الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((( وردة ...فراشة... و...نحلة )))

أغادير أمين

2008 / 9 / 23
الادب والفن


من قال أنّ كلّ رقيق هو ضعيف, وأنّ كل ناعم هو هيّن ركيك!!!
تعالوا معي أحبتي أهمس في آذانكم بهمستي
وأحكي لكم حكاية هي قصة حقيقية وليست خيالاً:

في ربيع 2003 حيث حرب ( تحرير بغداد او سقوط بغداد) لن اقف عند هذه المسميات. همستي هي عن ربيع هذه الحرب المؤلمة وكيف كان .

نحن في الربيع الزاهي في الشهر الثالث من تلك السنة,
كعادتي في الصغيرة حديقتي
انتظر جمال تفتح ورودي كي أنعم بزهاء الألوان وجمال الخضرة الريّان, وصوت الحمائم و رقة الفراشات ونعومة النحلات.

لكننا حينها
لم نرَ شمسا مشرقة دافئة ولاسماء صافية,
فالكل يعلم وبسبب أوامر رئاسية سياسية ادارية امنية, تقرر حجب السماء بدخان نيران نفط أسود يتصاعد عالياً عبر خنادق حُفرت ببغداد الحبيبة
كي يملأ سماءنا الجميلة بغيوم صناعية رمادية خانقة مدمرة تمنع في محاولات يائسة أداء مهمة الطائرات الأمريكية وتشوش الرؤية بأشكال ضبابية قاتمة , في ألاّ تضرب قنابلها بدقة متناهية.

ولأن الرعب والخوف والهلع غمرنا من هول اصوات الإنفجارات وإهتزازات الأرض تحتنا وشظايا القنابل المتطايرة هنا وهناك في كل الأرجاء
آثرنا ألاّ نخرج الى حديقة البيت ولا الگراج كي لا يصيبنا أي مكروه لا سمح الله.

مع اهلي بقيت كل يوم أرقب ورودي من خلف زجاج نوافذ بيتنا الكبيرة ,املا ً مني أن أراها تتفتح وتزهر,
لكنني همست بسريّ ( أنّى لها ان تورد وتزهر وهي مختنقة بالأتربة ولونها الأبيض المتواري تحت ورق الخضرة مغطى ومشبع بسواد دخان اثقلها ومنعها من الشموخ بكبرياء ).

مرّت أيام ونحن على هذا الحال قبل أن نسافر ونترك بغدادنا الجريحة ,والألم يعتصرني ويحزنني على كل ماحولي من الأشياء,
ودموعي تملأ أحداقي دون أن تنساب على خدي الوردي.

فجأة

لاحت أمام عيني لؤلؤة بيضاء متراقصة , ربّاه!!!, إنها فراشة , نعم ,فراشة بيضاء رقيقة ,
وشيء ناعم صغير غامق يتطاير أيضا بقربها , انها نحلة يا ربيّ نحلة !!!

تحاولان جاهدتان بكل دلال ونعومة أن تخترقا بشوق ولهفة المسافات العصيبة كي تصلا الى ماذا؟!!!

معقول!!!

يا الله!!!
انها ورودي الجميلة ,تفتحت وازهرت رغم الصعاب , في حديقتي الصغيرة!!!

لم تصدق عيناي مارأت ,والفرحة تغمر قلبي خرجتُ من بيتنا ودلفتُ الى عشب الحديقة ,تلمّستُ بأناملي نباتاتي المورقة الموردة,
ألاحق بنظري رقصات الأميرة فراشتي واذا بها تحط مستمتعة بشغف ومحبة داخل الزهرة ,تمد لسانها خرطومها الدقيق الرفيع جدا كي ترتشف الرحيق ,
ومعها النحلة تداعب الوردة وهي تقبع بحضنها تمتص رحيقها كي تكوّن لنا عسلا لذيذا,

غير آبهتين بوجودي , بقيتُ جالسة أتمتع بهذ الجمال الخلاب متناسية صوت الإنفجارات الدامية وسوء الأحوال الجوية بمايغمرنا به السواد من لون واختناق.

حدّقتُ بالثلاثة, وجدتهن قد تلوثن ببعض لون الرماد وأثقلهن الغبار,

مع ذلك

إخترقن طريق الحياة, واصلن مسيرها, و وصلن الى غايتهن المنشودة, رغم أشواك ودمارهذه الحرب الملعونة ,مع أنهن أرق وأنعم واجمل مخلوقات الله.

اهلي لمحوني وقرأوا على وجهي مبلغ سعادتي وفرحتي التي لاتسعني ,خرجوا من البيت وأتوا بهدوء قربي وجميعنا تغمرنا الدهشة لجمال المنظر الذي نراه رغم المرار.
همسنا جميعنا بآذان بعضنا البعض ( انها ارادة الحياة وحب الكائنات الجميلة للحياة)

همس لنا أخي الطبيب ( سبحان الله شفتوا؟ اضعف خلق الله وأنعمهم وأرقهم طلعوا اقوى خلق الله اصراراً وارادة في الحياة).


هنا
دبّ فيّ شعاع الأمل من جديد
في أن أحيا وأعيش بقوة وتحدٍ , حتى لو كنت أغرق وأذوب برقّة دلال ترف نعومتي ,
كزهرتي البيضاء والنحلة وجمال المدللة فراشتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة