الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع ( حاج ).. و تنظيم النخبة...!؟

جهاد نصره

2008 / 9 / 23
دراسات وابحاث قانونية


كنا قد كتبنا مراراً مثل غيرنا وعلى مدى السنوات الماضية عن ظاهرة تكلس الأحزاب والتنظيمات السياسية التاريخية الشائخة وافتقادها، وعن افتقادها لوعي ضرورة المراجعة النقدية التي تتطلبها استحقاقات يمليها عصر تغير فيه كل شيء..! والغريب أن من شذَّ عن هذه الحقيقة فراجع تجربته وقوَّمها إنما فعل ذلك على نفس أرضيته الأيديولوجية بحيث لم تنتج مراجعته أكثر من تنويعات محدودة وغير مجدية في الرؤية التنظيمية والسياسية بما يعني البقاء في أسر الصنمية الأيديولوجية التي يترتب عليها الدوران في نفس الدائرة.!
نحن ندرك أن الانفكاك من أسر الأيديولوجيا، أوالموروث، أوعبادة الزعيم، مسألة صعبة للغاية..! لكن، كنا نأمل في أن حجم الإخفاق المتحصّل بعد مسيرة زمنية اشتملت على تضحيات جمّة وامتدت لعدة عقود قد يفعِّل قضية المراجعات النقدية وضرورتها القصوى ويدفع باتجاه البحث عن إحياء الروح والفعالية لكن، شرنقة الذات.. وأمراض اليباس التي تصيب عادةً القيادات المزمنة المتنعِّمة بامتيازات تنظيمية تعود عليها بنعمة النفوذ..! و المتنعمة في بعض الحالات بأريحية مالية متعددة المصادر.! كل هذا حال دون أي حراك مثمر على هذا الصعيد.!
منذ فترة قصيرة، تبين أن ( حركة الاشتراكيين العرب ) في سورية كانت تعيش هذا المخاض بعد مسيرة عقيمة امتدت عشرات السنين، وقد أثمر هذا المخاض وإن جرى في الظل وبعيداً عن أي حراك معلن كما يتبين من الوثيقة المنشورة في وسيلة إعلامية يتيمة عن نقلة مفاهيمية نوعية على صعيد العمل التنظيمي والعمل السياسي نقصد كرؤية متجددة..! وتشكِّل هذه الوثيقة في نظر أصحابها كما يبدو ركيزة تحضيرية استباقية بهدف ملاقاة قانون الأحزاب الذي وُعد به المجتمع السوري مؤخراً وما أكثر ما يوعد به هذا المجتمع الذي مضى على استقلاله الوطني نصف قرن ونيِّف انتقل فيه العالم من عصر إلى عصر في حين أنه لا يزال يعيش على مجرَّد الوعود..!
أكثر ما يدلِّل على سوية من النضج الفكري في هذه الوثيقة، يتجلى في القطع مع الماضي بدءاً من الاسم فقد ورد في مقدمة الوثيقة: ( حركة الشعب الجديدة ليست امتداداً لأي تنظيمات سابقة ووجود نخب فيها كانت في الماضي تعمل في إطار حزبيات سابقة لا يعني شيئاً غير أن هذه النخب انتقلت إلى صيغة جديدة في العمل السياسي تلبية لحاجة وطنية وبالتالي يبدأ تاريخها السياسي من انتسابها لحركة الشعب الجديدة كعمل مستقل عن الماضي ).
أما عن مجمل المواد الواردة وعددها / 27 / مادة فإنها تشكل خلاصة هادئة غير تنظيرية تعكس تطلعاً علماني المحتوى ووضوحاً شفافاً فيما خصَّ مسألة منظومة الدولة الوطنية.!
نعتقد أن النظرة إلى مفهوم الحزب في الزمن العولمي الراهن التي عبرَّت عنها وثيقة ( حركة الشعب الجديدة ) والمتمثلة في مفهوم حزب النخبة غاية في الأهمية:
مادة 13 ـ في العمل الحزبي تدعو الحركة إلى اختيار الأعضاء من النخب السياسية الجيدة والاهتمام بالنوع على حساب العدد بحيث تصبح الحركة حزب النخبة.
ولكن ما ينقص في هذا الموضع هو عدم تبيان وعي الحركة كتنظيم نخبوي لقضية أن العمل السياسي في هذه الحالة بات متمحوراً حول مقدار المساهمة الفعلية في صناعة الرأي العام الأمر الذي يستدعي توفر المقدرة على استثمار و امتلاك ما تيسر من الوسائل التفاعلية وخصوصاً الإعلامية منها وهو ما لا يظهر أثراً له عند أصحاب هذا المشروع..! منذ الآن ففقر الدم على هذا الصعيد واضح بحيث أن وثيقتهم لم تلفت نظر أحد تقريباً وكيف تلفت النظر وهي أسيرة حاكورة إعلامية واحدة والأنكى أن هذه الوسيلة محجوبة.!؟
أخيراً لا بد من الإشارة أيضاً إلى قصر النظر الذي عبرَّت عنه المادة الأخيرة التي تدعو إلى التحالف:
مادة 27 ـ تدعو الحركة إلى تحالف سياسي واسع مع كل أحزاب الساحة التي تتمسك بالديمقراطية والحرية والعلم.
نعتقد أنه من المبكر بل من السذاجة السياسية إبراز مثل هذه الدعوة في بلد فيه ما فيه من عورات تنظيمية سياسية ونرى في هذه المادة إيمانية جبهوية موروثة من التجربة السابقة الحافلة بالمتعرجات والأزمات والاحباطات التحالفية..!؟
وبالرغم من كل شيء يمكن القول: إنها وثيقة إيجابية يمكن البناء عليها ذلك لأنها واضحة، وشفافة، وواعدة...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد