الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مولد.. وصاحبه غايب

إكرام يوسف

2008 / 9 / 20
كتابات ساخرة


انشغل الكثيرون بمتابعة حلقات مسلسل هشام طلعت مصطفي وسوزان تميم، وما تلاها من ردود فعل، و"اتمد حبل الدردشة والتعليقات" ـ مع الاعتذار لأحمد فؤاد نجم ـ بين موقن بإدانة رجل الأعمال الذي صعد بسرعة تفوق الضوء، و"وقع أخيرا في شر أعماله"، وقائل بإن صراعات رجال الثروة تكشف المستور من خباياهم، وإن هشام لم يكن أول من انكشف ستره ولن يكون الأخير في طابور المفضوحين من الفاسدين الذين أصبحوا في غفلة من الزمن نجوم هذا المجتمع، وآخرين اعتبروا الأمر مجرد تصفية حسابات بين نجوم المجتمع، ولم يتردد البعض في اعتبار الجريمة ملفقة من خصوم لرجل الأعمال (البريء من وجهة نظر هذا البعض).
وانصرف الجزء الباقي من اهتمامات الناس لمتابعة التخمة الدرامية التي حفلت بها قنوات التليفزيون في الشهر الكريم، وربما تبقت مساحة صغيرة من أذهان البعض لتتابع في أسف مأساة ضحايا كارثة الدويقة.. وغطت هذه الأحداث المتلاحقة علي قضية كان ينبغي أن تتصدر اهتمامات الناس في مصر.. فلم ينتبه كثيرون إلي الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري قبل أسبوعين بوقف تنفيذ قرار رئيس الوزراء بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية التي تنتقل إليها كل ممتلكات وأصول التأمين الصحي.
وكان مجموعة من شرفاء هذا الوطن، استشعروا فداحة الكارثة، عندما امتد سرطان الخصخصة لينهش ما تبقي من فتات الرعاية الصحية للفقراء؛ فأنشأوا "لجنة الدفاع عن الحق في الصحة" مع عدد من الجمعيات والأفراد، ورفعوا خمس دعاوي ضد قرار رئيس الوزراء.
ولم يكن قرار أحمد نظيف مفاجئا للمتابعين، حيث سبقه إرهاصات بدأت مع اختيار أحد أهم كبار المستثمرين في القطاع الصحي ليتولي وزارة الصحة بنفس الروح التي كان يعمل بها في اتخاد الصناعات قبل استوزاره ضمن حكومة جاءت لتكمل بيع البقية الباقية من أملاك هذا الشعب. إلا أن الكثيرين لم يلقوا بالا كبيرا لتصريحات وزير الصحة المتكررة في 2006 حول نيته تحويل التأمين الصحي إلي شركة قابضة، وتحويل المستشفيات التابعة لوزارة الصحة إلي شركات مستقلة تتولي تقديم الخدمات والتعاقد مع الاستشاريين. وحتي بعد تحول هذه التصريحات إلي قرار صدر عن رئيس الوزراء، لم يكن لأصحاب المصلحة الحقيقيين تواجد في هذه القضية يتناسب مع حجمهم الفعلي. ورغم أن النشطاء بحت حناجرهم في وقفات احتجاجية، ولم يقصروا في أحاديث تليفزيونية أو مقالات صحفية، وحتي في رفع الدعاوي التي كان حكم المحكمة الأخير تأييدا لموقفهم، فجاء في حيثيات الحكم أن "الرعاية الصحية ليست مجالا للاستثمار والمساومة والاحتكار" و "أن الاتجاه للاقتصاد الحر لا ينبغي أن يسلب حق المواطن الرعاية الصحية عن طريق الدولة، ومن القواعد الدستورية ألا تتخلي الدولة عن دورها في الخدمات الاجتماعية أو الصحية أو تعهد بها إلي وحدات اقتصادية حتي ولو كانت تابعة لها لأنها تهدف إلي الربح".
غير أن اهتمام النشطاء والشرفاء وما يبذلونه من جهود مخلصة وما يتعرضون له من ضغوط وما يقدمونه من تضحيات، لن يكون له أثره المأمول في غياب الجماهير صاحبة الحق. وهو الأمر الذي يبدو أنه أصبح سمة الحركات الداعية للتغيير في السنوات الأخيرة. ففيما عدا استثناءات تمثلت في عدد من الاحتجاجات العمالية أو اعتصام موظفي الضرائب العقارية، اعتدنا أن تنوب نخبة المثقفين والناشطين عن الشعب في المطالبة بالتغيير..
وكثيرا ما سمعت شكوي شباب الناشطين من موقف "الناس العاديين" الذين يتفرجون علي المظاهرات المطالبة بحقوقهم، وربما يمصمصون شفاههم حزنا علي هؤلاء الشباب عندما يتعرضون لهراوات رجال الأمن، لكن تعاطفهم لايصل إلي الانضمام إلي المتظاهرين.ولم يكن موقف الجماهير من قضية التأمين الصحي استثناء من هذه القاعدة: "نخبة واعية أخذت علي عاتقها أن تنوب عن الشعب في المطالبة بحقوقه، ولم تبخل بوقت أو جهد أو مال أو تضحيات، وفي المقابل أغلبية صامتة من أصحاب الحقوق، ربما تتعاطف قلبيا مع تضحيات النخبة غير أنها ليست علي استعداد للوقوف بجانبها".
فهل نلوم الجماهير علي تخاذلها وقلة وعيها، أم أن هناك تقصيرا من جانب النخبة في نشر الوعي بين أصحاب الحقوق وتدريبهم علي ابتكار وسائل تناسب ظروفهم لنيل حقوقهم ولو تدريجيا، بدلا من الوقفة الاحتجاجية أو المظاهرة التي لا تتغير فيها الوجوه مهما اختلف موضوع الاحتجاج، وربما تري نفس الوجوه في مظاهرات القاهرة وبعد أيام في المحافظات الأخري.
وليكن موضوع التأمين الصحي بداية.. فالحكم الصادر مؤخرا ليس نهائيا، لأنه حكم في الشق المستعجل القاضي بوقف التنفيذ. أما الحكم النهائي فمازال أمامه وقت لأنه يصدرعن محكمة الموضوع بعد المرافعات. فعلي النخبة المثقفة تشجيع أصحاب الحق الفعليين للتحرك، ولو عبر زيارات منزلية وفي أماكن العمل لحثهم علي توقيع بيانات، أو إرسال عرائض شكوي لكل الجهات المسئولة.. المهم البحث عن سبل تشجع المترددين غير القادرين علي خوض المواجهات التي تحتاج خبرات وسمات نضالية ربما لايمتلكها الجميع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟


.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و




.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا


.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف




.. فرحة الفنانة أمل رزق بخطوبة ابنتها هايا كتكت وأدم العربي داخ