الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين اليسار الاشتراكي في كُردستان العراق؟

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 9 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ثمة شبه إلى حد ما بين انهيار الحركة القومية الكردية عام 1975 اثر اتفاقية الجزائر بين النظام البعثي و نظام الشاه بمباركة أمريكا وإسرائيل و الجزائر ، وبين أوضاعها اليوم حيث تمارس حصتها في الحكومة العراقية التي يقودها الائتلاف الشيعي. وإن الفارق هو أن الانهيار الأول حدث فجأة ، وخلال ساعات ، والانهيار الحالي يحدث على أقساط . وأثناء عقد مؤتمر صلاح الدين قبيل إسقاط النظام البعثي عام 2002 اقترح خليل زاد تشكيل حكومة عراقية واحدة على غرار حكومات الأردن ومصر و الغاء حكومة اقليم كردستان ما أثار غضب القادة الكرد فأعادت أمريكا النظر في ذلك ، وصدر تقرير بيكر هاملتون ، وتشكلت كتلة 22 يوليو العروبية ، ومطالبتها بإلغاء المادة 140 لحل مشكلة كركوك ، و المصادقة على مادة بديلة ، و قد جرى هذا أيضا بمباركة تركية وإيرانية و سورية وأمريكية أيضا.
و ثمة ثلاثة عوامل تقف وراء مصائب الشعب الكردي، وتحديدا منذ حرب الكويت وإلى اليوم ، ألا هي السياسات الإمبريالية في المنطقة والعالم ، والعروبة السياسية ، والكردايتي السياسي في العراق.
وإن استنباط دور الأخير في الارتباك والتضليل و القلق يكون على أهمية كبيرة للعمال والكادحين في كردستان، إذ أن التدخل الغربي المباشر ، لا يخفى على أحد، وليس من الصعب على أي إنسان إدراك أن سياسة الغرب تقف على نقيض مصالح الجماهير الكردية . لكن الكردايتي ، وبفضل سنوات الزعامة بلا منازع في كردستان العراق، يتم اعتباره ، رد فعل شرعيا على ما عاناه الكرد من اضطهاد وغبن قوميين. لكن كل الوقائع منذ إقامة السلطات الكردية المستقلة عن سلطات بغداد، تؤكد بوضوح معاداة السياسة القومية الكردية " الكردايتي" لمصالح العمال والكادحين ، و هذا هو الدرس البليغ الذي ينبغي على العمال الكرد تعلمه من هذه التجربة . وإن اشتراك القادة الكرد في ما يسمى بالعملية السياسية بعد إسقاط النظام البعثي ، بدون أخذ الرأي العام الكردي، هو اعتراف منهم ببطلان فترات سياستهم السابقة، وكأنها كانت ضربات حظ. لكن ثمن هذا اليانصيب منذ عقود دفعه أهالي كردستان غاليا ، سواء بتعرضهم إلى حرب الأنفال وتدمير قراهم وتشردهم ، أو القلق الذي يكاد يخنقهم على مستقبلهم ومستقبل أولادهم. لكن اعتاد هؤلاء القادة على عدم الاقرار بأية بالهزيمة، وعدم القبول بتحمل أية مسؤولية عن معاناة الشعب الكردي ، مثلهم مثل غرمائهم القادة العرب.
وتطلق وسائل إعلامهم على كل مأساة يجلبونها على الجماهير الكردية، عبارة" فشل نضال الشعب الكردي، وأن أمريكا والقوى العظمى قد غدرت بنا وخانتنا و تركتنا لمهب الرياح".. وغيرها من الادعاءات.
إن الالتحاق بجبهة الحرب الإمبريالية في الشرق الأوسط كان له مغزى واضح و بيّن. فكل قوى التقدم والإنسانية في العالم وقفت ضد الحرب الامبريالية، و عارضت النقابات العمالية في أمريكا السياسة العدوانية لإدارة بوش، و ثمة عشرات الأمثلة عن فعاليات ونشاطات مناهضة للحرب والعدوان، لكن أحزاب الكردايتي في العراق، بدل أن تقف في الجبهة الإنسانية والتقدمية ، رمت بنفسها في جبهة بوش وبلير ورامسفيلد. وإن ما نراه اليوم من معاناة المواطن الكردي وقلقه هو من نتائج سياسات ومساومات هؤلاء القادة.
إن الأحكام التي يمكن إطلاقها على الحركات القومية الكردية لم ولا يمكن أن تكون أفضل من الأحكام التي تطلق على يونيتا في انغولا ، و كتل المجاهدين الإسلاميين في أفغانستان أيام الحرب المدعومة من قبل أمريكا لإخراج الجيش السوفييتي من هناك.
إن على اليسار دراسة أسباب غياب دور العمال والكادحين في رسم مستقبل المجتمع الكردستاني ،الذين كان باستطاعتهم التحرك مستقلين عن الحركة القومية ، فأن إقحام الجماهير في تيار الكردايتي لم يكن الهدف الأصيل و لم يكن مطلبا جوهريا للعمال والكادحين في كردستان، ما يدل على ما يعانون من مشاكل تنظيمية و فقدان أسس لتحريك روح المبادرة عندهم. فالحركة العمالية و الجماهيرية في كردستان ، بإمكانها فرز نفسها عن الكردايتي حين تكون ذات رؤية وأفق مختلفين ، لكن جرت الأمور وفق الرؤية القومية الضحلة والضيقة، ما رسخ مواقع الأخيرة وقوى من سلطتها .
إن مراجعة الأحداث والوقائع طوال العقود الأخيرة فيها دروس و عبر كثيرة للعمال والكادحين، تعلمهم أخذ المبادرة ، و أساليب التنظيم والتعبئة ، و ترسم لهم شعارات تفيد هذه المرحلة النضالية ، أو أية مرحلة أخرى. فأهم درس هو أنه بدون فرز نضال العمال والكادحين عن الكردايتي ، وبدون بلورة سياسة مستقلة في مواجهة السياسات القومية ، ستذهب كل منجزاتهم التاريخية و كل نضالهم الطبقي أدراج الرياح ، أو سوف يصادرها فرسان الكردايتي و يستخدمونها سلاحا لمواجهة كفاح العمال والكادحين.
فالحركة التقدمية الاشتراكية في كردستان في نضالها لا يمكنها الاقتصار على انتقاد نواقص و عيوب الكردايتي ، ولا أن تقتصر على لوم الأخطاء التكتيكية للقوميين، فطالما بقيت على هذا الشكل من العمل و المنهج السياسي لا يمكن تصنيفها على القوى تقدمية واشتراكية ، بل ، مثلما ساد العالم، تبقى حركة قومية يسارية بأردية اشتراكية. الحركة التقدمية والاشتراكية للعمال والكادحين في كردستان العراق يكون لها وجود فقط حين نقف كليا جذريا بوجه الكردايتي السياسي ، و تفضح تناقضه مع مصالح العمال والكادحين. فقد كانت السياسة اليسارية الاشتراكية غائبة في التأثير عن الأحداث و التناطح القومي العربي الكردي. و كان للسياسة التقدمية الاشتراكية حضور ضعيف في مواجهة النظام البعثي، واكتفت سابقا في كشف انتقاد القوى البرجوازية في الارتماء في أحضان أمريكا. فما يؤسف له أن السياسة الاشتراكية في كردستان يجب أن لا تقتصر على العمل على حل القضية القومية، بل عليها الاستناد على نضال طبقي مختلف عن توجهات البرجوازية و الإقطاع ، وعليها البدء من المصالح الأممية للطبقة العاملة.
لقد فشلت الحركة القومية حتى اليوم في تحقيق أبسط طموح قومي، عدا ما يقوم به قادتها وكوادرها من اضطهاد أبناء الشعب بسرقة قوتهم و حرمانهم من أبسط مستلزمات الحياة، وسواها من عمليات الفساد التي باتت تزكم الأنوف، و هي معروفة للقاصي والداني.
القوى التقدمية والاشتراكية غائبة في الميدان النضالي لتحقيق أهداف الكادحين ، فالوقائع تؤكد أن الطبقة العاملة هي القادرة على حل المسألة القومية ، عبر نضالها الطبقي والأممي ، لتحقيق أهداف وطموحات الأكثرية التي هي جموع العمال والكادحين . فنجاح السياسة الإمبريالية في أية منطقة لن يفيد سوى شريحة المافيات والحرامية ، التي تقوم باستغلال و اضطهاد الأكثرية المتشكلة من طبقة العمال والفلاحين. الكادحون في كردستان لم ولن يروا في جيوش الاحتلال تحررا من القيود وخلاصا لهم من الاستغلال والاستثمار، بل كان الاحتلال قيودا إضافية إلى قيودهم السابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طقس العالم.. انهيار أرضي يودي بحياة 5 أشخاص على الأقل في الص


.. ميليشيات عراقية موالية لطهران تعلن استعدادها للقتال بجانب حز




.. رهانات إسرائيل وحزب الله في المواجهة الشاملة.. أذرع إيران وا


.. صور متداولة لإطلاق نار في بلدة سرغوكالا بداغستان




.. بسبب وثائق من داخل -ميتا-.. ورطة يواجهها زوكربيرغ أمام القضا