الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوساطة الغائبة

ناهد نصر

2008 / 9 / 21
الصحافة والاعلام


يشعر المرء بالأسى حين يتابع أخبار المفاوضات التى يقودها نقيب الصحفيين للتوسط بين شيخ الأزهر واثنين من الصحفيين للتنازل عن قضية السب والقذف التى رفعها ضدهما، فالنقيب يرى أن استمرار القضية يهدد بتكريس حبس الصحفيين فى قضايا نشر، وشيخ الأزهر يعتقد أن كرامته التى رأى أنها أهينت بسبب ما نشرته جريدة الفجر لا تسمح له بالتنازل عن القضية، وأنه "على العدل أن يأخذ مجراه".

نقيب الصحفيين معذور لأن القانون 96 لسنة 1996 يبيح حبس الصحفيين، ولم تفلح المطالبات المتكررة للصحفيين بإلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر، ليصبح تفعيل المواد التى تقضى بالحبس مرهونة بتقدير وكرم أخلاق السلطة القضائية التى يشهد لها أنها تمهلت فى استخدامها طوال السنوات الماضية، إلا فى حالات نادرة ولأسباب سياسية. والمشكلة هذه المرة أن صاحب الدعوة القضائية شخصية عامة، الأمر الذى يجعل عقوبة الحبس أحد الاحتمالات الواردة بقوة، وهو ما أثار قلق الأسرة الصحفية كلها وعلى رأسها النقيب.

لكن شيخ الأزهر معذور أيضاً، فميثاق الشرف الصحفى الذى يؤكد النقيب أنه كفيل بضبط أداء الصحافة والصحفيين، لم يحدث أن تم اللجوء إليه إلا فى حالات نادرة ينحصر أغلبها فى اتهام أحدهم بالتطبيع، وأشك فى أن شيخ الأزهر قد تنامى إلى علمه أن بنود هذا الميثاق تضمن (إن تم تفعيلها) حماية أخلاقيات المهنة مما لا يليق بها، وإلا لتوجه إلى النقابة بدلاً من التوجه لساحات القضاء.

وتلك هى المشكلة التى تتجاوز قضية شيخ الأزهر، لتمتد إلى الكيان الصحفى ككل بصحفه وصحفييه. فالمستقبل القريب ينبئ بالمزيد من القيود على حرية النشر بصرف النظر عن الدعاية الحكومية التى قد تشى بعكس ذلك. إذ من المتوقع أن يعرض فى الدورة البرلمانية القادمة أو التى تليها فى أحسن الأحوال مشروع قانون الإفصاح وتداول المعلومات. ومواد هذا القانون لو تم إقراره تتضمن قيوداً إضافية على حرية تداول المعلومات على عكس ما يوحى به عنوان المشروع.

ومن بين هذه المواد طبقاً للنسخة التى تم تسريبها للصحف منذ أشهر مادة تقضى بإلزام الجهات المخاطبة بالقانون تقديم كيفية الحصول على البيان أو المعلومة عند الطلب. وهو ما يتعارض مع المادة السابعة من القانون 96 لسنة 1996 والتى تنص على أنه لا يجوز أن يكون الرأى الذى يصدر عن الصحفى أو المعلومات الصحيحة التى ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته.

وهذا بالتأكيد ليس المؤشر الوحيد على ما يحمله المستقبل من إجراءات تستهدف "فلترة" والتضييق على حرية النشر، سواء بسبب القانون المزمع أو بغيره. فتوجه الدولة وقوانينها لا تسير فى اتجاه حرية الصحافة وحماية الصحفيين. وعلى الناحية الأخرى فإن الصحافة كغيرها من المهن تتضمن الصالح والطالح، كما تحتمل الخطأ والصواب.

وإزاء ذلك تتعاظم أهمية الدور الذى ينبغى أن تلعبه نقابة الصحفيين، ومن بين أولويات هذا الدور، تفعيل ميثاق الشرف الصحفى بحيث يتحول من مجرد وثيقة إلى إطار يحكم علاقة الصحفيين بالهيئات والمؤسسات والأفراد، ويضبط الأداء ويعزز الثقة بدور النقابة. فليس من اللائق ولا المنطقى أن يتفضل السيد نقيب الصحفيين مشكوراً بالتوسط لصالح الصحفيين لدى كل جهة وكل فرد يلجأ للقضاء فى قضية نشر، وإنما من الأولى أن يتوجه المختصمون مع صحفى أو صحيفة إلى النقابة واثقين من أنها ستضمن حقوقهم، بينما لا تجور على حق الصحفى. ومن المؤكد أن قوة النقابة وفاعلية ميثاقها سيوفر جهود الوساطة التى يضطلع بها سيادة النقيب إلى وساطة من نوع آخر من أجل تحريك الوعد الرئاسى بإلغاء عقوبة حبس الصحفيين، وإتاحة حرية التعبير والنشر وتداول المعلومات بلا قيود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -