الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطية اميركا وحربها التحررية

ابراهيم الداقوقي

2004 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


كان غاسبار ياماساريس ، منسق تحالف المعارضة الاسبانية ، الاكثر دقة في وصف مؤتمر الدول المانحة لاعادة إعمار العراق في مدريد ( 3/10/2003 ) عندما اكد ( انه مؤتمر لإغتصاب العراق ، انه العملية الدولية للاغتصاب والاستعمار الجديد ) .

ان حشد واشنطن لسبعين دولة مع عشرات الشركات لجمع 57 مليار دولار لاعادة اعمار العراق وفق المعايير الاميركية وباشراف مباشر من البيت الابيض مع غياب حكومة عراقية ذات سيادة وبدون اشراف صناديق الامم المتحدة ، هو ضحك على الذقون وهبة عالمية لامريكا – ربما مكافأة على ذلك الغزو و - لتكون هذه الاموال الضخمة نهبا للشركات الاميركية العابرة للقارات ولشركات شركائها المشاركة في غزو العراق ، بالاستحواذ على جميع عقود اعادة الاعمار .

ومن هنا فاننا عندما اكدنا بان استراتيجية غزو العراق هي بداية اقامة الامبراطورية الاميركية للهيمنة على الشرق الاوسط الكبير ، في مجلتنا ( الغد ) الصادرة في فيينا ( العدد الاول- أيار/ مايو الماضي ) فانما كنا نرى النصف الفارغ من القدح العراقي الذي تريد واشنطن إملاءه بكل ثروات العراق – المادية والمعنوية – لتصبها في بلاعيم شركاتها العابرة للقارات ، وجني الضرائب لإملاء خزانتها وربما لمئة عام القادمة من جهة ولإعادة تشكيل – هيكلة النظام – في العراق وفق المنظور الديموقراطي الاميركي ، المغلف بالاستعمار الجديد والاستغلال والاستبداد والبعيد عن واقع وتراث الشعب العراقي . لان كل مجتمع – ومنه المجتمع العراقي – يسعى لمقاربة الديموقراطية مع مفاهيمه وتراثه وواقعه المعاش ، ومن هنا فقد اختلفت الديموقراطية الهندية عن الديموقراطيات اليابانية والكورية الجنوبية والكمبودية رغم انها جميعا تدين بالبوذية . لاسيما وان الرؤية الديموقراطية الاميركية لأوضاع المنطقة العربية تتحدد اليوم بالمنظار الاسرائيلي في محاربة الارهاب وعندها يتحول الارهابي شارون – كما يقول العالم الناشط الاميركي تشومسكي – الى رجل السلام ، بغسيل المخ ، وتكون الحرب سلاما والحرية عبودية والجهل قوة . وهنا يتبادر الى الذهن السؤال الملحّ التالي : إذن ، ما العمل ؟

يجب التأكيد ابتداءا ، ان ثمة امر واقع اميركي في العراق يتمثل في الاحتلال – بجميع انماطه – والذي يجب التعامل معه في نطاق معركة التحدي الديموقراطي والمقاومة السلبية ، بعيدا عن المقاومة المسلحة الحالية التي اختلط في مضمارها اهداف ايتام صدام حسين في اعادة النظام الساقط مع الارهابيين الدوليين وعملاء المخابرات واصحاب المصالح من دول الجوار ، مع المقاومة الشعبية العراقية من جهة . ولأن دور الكفاح المسلح ، الفردي – دون مساعدة دولية فاعلة – قد انتهى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانكماش دور المعسكر الاشتراكي على ذاته حفاظا على مكتسباته امام الهيمنة الاميركية الطاغية ذي القطبية الواحدة على العالم ، من جهة اخرى .  

ولكن ذلك لا يعني الاستسلام والخضوع للسرطان الاميركي الذي يريد الانتشار في جسم الامة العربية – الاسلامية وانما يجب البحث عن وسائل مكافحة هذا السرطان والحيلولة دون انتشاره ، من خلال الاسترشاد بمواقف الدول الاوروبية ( فرنسا والمانيا وبلجيكا ) في كيفية مقاومة الهيمنة الاميركية والتعاون معها ومع منظمات المجتمع المدني العالمية في استنباط اساليب المقاومة ضمن الشرعية الدولية . على ان يقوم العراقيون باعادة ترتيب البيت العراقي – اولا -  وفق متطلبات المرحلة لادارة اللعبة وفق شروطها وفي اطار اجماع سياسي عام يحقق التصالح الاجتماعي ويصون ثروات البلاد ويعيد للمواطنين – خارج نطاق الذين اجرموا بحقهم – كافة حقوقهم ، توطئة لعقد المؤتمر الوطني عبر لجنة تحضيرية تمثل فيها كافة تنظيمات القوى الاجتماعية – السياسية العراقية لوضع الميثاق الوطني وانتخاب اعضاء المجلسين التأسيسي والتشريعي ( البرلمان الموقت ) بعيدا عن المعايير الطائفية والعرقية والاتفاق مع سلطة الاحتلال لوضع الجدول الزمني لإنهاء الاحتلال ، بعد استتباب الامن وتحقيق الاستقرار توطئة لاجراء الانتخابات العامة  لكي لا تتكرر مآسي لبنان والصومال في بلادنا مرة اخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن