الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستخراب الامريكي

ضمد كاظم وسمي

2008 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تعطي السياسة الخارجية الأمريكية إنطباعات مشوشة للمتابعين والمحللين السياسيين .. إذ يعجز الكثيرون في ولوج مناطق العمى في السياسة الأمريكية لأن الضبابية تسود التوجهات الأمريكية في المنطقة لاسيما على مستوى تفاصيل أجندتها ومراميها .. لقد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن العراقي تحت يافطة وجود أسلحة تدمير شامل في العراق تهدد المنطقة والعالم برمته .. حتى إذا تبين بطلان وزيف هذه المزاعم راحت تجري عملية زحزحة لشعاراتها وأهدافها في العراق .. ولعل من نافل القول أنه في الوقت الذي عزمت أمريكا على تخليص العالم من أسلحة التدمير الشامل المزعومة في العراق .. ظهرت دولتان نوويتان جديدتان في المنطقة هما الهند والباكستان تلتهما إيران كقوة نووية صاعدة .. ثم طورت أمريكا أجندتها في العراق ليكون هدف تدخلها فيه هو تحرير العراق من خلال إسقاط النظام السابق .. ولما لم يحتفى بالأمريكيين كمحررين بل عاملهم الشعب العراقي كغزاة مفسدين .. صارت أجندة الأمريكان الى مجلس الأمن لإعطائهم شرعية دولية ولكن كمحتلين للبلد .. وليس محررين له !
وإذا كانت أمريكا تسعى لجعل (( تحرير )) العراق أمثولة مقتداة لشعوب المنطقة ، فإن مآسي الإحتلال أضحت أمثولة مقززة في نظر شعوب المنطقة التي ربما فضلت بعد الذي جرى الإستبداد الداخلي على الإحتلال الخارجي .
وبعد يأس الأمريكان من نظريتهم التحريرية .. طرحوا نظرية مواجهة الإرهاب الدولي والقضاء عليه في العراق لأن الإرهاب يهدد أمن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين .. أما الإرهاب المتمثل في تنظيم القاعدة فلم يكن له وجود في العراق قبل الإحتلال إلا في جيب صغير في شمال العراق كان خارج سيطرة الدولة العراقية .. وكان بإمكان القوات الأمريكية المتواجدة هناك منذ حرب الخليج الثانية تطهير ذلك الجيب من عناصر الإرهاب .. ولكن ما أن تدخلت القوات الأمريكية لضرب الإرهاب المزعوم في العراق .. حتى تداعى الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه الى أرض الرافدين .. خاصة وأن الأمريكان سهلوا له هذه المهمة من خلال تفكيك الدولة العراقية وحل مؤسساتها العسكرية والأمنية والإدارية وفتح الحدود لكل من هب ودب .. وبان الأمر وكإنه إتفاق ضمني بين الإحتلال الأمريكي والإرهاب الدولي لتقاسم النفوذ في العراق .
ومع تصاعد المد الإرهابي وتقاسمه خطط قتل الناس وتدمير البنية التحتية مع الإحتلال الأمريكي .. ومع إنكماش دور الدولة ومؤسساتها الأمنية ظهرت قوة المليشيات المسلحة والتي عجزت هي الأخرى في تأمين الأمن للناس لذلك صارت الى أساليب الإرهاب تتبادل معه النفوذ والهيمنة . والشعب وحده من يدفع الثمن من دمه وماله وعرضه ووطنه وهو يئن تحت الكابوس الثلاثي ، الإحتلال والإرهاب والمليشيات ناهيك عن العصابات والتدخلات الإقليمية والدولية الأخرى .
وإستطراداً لنظرياتها المتتابعة والتي لم تحصد منها سوى الفشل تبنت أمريكا قضية الديمقراطية وتطبيقها في العراق كنموذج يحتذا من شعوب المنطقة مستقبلاً .. ولكن بعد ثلاث سنوات ومع إجراء العديد من الإنتخابات فقد تحول العراق من نظام دكتاتوري الى نظام فوضوي تتقاذفه دكتاتوريات وتحول من رئيس واحد الى رؤساء كثيرين وتحول من دولة واحدة الى أقاليم .. وتحول من مركز قوة واحد الى مراكز قوى كثيرة جداً (( ناس تجر بالعرض وناس تجر بالطول )) .. ولم نحصد من الديمقراطية سوى خراب (( البصرة )) ، لذلك إضطر فرانسيس فوكوياما الى نقد السياسة الأمريكية في دمقرطة البلدان المتخلفة – وعلى رأسها العراق طبعاً – ودعا الى تحديثها أولاً .. من هنا إهتمت الولايات المتحدة بوضوعة إعادة بناء العراق وإعماره أخيراً بعد أن تبخرت مليارات الدولارات المخصصة لهذا الغرض من قبل .. وقد قيل أن بريمر دخل العراق كخبير في الإرهاب وخرج منه كخبير في توظيف رؤوس الأموال .. أما ذيول بريمر فلا تعد ولا تحصى !! .. بعدما تقدم هل فهمتم شيئاً عن السياسة الأمريكية في العراق ؟ أنا والحق يقال لا أفرق بين الإستعمار والإستخراب كما قال من قبل جمال الدين الأفغاني ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح