الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما للتخدير و دراما للتحرير

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 9 / 24
كتابات ساخرة


من خلال متابعتي للدراما العربية و العالمية و إعلام الدول الإسلامية و العربية و ما أشاهده من دراما غربية و أمريكية على وجه الخصوص، وجدت أن الإعلام هو خير مثال و انعكاس لعقلية الشعوب و منطقها و أسلوب عيشها، فمسلسلات "باب الحارة" بأجزائها الثلاث و المسلسلات المصرية مثل "الدالي" و "حدائق الشيطان – الذي عرض في رمضان الماضي" و غيرها، و أفلام محمد سعد – الممثل المصري المشهور – كلها تعكس دورا حكوميا خفيا يقف وراء تشويه الأعمال الفنية، ففي هذه المسلسلات تتركز الفكرة حول نظريات المؤامرة التي يديرها "المحتلون"!! و "عملاء الاستعمار"!! و أن البلاد العربية و الإسلامية تتعرض للغزو العسكري و الثقافي و من خلال هذه الدراما تتكرر عبارات شتم اليهود و الأمريكان و الفرنسيين، و بدلا من أن يستوحي المشاهد العربي و المسلم فكرة واقعية و يشاهد هذه الأعمال بعين الناقد، نجد مجتمعاتنا تنبهر بالقبضايات و الشخصيات المتجهمة و العنفية و تعجب بالمجرم الذي تاب في اللحظة الأخيرة – كما جسد ذلك الممثل جمال سليمان في مسلسل حدائق الشيطان و أحمد ماهر في دور أبو جعفر المنصور في مسلسل أبو حنيفة - من حياته بعد أن أدرك أنه ميت لا محالة، كل هذا يؤكد فشل مجتمعاتنا و سذاجة العقلية الغالبة و هشاشة القيم بل و زيفها.
في المقابل نجد الدراما الأمريكية و مسلسلات "كوسبي"، "أكوردينغ تو جيم"، "جورج لوبيز"، "ماي نام إز إيرل" و "ذا كوج"، هذا عدا الأفلام، نجد كلها تحمل حكايات اجتماعية إنسانية هادفة إلى كشف المضمون الإنساني و علاقات المجتمع و كيفية معالجة مشاكله، و إضافة إلى روعة الأفكار التي تتضمنها الدراما الأمريكية و ما تتضمنه من نزعة إنسانية، فهي ذات حرفية عالية و تخلق لدى المشاهد حسا من الاستنتاجات المنطقية و تعدد وجوه الحقيقة و أن على الإنسان أن يتحاشى الحكم المتسرع على الأشياء و الواقع، هذا كله نتيجة طبيعية للديمقراطية و التعددية الحزبية و الفكرية و الاجتماعية، فالمجتمعات الغربية تتنافس سلميا عبر شرعية "حرية التعبير" لكن مجتمعاتنا المفلسة تتنافس عبر ثقافة "المقاومة" و العنف و نظريات المؤامرة و تصفية الخصوم.
إن الأنظمة التي تروج لهذا النوع من الدراما التي تضيف إلى عقد المجتمع مزيدا من الفايروسات و الجراثيم، هي في حقيقتها أنظمة تعاني عقدة شعور بالنقص تعكس حقيقة كونهم ناقصين فعلا و لكنهم يسيطرون على زمام الأمور، و في هذه المجتمعات الشرقية المتخلفة يبدو لنا الله ذاته – كما يصوره الوعاظ المتاجرون بالدين – مالكا لشرعيته فقط عبر قوته، و ليس لأنه جميل و يحب الجمال، فالواعظ و الملا و رجل الدين يحب أن يشبّه الله بمالك رزقه (السيد الرئيس القائد أو جلالة الملك) أو العكس، أي أن ينعت الزعيم بصفات الله، من هنا نجد أن الأزهر مثلا و من خلال توجيهه الدراما الدينية يقوم بتشويه حقائق تاريخية بحيث تحيل تاريخ الإسلام إلى شيء مناف للواقع التاريخي، فنجد أن أحد المشركين و هو يدخل على النبي نجده مشركا قبيح الوجه ساخطا و ذا حاجبين ضخمين و ما أن يخرج من خيمة النبي حتى نراه شخصا جميلا مبتسما و مبشرا بالخير، و لو كان هذا متعلقا بشخصية أو مشهد لكان هذا نوعا من الإخبار بأن الإسلام دين تسامح، لكنهم يصورونه و كأنه "سحر" لا أكثر و رغم أن النبي يقول: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام" و هو ما ينفي ما سبق، فلم يكن كل ما في الجاهلية قبيحا و لا كان كله شرا و لم يستطع الإسلام قطعا أن يقضي على كثير من صفات السوء التي طبعت مجتمعاتنا و نحن متمسكون بها لحد الآن كعبادة الحكام و العرف القبلي.
تستعين أمم العالم بالفن من تمثيل سينمائي و تلفزيوني و مسرحي لتستلهم شخصيتها و عقلها و حقوقها و حريتها، أما الدراما و الفن عندنا فهو علكة للحكام نحن نمضغها و نعتلكها و نصدق بها و ما فيها من مخدر ينومنا و يمنعنا من الرؤية.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال ستة عقود قضاها بين المسرح والسينما والتلفزيون


.. عيو ن القلب سهرانة ما بتنامشي??.. إسراء عصام تبدع في الغناء




.. جيف مونسون مصارع الفنون القتالية المختلطة يعلن إسلامه في موس


.. ياليلة العيد آنستينا وجددتي الآمل ??.. إبداع فرقة أعز الناس




.. الفنان القدير دريد لحام يوضح آراء ومواقف شخصية ارتبطت بمسيرت