه على شاشته، تلبية لطلبٍ من ورثة المرحوم فؤاد الأطرش – الأخ الأكبر لأسمهان أو آمال الأطرش – حيث دافع الأقربون بالباع والذراع عن سمعة عائلتهم الفنية بحجة أن المسلسل الذي قام على عاتق الفنان السوري فراس إبراهيم، واستقى جلَّ معلوماته من كتاب (أسمهان لعبة الحب والمخابرات) لسعيد أبو العينين، يعمد إلى تشويه صورة عائلة الأطرش ذات الأصول الدرزية العريقة، وهو يظهر البطلة بدور فتاة لعوب، لا تأبه بعمل أي شيء مادام مَرَدُّ ذلك الوصول إلى غايتها، فيما يظهر المطرب فريد الأطرش بمظهر أخ ٍعديم الشخصية، بالإضافة إلى فؤاد الأطرش الذي يراه المشاهد بوضوح انتهازياً لا هم له سوى أن يعيش على أكتاف الآخرين.

ومع كل ما رافق العمل من نجاح على المستوى الجماهيري، بقيت نقاط الضعف فيه طاغية للعيان، فقد بدا اصطفاء سلاف فواخرجي تحديداً اصطفاءً مبنياً على الجمال الخارجي لها، وعلى صيتها الفني الضارب، والتقاطع البسيط بينها وبين أسمهان في لون البشرة لا غير، حيث أنه، بعيداً عن كل ما سبق، ثبت بالدليل القاطع أن أداء الممثلة كان دون المستوى وغير مقنع، خاصة في المقاطع التي كانت تحاول فيها أن توهم المشاهد أنها تغني أسمهان. هذا كله عدا عن الفجوات العديدة الحاصلة في السيناريو والحوار، وانفعالات الشخصيات غير المبررة وغير المنطقية في كثير من المشاهد، كقبول أسمهان بالزواج من الأمير حسن فور طلبه يدها، علماً بأنها لم تره من قبل، وكان ذلك عند لقائهما الأول، ومفاجئة المشاهدين دوماً بغناء أسمهان دون الإشارة إلى كًتَّاب الكلمات والملحنين. هذا فضلاً عن أن المشاهد في كثير من المرَّات كانت تضفي على غموض حياة الفنانة الشابة غموضاً آخر بدلاً من فك فك الغموض الأول، وللمشاهد أن يحكم بنفسه في ذلك.

العمل كما أراه، وهنا قد يتفق معي الناس فيه أو يختلفون، هو ليس أكثر من عمل تلفزيوني مبالغ فيه لشخصية تركت العالم في ريعان الشباب، فهو ليس تأريخاً لحياة فنانة طاولت بصوتها السحاب الأبيض، إلى الحد الذي جعل الأخطل الصغير بشارة الخوري ينسج واحدة من قصائده الجميلة باسمها، وهو ليس محاكاة لما حدث بالفعل في حياة الأميرة الدرزية، وإنما هو عمل قام على بعض الحقائق، فيما تم إضافة البهار إلى التفاصيل الأخرى التي لم تكن أصلاً في يوميات أسمهان، لتخرج إلينا قصة مشوهة عن فنانة كبيرة قد عبثت بخيوط حياتها القصيرة يد كاتب طائش في مجال الفن والدراما السورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال