الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل عودة روسيا تخدم المصالح العربية... كيف ولماذا؟

غازي الجبوري

2008 / 9 / 22
السياسة والعلاقات الدولية


كانت روسيا على عهد الاتحاد السوفيتي السابق بالرغم من ضعفها الاقتصادي وعدم مرونة الأيديولوجية التي توجه سياساتها تشكل قوة عسكرية لايستهان بها بوجه مخططات الهيمنة والاستيلاء التي تنفذها الدول الاستعمارية الغربية بقيادة الدولة الامبريالية الكبرى - الولايات المتحدة الأميركية – وسياسات الاستقواء التي تمارسها ضد الدول الأضعف منها وخاصة الدول العربية من خلال مختلف وسائل الضغط والتدخل السافر في شؤونها وحتى احتلال البعض منها بصورة مباشرة كلما أمكن ذلك مما حد من التنفيذ التام لتلك المخططات بشكل كبير ، إلا أن تمكن الدول الاستعمارية من اختراق القيادة السياسية السوفيتية هيأ الأوضاع في الاتحاد السوفيتي للتفكك والانهيار بحيث أدى إلى تفرد الولايات الأميركية بالعالم وتنفيذ مخططاتها دون أن تجد من يقف بوجهها وكان هذا الوضع هو الذي سمح لها بغزو أفغانستان والعراق تمهيدا لربط العالم كله بعجلة الصهيونية والامبريالية العالمية .
ولذلك عملت على تطويق روسيا بجعل الدول المحيطة بها والتي كانت منتمية للاتحاد السوفيتي السابق دولا تابعة للمعسكر الغربي من خلال دعمها وتحريضها على معاداة روسيا والانضمام إلى المعسكر الغربي وحلف الأطلسي وكلفت عملائها لتشكيل منظمات مجتمع مدني تعمل داخل تلك الدول لتقوم بدور المعول الهدام لأواصر العلاقة بين روسيا وهذه الدول من جهة وبناء رأي عام محلي يدعم هذه السياسة ويلمع شكل العلاقة مع الغرب من اجل خنق روسيا وإجبارها على أن تكون تابعة لها أيضا أو إنهاء دورها وتأثيرها الدوليين بشكل نهائي في الأقل وبالتالي انجاز المخططات الاستعمارية الصهيونية التي تنفذها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة دون معوقات .
لذا فان بروز روسيا اليوم بقيادة الرئيس بوتين على الساحة الدولية من جديد يأتي بمثابة المنقذ ليس للشعب الروسي فحسب بل لشعوب العالم المستضعفة كلها ، بعد أن اغتنم الرئيس بوتين فترتي حكمه في بناء الأسس المتينة لروسيا قوية عسكريا واقتصاديا وسياسيا مما يهيئها للعب دور فاعل كند عنيد للمعسكر الغربي بعد أن تخلص من أسباب ضعف وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق السياسية والاقتصادية وقد أكد ذلك برسائل عدة ، بعثها إلى من يعنيهم الأمر كانت آخرها صد العدوان الجورجي على ابخازيا واوسيتيا ليقول هذه هي روسيا القوية تبعث اليوم من جديد وتتصدى للطامعين والأشرار .
إن هذا التطور الجديد يجعلنا نستبشر خيرا بعودة روسيا بقوة إلى الساحة الدولية لتقف بوجه الأطماع الاستعمارية والامبريالية الغربية بعد أن نالت الشعوب المستضعفة مانالت من ظلم وعدوان وانتهاك سافر لحقوق الإنسان وكل المواثيق والأعراف الدولية مستغلة ضعف روسيا وتراجعها لأسباب عدة : -
1- إن روسيا لم تحتل أو تستعمر أية دولة من دول العالم الثالث ولاسيما الدول العربية ، وان قيل أنها لم تكن قادرة على ذلك ، ولكن المهم أنها لم تفعل باستثناء أفغانستان التي احتلتها لأسباب تتعلق بأمنها الوطني خشية أن تغريها الدول الاستعمارية بان تكون حصان طروادة ضد الاتحاد السوفيتي المجاورة لها.
2- لم تقم بأي دور يلحق أضرارا بدولة من الدول خارج المعسكرين الشرقي والغربي .
3- وقفت مع نضال الشعوب من اجل التحرر والاستقلال لضمان حقها في تقرير المصير .
4- وقفت مع الدول العربية عسكريا واقتصاديا وسياسيا برغم السلبية المؤشرة عليها نتيجة جعل هذه العلاقات تمر عبر قنوات الأحزاب الشيوعية في تلك الدول وأبرزها دورها في وقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الذي شنه الكيان الصهيوني وفرنسا وبريطانيا برغم اعترافها بالكيان الصهيوني .
5- إن الصهاينة وإدارات الدول الغربية السائرة بفلكها تتقدمها الإدارة الأميركية يعدون العدو المشترك للعرب وروسيا والشعوب المحبة للسلام والحرية والاستقلال وبالتالي فان أية قوة لروسيا تعد قوة لتلك الشعوب وأي نصر تسجله روسيا ضد الدول الاستعمارية والامبريالية هو نصر لشعوب العالم اجمع .
6- لقد أثبتت سياسة عدم الانحياز فشلها لأنها لم تستطع حماية شعوب الدول التي تبنت تلك السياسة بهدف الابتعاد عن ساحات الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي لوقاية أنفسهم من شرر ذلك الصراع لان الدول الاستعمارية الغربية لاتعرف شيء اسمه حياد فمن ليس تابعا لها تعده عدوا لها وهدفا لعدوانها وفق قاعدة من" ليس معي فهو ضدي".
7- إن النظام السياسي في روسيا اليوم هو نظام رأسمالي مثله مثل النظام الرأسمالي الحاكم في الغرب وليس شيوعي ملحد مضاد للأديان لكي تكذب أميركا وتخيف الدول الإسلامية من روسيا وتجند هذه الدول وإمكانياتها للوقوف ضدها كما حدث في أفغانستان .

لذلك فان الدرس الذي يجب نأخذه هو وجوب التحالف مع دولة مثل روسيا لحماية شعوبنا وأراضينا وثرواتنا من المعسكر الاستعماري الغربي . وخيرا فعلت سوريا عندما بادرت بالسعي بهذا الاتجاه أو التمهيد له أثناء زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى روسيا . حيث قال الرئيس الأسد :" إن الحرب الباردة لم تبدأ بجورجيا، بل بدأت منذ أتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئاسة عندما بدأ يعيد الهيبة للدولة الروسية .. وأضاف ... إن محاولة روسيا لبناء علاقة صداقة مع الغرب باءت بالفشل بسبب دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة التي كانت تقابل هذه الخطوات بخطوات تصعيدية باتجاه الحرب الباردة.. إذن هذه الحرب فرضت من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا.. وغير صحيح أنها بدأت، فهي موجودة، ولكنها تتطور".
ورأى الرئيس الأسد أن قضية جورجيا هي الذروة في هذه الحرب مضيفا ..."الآن أصبحت الحرب علنية وأصبح هناك مواجهة عسكرية ستكون لها تداعيات سياسية كبيرة ، وأعتقد أن على الروس أن يعرفوا من هم حلفاؤهم الحقيقيون في العالم.. روسيا وهي الدولة الكبيرة والقوة العظمى الآن لا تستطيع أن تخوض أو أن تواجه هذه الحرب الباردة فقط من داخل حدودها، لا بد أن تؤدي دورا أكثر أهمية.
وهذه دعوة صريحة من الرئيس السوري لروسيا إلى بناء تحالفات ضد التحالف الغربي نواته الدول المستهدفة والتصدي لها حتى بعيدا عن الحدود الروسية ولكي لاتدع الخصم يقاتلها عند الحدود بل والبحث عن حلفاء في أكثر المناطق أهمية كالمنطقة العربية ومن ثم آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا