الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرّاق وقحون

سالم مشكور

2004 / 2 / 15
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


اسوأ ما يقوله المدافعون عن "ابطال" فضيحة الكوبونات النفطية هو ان صدام ليس الرئيس العربي الوحيد الذي سعى الى شراء الاقلام والذمم والعقول. هذا المنطق الاعوج ذاته يستخدمه المدافعون عن صدام سابقا وحاليا، فكلما تحدث احد عن جرائم هذا الديكتاتور وبطشه بشعبه، وحيث لا يجد المدافعون بداً من الاعتراف بهذه الجرائم ينبرون الى القول: "وهل ان صدام هو الديكتاتور الوحيد الذي يفعل هذا؟ الكل يفعلون ذلك".
هذا "التبرير" المثير للشفقة يعني شيئاً واحداً هو ان شيوع السوء يجعله امرا محمودا، وتفشي الاستبداد يجعله امرا طبيعيا يجب عدم انتقاده، وتفشي ظاهرة شراء الذمم من قبل الانظمة يعفي صدام والمنتفعين بالكوبونات من اية ملاحقة.
بل حتى نشر العراقيين لقوائم بأسماء مستلمي الكوبونات يصبح محل ادانة واتهام العمالة للاميركيين.
ليست هذه الفضيحة جديدة على مسامع الكثيرين من العرب، فغالبية الاسماء التي وردت في القائمة الاولى كانت معروفة العلاقة بالنظام السابق وكانت كثيرة التردد على بغداد خلال الاعوام الاخيرة وقد ظهرت عليهم آثار "النعمة" بوضوح. الكثيرون كانوا يشيرون اليهم بالاتهام ويتحدثون عن حصولهم على عطاءات صدام لكن الاثبات الرسمي لهذه الاتهامات كان غائبا.
اما بالنسبة الى العراقيين في الداخل فكانوا يتندرون كلما عرض التلفزيون مشهد طائرة تهبط في مطار بغداد "خارقة الحصار" لينزل منها "المتضامنون مع الشعب العراقي بابتسامات صفراء ومعهم بعض صناديق "مساعدات" لا احد يعرف بالضبط ما بداخلها. كان العراقيون يضحكون لهذه المشاهد ويقولون: "جاء جماعة الكوبونات".
اليوم ظهرت الوثائق واضحى العراقيون احرارا قادرين على نشرها فضحا لهؤلاء المتاجرين بالشعارات ورافعي العقائر دفاعا عن صدام باسم الدفاع عن العراق.والجديد ايضا ان هذه الوثيقة التي اثار نشرها كل هذا الاستنفار وموجة التكذيب والنفي، ليست صادرة عن المخابرات العراقية السابقة بل عن وزارة النفط وهي عبارة عن اوامر بتقديم التحويلات بناء على اوامر القيادة.
لكن اطرف دفاع عن امتصاص هؤلاء دم العراقيين ما كتبه احد الصحافيين الاردنيين مدافعا عن متسلمي اموال صدام، اذ تساءل: "وما الضير في ذلك، اليست افضل من الاموال الاميركية التي يتسلمها البعض؟ انها اموال حلال وهي عربية".
لم نكن قبل هذا نعلم ان الاموال المسروقة تصبح حلالاً لمجرد كونها عربية، حتى لو كانت تسرق من افواه الاطفال الجوعى الذين كان السراق يصرخون دفاعا عنهم. او ربما يعلم هذا الكاتب ان الرئيس العراقي كان يقدم هذه الكوبونات زكاة عن اموال كل العراقيين يدفعها نيابة عنهم الى المحتاجين من الصحافيين والسياسيين وبالتالي فما علينا الا ان نقول لهؤلاء: هنيئا،  ولصدام: جزاك الـله عن العراقيين خيرا.
انه القاموس السياسي العربي المقلوب رأسا على عقب والذي تعني السرقة فيه "بزنس"، والحرية قمعا للشعب، ومناصرة الاستبداد موقفا وطنيا وقوميا، والحديث او مجرد التفكير بالانسان وحقوقه عمالة وخدمة لأميركا والصهيونية و"استهدافا للخط الوطني النظيف".
ثم نشكو حالنا ونتساءل: اين الخلل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و